• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الإمامة بيد اللّه سبحانه وتعالى

لقد أخبر النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم عن ثبوت الإمامة والوصاية والخلافة لأمير المؤمنين سلام اللّه عليه قبل هذا العالَم، كما ثبتت النبوة والرسالة لرسول اللّه قبل هذا العالم... أخبرنا رسول اللّه عن هذا الموضوع في حديث النور، هذا الحديث في بعض ألفاظه: «كنت أنا وعلي نوراً بين يدي اللّه تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق اللّه آدم، قسّم ذلك النور جزئين، فجزءٌ أنا وجزء علي».
هذا الحديث من رواته:
1 ـ أحمد بن حنبل، في كتاب المناقب.
2 ـ أبو حاتم الرازي.
3 ـ ابن مردويه الإصفهاني.
4 ـ أبو نعيم الإصفهاني.
5 ـ ابن عبد البر القرطبي.
6 ـ الخطيب البغدادي.
7 ـ ابن عساكر الدمشقي.
8 ـ عبد الكريم الرافعي القزويني، الإمام الكبير عندهم.
9 ـ شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني.
وجماعة غير هؤلاء، يروون هذا الحديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم، بواسطة عدّة من الصحابة، وبأسانيد بعضها صحيح(1).
وقد اشتمل بعض ألفاظ هذا الحديث على قوله: «فجعل فيّ النبوّة وفي علي الخلافة»(2)، وفي بعضها: «فجعل فيّ الرسالة وفي علي الوصاية»(3).
لكن كلامنا في هذا العالم، وأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم أخبر عن أنّ الإمامة إنّما هي بيد اللّه سبحانه وتعالى، الإمامة حكمها حكم الرسالة والنبوّة كما ذكرنا، ففي أصعب الظروف وأشدّ الأحوال التي كان عليها رسول اللّه في بدء الدعوة الإسلاميّة، عندما خوطب من قبل اللّه سبحانه وتعالى بقوله: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ)(4) جعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم يعرض نفسه على القبائل العربية، ففي أحد المواقف حيث عرض نفسه على بعض القبائل ودعاهم إلى الإسلام، طلبوا منه واشترطوا عليه أنّهم إنْ بايعوه وعاونوه وتابعوه أن يكون الأمر من بعده لهم، ورسول اللّه بأشدّ الحاجة حتى إلى المعين الواحد، حتّى إلى المساعد الواحد، فكيف وقبيلة عربيّة فيها رجال، أبطال، عدد وعُدّة، في مثل تلك الظروف لمّا قيل له ذلك قال: «الأمر إلى اللّه...» ولقد كان بإمكانه أن يعطيهم شبه وعد، ويساومهم بشكل من الأشكال، لاحظوا هذا الخبر:
يقول ابن إسحاق صاحب السيرة ـ وهذا الخبر موجود في [سيرة ابن هشام]، هذا الكتاب الذي هو تهذيب أو تلخيص لسيرة ابن إسحاق ـ : إنّه ـ أي النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم ـ أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى اللّه عزّوجلّ، وعرض عليهم نفسه، فقال له رجل منهم ويقال له بحيرة بن فراس قال: واللّه لو أنّي أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثمّ قال: أرأيت إنْ نحن بايعناك على أمرك، ثمّ أظهرك اللّه على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: «الأمرُ إلى اللّه يضعه حيث يشاء»، فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك اللّه كان الأمر لغيرنا! لا حاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه(5).
وفي [السيرة الحلبية]: وعرض على بني حنيفة وبني عامر بن صعصعة فقال له رجل منهم: أرأيت إنْ نحن بايعناك على أمرك ثمّ أظفرك اللّه على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ فقال: «الأمر إلى اللّه يضعه حيث شاء»، فقال له: أنقاتل العرب دونك، وفي رواية: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، أي نجعل نحورنا هدفاً لنبالهم، فإذا أظهرك اللّه كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك وأبوا عليه(6).
