• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

دعوة أصدقاء للبحث

كان التحول بداية السعادة الروحية إذ أحسست براحة الضمير وانشرح صدري للمذهب الحق الذي اكتشفته أو قل للاسلام الحقيقي الذي لا شك فيه ؛ وغمرتني فرحة كبيرة واعتزاز بما أنعم الله عليّ من هداية ورشاد .
ولم يسعني السكوت والتكتم على ما يختلج في صدري وقلت في نفسي : لا بد لي من إفشاء هذه الحقيقة على الناس ( وأما بنعمة ربك فحدث ) وهي من أكبر النعم أو هي النعمة الكبرى في الدنيا وفي الآخرة ، و « الساكت عن الحق شيطان أخرس » « وليس بعد الحق » إلا « الضلال » .
والذي زاد شعوري يقينا بوجوب نشر هذه الحقيقة هو براءة أهل السنة والجماعة الذين يحبون رسول الله وأهل بيته ويكفي أن يزول الغشاء الذي نسجه التاريخ حتى يتبعوا الحق وهذا ما وقع لي شخصيا .
قال تعالى : ( كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم )(1).
ودعوت أربعة أصدقاء من الاساتذة العاملين معي في المعهد كان إثنان منهم يدرسان التربية الدينية والثالث يدرس مادة العربية والرابع كان أستاذ الفلسفة الاسلامية . لم يكن أربعتهم من قفصة بل كانوا من تونس ومن جمال وسوسة ، دعوتهم إلى البحث معي في هذا الموضوع الخطير وأشعرتهم بأني قاصر عن إدراك بعض المعاني وقد اضطربت وتشككت في بعض الامور ، وقبلوا المجيء إلى بيتي بعد إنهاء العمل ، وتركتهم يقرأون كتاب المراجعات على أن مؤلفه يدعي أشياء عجيبة وغريبة في الدين ، وقد استهوى الكتاب ثلاثة منهم أما الرابع الذي يدرس اللغة العربية فقد قاطعنا بعد أربع جلسات أو خمس قائلا : « إن الغرب الآن يغزو القمر وأنتم ما زلتم تبحثون عن الخلافة الاسلامية » .
وما أن أتممنا الكتاب خلال شهر واحد حتى استبصر ثلاثتهم وقد أعنتهم كثيرا للوصول إلى الحقيقة من أقرب الطرق بما تكون عندي من سعة الاطلاع خلال سنوات البحث وذقت حلاوة الهداية واستبشرت بالمستقبل وأخذت أدعو في كل مرة بعض الاصدقاء من قفصة والذين كانت تربطني بهم حلقات الدرس في المسجد أو العلاقات المنجرة من الطرق الصوفية وبعض تلاميذي الذين كانوا يلازمونني وما مرت سنة واحدة حتى أصبحنا بحمد الله عددا كبيرا نوالي أهل البيت ، نوالي من والاهم ونعادي من عاداهم ، نفرح في أعيادهم ونحزن في عاشورا ونعقد مجالس تعزية .
وكانت أولى رسائلي التي تحمل خبر استبصاري إلى السيد الخوئي والسيد محمد باقر الصدر بمناسبة عيد الغدير إذ احتفلنا به أول مرة في قفصة ، وقد اشتهر أمري لدى الخاص والعام بأني تشيعت وأني أدعو إلى التشيع لآل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وبدأت الاتهامات والاشاعات تروج في البلاد ، على أنني جاسوس لاسرائيل أعمل على تشكيك الناس في دينهم وبأنني أسب الصحابة وبأنني صاحب فتنة إلى غير ذلك .
وفي تونس العاصمة اتصلت بالصديقين راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو وكانت معارضتهما لي عنيفة جدا وفي حديث دار بيننا في بيت عبد الفتاح ، قلت يجب علينا كمسلمين مراجعة كتبنا ومراجعة تاريخنا وضربت لذلك مثلا صحيح البخاري الذي فيه أشياء لا يقبلها عقل ولا دين .
وثارت ثائرتهما قائلين لي : من أنت حتى تنتقد البخاري ؟ وبذلت كل جهدي من أجل إقناعهما بالدخول في البحث العلمي الموضوعي فرفضا ذلك .
ازدادت على أثره حملة الاشاعات ضدنا من قبل البعض وبثوا في أوساطهم إشاعات غريبة بغية إبعاد الناس عني وإحاطتي بطوق من العزلة - سامحهم الله تعالى ـ .
وبدأت العزلة من بعض الشبان ومن الشيوخ الذين يتبعون الطرق الصوفية وعشنا فترات قاسية غرباء في ديارنا وبين إخواننا وعشيرتنا ولكن الله سبحانه أبدلنا خيرا منهم فكان بعض الشبان يأتون من مدن أخرى يسألون عن الحقيقة فكنت أبذل قصارى ما في وسعي لاقناعهم بحقيقة منهج أهل البيت ( ع ) وبالواقع التاريخي فاستبصر عدد من الشبان في العاصمة وفي القيروان وفي سوسة وسيدي بوزيد وكنت خلال رحلتي الصيفية إلى العراق مررت بأوروبا حيث التقيت بعض الاصدقاء في فرنسا وفي هولندا وتحدثت معهم في الموضوع فاستبصروا والحمد لله .
