• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فتنة : وصية عمر بن الخطاب

تاريخ الطبري : قال عمر بن الخطّاب : وأنظر فإنّ استخلفتُ فقد استخلفُ من هو خير منّي ، وإن أترك فقد تركَ مَن هو خير منّي ، ولن يُضيّع الله دينه . فخرجوا ثمّ راحوا فقالوا يا أمير المؤمنين ، لو عهدت عهدا ؟! فقال قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فأُوليّ رجلا أمركم هو أحراكم أن يَحملكم على الحقّ ، وأشار إلى عليّ ، ورهفتني غشية فرأيت رجلاً دخل جنّة قد غرسها فجعل يَقطف كلّ غضّة ويانعة فَيضّمه إليه ويُصيّره تحته ، فعلمت أنّ الله غالب أمره ومُتوفٍّ عمر ، فما أريد أن أتحمّلها حياً و ميّتاً ، عليكم الرهط الذين قال رسول الله أنهم من أهل الجنّة : سعيد بن زيد ، وعمرو بن نفيل ، منهم ولستُ مدخله ، ولكن الستّة . (1)
أقول : المتّبع هو سنّة الرسول (ص) ، فكيف يعارض عمل فرد من الرعية وهو أبو بكر سنّته وعمله ، حتى يتخيّر فرد آخر في اختيار أيّهما شاء ، فعلى تقدير صحّة القول بترك استخلاف الرسول (ص) ، فكيف يجوز مخالفته وترك اتّباعه . ثمّ أنّه إذا كان عليّ (ع) أحرى الأمّة والحامل على الحقّ : فكيف يجوز التعدّي عنه والميل إلى غير الأحرى والأفضل ؟! وأمّا رؤية رجل يَقطف كلّ غضّة ويانعة ممّا غرسه : فلعلّها إشارة إلى ما نواه من استخلافه غير عليّ (ع) ، فإنّه مرادف لقطف ما عمله من خير وصلاح وخدمة ، ولا يمكن أن تكون إشارة إلى نظره في تولية علي (ع) ، فإنّ كونه أحرى الأمّة والحامل على الحق يُضاد أن يقطف كلّ غضّة ويانعة ، ثمّ إنّ تعيينه علياً من عداد الستّة ينافي تأويله هذا .
مستدرك الحاكم : عن ثابت قال : بلغني أنّ عمر بن الخطاب قال : لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لاستخلفته وما شاورت ، فإن سُئلت عنه قلت : استخلفت أمين الله وأمين رسول الله (ص) . (2)
أقول : هذا اشتباه من عمر ، فإنّ اللازم من صفات الخليفة أن يكون عالماً بالأحكام ، عارفاً بالحقائق الإلهية ، مدبّرا لأمور المسلمين ، وأمّا صفة الأمانة المنفردة فقط فلا تكفي في هذا المقام .
العقد الفريد وتاريخ الطبري : قال عمر : لو كان أبو عبيدة بن الجراح حياً استخلفته ، فإن سألني ربي قلت سمعت نبيّك يقول : أّنّه أمين هذه الأمّة ، ولو كان سالم مولى أبي حُذيفة حياً استخلفته ، فإن سألني ربّي قلت : سمعت نبيّك يقول : أنّ سالماً شديد الحبّ لله . (3)
أقول : كأنّه ما سمع الأحاديث المتواترة في فضل عليّ (ع) عن النبيّ (ص) ، أو أنّه كان مخالفاً لخلافته .
وقد قال رسول الله (ص) : من أطاع عليّا فقد أطاعني ، ومن عصى علياً فقد عصاني .
ـ وقال : أنا مِن عليّ وعليّ منّي .
ـ وقال : أنت أخي في الدنيا والآخرة .
ـ وقال : مَن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه .
ـ وقال : أفلا ترضى يا عليّ أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى .
وغيرها ، وقد سبق مِن قوله في عليّ (ع) : هو أحراكم أن يحملكم على الحقّ . وفي الاستيعاب : وقوله في عليّ : إن ولّوها الأجلح سلك بهم الطريق المستقيم . الأجلح : يعني علياً . (4)
البخاري : بإسناده ، قيل لعمر ألا تَستخلف ؟ قال : إن أستخلف فقد استخلفَ من هو خير منّي ، أبو بكر ، وإن أترك فقد ترك من هو خير منّي ، رسول الله (ص) ، فأثنوا عليه ، فقال : راغب وراهب ، إنّي وددتُ أنّي نجوت منه كفافاً لا ليَ ولا عليّ ، لا أتحمّلها حياً وميّتاً . (5)
مسلم : عن ابن عمر قال : حضرت أبي حين أصيب ، فأثنوا عليه وقالوا : جزاك الله خيراً ، فقال : راغب وراهب ، قالوا : استخلف ! فقال : أتحمّل أمركم حيّا وميّتاً ! لوددت أن حظّي منها الكفاف ، لا عليَّ ولا ليَ ، فإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر وأن أترككم فقد ترككم من هو خير منّي رسول الله (ص) . (6)
أقول : يستفاد من هذه الجملات أمور :
الأوّل : أنّه استبصر في آخر ساعة من حياته بأنّ تحمّله للخلافة قد وقع في غير محلّه وعلى خلاف صلاحه ، وأنّ الكفاف والنجاة منها كان أصلح وأوقع له .
