التاريخ: 2009/09/27
نص الحديث
قال الامام الکاظم (عليه السلام): لو رأيت مسير الاجل، لالهاک عن الامل.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم من النصوص الحافلة ببلاغتها الفائقة بما تحمله من الدلالة، فيما يتعين علينا ان نمعن النظر فيها مادامت منعکسه علی حياتنا الاخروية ونحن لانزال نتجاهل حدوث ذلک.
الحديث يقول لو ان الانسان قدر له ان يمعن النظر في حدوث الموت (وهو قد يحدث في لحظة لا نتوقعها بحيث اذا صعد نفسنا قد يتوقف ولا ينزل، ويحدث الموت). نقول: لو قدر لنا ان نمعن النظر في هذه الظاهرة وهي حدوث الموت لتوقفنا عن جميع الامال التي نرسمها في حياتنا القصيرة. ولنضرب امثله علی ذلک.
طالب: يصرف سنوات طوال علی وثيقه تخرجه ويجعلها همه الوحيد.
تاجر: يصرف سنوات طوال للحصول علی ربح.
عاشق: يصرف سنوات طوال للظفر بمعشوقته.
سياسي: يصرف سنوات طوال ليظفر بموقع اجتماعي يزهو بواسطته علی رؤؤس الناس.
لاه: يصرف سنوات طوالاً في الحصول علی اشباع حاجاته المشروعة وغير المشروعة، يهدف الی الامتاع، الی اسعاد لحظات حياته.
شيخ: يصرف وقته في التفکير ببناء عماره، بالحصول علی وظيفة ادارية، بتجميع الاموال.
هذه النماذج وامثلتها هي: ما يتداعی ذهن الانسان اليها عندما يواجه حديث الامام الکاظم (عليه السلام) حيث يقرر بان الانسان اذا قدر له ان يفکر بنزول الموت فجاة، حينئذ فان الامال التي رسمها في ذهنه: کبناء عمارة، وحصول تجارة. هذه الامال ستتلاشی من قلبه، ومن ثم: سوف يلهو - ليس باشباع حاجاته الدنيوية - وانما بالکيفية التي سيؤؤل اليها بعد الموت في حياته البرزخية، ومن ثم في حياته الخالدة وهو لا يعلم ماذا سيکون مصيرة.
بلاغة الحديث
ان بلاغة الحديث المتقدم، ونعني بعباره اسير الاجل وعبارة (الهاه عن الامل) تتمثل في ان الموت له مسير يصل الی عمر الانسان، اي له رحلة يتوقف فيها عند محطة العمر لهذا الشخص اوذاک. واما عبارة (الهاه عن الامل) تتجسد بلاغتها في ظاهرة [الالهاء] اي الانشغال بالنظر الی رحلة الموت وکيفية نزوله ووصوله الی هذا الشخص اوذاک، وحينئذ ينطفئ الامل او الامال التي رسمها في ذهنه: کالحصول علی الاموال، علی المنصب، علی الشهوات الاخری، ويبقی مذهولاً ينتظر اجابه. نساله تعالی في الختام ان يجعلنا واعين، لاغافلين، وان يوفقنا الی ملافات مافاتنا من التقصير في ادراک وظيفتنا العبادية، وممارسة الطاعة انه سميع مجيب.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir