• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مراتب حب المدح وكراهة الذم


مراتب حب المدح وكراهة الذم
اعلم أن لحب المدح وكراهة الذم مرتبتين: أولاهما: أن يفرح بالمدح ويشكر المادح، ويغضب من الذم ويحقد على الذام، ويكافيه أو يحب مكافاته. وهذا حال أكثر الخلق، ولا حد لاتمها. واخراهما: أن يفرح باطنه ويرتاح للمادح، ولكن يحفظ ظاهره من اظهار السرور، ويتبغض في الباطن على الذام، ولكن يمسك لسانه وجوارحه عن مكافاته وهذه وان كانت نقصاناً، إلا أنها بالنظر إلى الأولى كمال.
وباعتبار آخر، لحب المدح درجات:
الأولى ـ أن يتمنى المدح وانتشار الصيت بحيث يتوصل إلى نيلهما بكر ممكن، حتى يرائي بالعبادات ولا يبالي بمفارقة المحظورات، لاستمالة قلوب الناس واستنطاق ألسنتهم بالمدح. وهذا من الهالكين.
الثانية ـ أن يريد ذلك ويطلبه بالمباحات لا بالعبادات وارتكاب المحظورات، وهذا على شفا جرف الهلاك. إذ حدود الكلام والأعمال التي يستميل بها القلوب لا يمكنه أن يضبطها، فيوشك أن يقع فيما لا يحل له ليتوصل به إلى نيل المدح. فهو قريب من الهالكين.
الثالثة ـ ألا يريد المدح ولا يسعى لطلبه، ولكن إذا مدح سر وارتاح، من غير وجدان كراهة في نفسه لهذا السرور والارتياح، وهذا أيضاً نقصان، وان كان أقل اثماً بالاضافة إلى ما قبله.
الرابعة ـ أن يسر ويرتاح، ولكن كره هذا السرور والارتياح، وكلف قلبه كراهة المدح وبغضه، وهو في مقام المجاهدة، ولعل الله يسامحه إذا بذل جهده. ومع ذلك لم يقدر على ربط نفسه على كراهة المدح دائما.


مراتب حب المدح وكراهة الذم
اعلم أن لحب المدح وكراهة الذم مرتبتين: أولاهما: أن يفرح بالمدح ويشكر المادح، ويغضب من الذم ويحقد على الذام، ويكافيه أو يحب مكافاته. وهذا حال أكثر الخلق، ولا حد لاتمها. واخراهما: أن يفرح باطنه ويرتاح للمادح، ولكن يحفظ ظاهره من اظهار السرور، ويتبغض في الباطن على الذام، ولكن يمسك لسانه وجوارحه عن مكافاته وهذه وان كانت نقصاناً، إلا أنها بالنظر إلى الأولى كمال.
وباعتبار آخر، لحب المدح درجات:
الأولى ـ أن يتمنى المدح وانتشار الصيت بحيث يتوصل إلى نيلهما بكر ممكن، حتى يرائي بالعبادات ولا يبالي بمفارقة المحظورات، لاستمالة قلوب الناس واستنطاق ألسنتهم بالمدح. وهذا من الهالكين.
الثانية ـ أن يريد ذلك ويطلبه بالمباحات لا بالعبادات وارتكاب المحظورات، وهذا على شفا جرف الهلاك. إذ حدود الكلام والأعمال التي يستميل بها القلوب لا يمكنه أن يضبطها، فيوشك أن يقع فيما لا يحل له ليتوصل به إلى نيل المدح. فهو قريب من الهالكين.
الثالثة ـ ألا يريد المدح ولا يسعى لطلبه، ولكن إذا مدح سر وارتاح، من غير وجدان كراهة في نفسه لهذا السرور والارتياح، وهذا أيضاً نقصان، وان كان أقل اثماً بالاضافة إلى ما قبله.
الرابعة ـ أن يسر ويرتاح، ولكن كره هذا السرور والارتياح، وكلف قلبه كراهة المدح وبغضه، وهو في مقام المجاهدة، ولعل الله يسامحه إذا بذل جهده. ومع ذلك لم يقدر على ربط نفسه على كراهة المدح دائما.

