واجباتنا في الجانب السياسي
واجباتنا في الجانب السياسي
1- الوعي السياسي
أهمـّـية الوعي السياسي في عصر الغيبة
2- رفض موالاة الأعداء
واجباتنا في الجانب السياسي لا يخفى أنّ الإسلام نظام متكامل شامل لكلّ مناحي الحياة، وأولى عناية كبيرة بشؤون الفرد والمجتمع في شتى المجالات كالاقتصاد والسياسة والاجتماع وغيرها.
وعلى هذا الأساس تنبثق مجموعة من الواجبات والوظائف تقع على عاتق الفرد المؤمن.
وتتجلّى أهمية هذه الوظائف والواجبات في عصر الغيبة; لما يكتنفه من أنواع الفتن والمصاعب، ونشير إلى أهم هذه الوظائف من خلال ما يلي:
1 ـ الوعي السياسي:
إنّ البلاد الإسلامية كانت ولا تزال هدفاً أساسياً من قبل الأعداء، حيث نجدهم يستخدمون أحدث الأجهزة وأعقدها، لأجل خلق الأجواء الفكرية والسياسية المناسبة لهم لأجل نفث سموم الفرقة بين أبناء مجتمعنا وتفتيت وحدته، وانتهاك حرمته، وسلب الثقة من نفوس أبنائه.
وعلى هذا الأساس يتضح دور وأهمية الوعي السياسي لأبناء مجتمعنا والوقوف على مخططات الأعداء; لكي نتمكّن من تطويق محاولاته الرامية للقضاء على معتقداتنا وهويتنا. فلابدّ من العمل لاشاعة ونشر الوعي في صفوف اُمتنا.
أهمّية الوعي السياسي في عصر الغيبة:
1 ـ يساهم الوعي السياسي في المحافظة على الدين الإسلامي والوحدة الاجتماعية لأبنائه، من خلال دحض مخططات الأعداء بعد معرفتها.
2 ـ من خلال الوعي السياسي يطّلع المؤمن على حجم الظلم والدمار الذي يرتكبه أعداء الإسلام ومدّعو الديمقراطية، وهذا بدوره يساهم في حصول اليأس من كل الاُطروحات المزيّفة لإقامة العدل، وبذلك يحصل اليقين بعدم حصول العدل إلاّ على يد الإمام صاحب الزمان(عليه السلام)، وهذا ما يساهم في تعجيل يوم الظهور.
3 ـ من خلال الوعي السياسي وفهم مخططات الأعداء الرامية إلى تدجين المسلمين وسلب حقوقهم، وكذا الاطّلاع على حجم الدمار والظلم للمستضعفين في العالم، كل هذا يساهم في تأجيج الروح الثورية لدى المؤمنين للثأر للمظلومين، وهذا بدوره أيضاً يساهم في إعداد المؤمنين وتهيئتهم للمشاركة في تحمّل مسؤوليات اليوم الموعود.
فإنّ مخالب الاستعمار امتدّت طويلاً في هذه الأيام، لتصل إلى أعماق البلاد الإسلامية، وعَبّأ فيها جميع قواه وإمكاناته، بهدف خلق التفرقة والفتنة في صفوف المسلمين... فالاستعمار يسعى بكافة الوسائل لديه من أجل الحيلولة دون التمسك بالعمل والتعاليم الإسلامية وإبعاد الثقافة القرآنية عن الواقع الحياتي للمجتمع الإسلامي; وذلك عن طريق رفع الشعارات المزيّفة البراقة.
وما أروع ما يرشدنا إلى ضرورة دراسة حالات العدوّ وخصائصه النفسية، وكذا ضرورة أن تكون لدينا القدرة على التنبّؤ بما يمكن أن يخطّط له العدوّ; حتى لا تتحول إلى مفاجأة يُتعامل معها من موقع العفوية والارتجال، هو قول أمير المؤمنين(عليه السلام): «إنّي رأيت هذا الخبيث جريئاً شجاعاً فكمنت له، وقلت: ما أجرأه أن يخرج إذا اختلط الليل فيطلب منّا غرّةً»([1]).
