• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فتنة : طلحة والزبير

تاريخ الطبري : دعا عليّ طلحة والزبير فقال : إن الذي كنت أحذركم قد وقع يا قوم ، وإن الأمر الذي وقع لا يدرك إلا بإماتته ، وإنها فتنة كالنار كلما سُعرت ازدادت واستنارت ، فقالا له : فأذن لنا أن نخرج من المدينة فإما أن نكابر وإما أن تدعنا ، فقال : سأمسُكُ الأمر ما استمسك فإذا لم أجد بدّاً فآخر الدواء الكيّ . (1)
ويروي : من كلام علي (ع) : ألا وإنّ طلحة والزبير وأم المؤمنين قد تمالئوا على سخط إمارتي ودعوا الناس إلى الإصلاح ، وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم ، وأكف إن كفّوا ، واقتصر على ما بلغني عنهم ، ثم أتاه أنهم يريدون البصرة لمشاهدة الناس والإصلاح ، فتعبّأ للخروج إليهم وقال : إن فعلوا هذا فقد انقطع نظام المسلمين وما كان عليهم في المقام فينا مئونة ولا إكرام . (2)
ويروي أيضاً : أن عبد خير الخيواني قام إلى أبي موسى ، فقال : يا أبا موسى ، هل كان هذان الرجلان ـ يعني طلحة والزبير ـ ممن بايع علياً ؟ قال : نعم ، قال : هل أحدث حدثاً يحل به نقض بيعته ؟ قال : لا أدري . قال : لا دريت ! فإنا تاركوك حتى تدري . (3)
ويروي : فلما تراءى‏ الجمعان خرج الزبير على فرس عليه سلاح ، فقيل لعلي : هذا الزبير ، قال : أمَا إنه أحرى الرجلين إن ذُكّر بالله أن يذكر ، وخرج طلحة ، فخرج إليهما عليّ فدنا منهما حتى اختلف أعناق دوابّهم ، فقال عليّ : لعمري لقد أعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً ، إن كنتما أعددتما عند الله عذراً فاتقيا الله سبحانه  (وَلا تَكُونُوا كَالَّتي‏ نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً) ، ألم أكن أخاكما في دينكما تُحرمان دمي وأحرم دمائكما فهل من حدث أحلّ لكما دمي ؟ قال طلحة : ألّبت الناس على عثمان ، قال عليّ : (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبينُ) ، يا طلحة ، تطلب بدم عثمان ! فلعن الله قتلة عثمان ! يا زبير أتذكر يوم مررت مع رسول الله (ص) في بني غنم فنظر إليّ فضحك وضحكتُ إليه فقلتَ : لا يدع ابن أبي طالب زَهوه ، فقال لك رسول الله (ص) : إنه ليس به زهو ، ولتُقاتلنّه وأنت له ظالم ! فقال : اللَّهُم نعم ، ولو ذُكِّرتُ ما سرتُ مسيري هذا ، والله لا أقاتلك أبداً ، فانصرف عليّ إلي أصحابه ، فقال : أما الزبير فقد أعطى الله عهداً ألا يقاتلكم ، ورجع الزبير إلى عائشة فقال لها : ما كنت في موطن منذ عقلت إلا وإنا أعرف فيه أمري غير موطني هذا ، قالت : فما تريد أن تصنع ؟ قال : أريد أن أدعهم وأذهب ، فقال له ابنه عبد الله : جمعت بين هذين الغارين حتى إذا حدّد بعضهم لبعض أردت أن تتركهم وتذهب ، أحسست رايات ابن أبي طالب وعلمت أنها تحملها فتية أنجاد ، قال : إني قد حلفت ألا أقاتله واحفظه ما قال له ، فقال : كفّر عن يمينك وقاتله ، فدعا بغلام له يقال له مكحول فأعتقه . (4)
أقول : الإعتاق كفارة عن يمينه ، فتبقى الإشكالات الماضية في كلام علي (ع) على حالها .
البدء والتاريخ : وسأل طلحة والزبير أن يوليهما البصرة ! فأبى وقال : تكونان عندي أتحمّل بكما فإني استوحش لفراقكما ، واستأذناه في العمرة ! فأذن لهما فقدما على عائشة وعظّما من أمر عثمان ، وقالا : ما كنا نرى في التألب عليه أن يُقتل ، فأما أن قُتل فلا توبة لنا إلا الطلب بدمه ، ونقضا البيعة وأقاما بمكة . (5)
أقول : تدلّ هذه الرواية على أن طلحة والزبير يريدان ولاية البصرة ، ولمّا يئسا منها وأيقنا أن علياً (ع) لا يولِّيهما البصرة استأذنا العمرة ! حتى يخرجا من المدينة وينقضا البيعة .