الثاني : أنّه مع هذا القول ـ بأنّ عدم التحمّل حيّاً وميّتاً أوقع له ، وأنّ رسول الله (ص) ، ما استخلف ويلزم اتّباع الرسول ـ خالف قوله ، وخالف سيرة الرسول ، واستخلف بطريق الشورى بين ستّة على شرايط ومقررات معلومة أنتجت خلافة عثمان .
ويروي مسلم أيضاً : عن ابن عمر : قال : دخلت على حفصة ، فقالت : أعلمت أنّ أباك غير مستخلف ؟ قال : قلت ما كان ليفعل ، قالت : إنّه فاعل ، قال : فحلفتُ إنّي أكلّمه في ذلك ، فسكتّ حتى غدوتُ ولم أكلّمه ، قال : فكنت كأنّما أحمل بيميني جَبلاً ، حتى رجعت فدخلت عليه ، فسألني عن حال الناس وأنا أخبره ، قال : ثمّ قلت له : إنّي سمعت الناس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لك : زعموا أنّك غير مستخلف وأنّه لو كان لك راعي إبل أو راعي غنم ثمّ جاك وتركها رأيت أن قد ضيّع ؟ فرعاية الناس أشدّ ، قال : فوافقه قولي فوضع رأسه ساعة ثم رفعه إليّ ، فقال : إنّ الله عزّ وجلّ يحفظ دينه ، وإنّي لئن لا استخلف فإنّ رسول الله (ص) لم يستخلف ، وإن استخلف فإنّ أبا بكر قد استخلف . قال : فوالله ما هو إلاّ أن ذكر رسول الله (ص) وأبا بكر ، فعلمت أنّه لم يكن ليعدل برسول الله أحدا وأنّه غير مستخلف . (7)
أقول : قول ابن عمر ( لو كان لك راعي إبل ) ، كلامٌ فطريّ عقليّ وجدانيّ لا يُنكره من كان له أدنى تدبّر ، وعلى هذا ترى أنّ عمر وافقه ولم ينكره ، وهذا رأينا في رسول الله (ص) بأنّه قد أوصى واستخلف .
الثاني : أنّ أبا بكر على قولهم خالف عمل الرسول (ص) صريحاً ، واعتذاره غير مقبول ، ولا سيّما في هذا الأمر المهم .
الثالث : أنّ عمر قد استخلف أيضاً ، فإنّ تعيين شخص على نحو التفصيل أو الإجمال لا فرق بينهما من جهة أصل التعيين ، مضافا إلى أنّ التعيين الإجمالي يدلّ على تحقّق الضعف والعجز أمّا من ناحية العلم والمعرفة ، وإمّا من جانب رعاية التقية وملاحظة الأحوال وعدم التمكّن والاستطاعة من التعيين التفصيلي .
فإذا كان النبيّ (ص) لم يستخلف على اعتقادهم ، وجعل الأمة بعد ، حيارى وتركهم لا يهتدون سبيلا : فكيف خالفوا هذه الطريقة وحكموا بلزوم تعيين الخليفة .
هل كان رسول الله (ص) لا يدري ما وظيفته ؟ أو لم يعمل بما علم وسامح في العمل برسالته ؟ أو أن الله تعالى قد أهمل عباده وأظلّهم بعد أن أرسل إليهم رسولا ؟
ثمّ إذا كان هذا الإهمال وترك الأمة صلاحاً فكيف لم يعمل به آخرون ، ولم يتمكّنوا من اتّباع هذه المصلحة وسلوك هذه الطريقة ، حتى أنّ عمر التزم أن يستخلف بهذه الكيفية المخصوصة .
وما هذا إلا لأنّ الاستخلاف أمر طبيعي يحكم به العقل والوجدان ، وقد استخلف رسول الله (ص) ، وصرّح باستخلافه في موارد كثيرة ، وأعلن وصيّتها بألفاظ مختلفة ، ويكفي لنا قوله : إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا أبدا .
فنحن نتمسّك بالقرآن الحكيم وأهل البيت الطاهرين ، ونتّبع الثقلين الذين أوصى بهما رسول الله (ص) ، وعلم أنّه ما ينطق عن الهوى  ( إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى   ) . وهذه حجّتنا فيما بيننا وبين الله تعالى . فأتوا بكتاب من عنده إن كنتم صادقين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ تاريخ الطبري ، ج 5 ، ص 34 .
2 ـ مستدرك الحاكم ، ج 3 ، ص 268
3 ـ العقد الفريد ، ج 4 ، ص 274 . وتاريخ الطبري ، ج 5 ، ص 34 .
4 ـ الاستيعاب ، ج 3 ، ص 1154 .
5 ـ البخاري ، ج 4 ، ص 152 .
6 ـ مسلم ، ج 6 ، ص 4 .
7 ـ مسلم ، ج 6 ، ص 5 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page