أسباب حب المدح

أسباب حب المدح
حب المدح والثناء له أسباب:
الأول ـ شعور النفس بكمالها، فان الكمال لما كان محبوباً فمهما شعرت النفس بكمالها ارتاحت واهتزت وتلذذت، والمدح يشعر نفس الممدوح بكمالها، فان كان بما به المدح وصفاً مشكوكا فيه صادر عن خبير بصير لا يجازف في القول، كالوصف بكمال العلم والورع وبالحسن المطلق، فاللذة فيه عظيمة لأن الإنسان ربما كان شاكاً في كمال علمه وكمال حسنه ويكون شائقاً لزوال هذا الشك، فإذا ذكره غيره، (لا) سيما إذا كان من أهل البصيرة، أورث ذلك طمأنينة وثقة بوجود ذلك الكمال، فعظمت لذته، ولو كان صادراَ ممن لا بصيرة له، كانت لذته أقل لقلة الاطمئنان بقوله. وإن كان ما به المدح وصفاً جلياً، كاعتدال القامة وبياض اللون كانت لذته في غاية القلة، لأن ثناءه لا يورث ماليس له من الطمأنينة والثقة ألا أنه لا يخلو عن لذة ما، إذ النفس قد تغفل عنه فتخلو عن لذته، فتنبهها عليه بالمدح يورث لذة ما. ولضد هذه العلة يبغض الذم ايضاً، لأنه يشعر بنقصان في نفسه، والنقصان ضد الكمال.
الثاني ـ ان المدح يدل على أن قلب المادح ملك الممدوح، وانه مريد له معتقد فيه ومسخر تحت مشيته، وملك القلوب محبوب، والشعور بحصوله لذيذ، ولذلك تعظم اللذة مهما صدرت ممن تتسع قدرته وينتفع باقتناص قلبه كالملوك والأكابر، ولضد هذه العلة يكره الذم ويتألم القلب به. 
الثالث ـ أن المدح سبب اصطياد قلب كل من يسمعه، لا سيما اذا كان المادح ممن يعتنى بقوله، وهذا يختص بمدح يقع على الملأ.
الرابع ـ أن المدح يدل على حشمة الممدوح واضطرار المادح إلى اطلاق اللسان بالثناء عليه طوعا أو قهراً، والحشمة محبوبة لما فيها من الغلبة والقدرة، فشعور النفس بها يورث لذة، وهذه اللذة تحصل وان علم الممدوح ان المادح لا يعتقد بما يقوله، إذ ما يطلبه يحصل منه، ولضد هذه العلة يبغض الذم أيضا.
وهذه الأسباب قد تجتمع في مدح واحد فيعظم به الالتذاذ، وقد تفترق فينتقص ويندفع استشعار الكمال، بأن يعلم الممدوح أن المادح غير صادق في مدحه، فان كان يعلم أن المادح ليس يعتقد ما يقوله بطلت اللذة الثانية أيضاً، وهو استيلاءه على قلبه، وبقيت لذة الاستيلاء بالحشمة على اضطرار لسانه إلى النطق بالمدح.

علاج المدح وكراهة الذم

علاج المدح وكراهة الذم
اذا علم أن حب المدح وكراهة الذم من المهلكات، فيجب أن يبادر إلى العلاج.
وعلاج الأول: أن يلاحظ أسبابه، ويعلم أن شئياً منها لا يصلح حقيقة لأن يكون سبباً له. أما استشعار الكمال بالمدح، فلأن المادح ان صدق فليكن الفرح من فضل الله حيث أعطاه هذه الصفات، وإن كذب فينبغي أن يغمه ذلك ولا يفرح به لأنه استهزاء به، مع أن الفرح مطلقاً في صورة الصدق من السفاهة، اذ الوصف الذي مدح به إن كان مما لا يستحق الفرح به، كالثروة والجاه وغيرهما من المطالب الدنيوية، فالفرح به من قلة العقل، لأنها كمالات وهمية لا أصل لها، وان كان مما يستحق الفرح به كالعلم والورع، فالفرح إنما هو لكونه مقرباً إلى الله، وهذا فرع حسن الخاتمة وهو غير معلوم. ففي الخوف من خطر الخاتمة شغل شاغل من الفرح بكل شيء. وأما دلالة المدح على تسخير قلب المادح وكونه سبباً لتسخير قلب من يسمعه، فحب ذلك يرجع إلى حب الجاه والمنزلة في القلوب، وقد سبق طريق معالجته. وأما دلالته على الحشمة، فانها ليست إلا قدرة عارضة ناقصة لاثبات لها، والعاقل لا يفرح بمثلها.
أما علاج الثاني: ـ اعني كراهة الذم ـ فيعلم بالمقايسة على علاج حب المدح. والقول الوجيز فيه: ان من يذمك إن كان صادقاً وقصده النصح والارشاد، فلا ينبغي أن تبغضه وتغضب عليه، بل ينبغي أن تفرح وتجتهد في إزالة الصفة المذمومة عن نفسك، وما أقبح بالمؤمن أن يغضب على من يحسن إليه ويريد هدايته. وان كان قصده الإيذاء والتعنت، فلا ينبغي لك أيضاً أن تبغضه وتكره ذلك، لأنه أرشدك إلى عيبك إن كنت جاهلا به، وذكرك إياه إن كنت غافلا عنه، وقبحه في عينك إن كنت متذكراً له، وعلى التقادير قد استفدت منه ما تنتفع به، وينبغي لك أن تغتنمه وتبادر إلى إزالة عيبك. وإن كان كاذباً مفتريا عليك بما أنت منه بريء، فينبغي لك أيضاً ألا تكره ذلك ولا تشتغل بذمه، لأنك وإن خلوت من ذلك العيب، إلا أنك لا تخلو من عيون اخر مساوية له وافحش منها، فاشكر الله تعالى على أنه سترها ولم يطلع أحداً عليها، ودفعها بذكر ما أنت منه بريء، مع أنه كفارة لبقية مساويك. ومن ذمك أهدى إليك حسناته وجنى على دينه، حتى سقط من عين الله وأهلك نفسه بافترائه عليك، فما بالك تحزن بحط ذنوبك واهداء الحسنات إليك؟ ولم تغضب عليه، مع أن الله سبحانه غضب عليه وأبعده من رحمته، فان ذلك كاف لا نتقامك منه.

