ربما يقال: انّ المنهي، هو فسخ الحجّ إلى العمرة التي يأتي بعدها فمن أحرم للحجّ، فله أن يأتي بأعماله ثمّ ينشئ إحراماً آخر للعمرة، فليس له أن يعدل عن حجّ القران إلى حجّ التمتع، وهذا هو الذي ينقله بدر الدين العيني الحنفي عن بعضهم، وإليك نصّه : قال عياض وغيره جازمين بأنّ المتعة التي نهى عنها عمر و عثمان هي فسخ الحجّ إلى العمرة، لا العمرة التي يحجّ بعدها.
ولمّا كان التأويل بمكان من الوهن ـ حيث تدفعه النصوص السابقة عن جابر و ابن عباس وعمران بن حصين و سعد بن أبي وقاص، كما تدفعه نصوص العلماء على أنّ المنهي عنه هو الجمع بين العمرة والحجّ ـ ردّ عليه بدر الدين الحنفي و قال: قلت يرد عليهم ما جاء في رواية مسلم في بعض طرقه التصريح بكونه متعة الحجّ، وفي رواية له انّ رسول اللّه أعمر بعض أهله في العشر، وفي رواية :جمع بين حج وعمرة، و مراده التمتع المذكور و هو الجمع بينهما في عام واحد.( [72])
قلت: ويخالف هذا التأويل، كلمات المحرِّم:
الف: أنّي أخشى أن يعرّسوا بهن في الأراك ثمّ يروحوا بهنّ حجاجاً. ب: انّي لو رخصت في المتعة لهم لعرسوا بهن في الأراك ثمّ راحوا بهنّ حجاجاً.
ج. كرهت أن يكونوا معرسين بهنّ في الأراك ثمّ يروحون في الحج تقطر رؤوسهم.
د: انّ أهل البيت ليس لهم ضرع ولا زرع وإنّما ربيعهم في من يطرأ عليهم.
فانّ هذه الكلمات صريحة في أنّ النهي عن الجمع بين العمرة والحج، بل ليس للوافد إلاّ الحجّ، ثمّ الإتيان بالعمرة في العام المقبل، لاستكراهه التعرس بالنساء بين العملين أو ليفيض الزائر في عامة الشهور إلى مكة المكرمة.
_________________
[72] . عمدة القاري في شرح صحيح البخاري:4/ 568.
فسخ الحجّ إلى العمرة
- الزيارات: 2014