فصل آخر في ذكر الاخوة والإخوان (1)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «إذا آخى أحدكم رجلاً فليسأله عن اسمه واسم أبيه وقبيلته ومنزله، فإنه من واجب الحق، وصافي الإخاء، وإلا فهي المودة الحمقاء».
وروي أن داود قال لابنه سليمان عليهما السلام: يا بني، لاتستبدلن بأخ قديم أخاً مستفاداً ما استقام لك، ولا تستقلن أن يكون لك عدو واحد، ولا تستكثرن أن يكون لك ألف صديق.
وأنشد لأمير المؤمنين عليه السلام:
وليس كثيرألف خل وصاحب * وإن عدواً واحداً لكثير
وروي أن سليمان عليه السلام قال: لاتحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا إلى من يخادن، فإنما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه، وينسب الى أصحابه وأخدانه.
وروي أنه كانت بين الحسن والحسين صلوات الله عليهما وحشة، فقيل للحسين عليه السلام: لم لاتدخل على أخيك وهو أسن منك ؟ قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: أيّما اثنان جرى بينهما كلام فطلب أحدهما رضا صاحبه، كان سابقاً له إلى الجنة، وأكره أن أسبق أبا محمد إلى الجنة« فبلغ ذلك الحسن عليه السلام فقام يجر رداءه حتى دخل على الحسين صلوات الله عليهما فترضاه.
فصل مما ورد في ذكر الظلم (2)
روى عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنه قال: «[قال](3) رسول الله صلى الله عليه واله: أوحى الله إلى نبي من أنبيائه: يا ابن آدم اذكرني عند غضبك أذكرك عند غضبي فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك، فإن انتصاري لك خيرمن انتصارك لنفسك واعلم أن الخلق الحسن يذيب السيئة كما تذيب الشمس الجليد، وان الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ».
وروي عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال: «من ولي شيئاً من اُمور اُمتي فحسنت سريرته لهم، رزقه الله تعالى الهيبة في قلوبهم، ومن بسط كفه إليهم بالمعروف رزق المحبة منهم، ومن كفّ عن أموالهم وفر الله عز وجل ماله، ومن أخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنة مصاحباً، ومن كثرعفوه مد في عمره، ومن عم عدله نصرعلى عدوه، ومن خرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة،آنسه الله عز وجل بغير أنيس وأعانه بغير مال».
وروي أن في التوراة مكَتوب: من يظلم يخرب بيته، ومصداق ذلك في كتاب الله عز وجل: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا)(4).
وقد قيل: إذا ظلم من دونك عاقبك من فوقك.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: «إن الله تعالى يمهل الظالم حتى يقول (5): اهملني، ثم إذا أخذه اخذة رابية».
وقال صلى الله عليه وآله: «إن الله حمد نفسه عند هلاك الظالمين فقال:(فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين)(6) ». ومن كلام إمير المؤمنين في ذلك: «لايكبرن عليك ظلم من ظلمك، فإنما سعى في مضرته ونفعك، وليس جزاء
من سرك أن تسوءه.
ومن سلّ سيف البغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئراً وقع فيها، ومن هتك حجاب أخيه انهتكت عورات بيته.
بئس الزاد إلى المعاد، العدوان على العباد.
أسد حطوم خير من سلطان ظلوم، وسلطان ظلوم خير من فتن تدوم.
اذكرعند الظلم عدل الله فيك، وعند المقدرة قدرة الله عليك ».
المتنبي:
وأظلم خلق الله من بات حاسداً * لمن بات في نعمائه يتقلب
____________
1 - كنزالفوائد: 36، وفيه تمام الفصل.
2 - كنز الفوائد : 56 - 57، وفيه تمام الفصل.
3 - أثبتناه من المصدر.
4 - النمل27: 52.
5 - في الأصل: يقال، وما أتبتناه من المصدر.
6 - الأنعام 6: 45.
فصل آخر في ذكر الاخوة والإخوان
- الزيارات: 5109