ضد حب المدح

ضد حب المدح
ضد حب المدح وكراهة الذم: إما كراهة المدح وحب الذم أو مساواتهما عنده بحيث لا تسره المدحة ولا تغمه المذمة. وقد تقدم بعض الأخبار الدالة على ذم من لم يتصف بالحالة الأولى. وهي وإن كانت نادرة الوجود، إذ ما أقل على بسيط الأرض ـ (لا) سيما في هذه الإعصار ـ من تستوى عنده المدحة والمذمة، فضلا عمن يكره المدح ويسر بالذم، إلا أن تحصيلها ممكن إذ كل من عرف أن المدح مضر بدينه وقاصم لظهره فلا بد أن يكرهه ويبغض المادح، لو كان عاقلا مشفقاً على نفسه. وكذا من عرف أن الذم له يرشده إلى عيوبه ويهدى إليه بعض حسناته، لابد أن يحبه ويسر بذمه.
وأما الحالة الثانية، فهي أولى درجات الكمال، ومن لم يتصف بها فهو ناقص. فالاتصاف بها لازم على كل مؤمن. وربما ظن بعض الناس اتصافه بها، مع كونه فاقداً لها. فمن ظن ذلك من نفسه، فلا بد أن يمتحن نفسه بعلاماتها، حتى يظهر له صدق ظنه وكذبه، وعلاماته: ألا يكون سعيه ونشاطه في قضاء حوائج المادح اكثر منهما في قضاء حوائج الذام، وألا يتفاوت همه وحزنه لأجل موتهما وابتلائهما بمصيبة، وألا تكون ذلة المادح أخف في قلبه وعينه من ذلة الذام، وألا يكون جلوس الذام عنده اثقل ولا قيامه أهون من جلوس المادح وقيامه. وبالجملة: أن يستويا عنده من كل وجه. فمن وجد في نفسه استواءهما في جميع الجهات، فهو ممن يتساوى عنده المدح والذم.


