فصل مما جاء نظماَ في الإخوان (1)
روي أن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام كان يتمثل كثيراً بهذين البيتين:
أخوك الذي لوجئت بالسيف عامداً * لتضربه لم يستَغِشَّك في الود
ولوجئتَهُ تدعوه للموت لم يكن * يردك إبقاءاً عليك من الرد(2)
وقال سالم (3) بن وابصة:
احب الفتى ينفي الفواحشَ سمعه * كأن به من كل فاحشة وقرا
سليم دواعي الصدرلاباسطاً أذى * ولا مانعاً خيراً ولا قائلاً هجرا
إذا ما أتت من صاحب لك زلة * فكن أنت محتالاً لزلته عذرا
غنى النفس ما يكفيك من سدّ خِلة * فإن زاد شيئاًعاد ذاك الغنى فقرا
لغيره:
إذاجمع الفتى حسبا ودينا * فلا تعدل به أبدا قرينا
ولاتسمح بحظك منه بل كن * بحظك من (4)مودته ضنينا(5)
وقال آخر:
وكنت إذا الصديق أرادغيظي * وأشرقني على حنق بريقي
غفرت ذنوبه وصفحت عنه * مخافة أن أعيش بلاصديق
لآخر:
ومن لم يغمض عينه عن صديقه * وعن بعض مافيه يعيش وهو عاتب
ومن يتتبع جاهداً كل عثرة * يجدها ولم يسلم له الدهر صاحب
وقال إياس بن القائف:
يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم * ترمي النوى بالمقترين المراميا
فاكرم أخاك الدهرمادمتما معاً * كفى بالممات فرقة وتنائيا
إذا زرت ارضاً بعد طول اجتنابها * فقدر صديقي والبلاد كما هيا
وقال حاتم بن عبدالله:
وما انا بالساعي بفضل زمامها * لتشرب ما في الحوض قبل الركائب
وما أنا بالطاوي حقيبة(6)رحلها * لابعثها خفاً وأترك صاحبي
لبعضهم:
بدا حين اثرى باخوانه * فقلل عنهم شناة(7) العدم
و ذكره الحزم غب الاُمور * فبادر قبل انتقال النعم
لغيره:
ألا إن عبدالله لما حوى(8) الغنى * وصار له من بين إخوانه مال
رأى خلة منهم تسد بماله * فساواهم حتى استوت بهم الحال
لموسى بن يقطين:
تتبع اخوانه في البلاد * فأغنى المقل عن المكثر
ولسلمان بن فلاح:
لي صديق مامسني عدم * مذ وقعت عينه على عدمي
قام بعذري لما قعدت به * ونمت عن حاجتي ولم ينم
أغنى وأقنى ولم يسم كرماً * تقبيل كف له ولاقدم
لبشار بن برد(9):
أذا كنت في كل ألاُمورمعاتبا * صديقك لم تلق الذي لاتعاتبه
فعش واحداً أوصل أخاك فإنه * مقارف ذنب مرة ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى * ضمئت، وأي الناس تصفومشاربه!
لزياد الأعجم:
أخ لك لاتراه الدهرَإلاّ * على العلات بسّاماً جوادا
أخ لك ليس خلته بمذق (10) إذا ما عاد فقر أخيه عادا
شّاعر:
أذا كان ذواقاً أخوك من الهوى * موجّهة في كل فج ركائبه
فخلّ له وجه الطريق ولاتكن * مطية رحّال كثير مذاهبه
تخاف المنايا أن ترحل صاحبي * كأن المنايا في المقام تناسبه
ولبشار أيضا:
خير إخوانك المشارك في المر * وأين الشريك في المرّأينا
الذي إن شهدت سرك في الناس * وإن غبت كان اُذناً وعينا
مثل سر العقيان إن مسه النار * جلاه البلاء فازداد زينا
وأنشدت لابن معمعة(11):
أيها العالم الذي * ملأ الأرض علمه
قلت لما جرحت * قلبي بحال تغمه
لا يضرّ الجواد أن * تتوطاه اُمه
ولعمري لَضَمّ * كان أحلى وشمه
لاَتَهَجَّم على الصديق * بشيء يغمه
فإذا أحوج الشجاع * بدا منه سمّه
قال: وأنشدت لغيره:
لاتوردن على الصديق * من الدعابة مايغمّه
واحذر بوادر طيشه يوماً * إذا ماطال حلمه
فالعجل تنطحه على * إدمان مص الضرع اُمّه
____________
1 - كنزالفوائد: 34 وفيه تمام الفصل.
2 ـ في المصدر: الود.
3 ـ في المصدر: مسلم.
4 - في الأصل: في، وما أثبتناه من المصدر.
5 - الضنين: البخيل «الصحاح - ضنن - 6: 2156».
6 - الحقيبة: من أجزاء الرحل وتكون من خلف «لسان العرب -حقب - 325:1».
7 - الشناءة: مثل الشناعة: البغض، وقد خففت الهمزة هنا لإقتضاء الوزن اُنظر«الصحاح - شنأ - 1 : 57 » .
8 ـ في الأصل: جرا، وما أثبتناه من المصدر.
9 - في المصدر زيادة: ويكنى أبا معاذ ويلقب بالمرعث الأعمى.
10 ـ المذق: الود غير الخالص « الصحاح ـ مذق ـ 4 : 1553».
11 ـ في المصدر زيادة الخطيب مما قاله في مجلس ابن خالويه.
فصل مما جاء نظماَ في الإخوان
- الزيارات: 4606