توجد حقيقة إرتقائية كونية ثبت صحتها على مر العصور و الأزمان الغابرة و الحالية و هي ( صمت و بلاهة الشعوب سببين رئيسيين لنشأة و إستمرارية المستبدين و الظالمين )،
أستطاعت دول الغرب و بعض دول الشرق أن تعيها ما أدى إلى تقدمها و إزدهارها و تمتعها بنظام ديمقراطي مستند على الحرية و العدالة خالي من الظلم و القهر و الإستعباد، بالمقابل تغاضى العرب عن فهمها و قبلوا أن يكونوا عبيدا لحكامهم و قادتهم، يعيش معظمهم في السجون و المعتقلات و المقابر و النفايات يفترشون الأرض و يتدثرون بالسماء يقتاتون من الفضلات، و بالطبع لا يقتصر ذلك على العرب فقط بل أغلبية الشعب الكوردي أيضا كذلك( موضوع مقالة لاحقة).
قبل أيام أعدم علي حسن المجيد (الكيمياوي)على إثر إبادته أفراد الشعب الكردي في حلبجة عن طريق قصفهم بالاسلحة الكيميائية عام 1988، ما أدخل الفرحة الى قلوب أنصار الحرية و العدالة كافة في العالم، بإستثناء العرب (شعب، مثقفين، سياسيين، كتاب، صحفيين...) إذ أنهم و كعادتهم بدؤا بالولوة و العويل و التباكي على أيام صدام حسين (فارس الحفرة العربية) وذكر إنجازات حزب البعث المقبور، و إذا ما ذهبنا الى معظم مواقع الصحف و المجلات و المنتديات العربية نجدها مزدانة بصور صدام و الكيمياوي و قادة البعث الآخرين مع مقتطفات من أقاويلهم و شعاراتهم الفارغة. و مقالات و تحقيقات لكتاب سوقيين هابطين تصفهم و تمجدهم الى حد القداسة.
انجازات البعث و صدام التي يتغنى بها العرب كانت في المقام الاول ضارة و مسيئة لهم، فأزدواجية شخصية العربي العراقي و فقره و عوزه الدائمين، ناهيك عن خوفه المستمر حتى من ظل مشيته، و قلقه الدائم على رغيف خبزه و مستقبل أولاده في كل حين، كلها مجتمعة كانت بسبب نهب ثرواتهم و خيراتهم و حصرها في أيدي قادة و أذناب البعث، فضلا عن تعذيبهم بكوي ظهورهم و بطونهم مع قلع أضفار إيديهم و أرجلهم في معتقلات أبو غريب و الحبانية و الانبار و الرمادي من قبل جلادي هذا الحزب.
و الفوضى المؤثرة على الدول العربية المجاورة و التي نراها في عراق اليوم شاملة كافة النواحي(سياسية اقتصادية امنية ) أيضا هي من تبعات و آثار إنجازات القائد العنتر صدام حسين.
الكره و الحقد المتبادلين بين العراقيين و الكويتيين من جهة و الايرانيين و العراقين من جهة ثانية و العراقيين و السوريين من جهة ثالثة و بين العراقيين أنفسهم من جهة رابعة،و غيرها من كراهيات ضد العراقيين العرب، أيضا من إنجازات صدام الشنطاء.
أكثر العرب دفاعا عن البعث هم المصريون و الفلسطينون و الليبون، بسبب خيرات و نعم صدام عليهم و المتبلورة في إنه سخر رجالهم لإنجاز اعماله الارهابية من اغتيالات و سطو و نهب ونساء من كجواري له.
هذه هي بعض إنجازات صدام و حزب البعث للعرب فلماذا عويلهم و بكائهم و حبورهم لأيامه؟
و برأيي المتواضع أبرز اسباب صمت العرب المؤدية لقبولهم الإضطهاد و الذل النازل بهم جيلا بعد جيل على أيدي حكامهم و قادتهم هي:
تفكيرهم العاطفي الجياش، و سرعة نسيانهم للأمور و الاحداث، و ساديتهم المازوخية في الاآن نفسه إذ إنهم يرغبون بأشخاص اقوى منهم كي يذلوهم و يضطهدوهم ( حكامهم و قادتهم المستبدون) و أشخاص اقل منهم نفوذا و كي يقوموا هم بإذلالهم و تعذيبهم ( الاقليات الدينية و القومية التي تعيش معهم)، ناهيك عن طبيعتهم المجبولة على ذلك حسب دراسات علمي النفس و الاجتماع.
و بالطبع كلامنا عن العرب هنا ليس على إطلاقه إذ إنه يوجد منهم مفكرون و كتاب و شعراء و مثقفون في غاية الروعة و الانسانية رفضوا الديكتاتورية و قالوا لصدام و أعوانه( إنكم منبوذون و أشرار مستبدين ظالمين) سواء بصورة علنية أم متوارية. على سبيل المثال: الرائعان (علي الوردي هادي العلوي) و الشاعر الثائر المتمرد الكبير (احمد مطر) و غيرهم....
آن آوان خروج العرب من إطارهم العقلي المستند على العنصرية القومية الدينية و تمجيد المستبدين و الظالمين متجهين نحو فضاء الحرية و الانسانية و العدالة في معاملتهم مع انفسم اولا و مع الاخرين ثانية كي يكونوا مقبولين مهضموين لا منبوذين مكروهين كما هو الحال معهم راهنا في كافة أرجاء العالم.
هل من آذآن صاغية؟
مهدي مجيد عبدالله - ايلاف