الرياء

الرياء
وهو طلب المنزلة في قلوب الناس بخصال الخير أن أو ما يدل عليها من الآثار. فهو من أصناف الجاه، إذ هو طلب المنزلة في القلوب بأي عمل اتفق، والرياء طلب المنزلة بادائه خصال الخير أو ما يدل على الخير ثم خصال الخير يشمل أعمال البر بأسرها، وهي أعم من العادات إن خصت العبادة بمثل الصلاة والصوم والحج والصدقة وأمثال ذلك ومساوقة لها إن أريد بالعبادة كل فعل يقصد به التقرب ويترتب عليه الثواب إذ على هذا كل عمل من أعمال الخير، سواء كان من الواجبات أو المندوبات أو المباحات في الاصل إذا قصد به القربة كان طاعة وعبادة، وان لم يقصد به ذلك لم يكن عبادة ولا عمل خير، ولو كان مثل الصلاة. وربما خص الرياء عادة بطلب المنزلة في القلوب بالعبادة بالمعنى الأخص.
والمراد بالآثار الدالة على الخيرية هي كل فعل ليس في ذاته براً وخيراً، وإنما يستدل به على الخيرية.
وهي إما متعلقة بالبدن، كاظهار النحول والصفار ليستدل بهما على قلة الأكل أو الصوم وسهر الليل، ويوهم بذلك شدة الاجتهاد وعظم الحزن على امر الدين وغلبة الخوف من الله ومن أهوال الآخرة، وكخفض الصوت ليستدل به على ان وقار الشرع قد خفض صوته... وقس عليها غيرها من الأمور المتعلقة بالبدن، الدالة على الخيرية قصداً إلى تحصيل المنزلة في قلوب الناس، وكل ذلك يضر بالدين وينافي الورع واليقين، ولذا قال عيسى (ع): " إذا صام احدكم، فليدهن رأسه، ويرجل شعره، ويكحل عينيه "، خوفا من نزع الشطان بالرياء. ثم هذه مراآة أهل الدين بالبدن، وأما أهل الدنيا افيراؤن في البدن باظهار السمن وصفاء اللون ونظافة البدن وحسن الوجه وأمثال ذلك.
أو متعلقة بالزي والهيئة كحلق الشارب وإطراق الرأس في المشي، والهدوء في الحركة، وأبقاء أثر السجود في الجبهة، ولبس الصوف أو الثوب الخشن أو الابيض وتعظيم العمامة ولبس الطيلسان والدراعة، وامثال ذلك مما يدل على العلم والتقوى أو الانخلاع عن الدنيا.
والمراؤن من أهل الدين بالزي واللباس على طبقات: منهم من يرى طلب المنزلة بالثياب الخشة، ومنهم من يرى بالثياب الفاخرة، ومنهم من يرى بالوسخة، ومنهم من يراه بالنظيفة، وللناس فيما يعشقون مذاهب وأما أهل الدنيا فلا ريب في أنهم يراؤن في اللباس بلبس الثياب النفيسة وركوب المراكب الرفيعة وأمثال ذلك.
أو متعلقة بالقول والحركات كاظهار الغضب والاسف على المنكرات ومقارفة الناس للمعاصي، ليستدل بها على حمايته للدين وشدة اهتمامة على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع ان قلبه لم يكن متأثراً عن ذلك، وكارخاء الجفون وتنكيس الرأس عند الكلام وإظهار الهدوء والسكون في المشي، ليستدل بذلك على وقاره، وربما اسرع المرائي في المشي إلى حاجة فإذا اطلع عليه واحد رجع إلى الوقار خوفا من أن ينسب إلى عدم الوقار فإذا غاب الرجل عاد إلى عجلته.
او متعلقة بغير ذلك كمن يتكلف ان يكثر الزائرون له والواردون عليه (لا) سيما من العلماء والعباد والامراء ليقال إن أهل الدين والعظماء يتبركون بزيارته.