وكم كانت فرحتي عظيمة عندما قابلت السيد محمد باقر الصدر في النجف الاشرف وكان في بيته نخبة من العلماء وأخذ السيد يقدمني إليهم بأني بذرة التشيع لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله في تونس كما أعلمهم بأنه بكى تأثرا عندما وصلته رسالتي مهنئة تحمل إليه بشرى احتفالنا أول مرة بعيد الغدير السعيد وشكوت إليه ما نلاقيه من مقاومة ومن بث الاشاعات ضدنا والعزلة التي نواجهها .
وقال السيد في معرض كلامه : « لابد » من تحمل المشاق لان طريق أهل البيت صعب ووعر ، وقد جاء رجل إلى النبي (ص) فقال له : إني أحبك يا رسول الله ! فقال له : أبشر بكثرة الابتلاء ، فقال : وأحب ابن عمك عليا ! فقال : أبشر بكثرة الاعداء . فقال : وأحب الحسن والحسين ! فقال له : فاستعد للفقر وكثرة البلاء . وماذا قدمنا نحن في سبيل دعوة الحق التي دفع ثمنها أبو عبدالله الحسين ( ع ) بنفسه وأهله وذريته وأصحابه ، كما دفع ثمنها الشيعة على مر التاريخ وما زالوا حتى اليوم يدفعون ثمن ولائهم لاهل البيت ، فلابد يا أخي من تحمل بعض الاتعاب والتضحية في سبيل الحق فلئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها .
كما نصحني السيد الصدر بعدم الانزواء وأمرني بأن أتقرب أكثر من إخواني أهل السنة كلما حاولوا الابتعاد عني ، وأمرني أن أصلي خلفهم حتى لا تكون القطيعة ، وأن أعتبرهم أبرياء فهم ضحايا الاعلام والتاريخ المزيف ، والناس أعداء ما جهلوا .
وقد نصحني السيد الخوئي بالشيء نفسه تقريبا ، كما كان السيد محمد علي الطباطبائي الحكيم يبعث لنا دائما بنصائحه في رسائل متعددة كان لها أثر كبير في سيرة الاخوة المستبصرين على الهدى .
هذا وقد تعددت زياراتي للنجف الاشرف ولعلماء النجف في مناسبات كثيرة ، ثم آليت على نفسي أن أقضى العطلة الصيفية من كل عام في رحاب الامام علي أحضر دروس السيد محمد باقر الصدر التي استفدت منها كثيرا ونفعتني أيما نفع كما آليت على نفسي أن أزور مقامات الائمة الاثني عشر وقد حقق الله أمنيتي بأن وفقني حتى لزيارة الامام الرضا الذي يوجد مرقده في مشهد وهي مدينة قرب الحدود الروسية في إيران وهناك تعرفت على أبرز العلماء واستفدت منهم كثيرا .
كما أعطاني السيد الخوئي الذي كنا نقلده وكالة للتصرف في الخمس والزكاة وإفادة المجموعة المستبصرة عندنا بما تحتاجه من كتب وإعانات وغير ذلك ، وقد كونت مكتبة مفيدة بها أهم المصادر التي تخص البحث وتجمع كتب الفريقين وتحمل إسم مكتبة أهل البيت ( عليهم السلام ) وقد أفادت الكثيرين والحمد لله .
وزاد الله فرحتنا فرحتين وسعادتنا سعادتين فقبل حوالي خمسة عشر عاما سخر لنا الله الكاتب العام لبلدية قفصة فوافق على تسمية الشارع الذي أسكن فيه باسم شارع الامام علي بن أبي طالب ( ع ) ، فلا يفوتني هنا أن أشكر له هذه اللفتة المشرفة ، فهو من المسلمين العاملين وله ميل كبير ومحبة فائقة لشخص الامام علي ( ع ) وقد أهديته كتاب المراجعات ، وهو يبادل مجموعتنا حبا وتقديرا واحتراما فجزاه الله خيرا وأعطاه ما يتمنى .
وقد عمل بعض الحاقدين على إزالة اللوحة وأعيتهم الحيل وشاء الله تثبيتها وأصبحت الرسائل ترد علينا من كل أنحاء العالم وعليها اسم شارع الامام علي بن أبي طالب ( ع ) ؛ الذي بارك اسمه الشريف مدينتنا الطيبة العريقة .
وعملا بنصائح الائمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) وكذلك بنصائح علماء النجف الاشرف عمدنا إلى التقرب من إخوتنا من المذاهب الاخرى ولازمنا الجماعة فكنا نصلي معا ، وخفت بذلك حدة التوتر وتمكنا من إقناع بعض الشبان من خلال تساؤلاتهم عن كيفية صلاتنا ووضوئنا وعقائدنا .
____________
( 1 ) سورة النساء : آية 94 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page