• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الخوف من العاقبة

 

الخوف من العاقبة

السيد ((منوشهر الموريسي)) سلمه الله تعالى نقل لي قصة طويلة أسرد لكم فيما يلي خلاصتها: عندما كنت مشغولاً بالتدريس في قرية ((أسير)) بضاحية ((لارستان)) مرض شاب من أهالي القرية إسمه ((أحمد)) مرضاً شديداً جعله يحتضر فلقنته الشهادة، وكان الشاب يردد الكلمة الطيبة ((لا إله إله الله)) بصعوبة وكذا جملة ((محمد رسول الله (ص) ))، لكنه لا يلفظ جملة ((علي ولي الله))، وبعد الاصرار عليه أشار برأسه انه لا يقولها ثم قال بلسانه لن أقولها، ثم أغمي عليه وتفرق عنه من كان حوله وبقي في حالته تلك بعدة أيام. إلى ان نقلوه إلى مدينة ((شيراز)) لمعالجته في المستشفىٰ، وبعد عدة أيام تحسنت حاله وخرج من المستشفىٰ.

ذهبت لزيارته وسألته: عندما كنت ألقنك الشهادة لم كنت تمتنع عن قول ((علي ولي الله))؟

وبعد سماعه لسؤالي هذا اصابته رعشة وحالة خوف وهلع وعض على شفته وقال: عندما كنت تلقنني الشهادة رأيت أن الشهادة على شكل زنجير فيه ثلاث حلقات ضخمة كتب على الحلقة الأولى ((لا إله إلا الله)) وعلى الحلقة الثانية ((محمد رسول الله)) وكتب على الحلقة الثالثة ((على ولي الله))، وكانت الحلقة الأولى بيدي والحلقة الثانية في الوسط والحلقة الثالثة بيد غول شيطاني مرعب، وفي يده الأخرىٰ كيس أحسست أن كل مالي وأملاكي في ذلك الكيس، فعندما لقنتني الشهادة ردّدت ((لا إله إله الله)) و((محمد رسول الله)) وعندما هممت بترديد جملة ((علي ولي الله)) أبعد ذلك الغول الشيطاني حلقات الزنجير من يدي قال لي: إذا رددت هذه الجملة فسأسلبك جميع أموالك وحسابك البنكي الموجود في هذا الكيس، ولخوفي أن يسلبني كل أملاكي لم أقلها، وبقيت في تلك الحالة من الضعف والرعب والهلع الشديد أحافظ على كلمة التوحيد ولم أتركها وبينما أنا اُصارع واُعاني إذا بسيد نوراني جذاب يظهرُ يضع قدمه المباركة على الزنجير ويسحق بقدمه يد ذلك الموجود المخيف فصرخ وترك الزنجير فتناولت الزنجير بكامله، ولم أعِ بعد ذلك شيئاً إلى أن فتحت عيني لأجد نفسي غارقاً بالعرق في فراش المرض.

***

لهذه القصة نظائر أخرىٰ سمعتها من أهل الثقة حول أشخاص ظهر في آخر أعمارهم تعلقهم الشديد بالدنيا وغلبت على تعلقهم بدينهم وإيمانهم، بل ماتوا على إنكار الدين والإيمان والنفرة منه، ونقل تلك القصص غير لازم ويوجب طول الكلام.

كما نقلت الكتب المعتبرة قصصاً في هذا المجال ننقل لكم خلاصة واحدة منها جاءت في كتاب ((منتخب التواريخ)) الباب 14 القصة6:

أحد أهل العلم عند احتضاره قرؤا له دعاء ((العديلة)) وعندما بلغ القارىء جملة ((وأشهد أن الأئمة الأبرار)) عندها قال المحتضر: هذا أول الكلام. أي انه يرفض ذلك، فأعادوا تلقينه ذلك ثلاث مرات وهو يرد بنفس الجواب. ثم بعد لحظة ابتلّ جسمه بالعرق وفتح عينيه وأشار بيده إلى صندوق في زاوية الغرفة وأمر بفتحه، وأتوا له بورقة كانت فيه فأخذها ومزّقها، فلما سألوه عن ذلك قال: كنت قد أقرضت شخصاً مبلغ (5) توامين وأخذت منه وصلاً بذلك، فكنت كلما طلبتم مني قول ((وأشهد أن الأئمة الأبرار)) كنت أرىٰ رجلاً عجوزاً واقفاً عند الصندوق والوصل بيده ويقول لي: إذا نطقت بهذه الشهادة فسأمزق هذا الوصل. ولشدة حبي لهذا الوصل كنت امتنع عن النطق بهذه الشهادة، حتى منّ الله علي بالشفاء مزقت الوصل بيدي حتى لا يبقى عندي مانع من نطق الشهادة.

***

على القارىء العزيز عند سماع هذه القصة أن يعيش حالتي الخوف والرجاء معاً.

أما الخوف: فعليه أن يخاف من وجود حب الدنيا والتعلق بالامور الفانية في قلبه فيجد بذلك الشياطين سبيلاً إليه ويتسلطون عليه حيث انه لا سبيل للشياطين على البشر إلا بواسطة ما يتعلق قلبه به، إذن فيجب ان يخلو القلب من حب الدنيا أو على الأٌقل ان يكون حب الله ورسوله والأئمة والآخرة أشد بحيث يمكنه ذلك من صرف النظر عن التعلق الدنيوي وعدم التخلي عن العلاقات الإلهية وعليه أن يعزّ دينه أكثر من ماله وأولاده وسائر علائقه الدنيوية بحيث يكون حاضراً لفدائها جميعاً من أجل دينه وان لا يكون في قلبه إهتمام بشيء أكثر من دينه.