ذم الرياء

ذم الرياء
الرياء من الكبائر الموبقة والمعاصي المهلكة وقد تعاضدت الآيات والأخبار على ذمه، قال سبحانه:
" فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون"[1]. وقال سبحانه: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه احداً"[2]. وقال سبحانه: " يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً "[3]. وقال: " كالذي ينفق ماله رئاء الناس "[4].
وقال رسول الله (ص): " إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الاصغر " قالوا: وما الشرك الاصغر؟ قال: " الرياء، يقول الله عز وجل يوم القيامة للمرائين إذا جازى العباد باعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن لهم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء ". وقال (ص): " استعيذوا بالله من جب الحزن " قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال: " واد في جهنم أعد للقراء المرائين ". وقال (ص): " يقول الله تعالى: من عمل لي عملا اشرك فيه غيرى فهو له كله، وأنا منه برىء، وأنا أغنى الأغنياء عن الشرك " وقال (ص): " لا يقبل الله تعالى عملا فيه مثقال ذرة من رياء ". وقال (ص): " إن أدنى الريا الشرك ". وقال (ص): " إن المرائى ينادى عليه يوم القيامة يا فاجر يا غادر يا مرائي ضل عملك وحبط اجرك اذهب فخذ اجرك ممن كنت تعمل له ". وكان (ص) يبكي، فقيل له: ما يبكيك؟ قال " إني تخوفت على امتي الشرك أما انهم لا يعبدون صنما ولا شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولكنهم يراءون باعمالهم ". قال (ص): " سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائره وتحسن فيه علانيتهم طمعاً في الدنيا لا يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف يعمهم الله بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم " قال: " إن الملك ليصد بعمل العبد مبتهجاً به فإذا صعد بحسناته يقول الله عز وجل: اجعلوها في سجين إنه ليس إياى اراد به "[5] وقال (ص): " ان الحفظة تصعد بعمل العبد إلى السماء السابعة من صوم وصلاة ونفقه واجتهاد وورع، لها دوي كدوي الرعد وضوء كضوء الشمس معه ثلاثة آلاف ملك، فيجاوزون به إلى السماء السابعة، فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واضربوا به جوارحه، اقفلوا به على قلبه، إني أحجب عن ربى كل عمل لم يرد به وجه ربي، إنه أراد بعمله غير الله، إنه أراد رفعه عند الفقهاء وذكراً عند العلماء وصيتاً في المدائن، أمرني أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيرى، وكل عمل لم يكن لله خالصاً فهو رياء، ولا يقبل الله عمل المرائى، قال (ص): وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر الله تعالى وتشيعه ملائكة السماوات حتى يقطع الحجب كلها إلى الله فيقفون به بين يديه ويشهدون له بالعمل الصالح المخلص لله، قال: فيقول الله تعالى لهم أنتم الحفظة على عمل عبدى وأنا الرقيب على نفسه، انه لم يردني بهذا العمل وأراد به غيرى فعليه لعنتي فتقول الملائكة كلهم عليه لعنتك ولعنتنا، وتقول السماوات كلها عليه لعنة الله ولعنتنا، وتلعنه السماوات السبع ومن فيهن ".
وقال أمير المؤمنين (ع): " اخشوا الله خشية ليست بتعذير[6] واعملوا بغير رياء ولا سمعة فانه من عمل لغير الله وكله الله إلى عمله يوم القيامة " وقال الباقر (ع): " إلا بقاء على العمل اشد من العمل " قيل: وما إلا بقاء على العمل؟ قال: "يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فكتبت له سراً ثم يذكرها فتمحى فتكتب له علانيه ثم يذكرها فتمحى فتكتب له رياء ". وقال الصادق (ع): " قال الله تعالى انا خير شريك فمن عمل لي ولغيرى فهو لمن عمل له غيري ". وقال (ع): " قال الله تعالى: أنا أغنى الأغنياء عن الشريك فمن اشرك معى غيرى في عمل لم أقبله إلا ما كان لي خالصاً " وقال (ع): " كل رياء شرك، إنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله كان ثوابه على الله ". وعن أبي عبد الله (ع): في قول الله عز وجل:
" فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ".
قال: " الرجل يعمل شيئاً من الثواب لا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكية الناس، يشتهى أن يسمع به الناس فهذا الذي اشرك بعبادة ربه " ثم قال: " ما من عبد أسر خيراً فذهبت الايام أبداً حتى يظهر الله له خيراً، وما من عبد يسر شراً فذهبت الايام حتى يظهر الله له شراً. وقال (ع): " ما يصنع أحدكم أن يظهر حسناً ويسر سيئاً أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أن ذلك ليس كذلك والله عز وجل يقول: " بل الإنسان على نفسه بصيرة ". ان السريرة إذا صحت قويت العلانية. وقال (ع): " من أراد الله بالقليل من عمله اظهر الله له اكثر مما أراده به ومن أرداه الناس بالكثير من عمله في تعب من بدنه وسهر من ليله أبى الله إلا ان يقلله في عين من سمعه ". وقال (ع) لعباد البصرى: " ويلك يا عباد! إياك والرياء فانه من عمل لغير الله وكله الله إلى من عمل له ". وقال (ع): " اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فهو لا يصعد إلى الله ". وقال الرضا (ع) لمحمد بن عرفة: " ويحك با بن عرفة اعملوا لغير رياء ولا سمعة فانه من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل ويحك ما عمل أحد عملا إلا أراده الله به إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً "[7].
وكفى للرياء ذماً انه يوجب الاستحقار لله وجعله أهون من عباده الضعفاء الذين لا يقدرون نفعاً ولا ضراً، إذ من قصد بعبادة الله عبداً من عبيده فلا ريب في أن ذلك لأجل ظنه بأن هذا العبد أقدر على تحصيل أغراضه من الله وأنه اولى بالتقرب إليه منه تعالى وأي استحقار بمالك الملوك اشد من ذلك.

