• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أقوال الفرق الإسلامية

لقد استدل فقهاء المذاهب الإسلامية على كون الحج مبنيّاً على الفور أو التراخي ـ كلّ حسب طرقه الخاصة واجتهاده ـ من الأدلة الخارجية كالروايات ، لا من فعل الأمر ذاته . وهذا ما نراه في قراءتنا لأقوالهم الآتية .
ـ الشافعية
فقد ذهبوا إلى جواز تأخير الحج وأنه مبني على التراخي ، قال الشافعي : يجب الحج وجوباً على التراخي ، وليس على الفور ، وبهذا نفسه قال كلّ من الأوزاعي ، والثوري ، ومحمد بن الحسن والشيباني ، واحتجوا بما يلي
ـأن آية الحج { وأتموا الحجّ والعمرة . .} نزلت سنة ست بعد الهجرة ، وأنّ النبي(صلى الله عليه وآله) تمكن من الحج سنة ثمان وسنة تسع للهجرة ، حيثُ حجّ النبي(صلى الله عليه وآله) بأزواجه وحجّ معه أصحابه . فدلّ هذا على جواز تأخير الحج .
إذن فقد تمسك القائلون بالتراخي وعدم فورية فريضة الحج بأن آية الحج : { ولله على الناس حجّ البيت . . .} نزلت في السنة السادسة للهجرة ، ولم يبادر الرسول(صلى الله عليه وآله) إلى أداء هذه الفريضة ، وإنّما أخّرها إلى السنة العاشرة لا الثامنة أو التاسعة ، فأدّاها مع زوجته وجمع عظيم من أصحابه في حجّة الوداع ، التي التحق بعدها رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالرفيق الأعلى . ثم الآية مطلقة عن تعيين الوقت ، والفور تقييد للنص ولا دليل عليه . . .
أقول : وقد اُجيب عن ذلك بأجوبة متعددة
1) أنه قد حجّ سابقاً وبالتالي فهذه ليست حجة واجبة عليه حتى يبادر إليها ، وإنما هي مستحبة .
2) أنه لم يستقر عليه الحج لعدم استطاعته .
3) أنه قد هادن قريشاً (أهل مكة) بأنه لا يأتي إليهم . ولما نزلت آية الحج سار حتى وصل الحديبية ، فصدّوه ، وحينئذ حلق وأحلّ . وقد ردّ هذا بأنه كان قبل عام الفتح ، ولا يتم بعده ، فإنه(صلى الله عليه وآله) قد فتح مكة في شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة . ولم يحج(صلى الله عليه وآله)في هذه السنة ولا حتى في السنة التالية لها وهي التاسعة ، التي حجّ فيها الإمام علي(عليه السلام) مع جمع من المسلمين وأدى عن الرسول(صلى الله عليه وآله) آيات أول سورة براءة .
4) أن تأخيره لعلّه كان لأجل دورات النسيء وهو تأخير حرمة الشهور الحرم (ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب) أو شهر منها إلى شهر آخر أو شهور أخرى وهو ما كانت الجاهلية تفعله قال تعالى : { إنّما النسيءُ زيادة في الكفر يُضلّ به الذين كفروا يُحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطِئوا عدّة ما حرم اللهُ فيحلوا ما حرّم الله . . .}(1) .
لهذا فإن مسألة عدم حج النبي لا تخلو من تأمل .
ثم إنّ آيتي الحج { ولله على الناس حج البيت . .} و{ وأتموا الحج والعمرة } لا يقتضيان أن يكون امتثال الحج الواجب على الفور أو في زمن معين ، وإنما يقتضيان إيجاب الشيء وإيجاده فقط ، فلفظة افعل تقتضي هذين الأمرين دون التراخي أو الفور .
ـ أن المكلف إذا أخره من سنة استطاعته إلى السنة التالية أو أكثر ، ثم قام بالحج ، فإنه يعدُّ مؤدياً للحج ، وليس قاضياً له ، وعلى هذا إجماع الفقهاء . ولو أن التأخير كان حراماً ، أو فات وقته; لكان حجّه قضاءً لا أداءً .
وقاسوا ذلك على من صلى صلاة الظهر بعد فوات وقتها ، فإن صلاته تكون قضاءً لها وليس أداءً كما في وقتها ، لفوات وقتها أو لأن تأخيرها عن وقتها حرام .
ـ أما الرواية (من أراد الحج فليتعجّل) فإنها مع ضعفها ، فإن الأمر بالتعجيل إذا أراد المكلف ذلك ، فعلّق التعجيل على إرادته ، وما دام هذا الأمر معلقاً فهو خارج عن كونه على الفور; لأن الفورية أو التراخي يختصّان بالفعل المطلق كما ذكرنا ذلك .
ثم لو كان على الفور لما أخره(صلى الله عليه وآله)بعد وجوبه .
