• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

طلحة بن عبيد الله

إنه من كبار الصحابة المشهورين وهو أحد السنة الذين رشحهم عمر بن الخطاب للخلافة وقال فيه بأنه مؤمن الرضا كافر الغضب يوماً إنسان ويوماً شيطان ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة على زعم « أهل السنة والجماعة » .
وعندما نبحث عن شخصية هذا الرجل في كتب التاريخ يتبين لنا بأنه من عشاق الدنيا ، من الذين غرتهم وجرتهم وراءها فباعوا دينهم من أجلها وخسروا أنفسهم وما ربحت تجارتهم ويوم القيامة يندمون .
هذا طلحة الذي كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : إن مات رسول الله تزوجت عائشة فهي بنت عمي ، فبلغ رسول الله قوله فتأذى من ذلك .
ولما نزلت آية الحجاب واحتجب نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال طلحة : أيحجبنا محمد عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا من بعدنا ؟ فإن حدث به حدث لنزوجهن نساءه من بعده (1) .
ولما تأذى رسول الله من ذلك نزل قول الله تعالى :
«… وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلكم كان عند الله عظيماً» ( الأحزاب : 53 ) .
وهذا طلحة الذي دخل على أبي بكر قبل وفاته عندما كتب عهده بالخلافة لعمر بن الخطاب فقال له : ماذا تقول لربك إذ وليت علينا فظاً غليظاً ؟ فشتمه أبو بكر بكلام بذيء (2) .
ولكننا نجده بعد ذلك يسكت ويرضى بالخليفة الجديد ويصبح من أنصاره ويعمل على جمع الأموال وكسب العبيد خصوصاً بعد أن طمع في الخلافة واشرأبت عنقه إليها بعد أن رشحه عمر بن الخطاب لها .
وطلحة هو الذي خذل الإمام علياً وانجاز في صف عثمان بن عفان لعلمه المسبق بأن الخلافة إذا آلت إلى علي فلا يبقى له فيها مطمع بعد ذلك ، وقد قال علي في ذلك : فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره ، مع هن وهن …
يقول الشيخ محمد عبده في شرحه : وكان طلحة ميالاً لعثمان لصلات بينهما على ما ذكره بعض رواة الأثر ، وقد يكفي في ميله إلى عثمان انحرافه عن علي لأنه تيمي وقد كان بين بني هاشم وبني تيم مواجد لمكان الخلافة في أبي بكر (3) .
لا شك بأن طلحة هو أحد الصحابة الذين حضروا بيعة الغدير وسمعوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه » .
ولا شك بأنه سمع رسول الله يقول : « علي مع الحق والحق مع علي » وحضر يوم خيبر عندما أعطاه الراية وقال بأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، ويعرف أيضاً بأن علياً هو للنبي بمنزلة هارون من موسى ، ويعرف الكثير والكثير .
ولكن الحقد الدفين والحسد ملأ قلبه فلم يعد يرى إلا التعصب لقبيلته والانحياز إلى ابنة عمه عائشة بنت أبي بكر التي كان يطمع في الزواج منها بعد النبي ولكن القرآن حال دون ذلك .
نعم لقد انضم طلحة إلى عثمان وبايعه بالخلافة لأنه كان يعطيه الصلات والهبات ، ولما اعتلى عثمان منصة الخلافة أغدق على طلحة من أموال المسلمين بدون حساب (4) ، فكثرت أمواله ومواشيه وعبيده حتى بلغت غلته من العراق وحده كل يوم ألف دينار .
يقول ابن سعد في طبقاته : لما مات طلحة كانت تركته ثلاثين مليوناً من الدراهم ، كان النقد منها مليونين ومائتي ألف درهم ومائتي ألف دينار ، وكان سائرها عروضاً وعقاراً (5) .
لكل ذلك طغى طلحة وتجبر وبدأ يؤلب على صديقه الحميم عثمان ليطيح به ويأخذ مكانه .
ولعل عائشة أم المؤمنين أطمعته في الخلافة ومنته بها لأنها هي الأخرى عملت على أسقاط عثمان بكل جهودها ، وكانت لا تشك في أن الخلافة ستؤول إلى ابن عمها طلحة ، ولما بلغها مقتل عثمان وأن الناس قد بايعوا طلحة فرحت فرحاً شديداً وقالت : « بعداً لنعثل وسحقاً ، إيه ذا الإصبع إيه أبا شبل ، إيه ابن عم لله أبوك أما إنهم وجدوا طلحة لها كفؤاً » .

