• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فتنة : تنصيص أبي بكر على عمر

الملل والنحل الخلاف الثامن في تنصيص أبي بكر على عمر بالخلافة وقت الوفاة ، فمن الناس من قال : قد وليت علينا فظّاً غليظاً ، وارتفع الخلاف بقول أبي بكر : لو سألني ربّي يوم القيامة لقلت ولّيت عليهم خير أهلهم . (1)
البدء والتاريخ : ولما مرض أبو بكر شاور الناس في الأمر ، وكانوا لا يشكّون أنّ عمر هو الذي يلي الخلافة بعده ، إلاّ أنّ منهم من كان يكره وذلك لشدّته وعُنفه ، فدعاه أبو بكر وعهد إليه واستخلفه على الناس ، فلمّا خرج من عنده قال : اللّهمّ إنّي ولّيته بغير أمرٍ من نبيّك ، ولم أُرد بذلك إلاّ صلاحهم ، قال له بعض القوم : فماذا تقول لله عزّ وجلّ إذا لقيته ، وقد ولّيت أمر المسلمين فظّاً غليظاً ؟ قال : أقول اللّهمّ لم آلهم خيراً . (2)
أقول : قد صرّح بأن توليته كان بغير أمر من النبيّ (ص) .
وأمّا قوله : لم أرد بذلك إلاّ صلاحهم ـ فكيف يُريد صلاحهم وأنّه ولّى فظّاً غليظاً ، ويقول الله تعالى : ( وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) ؟! وكيف يريد بخير وهو يعترف أنّ توليته بغير أمر من النبيّ (ص) ؟! وكيف يأتي بخير وهو يعرف أهل بيت الرسول (ص) ويعرف عليّ بن أبي طالب وقد سمع أحاديث النبوية في حقّه . وقد قال رسول الله (ص) : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللّهمّ والِ مَن والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله .
وآلا في الأمر : قصّر وأبطأ الطبقات : إنّ أبا بكر الصديق لما استُعز به دعا عبد الرحمن بن عوف ، فقال : أخبرني عن عمر بن الخطاب ؟ فقال عبد الرحمن : هو والله أفضل مَن رأيك فيه . ثمّ دعا عثمان بن عفّان فقال : أخبرني عن عمر ؟ فقال : أنت أخبرُنا به ، فقال : على ذلك يا أبا عبد الله ، فقال عثمان اللّهمّ علمي به أنّ سريرته خير من علانيته وأنّه ليس فينا مثله ، فقال أبو بكر : يرحمك الله ، والله لو تركته ما عدوتُك ، وشاور معهما سعيد بن زيد أبا الأعور وأُسيد بن الخضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار ، فقال أسيد : اللّهمّ أعلمه الخيرة بعدك ، يرضى للرضا ويسخط للسخط ، الذي يُسرّ خير من الذي يُعلن ، ولم يلِ هذا الأمر أحد أقوى عليه منه .
وسمع بعض أصحاب النبيّ (ص) بدخول عبد الرحمن وعثمان على أبي بكر وخلوتهما به ، فدخلوا على أبي بكر ، فقال له قائل منهم : ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر ؟ لَعمر علينا وقد ترى غليظته ! فقال أبو بكر : أجلسوني ، أبالله تخوّفوني ؟ خاب من تزود من أمركم بظلم ، أقول : اللّهمّ استخلفت عليهم خير أهلك ، أبلغ عنّي ما قلت لك من وراءك . ثمّ اضطجع ودعا عثمان بن عفّان ، فقال : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها وعند أوّل عهده بالآخرة داخلاً فيها حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب ، أنّي استخلفتُ عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا ، وإنّي لم آلُ الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً ، فإن عدل فذلك ظنّي به وعلمي فيه ، وإن بدّل فلكلّ امرئ ما اكتسب من الإثم ، والخير أردت ولا أعلم الغيب . وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ثمّ أمر بالكتاب فختمه . ثمّ قال بعضهم : لمّا أملى أبو بكر صدر هذا الكتاب : بقي ذكر عمر ، فذُهب به قبل أن يسمّي أحدا ، فكتب عثمان : إنّي قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، ثمّ أفاق أبو بكر ، فقال اقرأ عليَّ ما كتبت ! فقرأ عليه ذكر عمر ، فكبّر أبو بكر وقال : أراك خفت أن أقبلت نفسي في غشيتي تلك يختلف الناس ، فجزاك الله عن الإسلام وأهله خيراً ، والله إن كنت لها لأهلاً .
ثمّ أمره فخرج بالكتاب مختوما ومعه عمر بن الخطاب وأسيد بن سعيد القرظي فقال عثمان للناس : أتبايعون لمن في هذا الكتاب ؟ فقالوا : نعم . (3)
تاريخ الطبري : دعا أبو بكر عثمان خالياً ، فقال له : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين ، أمّا بعد : قال ، ثمّ أُغمي عليه فذهب عنه ، فكتب عثمان أمّا بعد فإنّي قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيراً ، ثمّ أفاق أبو بكر ... كما في الطبقات . (4)
أقول : إنّ عمر اجتهد في استخلاف أبي بكر في السقيفة نهاية اجتهاده ، وقد أثمر عمله وأنتج سعيه ، فاستخلفه أبو بكر من غير أمر من النبيّ (ص) ، إيفاءً لحقّ الخدمة والصحبة . ثمّ إنّ عثمان أيضاً أظهر في هذه الوصية كمال محبّته وعمل غاية ما يمكن له أن يعمل في خدمة عمر ، وسيجيء أنّ عمر أحسن جزاءه ، واستخلفه بصورة مشوّهة .
وهذه كلّها تكشف عن تعاهدهم وتوافقهم على خلاف أهل بيت الرسول (ص) ومنعهم عن مقاماتهم وحقوقهم .
عيون ابن قتيبة : روى أنّ أبا بكر الصديق (رض) لمّا حضرته الوفاة كتب عهداً فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الله عند آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة ، في الحال التي يؤمن فيها الكافر ويتّقي فيها الفاجر ، أنّي استعملت عمر بن الخطاب فإنّ برّ وعدل ، فذلك علمي به . وإن جار وبدّل ، فلا علم لي بالغيب ، والخيرُ أردت ، ولكلّ امرئ ما أكتسب ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون . (5)
أقول : إن أريد من الاستعمال الاستخلاف فذلك مخالف لطريق رسول الله (ص) وسنّته حيث أنّه لم يستخلف ولم يعيّن لمّا بعده خليفة ، على ما رأوا . وإن أريد منه العاملية في الأمر الشخصية فقط فلا يكون فيها دلالة على كون عمر بن الخطّاب خليفة .
ثمّ : أنّه يظهر من قوله (فإنّ بر وعدل ، وإن جار وبدّل) أنّ استناده في ذلك الاستخلاف إلى علمه الظاهري وتشخيصه ورأيه الصوري ، وليس مستنداً إلى الوحي والغيب والتعيين الإلهي ، فكيف لهم أن يُثبتوا بأنّ عمر بن الخطاب خليفة إلهيّ ومن خالفه وأنكره فقد أنكر أصلاً من أصول الدين ؟! وهل في ذلك فرق بينه وبين سائر الأمراء والسلاطين المستخلفة المستعملة ؟!
ونحن لا ننكر بأنّه حاز الرياسة وولي أمور المسلمين في الظاهر ، إلاّ أنّه ليس بوليهم من جانب الله ومن الرسول ، فإنّ رسول الله قال : من كنت وليّه فهذا عليّ وليّه اللّهم والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه .
الفائق : أبو بكر الصديق : دخل عليه عبد الرحمن بن عوف في علّته التي مات فيها ، فقال : أراك بارئا يا خليفة رسول الله ؟ فقال : أما إنّي على ذلك لشديد الوجع ، لما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشدّ عليّ من وجعي ، وليت خيركم في نفسي ، فكلّكم ورم أنفه أن يكون له الأمر من دونه ، والله لتتخذنّ نضائد الديباج وستور الحرير ولتألمن النوم على الصوف الأذربيّ كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان ، والذي نفسي بيده لأن يُقدم أحدكم فتُضرب عنقه في غير حدٍّ خير له من أن يخوض غمرات الدنيا ، يا هادي الطريق جرت إنّما هو الفجر أو البجر .
قال له عبد الرحمن : خفض عليك يا خليفة رسول الله ؛ فإنّ هذا يَثيضك إلى مآبك .
ودخل عليه بعض المهاجرين وهو يشتكي في مرضه ، فقال له : أتستخلف علينا عمر ، وقد عتا علينا ولا سلطان له ؟ض ولو ملكنا كان أعتى وأعتى فيكف تقول لله إذا لقيته ؟! فقال أبو بكر : أجلسوني فأجلسوه ، فقال : أبا لله تُفرقني ؟! فإنّي أقول له إذا لقيته : استعملت عليهم خير أهلك . (6)
ثمّ قال الزمخشري : برئ من المرض : بعد وزال مرضه . وورم الأنف : كناية عن إفراط الغيظ . والنضائد : الوسائد والفرش . والأذربي : منسوب إلى آذربيجان . والبجر : الأمر العظيم . وخفّض عليك هون الخطب عليها . والهَيض : كسر العظم .
أقول : في هذا الكلام موارد للنظر والتحقيق :
الأوّل : قوله ولكلكم وَرِم أنفه ، وكان أعتى وأعتى : يدلّ عل أنّ أكثر الناس مخالفو هذا التخليف والتأمير .
الثاني : قوله وليت خيركم في نفسي : يدلّ على أنّ التولية والتعيين من جانب أبي بكر ، وأنّ كونه خيراً ، في عقيدته لا في عقائد الناس ، مع أنّ اللازم رعاية نظر الاجتماع ، في الأمر الاجتماعي الظاهري .
الثالث : قوله تتخذنّ نضائد الديباج : يشير إلى الآثار المادّية والنتائج الدنيوية من غير تعرّض إلى الجهات المعنوية والإلهية .
الرابع : قوله : استعملت عليهم خير أهلك . يدلّ على أنّ القائل لم يطّلع على قول رسول الله (ص) : هذا أمير البررة منصور من نصره مخذول من خذله .
ـ عليّ سيد العرب .
ـ أنت يا عليّ سيد في الدنيا وسيد في الآخرة .
ـ أنّه : سيد المسلمين وإمام المتّقين
ـ اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك .
ـ هذا وليّ من أنا مولاه .
ـ مَن كنت وليّه فهذا وليّه .
ـ أنت أخي في الدنيا والآخرة .
العقد الفريد وتاريخ الطبري : عن عبد الرحمن بن عوف ، أنّه دخل على أبي بكر الصدّيق في مرضه ... كما في الفائق . (7)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الملل والنحل ، ج 1 ، ص 28 .
2 ـ البدء والتاريخ ، ج 5 ، ص 167 .
3 ـ الطبقات ، ج 3 ، ص 199 .
4 ـ تاريخ الطبري ، ج 4 ، ص 53 .
5 ـ عيون ابن قتيبة ، ج 1 ، ص 14 .
6 ـ الفائق ، ج1 ، ص 81 .
7 ـ العقد الفريد ، ج 4 ، ص 267 . وتاريخ الطبري ، ج 4 ، ص 52 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page