2 ـ رفض موالاة الأعداء:
إنّ رفض موالاة الظالمين ورفض التعاون معهم من الاُمور التي شدّد على حرمتها القرآن الكريم وأهل البيت(عليهم السلام)، حيث أكدوا(عليهم السلام) على أنّ الدخول في ولاية الظالم يمثّل لوناً من ألوان الركون إليه، فيكون مشمولاً لقوله تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ )([2]). وعلى هذا الأساس حرّم فقهاؤنا ـ رضوان الله عليهم ـ ولاية الظالم والتعاون معه; لأنّ ذلك يعني الركون إليهم والاطمئنان إليهم، والاستسلام لحكمهم وطريقة تحقيق أهدافهم.
وربّما نجد في أحاديث وروايات أهل البيت(عليهم السلام) رفض الارتباط بالظالم حتى في الاُمور الغير محرمة.
فقد ورد: عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أعوان الظلمة، ومَن لاقَ لهم دواة، أو ربط لهم كيساً، أو مدَّ لهم مدّة قلم فاحشروه معهم»([3]).
وربّما يستفاد من ذلك أنّ المطلوب شرعاً مقاطعة الظالم والوقوف منه موقفاً سلبياً; لأن أيّ موقف إيجابي يمثّل لوناً من ألوان تقوية كيانه وتأكيده، بخلاف مقاطعته فإنه يفقد بها الأعوان مما يؤدي إلى سقوطه في النهاية، فعن الإمام الصادق(عليهم السلام) قال: «لولا بني اُمية وجدوا لهم مَن يكتب، ويجبي لهم الفيء، ويقاتل عنهم، ويشهد جماعتهم لَما سلبونا حقّنا»([4]).
بل قد نجد في أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) ما قد يستفاد منه أنّ المطلوب أيضاً الرفض النفسي الداخلي، كما في رواية صفوان الجمال، قوله: «دخلت على أبي الحسن موسى الكاظم(عليه السلام) فقال لي: «ياصفوان، كلّ شيء منك حسن جميل، ما خلا شيئاً واحداً»، فقلت: جعلت فداك، وأيّ شيء؟ قال: «إكرائك جمالك من هذا الرجل»، يعني هارون الرشيد، قلت: والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا لصيد ولا لهو، ولكن أكريته لهذا الطريق ـ يعني طريق مكة ـ ولا أتولاّه بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني، فقال لي: «ياصفوان، أيقع كراؤك عليهم؟»، قلت: نعم، جعلت فداك، قال: «أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك؟»، قلت: نعم، قال: «مَن أحبَّ بقاءهم فهو منهم، ومَن كان منهم كان وروده إلى النار»([5]).
وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «... وذلك أنّ في ولاية الوالي الجائر دروس الحقّ كلّه، وإحياء الباطل كلّه، وإظهار الظلم والجور والفساد وإبطال الكتب، وقتل الأنبياء والمؤمنين، وهدم المساجد، وتبديل سنّة الله وشرائعه، فلذلك حُرِّم العمل معهم ومعونتهم والكسب معهم إلاّ بجهة الضرورة»([6]).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ ارشاد المفيد: 1/93، عنه البحار: 20/172 ح6.
[2] ـ هود: 113 .
[3] ـ عقاب الأعمال: 307، عنه وسائل الشيعة: 17/181، أبواب ما يكتسب به، ب42، ح11.
[4] ـ الكافي: 5/106/4، عنه وسائل الشيعة: 17/199، أبواب ما يكتسب به، ب47، ح1.
[5] ـ رجال الكشّي: 498/828، عنه وسائل الشيعة: 17/182، أبواب ما يكتسب به ب42، ح17.
[6] ـ تحف العقول: 332.