كـانت اخريات ايام النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم , والتي قد مرض فيها,وهناك جمع من الصحابة قد حضروا عنده , فقال النبي (ص ):.
((هلموا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا)).
قـال بـعـضـهـم , ان رسـول اللة (ص ) قد غلبه الوجع وعندكم القرآن , حسبنا كتاب اللّه , فاختلف الـحـضور بالبيت واختصموا, فمنهم من يقول , قربوا يكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده , ومنهم من يقول غير ذلك , فلما اكثروا اللغو والاختلاف , قال رسول اللّه (ص ): قوموا.
مـع مـا تـقدم من البحث , ومع الالتفات الى ان الذين مانعوا من تدوين كلمة الرسول العظيم (ص ), هم انفسهم قد حظوا في اليوم التالي بالخلافة الانتخابية , وكان الانتخاب دون علم علي (ع ) واصحابه , فجعلوهم امام امر واقع , وهل هناك شك في ان النبي (ص ) كان يريد تعيين علي , ليجعله خليفة له من بعده .
ومـا كان الهدف من المعارضة الا جعل المحيط مضطربا يقضي بانصراف النبي (ص ) عن الامر, ولم يكن الغرض اتصاف النبي بالهذيان , وغلبة المرض عليه , وذلك لاسباب :.
اولا: فضلا عن ان النبي (ص ) طوال فترة مرضه , لم يسمع منه كلام لا يليق بمقامه , ولم ينقل احد هـذا الـمـعـنى , فانه لا يحق لمسلم وفقا للموازين الدينية ان ينسب الى النبي (ص ) الهذيان والكلام العبث , علما بانه (ص ) مصون ومعصوم من قبل اللّه تعالى .
ثـانـيـا: لو كان المراد من الكلام , المعنى الحقيقي له , فلا حاجة الى ذكر العبارة التي تلتها, ((كفانا كـتاب اللّه )) اذ لو كان المراد نسبة الهذيان الى النبي (ص ), لكفى ذكرمرضه , لا ان يؤيد القرآن , وينفي قول الرسول (ص ), وهذا الامر لا يخفى على رجل صحابي , من ان القرآن الكريم قد فرض عـلـى الامة الاسلامية اتباع النبي (ص ), وانه مفروض الطاعة , وكلامه عدل للقرآن والناس ليس لهم اي اجتهاد او اختيار امام حكم اللّه ورسوله .
ثالثا: ان ما حدث في مرض الرسول (ص ), قد حدث ايضا في مرض الخليفة الاول , عندما كان يوصي الى الخليفة الثاني من بعده , وعثمان حاضر يحرر ما يملي عليه الخليفة الاول , اذ اغمي على الخليفة , والخليفة الثاني لم يعترض عليه كما اعترض على النبي (ص ).
وفـضـلا عن هذا كله , فان الخليفة الثاني قد اعترف في حديث له لابن عباس قائلا انني ادركت ان الـنـبـي (ص ) يـريـد ان يوصي لعلي , الا ان مصلحة المسلمين كانت تستدعي ذلك , ويقول ايضا, ان الـخـلافـة كانت لعلي , فاذا ما كانت الخلافة صائرة اليه ,لفرض على الناس اتباع الحق , ولم ترضخ قريش لهذا الامر, فرايت من المصلحة الاينالها, ونحيته عنها.
عـلـما بان الموازين الدينية تصرح ان المتخلف عن الحق يجب ان يعود اليه , لا ان يترك الحق لصالح المتخلف .
ومـمـا تـتـنـاقله كتب التاريخ , ان الخليفة الاول امر بمحاربة القبائل المسلمة التي امتنعت من اعطا الزكاة , قال : ((واللّه لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه الى رسول اللّه (ص )لاقاتلنهم على منعه )).
والمراد من هذا القول , هو ان اقامة الحق واحياه واجب مهما بلغ الثمن , وبديهي ان موضوع الخلافة حق ايضا الا انه اغلى من العقال واثمن .
تاييد للاقوال السابقة
- الزيارات: 2258