وإذاماأردناعدم ترك هذاالحديث فليس لنا إلاّ أن نقول: إنه أمريرادبه الندب...
ومع قولهم بالتراخي فإنهم يقولون : إن المستحب لمن وجب عليه الحج أن يُسارع في فعله ، ودليلهم في هذا
1 ـ قوله تعالى : { واستبقوا الخيرات} .
2 ـ لأنه إذا أخره عرّضه للفوات بحوادث الزمان ، فكان الحزم والاحتياط المبادرة إلى فعله متى توافرت شرائط وجوبه وأدائه(2) وبه قال الأوزاعي والثوري والقاضي أبو علي .
ومع أن وجوب الحج عند الشافعية على التراخي ، إلاّ أنهم قالوا أيضاً : إنّ من وجب عليه الحج ، وتمكن من أدائه فمات بعد ذلك ولم يحج ، فإنه يموت عاصياً على القول الأصح في مذهبهم; لأنه إنما جاز له تأخير الأداء وأنه لا يأثم بشرط سلامة العاقبة ، وبشرط العزم على أداء الفريضة في المستقبل ، وإمكان قيامه بالحج قبل وفاته ، فلو خشي العجز أو خشي هلاك ماله حرم التأخير ، فإن لم يفعل كان مفرطاً ، فيكون عاصياً . أما التعجيل بالحج لمن وجب عليه فهو سنة عند الشافعي ما لم يمت ، فإذا مات تبين أنه كان عاصياً من آخر سنوات الاستطاعة(3) .
ـ الحنفية والحنابلة والمالكية وبعض الظاهرية
وقد قالوا إن الحج مبنيٌّ على الفور واحتجوا بما يلي
1 ـ قوله تعالى : { ولله على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا} فهذا أمر بالحج ، والأمر يقتضي الوجوب على الفور .
2 ـ ثم إن الاحتجاج بأن النبي(صلى الله عليه وآله)لم يحج بعد نزول آية الحج إلاّ بعد سنة أو سنتين . والجواب : لأن مكة كانت دار شرك ، فكان ممنوعاً عنها .
3 ـ . . عن ابن عباس قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «مَن أراد الحجّ فليتعجّل».
وفي هذا الحديث دليل على أن الحج واجب على الفورية .
4 ـ روى البيهقي عن أمامة عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)قال : «مَن لم يحبسه مرضٌ ، أوحاجةٌ ظاهرة ، أو سلطان جائر ، ولم يحج، فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً».
5 ـ روى ابن ماجة في «سننه» عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنه قال : «مَن أراد الحج فليتعجّل . .» .
6 ـ ذكر الترمذي حديثاً عن علي بن أبي طالب : من ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج ، فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً .
وإن ضعف الترمذي هذا الحديث لوجود هلال بن عبد الله وهو مجهول عنده ، إلاّ أن الجمهور استدلوا به على الوجوب الفوري للحج .
7 ـ ولأن المكلف لو مات ، ولم يكن قد حجّ ، لم يخل من أحد أمرين
ـ إما أن يكون آثماً .
ـ وإما أن لا يكون آثماً .
فإن قلنا بالثاني ، فقد أسقطنا بقولنا هذا وجوب الحجّ ، حيث إن الإثم يتأتى عند ترك الواجب ، والذي لا يترتب عليه الإثم هو ترك المندوب ، فالحجّ إذن مندوب وليس بواجب .
وإن قلنا: إن المكلف يأثم ، فقد سلمنا بأن الحج واجب على الفور . فمن تحقق الحجّ عليه في عام فأخره يكون آثماً وإذا أداه بعد ذلك كان أداءً لاقضاء وارتفع الإثم.
كما أن هناك بعض الحنفية قالوا
إنّ الأمر بالحج يحتمل الفور ويحتمل التراخي . وعندهم أن الحمل على الفور أحوط; لأن هذا يدفعه إلى المسارعة في أداء واجب الحج ، فإن كان على الفور فقد عمل بالواجب، وإن كان على التراخي، فلايضرّه تعجله في أدائه(4) . فالاحتياط في أداء الفرائض واجب، فلو أخّر الحج عن السنة الأولى، فقد يمتدّ به العمر، وقد يموت فيفوت الفرض ، وتفويت الفرض حرام فلهذا يجب على الفور من باب الاحتياط .
________________
(1) التوبة : 37 .
(2) المجموع 7 : 82 ، شرح المهذب 7 : 85 .
(3) انظر الأمّ 2 : 117 ـ 118 ، المجموع 7 : 90 .
(4) المغني 3 : 241 ـ 242 ، البدائع 2 : 119 ، شرح سنن أبي داود 5 : 157 ، وانظر أيضاً الموسوعة الفقهية لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية 17 : 24 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page