طباعة

نور وبلاغة الحلقة (٥٧) - قال الامام علي (ع): الحسد يأكل الايمان، كما تأكل النار الحطب.


التاريخ: 2009/10/18
نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): الحسد يأكل الايمان، كما تأكل النار الحطب.

دلالة الحديث
الحديث المتقدم يتناول أحد الامراض النفسية وهو (الحسد)، وهذه السمة تنتسب (من زاوية الامراض العصابية) الی (النزعة العدوانية) و(الذاتية) ايضاً، بمعنی أن الحاسد يحوم حول قضاياه الفردية، فذا لم تتحقق اشباعها تتولد لدية النزعة العدوانية وهي كراهة الغير ممن غمرته النعمة، المهم ان هذه النزعة طالما يحذرنا الاسلام منها بصفة انها تعترض حكم الله تعالی وقسمته للنعم بحسب ما تتطلبة الحكمة، ولذلك ورد ان الحاسد هو الصاد لما قسمه تعالی للناس، وهذا هو عين الكفر بطبيعة الحال ويعيننا الان أن نعرض للحديث الفني الذي رسمه الامام علي (عليه السلام) للحاسد حيث شبه الحسد بالنار التي تأكل الحطب، وهو تشبيه يتطلب منا ان نخصه بشيء من التحليل.
أن الايمان بالله تعالی يعني: الايمان بما رسمه تعالی من المبادئ والالتزام بها. فالكذب مثلاً أو الصدق مثلاً: ظاهرتان أمر تعالی بأن تجتنب اولاهما، ونلتزم بالاخری، والحسد ايضاً أمرنا بأن نجتنب منه واعتبره ما حقاً للايمان.


بلاغة الحديث
سر ذلك أن الحاسد يتمنی أن يزول من الشخص ما قرره تعالی له، بمعنی انه اعترض علی الله تعالی ولم يلتزم بأوامره ونواهيه، وعدم الالتزام يعني: عدم الايمان. اذن الحاسد غير مؤمن والنكتة البلاغية هي: التشبيه الذي يربط بين النار والحسد يحرق الايمان، والنتيجة هي: لا ايمان ممن هو حاسد.
اذن لنتلمس طرافة هذا التشبيه طرافة التشبيه المتقدم هي: ان النار مادة لا تبقي ولا تذر، انها تذهب بكل ما يحترق بها وفيها، والحطب هو أكثر المواد قابلية للاحتراق، من هنا، فان الايمان بالله تعالی سوف يصبح بمثابة حطب قابل للاشتعال في حالة ما اذا مسته النار، وهذا يعني: ضعف ايمان الحاسد او انعدامه قبالة قوة اذا ما انصعنا اليها لاسبيل الی التغلب عليها، من هنا فان مصارعة الحسد اذا دربنا ذواتنا علی استمراريته أو اذا دققنا النظر في مبادئ الله تعالی تيسر لنا الغلبة علی الشيطان ووسوسته دون ادنی شك.

*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir