طباعة

باب الهاء

الهاء مَعَ النّون
54 ـ هُنالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أتاكَ مِنْهُمْ          فَوارِسُ مِثْلَ أَرْمِيَةِ الحَميمِ (1) .
من آخر خطبة له (عليه السّلام) وقد تواترت عليه الأخبار باستيلاء معاوية على البلاد حيث قال (عليه السّلام) في آخرها:
(اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ ومَلُّونِي ، وسَئِمْتُهُمْ وسَئِمُونِي ، فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ وأَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي . اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ . أَمَا واللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ :

"هُنَالِكَ لَودَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ             فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الْحَمِيمِ") (من الوافر) .
قال بعض الشراح : نسبه ابن منظور في لسان العرب إلى (الهذلي) مع مغايرة بسيطة قال : قال الهذلي:

هُنَالِكَ لَودَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ                رِجَالٌ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الْحَمِيمِ
ووجه استشهاد الإمام (عليه السّلام) به أنّه كان يتمنّى لو أنّ لديه بدل أهل الكوفة من إذا دعوا أجابوا مسرعين ، ومن إذا استغيث بهم أغاثوا ؛ فقد جاء قبله : (أَمَا واللَّهِ ) وبنو فرس بن غنم أو فراس بن غنم : حيّ عربيّ مشهور بالشجاعة وأرمية الحميم : سُحُب الصيف ، ويضرب بها المثل لأنّها أخّف وأسرع في الانتقال(2).
ووجه الخفة لأنّها لا ماء فيها والتي فيها لا تكون إلاّ في الشتاء يريد بذلك : أنّ فوارس بني غنم مسرعون إذا دعوا وللإغاثة إذا استغيثوا.
فلولا أن مع الإمام من يستنهِض بهم ويُستغاث لما تجرّي من أمثال معاوية لتسنّم عرش الرئاسة ولكن قد خلا له الجوّ فطفق يصفر ويجول وتمنّى الإمام (عليه السّلام) لفوارس بني غنم هو أحد تمنّياته وقد تمنّى استبدال كلّ عشر من أصحابه بواحد من أذناب معاوية حيث إنّ أهل الشام يثبتون إذا دعوا وإن كان على أمر باطل وأما أصحابه فهم على الحق ولا ثبات لهم كما جاء في كلام له (عليه السّلام) (3) .

*************
(1) النهج 1 : 333 ، 25/ط.
(2) رسالة الإسلام 122 (عدد 7 ـ 8).
(3) النهج 7 : 70 ـ 71 ، 96/كلام.