طباعة

باب السين

السّين مَعَ الرّاء
21ـ سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ (1) .
أحد الأمثال الّتي ضربها في وصيّته لابنه الحسن (عليهما السّلام) ، قال فيها:
(وإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلادِ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَيْهَا وتَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا فَقَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ عَنْهَا ونَعَتَتْ نَفْسِهَا وتَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوئهَا فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلابٌ عَاوِيَةٌ وسِبَاعٌ ضَارِيَةٌ يَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ  ويَأْكُلُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا ويَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ وأُخْرَى مُهْمَلَةٌ قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا ورَكِبَتْ مَجْهُولَهَا " سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ " ، لَيْسَ لَهَا رَاعٍ يُقِيمُهَا ولا مُسِيمٌ يُسِيمُهَا) .
وهي وصيّة مطوّلة أخذنا منها ما يربط المثل الجاري .
قال الشارح :
(ثلاثة أمثال محرّكة لمن عنده استعداد ، واستقرأني أبو أفرج محمد بن عبّاد (رحمه الله) وأنا يومئذٍ حَدَثٌ هذه الوصيّة ، فقرأتها عليه من حفظي ، فلمّا وصلت إلى هذا الموضع صاح صيحة شديدة وسقط ، وكان جباراً قاسي القلب .
(سُرُوحُ عَاهَةٍ) والسروح : جمع سرح ، وهو المال السارح . والعاهة : الآفة ووادٍ وعثٍ لا يثبت الحافر والخفّ فيه ، بل يغيب فيه ويشقّ على من يمشي فيه) (2) .
أو السروح : الأغنام . يقول (عليه السّلام) أهل الدّنيا كلاب عاوية وسباع جائعة يتناهشن على جيف أو أغنام سائمة ترعى ، ومعقّلة متحيّرة في أودية لا يثبت فيها خفّ ولا خافر . لا راعي يرعاها ، وقد اعتورها الآفات من كلّ جوانبها . برزت في كلامه (عليه السّلام) حقائق أهل الدّنيا وبوائق ما طالت الأيّام تخفينها ، وسوف يحشر الناس على ما هم فيه من صفات الحيوانات كما جاء في تفسير (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ)(3) يأتون يوم القيامة على صور ما كانوا يزاولون من صفات الكلاب والسّباع وغيرها.
*****************
(1) النهج 16 : 89 ـ 90 ، 31/الوصية.
(2) شرح النهج 16 : 90 ـ 91.
(3) سورة التكوير الآية 5.