في آخر الخطبة التي أنشأها رسول الله (ص) في فضيلة شهر رمضان المبارك، ونقلها ((الشيخ الصدوق)) في كتابه ((عيون الأخبار)) وذكر فيها أن رسول الله (ص) بكى فيها فسأله أمير المؤمنين (ع) عن سبب بكائه فقال (ص) ما معناه: أبكي لما يصيبك في هذا الشهر من المصائب وكأني بك وأنت تصلي فيضربك أشقىٰ الخلق ضربة على هامتك حتى تخضب لحيتك من تلك الضربة.

فقال أمير المؤمنين (ع): يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني؟

فقال (ص): في سلامة من دينك.

نعلم من ذلك انه إذا كان الإنسان في سلامة من دينه فمهما حدث له فهو سهل عليه حتى ذهاب نفسه.

***

وكذلك أبو الفضل العباس بن علي (ع) في يوم عاشوراء بعد ان قطعوا يده اليمنى عن جسده نراه يرتجز:

والله إن قطعتموا يميني
 اني أحامي أبداً عن ديني
 
وعن إمام صادق اليقين
 نجل النبي الطاهر الأمينِ
 

 

وعندما قطعوا يده اليسرىٰ عن جسده نراه يرتجز أيضاً ويقول:

يا نفس لا تخشي من الكفار
 وابشري بجنة الجبارِ
 
مع النبي السيد المختار
 قد قطعوا ببغيهم يساري
 

فأصلهم يا ربِّ حرّ النارِ

 

الخلاصة هي أن كل ما يلحق بالإنسان من الحرمان والضرر والعذاب بل حتى فقدان النفس لا يساوي ذلك شيئاً في مقابل دينه وعلاقته القلبية مع ربه ورسوله وإمامه وآخرته وإذا لم يكن كذلك فمعنى ذلك أن إيمانه غير سليم.

وعن الإمام الصادق (ع): ((لا يمحض رجلٌ الإيمان بالله حتى يكون الله أحب إليه من نفسه وأبيه وأُمه وولده وأهله وماله ومن الناس كلهم)).

وعن النبي (ص): ((والذي نفسي بيده لا يؤمنن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين)).

وهذان الحديثان مطابقان لما جاء في الآية 24 من سورة التوبة:

﴿قلْ إنْ كانَ آباؤكمْ وأبناؤكمْ واخوانكمْ وأزواجكمْ وعشيرتكمْ وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشونَ كسادها ومساكنَ ترضونها أحبَّ اليكمْ منَ اللهِ ورسوله وجهادٍ في سبيلهِ فتربّصوا حتى يأتيَ اللهُ بأمره واللهُ لا يهدي القومَ الفاسقين﴾[1].

وباختصار يجب ان نعلم أن من كان ميله القلبي للشهوات النفسانية والامور الدنيوية الفانية أشد من حبه لله وللرسول وللإمام وللامور الأخروية الباقية فإنه في خطر شديد أي انه سيمر في امتحانات غالباً ما يبيع فيها دينه بدنياه، وإذا ما قضى مدة حياته بسلامة فإنه سيقع في الساعة الأخيرة من عمره في خطر تسلط الشياطين عليه كما مر في القصة التي نقلناها لك إلا إذا أعانه الفضل واللطف الإلهي وأخذ بيده في مواقع الخطر وليس هناك من وسيلة إلا التضرع والإلتجاء إلى الخالق ليحفظ له إيمانه)).

وكما قال الإمام الصادق (ع): ﴿(فإذا دعا وألحّ مات على الإيمان)﴾[2].

وأما الرجاء: فعليه أن يعلم أن من آمن بالله صادقاً مخلصاً واستيقن من أن محمداً وآله صلى الله عليه وآله هم أولياء الله وحججه وهم الواسطة لايصال وحي الله وأحبهم في نفسه وقلبه وصدق بالآخرة واستيقن من انها أهم من الدنيا، وأحب بلوغ الجنة وجوار محمد وآله صلوات الله عليه وآله وأحب لقاء الله وتمنى كل ذلك بحيث استقر هذا الإيمان والحب في قلبه بحيث نتج له عن ذلك خضوعٌ وعبودية لله واستعد لطاعته فمثل هذا الإيمان إذا لازمه حتى آخر عمره ولم يخسره فإنه سيأمن من تسلط الشياطين وهجومهم عليه، فقد وعد الله عباده المؤمنين باعانتهم فقال:

﴿وما كانَ الله ليضيعَ إيمانكمْ إن الله بالناسِ لرؤف رحيمٌ﴾[3].

﴿يثبتُ اللهُ الذينَ آمنوا بالقولِ الثابتِ في الحياةِ الدنيا وفي الآخرة﴾[4].

وفي ((تفسير العياشي)) نقل عن الإمام الصادق (ع) انه قال ما معناه: في ساعة موت أحبائنا يحضرهم الشيطان ويأتيهم عن يمينهم وعن شمالهم ليسلب عنهم ايمانهم لكنّ الله يمنعه عن ذلك كما قال ﴿يثبتُ اللهُ الذينَ آمنوا بالقولِ الثابتِ في الحياةِ الدنيا وفي الآخرةِ﴾[5].

وقد وردت روايات كثيرة في هذا المجال وقد لاحظنا في القصتين الماضيتين العون والنجاة من شر الشيطان، ونظائر ذلك كثيرة.

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] - سورة التوبة، الآية: 24

[2] - كتاب (اصول الكافي) كتاب الإيمان والكفر

[3] - سورة البقرة، الآية: 143

[4] - سورة إبراهيم، الآية: 27

[5] - سورة إبراهيم، الآية: 27


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page