• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

اشتراط المندوحة في التقية وعدمها

المندوحة لغةً : من ندح يندح ندحاً الشيء : وسّعه ، والمندوحة : السعة والفسحة ، يقال : لك عن هذا الأمر مندوحةٌ أو منتدحٌ ، أي يمكنك تركه والميل عنه . . .(1) .
والمندوحة اصطلاحاً : هو تمكّن المكلّف من الإتيان بالواجب التام الشرائط والأجزاء ، وذلك بأن يأتي به في وقت آخر أو مكان آخر . . .(2) .
وبعبارة أخرى : المندوحة : تعني إمكان تخلّص المكلّف من الحالة التي هو فيها ، بأي طريقة يراها مناسبة كالتورية ، أو الانتقال إلى مكان آخر ، أو تأجيل العمل . . .
وعدم المندوحة : أي لا يمكنه التخلّص ممّا هو فيه .
وللفقهاء أقوال ثلاثة في هذا ، خلاصتها
قول : يشترط عدم المندوحة;
لأنّ تحقق الضرر أُخذ موضوعاً للتقية ، فإذا كان بمقدور المكلّف التخلّص من هذا الضرر ، فينتفي الضرر مع وجود هذه القدرة عند المكلف ، وبالتالي فلايجوز العمل بالتقية; لانتفاء موضوعها .
وعلى هذا فيشترط أصحاب هذا القول للعمل بالتقية : عدم وجود مثل هذه القدرة للتخلّص عند المكلّف أي عدم المندوحة .
ومنهم الشيخ الأنصاري حيث قال : وهل يشترط في الصلاة معهم عدم المندوحة أم لا؟
قولان ، والأول أقوى(3) .
ثمّ يقول في رسالته : ويؤيده العمومات الدالة على أنّ التقية في كلّ شيء يضطر إليه ابن آدم ، فإنّ ظاهرها حصر التقية في حال الاضطرار ، ولا يصدق الاضطرار مع التمكن من تبديل موضوع التقية بالذهاب إلى موضع الأمن مع التمكن وعدم الحرج .
نعم ، لو لزم من التزام ذلك حرج أو ضيق ، من تفقد المخالفين وظهور حاله في مخالفتهم سرّاً ، فهذا أيضاً داخل في الاضطرار .
ويخلص أخيراً إلى القول : وبالجملة فمراعاة عدم المندوحة في الجزء من الزمان ، الذي يوقع فيه الفعل أقوى مع أنّه أحوط(4) .
وقال السيّد الخوئي : يعتبر عدم المندوحة في مكان التقيّة على الأقوى ، فلو أمكنه ترك التقيّة وإراءة المخالف عدم المخالفة ، لم تشرع التقيّة(5) .
قول : لا يشترط عدم المندوحة;
أي لا يشترط إمكان التخلّص ، فبإمكان المكلف العمل بالتقية حتى مع وجود المندوحة ، وليس بناء هذا الفريق ـ كما يبدو ـ هو عدم أخذ الضرر موضوعاً للتقية ، بل التوسع في أمر التقية المذكور في الأخبار ، فهي لم تشترط عدم المندوحة .
فقد ذهب كلّ من الشهيد الأول في البيان ، والشهيد الثاني في روض الجنان والمحقق الكركي في جامع المقاصد إلى عدم اشتراط عدم المندوحة في العمل بالتقية.
حيث قال الأوّل منهم
ولو عدل إلى المسح في موضع التقيّة ، فالأقرب البطلان ، ولا تبطل الوضوء بزوالها على الأصحّ ، ولا يشرط فيها عدم المندوحة(6) .
فيما قال الثاني
ولا يبطل الوضوء بزوال التقيّة والضرورة ، ما لم يحدث على الأصحّ; لأنّها طهارة شرعيّة ولم يثبت كون ذلك ناقضاً ، ويحتمله لزوال المشروط بزوال شرطه ، وقربه المصنّف في التذكرة ، وتوقّف في غيرها ، ولا يشترط في جواز ذلك ونحوه للتقيّة عدم المندوحة ، وهو يؤيّد بقاء الطهارة مع زوال سبب التقيّة(7) .
وقال في موضع آخر
فلا يصحّ السجود على الصوف والشعر والجلد وغيرها مع الاختيار ، أما مع الضرورة فيجوز ومنها التقيّة ، ولا يشترط عدم المندوحة خصوصاً مع إفادة تأكيد السلامة والاستناد بالسجود عليها(8) .
