• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في هجرة النبيّ من مكّة الى المدينة

قيل: إنه (عليه السلام) هاجر في أوّل ليلة من شهر ربيع الأوّل الى المدينة سنة 13 من مبعثه، وفيها كان مبيت علي (عليه السلام) على فراشه، وكانت ليلة الخميس، وفي ليلة الرابع منه كان خروجه من الغار متوجّهاً الى المدينة، وخلّف علياً (عليه السلام) لقضاء ديونه وردّ الودايع التي كانت عنده، ودخل المدينة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول مع زوال الشمس، فنزل بقبا واقام عندهم بضعة عشر يوماً وكان ينتظر علياً (عليه السلام)، وكتب اليه كتاباً يأمره فيه بالمسير اليه، ولما وصل اليه الكتاب تهيأ للخروج والهجرة، وخرج عليه السلام بفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمّه فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، وتبعهم أيمن بن أم أيمن مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وابو واقد رسولُ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فساروا منزلا بعد منزل حتى قدموا المدينة، ونزلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبقي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد قدوم علي (عليه السلام) يوماً أو يومين ثم عزم على الذهاب الى المدينة(1).
علّة الهجرة
عن الطبرسي (رضي الله عنه) في قوله تعالى: (وإذ يمكربك الذين كفروا لِيثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك)(2) انها نزلت في قصّة دار الندوة، وذلك انّ نفراً من قريش اجتمعوا فيها وتشاوروا في امر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأظهر كلّ رأيه، فقال ابوجهل: ما هذا برأي، ولكن اقتلوه بأن يجتمع عليه من كل بطن رجل فيضربوه باسيافهم ضربة رجل واحد، فترضى حينئذ بنو هاشم بالدية، فصوّب ابليس هذا الرأي، ودخل معهم في ذلك ابو لهب، عمّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاتفقوا على هذا الرأي، واعدوا الرجال والسلاح، وجاء جبرئيل فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فخرج الى الغار، وأمر علياً فبات على فراشه(3)، وفيه نزلت الآية: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله)(4)، وفي الوفاء للسمهودي الشافعي ما يقرب منه ج1، ص238.
قصة الغار
قوله تعالى: (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ الله معنا)(5)
اراد بالغار هنا غار ثور وهو جبل بمكّة (قال الزهري): لمّا دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وابو بكر الغار ارسل الله زوجاً من الحمام حتى باضا في اسفل الثقب والعنكبوت حتى نسج بيتاً.
فلمّا جاء الذي يقفو الآثار ـ كما ذكرنا سابقاً ـ وقف بقريش على باب حجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فقال: هذه قدم محمد، والله إنها لاخت القدم التي في المقام، وهذه قدم أبي قحافة او ابنه، فما زال بهم حتى اوقفهم على باب الغار، ثم قال: ما جازوا هذا المكان، إمّا ان يكونوا صعدوا الى السماء أو دخلوا تحت الأرض، فلمّا نظروا الى بيض الحمام وبيت العنكبوت قالوا: لو دخله احد لانكسر البيض، وتفسّخ بيت العنكبوت، فانصرفوا وجعلوا يضربون يميناً وشمالا حول الغار، وصرفهم الله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم اذن لنبيّه في الهجرة. وكان ابو جهل قد امر منادياً ينادي بأعلى مكّة واسفلها مَن جاء بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) او دلّ عليه فله مئة بعير او جاء بابن ابي قحافة او دلّ عليه مئة بعير، ثم انه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مقامه في الغار ثلاثاً حتى سكن عنه الطلب فخرج متوجّهاً الى المدينة، ونزل في قبا موضع قريب من المدينة في جهة الجنوب الغربي.
نزوله في قبا
قال السمهودي في تاريخه: وأقام عليّ ـ رضي الله عنه ـ بعد مخرجه (صلى الله عليه وآله وسلم) اياماً حتى أدّى للناس ودائعَهم التي كانت عند النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلّفه ليردها، ثم خرج فلَحق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقبا، ونزل على كلثوم ابن الهدم (كما أن رسول كان نازلا عليه) وكان لكلثوم بن الهدم مربدٌ، (والمربد الموضع الذي يبسط فيه التمر لييبس) فأخذه منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاسّسه وبناه مسجداً كما رواه ابن زبالة وغيره.
وفي الصحيح لبث في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، واسّس المسجد الذي اسس على التقوى: (لمسجد أسس على التقوى من أوّل يوم أحقّ أن تقوم فيه فيه رجال يُحبّون أن يتطهروا)(6).
وفي الكبير للطبراني: عن الشّموس بنت نعمان، قالت: نظرت الى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حين أسّس هذا المسجد «مسجد قبا» فرايته يأخذ الحجر أو الصخرة حتى يصهره الحجر، وانظر الى بياض التراب على بطنه او سرّته، فيأتي الرجل من أصحابه ويقول: بأبي وأمّي يا رسول الله أعطني أكفك، فيقول: لا، خذ مثله حتى أسسه، ويقول: إنّ جبرئيل (عليه السلام) هو يؤم الكعبة فكان يقال: انّه اقوم مسجد قبلةً. وفي ص251: قد اختلف في المراد بقوله تعالى: (لمسجد اسس على التقوى) فالجمهور على أن المراد به مسجد قبا، ولا ينافيه قوله (صلى الله عليه وآله وسلم)هو مسجد المدينة، إذ كلّ منهما أسس على التقوى من اوّل يوم(7). وعن الحلبي، سألت أبا عبدالله عن المسجد الذي أسّس على التقوى فقال: مسجد قبا.
