اسد الغابة ج5 ص186: أبوذر الغفاري كان من كبار الصحابة وفضلائهم قديم الإسلام، قيل: أسلم بعد الأربعة وكان خامساً، عن ابن عباس: لمّا بلغ أباذر مبعثُ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قدم مكّة فأتى المسجد فالتمس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو لا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل اضطجع في مكان، فرآه علي (عليه السلام)وعرف انّه غريب، فقال له: ألا تحدّثني ما الذي أقدمك؟ قال: إن أعطيتني عهداً أو ميثاقاً ترشدني فعلت، فأعطاه العهد فأخبره، فقال: إنّه حق وانّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا أصبحت فاتّبعني، فلمّا أصبح اتّبع علياً حتى دخل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): فسمع من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم)وأسلم مكانه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ارجع الى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري، قال: والذي نفسي بيده ولأصرخنّ بها بين ظهرانيهم، فخرج الى المسجد، فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا اله إلاّ الله وأنّ محمداً عبده ورسوله، فقام القوم اليه فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العباس فأكبّ عليه وقال: ويلكم ألستم تعلمون انّه من غفار، وانّه طريق تجارتكم الى الشام؟ فأنقذه منهم.
من أخباره: عن ابن مسعود، لمّا سار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)الى تبوك جعل لا يزال يتخلّف الرجل فيقولون: يا رسول الله تخلّف فلان، فيقول: دعوه إن يكن فيه خير فسيلحقه الله بكم وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه، حتى قيل: يا رسول الله تخلّف أبوذر، فلمّا سمع أبوذر ذلك تلوّم على بعيره. فلمّا أبطأ عنه بعيره، أخذ متاعه فجعله على ظهره، ثمّ خرج يتّبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ماشياً، ونظر ناظر من المسلمين فقال: إنّ هذا الرجل يمشي على الطريق، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): كن أباذر فلمّا تأمّله القوم قالوا: يا رسول الله هو أبوذر فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يرحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويحشر وحده، فضرب الدهر من ضربه، وسير أبوذر الى الربذة وعاش هناك وحده ومات وحده.
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): أبوذر في أُمّتي على زهد عيسى بن مريم ـ وقال عليّ: وعى أبوذر علماً عجز الناس عنه، ثمّ أوكأ عليه فلم يخرج منه شيئاً.
الكنى والألقاب: وهو جندب بن جنادة وقيل جندب بن السكن. عن الباقر (عليه السلام)أنّه لم يرتدّ ومات في زمن عثمان بالربذة، له خطبة يشرح فيها الأمور بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
عن الصادق (عليه السلام): وقف أبوذر (رحمه الله) عند باب الكعبة فقال: انّ أحدكم لو أراد سفراً لاتّخذ من الزّاد ما يصلحه ولابدّ منه، فطريق يوم القيامة أحقّ ما تزودتم له، فقال رجل: فارشدنا يا أباذر، فقال: حج حجّة لعظام الأمور، وصم يوماً لزجرة النشور، وصلّ ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، وكلمة حقّ تقولها، وكلمة سوء تسكت عنها، صدقة منك على مسكين، فعلّك تنجو من يوم عسير. توفّي سنة 31 أو 32.
مدفن أبوذر الغفاري
- الزيارات: 3053