هذا، والرسول ـ كما أشرت ـ في أصعب الأحوال وأشدّ الظروف، وكلّ العرب وعلى رأسهم قريش يحاربونه ويؤذونه بشتّى أنواع الأذى، يقول: «الأمر إلى اللّه يضعه حيث يشاء»، وهذا معنى قوله تعالى: (اللهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)(7).
ولو راجعتم الآيات الكريمة الواردة في نصب الأنبياء، غالباً ما تكون بعنوان «الجعل» وما يشابه هذه الكلمة، لاحظوا قوله تعالى: (إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً)(8)هذا في خطاب لإبراهيم عليه السّلام، وفي خطاب لداود: (إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَْرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ)(9).
ومن هذه الآية يستفاد أنّ الحكم بين الناس حكم من أحكام النبوّة والرسالة (إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَْرْضِ فَاحْكُمْ) الحكم من أحكام الخلافة، وليست الخلافة هي الحكومة، وقد أشرت إلى هذا من قبل في بعض البحوث، الخلافة ليست الحكومة، وإنّما الحكومة شأن من شؤون الخليفة، فتثبت الخلافة لشخص ولا يتمكّن من الحكومة على الناس ولا يكون مبسوط اليد ولا يكون نافذ الكلمة، إلاّ أنّ خلافته محفوظة.
وإذا كانت الآيات دالّة على أنّ النبوّة والإمامة إنّما تكون بجعل من اللّه سبحانه وتعالى، فهناك بعض الآيات تنفي أن تكون النبوّة والإمامة بيد الناس، كقوله تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(10)، وذيل الآية ربّما يؤيّد هذا المعنى، إنّ القول باشتراك الناس وبمساهمتهم وبدخلهم في تعيين النبوّة لأحد أو تعيين الإمامة لشخص، هذا نوع من الشرك.
وإلى الآن نرى أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلم يصرّح بأنّ الأمر بيد اللّه، أي ليس بيد النبي، فضلاً عن أن يكون بيد أحد أو طائفة من الناس.
حتّى إذا أُمر بإنذار عشيرته بقوله تعالى: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَْقْرَبِينَ)(11) فجمع أقطابهم، فهناك أبلغ الناس بأن الجعل بيد اللّه، وأخبرهم بالذي حصل الجعل له من اللّه من بعده(12).
وهكذا كان صلّى اللّه عليه وآله وسلم ينصّ على علي، وإلى آخر لحظة من حياته المباركة.
ولم نجد لا في الكتاب ولا في سنّة رسول اللّه دليلاً ولا تلميحاً وإشارةً إلى كون الإمامة بيد الناس، بأن ينصبوا أحداً عن طريق الشورى مثلاً، أو عن طريق البيعة والإختيار، ولا يوجد أيّ دليل على ثبوت الإمامة بغير النصّ.
______________
(1) فضائل الامام علي عليه السّلام لأحمد بن حنبل، وعنه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 217، وسبط ابن الجوزي في التذكرة: 46، ورواه الحافظ الكنجي في كفاية الطالب: 314 عن ابن عساكر والخطيب البغدادي، وأنظر: ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ مدينة دمشق 1 / 135، ونظم درر السمطين: 78 ـ 79، وفرائد السمطين 1 / 39 ـ 44، والمناقب للخوارزمي: 88، ومناقب الامام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام لابن المغازلي: 87 ـ 89 .
(2) رواه الديلمي في فردوس الأخبار 2 / 191، حديث 2952، وابن المغازلي في مناقب الامام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: 89 ، حديث 132 و 88 ، حديث 130، وغيرهما من الأعلام.
(3) رواه جماعة، منهم: ابن المغازلي في مناقب الامام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
(4) سورة الحجر (15): 94.
(5) سيرة ابن هشام 1 / 424.
(6) السيرة الحلبيّة 2 / 154.
(7) سورة الأنعام (6): 124.
(8) سورة البقرة: 124.
(9) سورة ص (38): 26.
(10) سورة القصص (28): 68.
(11) سورة الشعراء (26): 214.
(12) تقدّم الكلام على حديث الدار.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page