سنن البيهقي : عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال : هذه غدرة فلان ، وإن من أعظم الغدر بعد الإشراك بالله أن يبايع رجل رجلاً على بيع الله ورسوله ثم ينكث بيعته . (6)
مسند أحمد : عن مطرف قال : قلنا للزبير : يا أبا عبد الله ، ما جاء بكم ؟ ضيّعتم الخليفة حتى قتل ! ثم جئتم تطلبون بدمه ! قال الزبير : إنا قرأناها على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر وعثمان : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) لم نكن نحسب إنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت . (7)
مستدرك الحاكم : عن علقمة بن وقاص ، قلت لطلحة : يا أبا محمد ، إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها وأنت ضارب بلحيتك على زورك ، إن كنت تكره هذا الأمر فدعه فليس يُكرهك عليه أحد ، قال : يا علقمة بن وقّاص ، لا تلمني ! كنا أمس يداً واحدة على من سوانا فأصبحنا اليوم جبلين من حديد يزحف أحدنا إلى صاحبه . (8)
أقول : يعترف طلحة بظهور الاختلاف بين المسلمين ، الموجب لضعفهم وتفرّقهم واستيلاء الأجانب عليهم . ويظهر أن طلحة كان كارهاً للخلاف ومتردداً ومتزلزلاً في أمر هو متحيراً في نقض بيعته .
ثم أن طلحة والزبير وعائشة علّلوا خلافهم وخروجهم بأنهم يطلبون بدم عثمان من أمير المؤمنين علي (ع) ، مع أن هؤلاء كانوا من أشد المخالفين لعثمان ، وأن علياً (ع) كان ممن أعانه ودافع عنه .
الإمامة والسياسة : وذكروا أن الزبير دخل على عائشة ، فقال : يا أماه ! ما شهدتُ موطناً قطّ في الشرك ولا في الإسلام إلا ولي فيه رأي وبصيرة غير هذا الموطن فإنه لا رأي لي فيه ولا بصيرة ، وإني لعلى باطل . قالت عائشة : يا أبا عبد الله ، خفت سيوف بني عبد المطلب . فقال : أما والله أن سيوف بني عبد المطلب طوال حداد يحملها فتية أنجاد . ثم قال لابنه : عليك بحربك ، أما أنا فراجع . (9)
مستدرك الحاكم : عن إسرائيل قال : سمعت الحسن يقول : جاء طلحة والزبير إلى البصرة ، فقال لهم الناس : ما جاء بكم ؟ قالوا : نطلب دم عثمان ، قال الحسن : أيا سبحان الله ! أفما كان للقوم عقول فيقولون والله ما قتل عثمان غيركم ؟ (10)
أقول : في هذا الحديث موارد للنظر :
1 ـ أن عثمان كانت له عائلة وأولاد ، وهم أولياء دمه ، وإذا فقدوا كان الإمام ولياً له .
2 ـ إن طلب الدم لازم أن يكون بالمراجعة إلى الإمام أو القاضي المنصوب من قبله ، فهذا بعد ثبوت الإمام وبعد البيعة له .
3 ـ نقض البيعة بعد البيعة باطل ، وطلب الدم يتوقف على البيعة لا على نقضها .
4 ـ إن كان غرضهم طلب الدم من أمير المؤمنين علي (ع) بعنوان أنه من قتلة عثمان ! فهو باطل ، لأنه كان ممن أعانه ودفع عنه . وإن كان قصدهم طلب أفراد اشتركوا في إثارة الفتنة وتهييج الناس ، فهؤلاء الطالبون كانوا من أشدّ المُثيرين وفي رأس المخالفين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ تاريخ الطبري ، ج 5 ، ص 162 .
2 ـ نفس المصدر ، ص 164 .
3 ـ نفس المصدر ، ص 189 .
4 ـ تاريخ الطبري ، ج 5 ، ص 199 .
5 ـ البدء والتاريخ ، ج 5 ، ص 210 .
6 ـ سنن البيهقي ، ج 8 ، ص 159 .
7 ـ مسند أحمد ، ج 1 ، ص 165 .
8 ـ مستدرك الحاكم ، ج 3 ، ص 118 .
9 ـ الإمامة والسياسة ، ج 1 ، ص 64 .
10 ـ مستدرك الحاكم ، ج 3 ، ص 118 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page