وفي الخبر عن سهل بن حنيف عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) «ما من مؤمن يخرج على طهر الى مسجد قبا، لا يريد غيره حتى يصلي فيه إلاّ كان بمنزلة عمرة».
نسأله تعالى أن لايجعلنا من الغافلين عن فضيلة هذا المسجد وعن الصلاة والدعاء فيه.
خروجه من قبا الى المدينة
الوفاء ص255: كان خروجه (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبا يوم الجمعة ركب راحلته وتوجّه نحو المدينة فاجتمعت بنو عمرو بن عوف، فقالوا: يا رسول الله اخرجت ملالا لنا أم تريد داراً خيراً من دارنا؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): انّي امرت بقرية تأكل القرى فخلّوا الناقة فإنها مأمورة، فخرج من قبا فعرض له قبائل الانصار كلّهم يدعونه ويعدونه النصرة والمنعة، فيقول: خلوها فإنّها مأمورة حتى ادركته الجمعة في بني سالم فصلّى في بطن الوادي الجمعة، وكانت هذه اوّل جمعة صلاها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بالمدينة، وقيل: كان يصلّي الجمعة في مسجد قبا في إقامته هناك، ثم ركب راحلته والناس معه عن يمينه وعن شماله وخلفه، منهم الماشي والراكب فما يمرّ بدار من دورهم إلاّ قالوا: هلمّ يا رسول الله الى العزّ والمنعة والثروة، فيقول لهم: خيراً، ويقول: انّها مأمورة خلوا سبيلها، ثم مرّ ببني عدي بن النجّار وهم أخواله فقاموا، فقالوا: يا رسول الله نحن اخوالك، لا تجاوزنا الى غيرنا، ليس أحد من قومنا اولى لك منا لقرابتنا بك. (وجه القرابة لأنهم أقاربه من جهة الامومة لأن سلمى بنت عمر و(احد بني عدي بن النجّار) كانت ام جدّه عبد المطّلب) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خلوا سبيلها فإنّها مأمورة، فجاءت الناقة حتى بركت بباب أبي ايوب الانصاري، وجاء ابو ايوب والقوم يكلّمونه في النزول عليهم، فاخذ رحله فأدخله بيته فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)الى رحله وقد حطّ فقال (المرء مع رحله) وبيته أقرب البيوت بمحل المسجد، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في منزل أبي ايوب وقرّ قراره. (وفرح أهل المدينة) بمقدمه (صلى الله عليه وآله وسلم)اليهم فرحاً شديداً، ففي البخاري من حديث البراء: ما رأيت اهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! وصعدت ذوات الخدور على سطح المنازل يقلن:
طلع البدر علينا *** من ثنيّات الوداع
وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا *** جئت بالأمر المطاع
عن ابن ماجه: لمّا كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة أضاء منها كلّ شيء، فلمّا كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كلّ شيء.
موعظته الاولى
عبد الله بن سلام قال: أوّل شيء سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قدومه، أنّه قال: أيها الناس افشوا السلام، واطعموا الطعام، وصلوا الارحام، وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلون الجنّة بسلام(8).
في البحار ج19 ص121: عن سلمان الفارسي، قال: لمّا قدم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة تعلّق الناس بزمام الناقة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا قوم دعوا الناقة فهي مأمورة، فعلى باب من بركت فأنا عنده، فاطلقوا زمامها وهي تهفّ في السير، حتى دخلت المدينة، فبركت على باب أبي أيوب الأنصاري، ولم يكن في المدينة أفقر منه، فانقطعت قلوب الناس حسرة على مفارقة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنادى أبو أيوب يا أمّاه افتحي الباب فقد قدم سيدُ البشر واكرمُ ربيعة ومضر محمد المصطفى والرسول المجتبى، فخرجت وفتحت الباب و كانت عمياء فقالت: واحسرتاه ليت كانت لي عين ابصر بها وجه سيدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان أوّل معجرة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)في المدينة انّه وضع كفّه على وجه أم أبي أيوب ففتحت عيناها.
وفي المصدر: هاجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى المدينة وأمر أصحابه بالهجرة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وكانت هجرته يوم الاثنين وصار ثلاثة ايام في الغار، ودخل المدينة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول وهي السنة الأولى من الهجرة فردّ التاريخ إلى المحرّم.
ما قيل في طعامه (عليه السلام)
قيل لأم أبي أيوب: أيّ الطعام كان أحبّ الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فانّكم عرفتم ذلك لمقامه عندكم؟ قالت: ما رأيته امر بطعام فصنع له بعينه، ولا رأيناه أتي بطعام قطّ فعابه(9).
وفي البحار ج19 ص85: خرج عليٌ (عليه السلام) الى المدينة ماشياً على رجليه، فتورمت قدماه، فلمّا قدم المدينة رآه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاعتنقه وبكى رحمة مما رأى بقدميه من الورم وإنّما يقطران دماً، فدعا له بالعافية ومسح رجليه فلم يشكهما بعد ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السفينة هجر ـ الوفاء / ج1، الفصل التاسع.
(2) الانفال / 30.
(3) البحار / ج19، ص28.
(4) البقرة / 207.
(5) التوبة / 40.
(6) التوبة / 108.
(7) وفي البحار / ج19، ص121.
(8) المصدر / فصل11، ص262.
(9) وفاء الوفاء / ج1 ـ فصل11.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page