يظهر ممّا سردناه من الروايات وما سيوافيك انّ العرب لم تكن تعرف العمرة في أشهر الحجّ وإنّما تأتي بها في غيرها، ولذلك تعاظم عليهم إدخال العمرة في الحجّ، ولأجل إيقاف القارئ على تلك الحقيقة عن كثب، نذكر بعض ما ورد:
1. أخرج البخاري عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: كانوا يرون أنّ العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور، ويجعلون محرم صفراً ويقولون: إذا برأ الدَّبرَ، وعفا الأثر، وانسلخ صفر حلّت العمرة لمن اعتمر. قدم النبي وأصحابه صبيحة رابعة مهلّين بالحجّ، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول اللّه أي الحل؟ قال: الحلّ كلّه.( [31])
والحديث يدلّ بوضوح على أنّ إفراز العمرة عن الحجّ كان سنّة جاهلية سادت على الحج لأسباب غير معلومة وكانوا يصرون على أنّ العمرة بعد انقضاء صفر وفي الحقيقة بعد انقضاء محرّم، ولكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قام بوجه هذه البدعة مدة إقامته في المدينة، فقد اعتمر ثلاث عُمَر في ذي القعدة الحرام كما أتى بعمرة رابعة في حجّه في شهر ذي الحجّة في حجة الوداع، وإليك العُمر التي أحرم لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة حياته:
الأُولى: عمرة الحديبية، وهي أوّلهنّ سنة ست، فصدّه المشركون عن البيت، فنحر البُدْن وحلق هو وأصحابه رؤوسهم وحلُّوا من إحرامهم ورجعوا إلى المدينة.
الثانية: عمرة القضاء في العام المقبل في نفس ذلك الشهر. الثالثة: عمرته من الجعرّانة لما خرج إلى حنين ثمّ رجع إلى مكة فاعتمر من الجعرانة داخلاً إليها.
الرابعة: عمرته التي قرنها مع حجته.
_________________
[31] . صحيح البخاري:2/142 ، باب التمتع والاقران والافراد بالحجّ.
سيرة العرب قبل الإسلام في الحجّ
- الزيارات: 1829