نعم هذا جزاء عثمان من طلحة ، بعدما أغناه غدر به من أجل الطمع في الخلافة وألب عليه الناس ، وكان من أشد المحرضين عليه حتى منعه من شرب الماء أيام الحصار .
قال ابن أبي الحديد بأن عثمان يقول أيام الحصار .
ويلي على ابن الحضرمية « يعني طلحة » أعطيته كذا وكذا بهاراً ذهباً وهو يروم دمي ويحرض على نفسي ، اللهم لا تمنعه به ولقه عواقب بغيه .
نعم هذا طلحة الذي انحاز لعثمان واختاره للخلافة من أجل إبعادها عن علي ، ولأن عثمان أعطاه الذهب والفضة وها هو اليوم يؤلب عليه ويأمر الناس يقتله ويمنع دخول الماء إليه ، وعندما يأتون بجثته يمنع من دفنه في مقابر المسلمين فيدفن في « حش كوكب » كانت اليهود تدفن فيه موتاهم (6) .
ثم بعد ذلك نرى طلحة أول من يبايع الإمام علياً بعد مقتل عثمان ، ثم ينكث بيعته ويلتحق بعائشة ابنة عمه في مكة ، وينقلب فجأة للمطالبة بدم عثمان ، سبحان الله ! هل يوجد بهتان أكبر من هذا ؟ !
بعض المؤرخين يعلل ذلك بأن علياً رفض أن يوليه على الكوفة وما وراءها ، فنكث البيعة وخرج محارباً للإمام الذي بايعه بالأمس .
إنها نفسية من غرق في الدنيا إلى أم رأسه ، وباع آخرته ولم يعد يشغله غير المنصب والجاه والمال .
يقول طه حسين :
« فكان طلحة إذن يمثل نوعاً خاصاً من المعارضة ، رضي ما أتاح الرضا له الثراء والمكانة ، فلما طمع في أكثر من ذلك عارض حتى أهلك وهلك (7) .
هذا هو طلحة الذي بايع بالأمس الإمام علياً يخرج بعد أيام قليلة يجر حرم رسول الله عائشة إلى البصرة فيقتل الأبرياء وينهب الأموال ويثير الرعب في الناس حتى يشقوا عصا الطاعة لعلي ، ويقف بدون خجل يحارب إمام زمانه الذي أعطاه عهد البيعة طائعاً مختاراً .
ومع ذلك فقد بعث إليه الإمام علي قبل المعركة ، فلقيه في الصف ، فسأله أما بايعتني ؟ وما الذي أخرجك يا طلحة ؟
قال : الطلب بدم عثمان .
قال علي : قتل الله أولانا بدم عثمان .
وفي رواية ابن عساكر ، قال له الإمام علي : أنشدك الله ياطلحة أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والي من والاه وعاد من عاداه ؟
قال : نعم ، فقال له : فلم تقاتلني ؟ !
وكان جوابه : الطلب بدم عثمان ، وكان رد علي : قتل الله أولانا بدم عثمان .
واستجاب الله دعوة علي فقتل طلحة في اليوم نفسه ، قتله مروان بن الحكم الذي جاء به طلحة لمحاربة علي .
إنه طلحة الفتة والبهتان وتقليب الحقائق لا يراعي في ذلك إلا ولا ذمة ، ولا يفي بعهده ، ولا يسمع نداء الحق وقد ذكره به الإمام علي وأقام عليه بذلك الحجة ، ولكنه أصر واستكبر وتمادى في غيه فضل وأضل وقتل بسبب فتنته خلق كثير من الأبرياء لم يشاركوا في مقتل عثمان ولا عرفوه مدة حياتهم ولا خرجوا من البصرة .
نقل ابن أبي الحديد أنه لما نزل طلحة البصرة أتاه عبد الله بن الحكيم التميمي لكتب كان كتبها إليه فقال لطلحة :
« يا أبا محمد أما هذه كتبك إلينا ؟ قال : بلى .
قال : فكتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان وقتله ، حتى إذا قتلته أتيتنا ثائراً بدمه ، فلعمري ما هذا رأيك ، إنك لا تريد إلا هذه الدنيا ، مهلاً إذا كان هذا رأيك فلم قبلت من علي ما عرض عليك من البيعة فبايعته طائهاً راضياً ثم نكثت بيعتك ، ثم جئت لتدخلنا في فتنتك (8)  .
نعم هذه هي حقيقة طلحة بن عبيد الله عارية كما ذكرها أصحاب السنن والتواريخ من « أهل السنة والجماعة » وبعد كل هذا فهم يقولون أنه من العشرة المبشرين بالجنة .
ويحسبون أن الجنة هي فندق هيلتون يدخلها أصحاب الملايين والسماسرة من رجال الأعمال فيلتقي فيها القاتل والمقتول والظالم والمظلوم ويلتقي فيها المؤمن والفاسق والبر والفاجر .
«أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم» ( المعارج : 38 ) . «أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار» ( ص : 28 ) «أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون» ( السجدة : 18 ) .
«أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلاً بما كانوا يعملون * وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم تكذبون» ( السجدة : 19 ـ 20 ) .

_____________________
(1) تفسير ابن كثير وتفسير القرطبي وتفسر الألوسي وغيرهم كلهم ذكروا ذلك عن تفسر قوله سبحانه :  «وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده …»  .
(2) الإمامة والسياسة لابن قتيبة في باب وفاة أبي برك واستخلافه عمر .
(3) محمد عبده في شرح نهج البلاغة ج 1 ص 88 من الخطبة الشقشقية .
(4) ذكر الطبري وابن أبي الحديد وطه حسين في الفتنة الكبرى بأن طلحة كان قد افترض من عثمان خمسين ألفاً ، فقال له ذات يوم : قد تهيأ مالك فأرسل من يقبضه ، فقال عثمان : هو لك يا أبا محمد معونة على مروءتك ! ويقال إن عثمان وصل طلحة بمائتي ألف أيضاً .
(5) الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 858 .
(6) تاريخ الطبري والمدائني والواقدي في مقتل عثمان .
(7) الفتنة الكبرى طه حسين ج 1 ص 150 .
(8) شرح ابن أبي الحديد المعتزلي ج 2 ص 500 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page