طباعة

اتيان غار ثور

قوله تعالى: (..ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ الله معنا)(1)
وقع هذا الغار في الجبل الذي يقال له جبل ثور; لنزول ثور بن مناف فيه، وقد صحّ أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبا بكر اختفيا في غاره الذي ذكره الله في كتابه (ثاني اثنين اذ هما في الغار) وروي ان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا دخل الغار امر الله العنكبوت فنسجت على بابه، وشجرة فنبتت، والحمامتين فعشتا على بابه. ويقال إنّ هذا الحمام الذي بمكّه من نسلهما، وكان مكثه في الغار المذكور ثلاثاً كما في صحيح البخاري(2).
في البحار، عن الغزالي في كتاب الاحياء: انّ ليلة بات علي بن أبي طالب على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أوحى الله تعالى الى جبرئيل وميكائيل أنّي آخيت بينكما، وجعلت عمر احدكما اطول من الآخر فأيّكما يؤثر صاحبه بحياته، فاختار كل منهما الحيوة وأحباها فاوحى الله تعالى اليهما، افلا كنتما مثل علي بن أبي طالب (عليه السلام) آخيت بينه وبين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، اهبطا الى الأرض فاحفظاه من عدوه، فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل ينادي بخ بخ من مثلك يابن ابي طالب يباهي الله بك الملائكة فأنزل الله عزّوجلّ: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رَءُوف بالعباد)(3).
وفي ص51: فلمّا اصبحت قريش، وثبوا الى الحجرة وقصدوا الفراش، فوثب علي في وجوههم، فقال (عليه السلام): ما شأنكم؟ قالوا له: أين محمد، قال ألستم قلتم نخرجه من بلادنا، فقد خرج عنكم؟ فتفرّقوا في الجبال، وكان فيهم رجل من خزاعة، يقال له ابوكرز يقفو الاثار، فقالوا: يا ابا كرز اليوم اليوم، فوقف بهم على باب حجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال هذه قدم محمد والله إنها لاخت القدم التي في المقام، وهذه قدم ابي قحافة او ابنه فما زال بهم حتى اوقفهم على باب الغار، ثم قال: ما جازوا هذا المكان امّا يكونوا صعدوا الى السماء، او دخلوا تحت الأرض، فلمّا رأوا على باب الغار نسج العنكبوت انصرفوا، وتفرّقوا في الشعاب وصرفهم الله عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
قال المجلسي رحمه الله في ص40، ج99: كان ابو جهل قد امر منادياً ينادي بأعلى مكّة واسفلها: مَن جاء بمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أو دلّ عليه فله مئة بعير، او جاء بابن قحافة او دلّ عليه فله مئة بعير؟! فلمّا رأوا الحمامتين ونسج العنكبوت على فم الغار انصرفوا، فدعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحمام وفرض جزاءهن وانحدرن في الحرم، ونهى عن قتل العنكبوت وقال: هي جند من جنود الله تعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التوبة / 40.
(2) الجامع اللطيف / ص343.
(3) البقرة207. البحار/ ج99 ص39.