صح عند السنة والشيعة أن النبي’أوصى المسلمين بأن تتمسك بعده بالقرآن والعترة ، وبذلك أوجب عليهم أن يطيعوا العترة ويأخذوا منهم القرآن ومعالم دينهم! وقد أكد النبي’وصيته هذه مراراً ، كما في حديث الثقلين الذي صحت روايته عند الطرفين ، ومن نصوصه ما رواه أحمد:3/17: (عن أبي سعيد الخدري عن النبي(ص)قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي . كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض . وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا بمَ تخلفوني فيهما؟!). انتهى. وقد بلغت مصادر هذا الحديث من الكثرة وتعدد الطرق في المصادر ، أن أحد علماء الهند ألف في جمع أسانيده كتاب ( عبقات الأنوار ) من عدة مجلدات .
كما صح عند السنيين أن النبي’شهد لعدة أشخاص من صحابته بأنهم حفاظ القرآن ، وأمر المسلمين بأن يأخذوا القرآن منهم !
روى البخاري:6/102: (عن مسروق ذكر عبدالله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال لا أزال أحبه ، سمعت النبي(ص)يقول: خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود ، وسالم ، ومعاذ ، وأبيّ بن كعب).(ونحوه في:4/228،ورواه مسلم: 7/ 148 و149 ، وأحمد:2/163و190و191، وغيرهم كثير) .
وفي مجمع الزوائد:9/52: (وعن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله (ص): خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد ، ومعاذ ، وأبيّ ، وسالم ، ولقد هممت أن أبعثهم في الأمم كما بعث عيسى بن مريم الحواريين في بني إسرائيل ) !
بأي الوصيتين عمل عمر ؟!
بموجب الوصية النبوية كان الواجب على أبي بكر وعمر أن يأخذا القرآن من علي× ، أو يكتباه عن نسخة أي واحد من هؤلاء الأربعة ، ويعمما نسخته على بلاد المسلمين . وقد روت المصادر أن المسلمون طالبوا عمر بتبني مصحف أهل البيت^أو أحد مصاحف هؤلاء الأربعة ، ولكنه نهاهم وقال لا أسمح لأحد أن يقوم بذلك ، أنا سأقوم بجمع القرآن !
قال عمر بن شبة في تاريخ المدينة:2/705: (جاءت الأنصار إلى عمرفقالوا: نجمع القرآن في مصحف واحد فقال: إنكم أقوام في ألسنتكم لحن ، وإني أكره أن تحدثوا في القرآن لحناً . فأبى عليهم ) !!
وفي مصنف ابن أبي شيبة:7/151: (أن زيد بن ثابت استشار عمر في جمع القرآن فأبى عليه فقال: أنتم قوم تلحنون ! ) .
فلم يأخذ عمر القرآن لامن العترة ولامن الأربعة الذين شهد لهم ، بل خالفهم وآذاهم ورد عليهم في القرآن وغيره! ومنع الدولة طوال عهد أبي بكر وطوال عهده أن تتبنى نسخة من القرآن تكون النسخة الشرعية !
والعجيب أن الذي أبقى الدولة نحو ربع قرن بعد وفاة نبيها’بلا نسخة قرآن رسمية ! هو الذي رفع في وجه النبي’شعار (كتاب الله حسبنا) ولم يرض أن يكتب النبي’لأمته كتاباً يؤمنها من الضلال !
كما أبقى الأمة بلا نسخة رسمية مدونة من الحديث النبوي ! بل منع الصحابة من مجرد رواية الحديث عن نبيهم’ !
لقد وعد عمر المسلمين بأنه سيجمع القرآن على اجتهاده ، وشكل لجنة لجمعه في عهد أبي بكر مؤلفة من أبي بكر وعمر وزيد بن ثابت ! وعملت اللجنة العتيدة طوال خلافة أبي بكر وطوال خلافة عمر ، وكانت نتيجة عملها صحف عمر التي كانت مودعة عند حفصة ! والتي رفضت حفصة أن تعطيها لعثمان حتى أخذها مروان يوم وفاتها وأحرقها !!
قال عمر بن شبة في تاريخ المدينة:3/1003: (عن ابن شهاب قال حدثني أنس قال: لما كان مروان أمير المدينة أرسل إلى حفصة يسألها عن المصاحف ليمزقها وخشي أن يخالف الكتاب بعضه بعضاً فمنعتها إياه.... قال الزهري: فحدثني سالم قال: لما توفيت حفصة أرسل مروان إلى ابن عمر بعزيمة ليرسلن بها ، فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها ابن عمر فشققها ومزقها مخافة أن يكون في شئ من ذلك خلاف لما نسخ عثمان ! ) . (ونحوه في مجمع الزوائد:7/156، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ) .
وبذلك نعرف أن مصحف عمر الذي جمعه لينشره ويلزم المسلمين به ، كان فيه تحريفات لم يتحملها جماعة عثمان لأنها تخالف المصحف الذي جمعه خليفتهم عثمان !
ولا بد أن يكون في مصحف عمر كل ما روي عن عمر من قراءات شاذة كان يقرأ بها ، وفيه سورتا الحفد والخلع اللتان كان يقرؤهما في صلاته ، والكثير الكثير من اجتهادات عمر التي أراح الله المسلمين منها !!
الأسئلة
1 ـ إذا لم يكن معنى وصية النبي’بالثقلين القرآن والعترة أنها وصيةٌ للأمة بالدستور والمرجع لتفسيره ، فما عسى أن يكون معناها؟! 2 ـ إن قلتم إنَّ أخذ القرآن ومعالم الدين ليس محصوراً بالعترة النبوية الطاهرة^ ، أليس من واجب عمر أن يأخذ القرآن من الأربعة الذين سماهم النبي’وأمر الأمة أن تأخذ القرآن منهم ؟ 3 ـ كيف تحول موقف عمر غير الشرعي والغريب ، إلى فضيلة لعمر وخدمة للقرآن ، وصار انتقاده تهمةً بالخروج عن إجماع الأمة ، فهل الأمة تعني عمر وحده ، حتى لو خالفه كل الصحابة ومعهم وصية نبيهم’ ؟!! 4- كيف تحلون التناقض الصارخ بين رواياتكم الصحيحة في جمع القرآن وفيها أنواع التناقض في أصل الجمع ، وزمانه ، وأبطاله ، وكيفيته .. الخ... ؟!
المســألة: 1 وصية النبي ’بالقرآن التي يرويها السنة والشيعة
- الزيارات: 2190