وأما الثالث فقد قال في مقاصده : . . . ولا يشترط في الصحة عدم المندوحة لإطلاق النصّ(9) .
القول الثالث: التفصيل
حيث بني هذا القول على متعلّق التقية ، وكونه مأذوناً فيه من قبل الشرع ، وغير مأذونٍ فيه .
قال جمع منهم المحقّق الكركي بالتفصيل بين ما إذا كان مورد التقيّة ، مأذوناً بالخصوص كالصلاة معهم ، فقال : بعدم الاعتبار ، وبين مالم يأذن الشارع فيه بالخصوص فقال : بالاعتبار .
وإليك كلامه : فاعلم أن التقيّة قد تكون في العبادات ، وقد تكون في غيرها من المعاملات ، وربما كان متعلّقها مأذوناً فيه بخصوصه ، كغسل الرجلين في الوضوء ، والتكتف في الصلاة . وقد لا يكون مأذوناً فيه بخصوصه; بل جواز التقيّة فيه مستفاد من العمومات السالفة ونحوها .
فما ورد فيه نصّ بخصوصه ، إذا فعل على الوجه المأذون فيه ، كان صحيحاً مجزياً سواء كان للمكلّف مندوحة عن فعله كذلك ، أم لم يكن; التفاتاً إلى أنّ الشارع أقام ذلك الفعل مقام المأمور به حين التقيّة ، فكان الإتيان به امتثالاً فيقتضي الإجزاء .
وعلى هذا ، فلا تجب الإعادة ، ولو تمكّن منها على غير وجه التقيّة قبل خروج الوقت ، ولا أعلم في ذلك خلافاً بين الأصحاب .
وما لم يرد فيه نصّ بخصوصه كفعل الصلاة إلى غير القبلة ، والوضوء بالنبيذ ، ومع الإخلال بالموالاة بحيث يجفّ البلل ، كما يراه بعض العامّة ، . . . فإنّ المكلّف يجب عليه إذا اقتضت الضرورة موافقة أهل الخلاف فيه إظهار الموافقة لهم .
ومع التعذر : فإن كان له مندوحة عن ذلك الفعل لم يجب الإتيان به ، وإلاّ أتى به مجزياً ، ثمّ إن أمكن الإعادة في الوقت بعد الإتيان به لوفق التقيّة وجب ، ولو خرج الوقت نظر في دليل يدل على وجوب القضاء ، فإن حصل الظفر به أوجبناه ، وإلاّ فلا; لأنّ القضاء إنّما يجب بأمر جديد . هذا في العبادات .
وأمّا في المعاملات فلا يحلّ له باطناً وطي المنكوحة للتقيّة على خلاف مذهب أهل الحقّ ، ولا التصرّف في المال المأخوذ من المضمون عنه ، لو اقتضت التقيّة أخذه ، ولا تزوّج الخامسة لو طلّق الرابعة على مقتضى مذهب أهل الخلاف ، دون المذهب الحق ، وفي الباب وجود نصّ بخصوصه في فعل مخصوص ، فحيث وجد ثبت الحكم الأول ، وحيث انتفى انتفى(10) .
بيان أخيـر
يبدو أنّ الظاهر المستفاد من إطلاق الروايات الدالّة على الأمر بمخالطة العامّة ، ومعاشرتهم ، وعيادة مرضاهم ، وتشييع جنائزهم59 ، هو صحّة ما أوجبته التقيّة مطلقاً; لأنّ المفهوم من تلك الأحاديث أنّ المراد هو تأليف القلوب واجتماعها; لدفع الضرر والطعن على المذهب وأهله كما في قول الصادق (عليه السلام)
«إن استطعتم أن تكونوا الأئمّة والمؤذّنين فافعلوا; فإنّكم إذا فعلتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفريّة رحم الله جعفراً ، ما كان أحسن ما يؤدّب أصحابه ، وإذا تركتم ذلك قالوا : فعل الله بجعفر ، ما كان أسوأ ما يؤدّب أصحابه» .
_________________
(1) اُنظر المنجد في اللغة : 798 ، والصحاح للجوهري : 552 و . . .
(2) أصول الفقه للمظفر 2 :320 .
(3) كتاب الصلاة 2 :375 .
(4) رسالة في التقية : 53 ـ 54 .
(5) منهاج الصالحين 1 : 29 .
(6) البيان : 10 .
(7) المصدر نفسه .
(8) روض الجنان : 222 .
(9) جامع المقاصد : 1/222 .
(10) رسائل الكركي المحقّق الكركي 2 : 51 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page