•التاريخ: ٢٠٠٩/٠٨/١٦
•موضوع البرنامج : نور وبلاغة -١٧
نص الحديث
قال الامام العسکريّ (عليه السلام): الغضب: مفتاح کل شرّ.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسد واحدة من السمات التي طرحها الامام (عليه السلام) بالنسبة الی سلوک الناس، الا وهو: الغضب حيث جعله مفتاح کلّ شرّ.
والسؤال الآن هو: لماذا وسم الامام (عليه السلام) ظاهرة الغضب بانها مفتاح الشرّ؟
من الحقائق المعروفة في ميدان علم النفس العبادي، او علم نفس السواء، او علم النفس المرضي، ان الانفعال الحاد هو تعبير عن عصاب الشخصية، اي: الشخصية المريضة نفسياً.
والسرّ هو: ان الانفعال الحاد خارج عن الاستواء النفسي، اي: الحالة الطبيعة للانسان، ان المنفعل نفسياً هو: من يفقد توازنه الداخلي فيصدر منه ردّ فعل حاد يخرجه عن التوازن فيبدأ بممارسة سلوک عصباني وعصبي حتی يصل الی الهذيان احياناً، أي: يصدر منه من الکلام ما هو غير متوازن وهذا من حيث ردّ الفعل من الزاوية اللفظية.
اما ردّ الفعل من الزاوية العضوية فان الغاضب يرتجف بدنه، ويتخلخل توازن بدنه، وينعکس ذلک علی قلبه وعقله وضغط دمه.
تقول النصوص الشرعية: ان الغاضب قد يصل انفعاله الی حدّ يقتل به النفس البريئة، وتوصي في هذا الميدان بجملة توصيات لردّ الغضب، منها: ان يجلس اذا کان واقفاً مثلاً من حيث السلوک الحرکي، وأن يحلم من حيث السلوک النفسي، وذلک بان يکبت غضبه، ويبدأ بالتفکير في عواقب غضبه، ويستحضر التوصيات النادبة الی ذلک.
بلاغة الحديث
المهم ان الامام المعصوم (عليه السلام) اشار الی الغضب وجعله مفتاح الشر، والسؤال من الزاوية البلاغية: ماذا نستلهم من الصورة المذکورة التي جعلت الغضب مفتاحاً لشرور؟
بلاغياً، تعدّ الصورة المذکورة من أدق التوصيات الارشادية، حيث ان الغضب هو: اساساً تصدير من الداخل الی الخارج، اغلاق في الداخل، وفتح من الخارج، وهذا ما يتسق مع کلمة (مفتاح)، والسبب هو: ان الغضب لا ينحصر اثره في الغاضب فحسب (اي يصبح شخصيته مريضة نفسياً وتحلياً وحسياً) بل ينعکس علی الاخرين، حيث يؤدي احياناً الی القتل، ويؤدي الکراهية، ويؤدي الی فقدان التواصل الاجتماعي، ولذلک، اصبح مفتاحاً لکثير من الأعمال المحظورة شرعاً وانسانياً.
*******
arabic.irib.ir