أقسام الرياء

(أقسام الرياء)
الرياء إما في العبادات أو في غيرها (والاول) حرام مطلقاً وصاحبه ممقوت عند الله وهو يبطل أصل العبادة ولأن الاعمال بالنيات، والمرائى بالعبادة لم يقصد امتثال أمر الله بل قصد ادراك مال أو جاه أو غرض آخر من الأغراض فلا يكون ممتثلا لأمر الله خارجا عن عهدة التكليف، ثم مع بطلان عبادته وعدم خروجه عن عهدة التكليف يكون له اثم على حدة لأجل الرياء، كما دلت عليه الآيات والأخبار، فيكون أسوأ حالا ممن ترك العبادة رأساً، كيف لا والمرائي بالعبادة جمع بين الاستهزاء بالله والتلبيس والمكر لأنه خيل إلى الناس أنه مطيع لله من أهل الدين وليس كذلك.
وإما الرياء بغير العبادات، فقد يكون مذموماً، وقد يكون مباحاً، وقد يكون مستحباً، وقد يكون واجباً، إذ يجب على المؤمن صيانة عرضه وألا يفعل ما يعاب عليه، فلا يليق بذوى المروات أن يرتكبوا الامور الخسيسة بانفسهم عند مشاهدة الناس وان جاز لهم ذلك في الخلوة، ومن زين نفسه باللباس أو غيره في أعين الناس حذراً من لومهم واستثقالهم أو استقذارهم اياه كان ذلك مباحاً له، إذ الحذر من ألم الذم غير مذموم ألا أن ذلك يختلف باختلاف الازمنة والبلاد والأشخاص من العباد، فربما كان بعض أقسام الرياء بغير العبادات مذموماً بالنظر إلى وقت أو شخص أو بلد غير مذموم بالنظر إلى آخر. روى: " ان رسول الله (ص) أراد يوماً أن يخرج على أصحابه، فكان ينظر في حب من الماء ويسوى عمامته وشعره، فقيل له: أو تفعل ذلك يا رسول الله؟ فقال: نعم، إن الله تعالى يحب من العبد أن يتزين لأخوانه إذا خرج إليهم ". وقال أمير المؤمنين (ع): " يتزين أحدكم لأخيه المسلم كما يتزين للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة "، وقال الصادق (ع): " الثوب النقي يكبت العدو ". وروى: " أنه (ع) نظر إلى رجل من أهل المدينة قد اشترى لعياله شيئاً وهو يحمله، فلما رآه الرجل استحى منه، فقال (ع): اشتريته لعيالك وحملته إليهم، أما والله لو لا أهل المدينة لا حببت أن اشتري لعيالى الشيء ثم احمله إليهم "[8] أراد (ع) لو لا مخافة ان يعيبوه على ذلك لفعل مثل فعله، إلا أنه لما كان في زمان يعاب عليه بمثله لم يجز له أن يرتكبه، ولما لم يكن ذلك مما يعاب عليه في زمن أمير المؤمنين (ع) كان يرتكبه وكان ذلك منقبة له وتعليما. فظهر أن ارتكاب بعض الأمور وعدم ارتكاب بعض الافعال قد يكون رياء محبوباً وقد يكون رياء مذموماً.

[1] الماعون، الآية: 4 ـ 7.
[2] الكهف، الآية: 110.
[3] النساء، الآية: 142.
[4] البقرة، الآية: 264.
[5] صححنا الحديث وكذا ما قبله على (أصول الكافي). باب الرياء وباقي الأحاديث النبوية على (إحياء العلوم) ج3ص254.

[6] قال في الوافي في باب الرياء 3/400: بيان (بتعذير) ـ بحذف المضاف ـ أي ذات تعذير، وهو بالعين المهملة والذال المعجمة بمعنى التقصير.
[7] صححنا الأحاديث عن آل البيت (ع) على (أصول الكافي) باب الرياء وعلى (البحار) مج15: 3/43. وعلى (الوسائل) ـ ج1، الباب 11، 12، 14 من أبواب مقدمة مقدمة العبادات ـ.
[8] تقدم هذا الحديث في 1/358، والاحاديث الثلاثة الاخيرة صححناها على (الوسائل) ـ كتاب الصلاة، أبواب أحكام الملابس، الباب4 ـ 6.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page