طباعة

إتمام الحجة عليهم

كان الأمر واضحاً ، والحق بيّناً (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى) . ومع هذا أراد الإمام أن يُتمم الحجة ، لئلا يكون للناس على الله حجة .
تاريخ الطبري : فقال علي لأصحابه : أيكم يُعرض عليهم هذا المصحف وما فيه ، فإن قطعت يده أخذه بيده الأخرى ، وإن قطعت أخذه بأسنانه ؟ قال فتى شاب : أنا ، فطاف عليّ على أصحابه يُعرض ذلك عليهم ، فلم يقبله إلا ذلك الفتى ، فقال له عليّ : أعرض عليهم هذا وقل هو بيننا وبينكم من أوله إلى آخره والله في دمائنا ودمائكم ! فحُمل على الفتى وفي يده المصحف فقطعت يداه فأخذه بأسنانه حتى قتل ، فقال عليّ : قد طاب لكم الضراب فقاتلوهم ! فقتل يومئذٍ سبعون رجلاً كلهم يأخذ بخطام الجمل .  (1)
أقول : هذا تمام الحجة ، وفيه ينقطع الكلام ويتم الاعتذار ، فإن كلام الله فوق كلمات المخلوقين ، وفيه يرتفع الخلاف ، وهو الحق من ربكم ، لا ريب فيه هدى للمتقين . فانظر إلى جوابهم وإلى ما عملوا في قبال هذه الدعوة الحقة ، فقتلوا داعيها وأظهروا الخلاف والعدوان ، وخالفوا كلام الله الحق ، وأعرضوا عن الحقيقة ، وضلوا وأضلوا كثيراً من الناس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ تاريخ الطبري ، ج 5 ، ص 204 .