الوفيات : أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية ، كان من سادات أهل البيت ، ولقّب بالصادق لصدقه في مقالته ، وفضله أشهر من أن يذكر ، وله كلام في صنعة الكيمياء والزجر والفال ، وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيّان الصوفي الطرطوسيّ ، قد ألّف كتاباً يشتمل على ألف ورقة يتضمّن رسائل جعفر الصادق (عليه السلام) ، وهي خمسمئة رسالة . وكان المنصور أراد إشخاصه إلى العراق معه عند مسيره إلى المدينة فاستعفاه من ذلك فلم يُعفه ... وكانت ولادته سنة ثمانين للهجرة ... وتوفى سنة ثمان وأربعين ومئة بالمدينة ودفن بالبقيع . انتهى ملخَّصاً . (1)
تذكرة الحفاظ : جعفر بن محمد الإمام أبو عبد الله العلوي المدني الصادق ، أحد السادة الأعلام .
عن أبي حنيفة قال : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد . وقال أبو حاتم : ثقة لا يُسأل عن مثله . وعن صالح بن أبي الأسود سمعت جعفر بن محمد يقول : سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لا يحدّثكم أحد بعدي بمثل حديثي . وقال هياج بن بسطام : كان جعفر الصادق يُطعم حتى لا يبقى لعياله شيء . (2)
حلية الأولياء : عن عبد الله بن شبرمة قال : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد ، فقال لابن أبي ليلي : من هذا معك ؟ قال : هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين . قال : لعله يقيس أمر الدين برأيه ؟ قال : نعم . فقال جعفر لأبي حنيفة : ما اسمك ؟ قال : نعمان . قال : يا نعمان ، هل قست رأسك بعد ؟ قال : كيف أقيس رأسي ؟ قال : ما أراك تُحسن شيئاً ، هل علمت ما الملوحة في العينين والمرارة في الأذنين والحرارة في المنخرين والعذوبة في الشفتين ؟ قال : لا . قال : ما أراك تُحسن شيئاً . قال : فهل علمت كلمة أوّلها كفر وآخرها إيمان ؟ فقال ابن أبي ليلى : يا ابن رسول الله ، أخبرنا بهذه الأشياء التي سألته عنها ؟ فقال : أخبرني أبي عن جدّي أن رسول الله (ص) قال : إن الله تعالى بمنّه وفضله جعل لابن آدم الملوحة في العينين لأنهما شحمتان ولولا ذلك لذابتاً ، وإن الله تعالى بمنّه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل المرارة في الأذنين حجاباً من الدوابّ فإن دخلت الرأس دابة والتمست إلى الدماغ فإذا ذاقت المرارة التمست الخروج ، وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح ولولا ذلك لأنتن الدماغ ، وإن الله تعالى بمنه وكرمه ورحمته لابن آدم جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما استطعام كل شيء ويسمع الناس بها حلاوة منطقه . قال : فأخبرني عن الكلمة التي أولها كفر وآخرها إيمان ؟ فقال : إذا قال العبد : (لا اله) فقد كفر ، فإذا قال : (إلا الله) فهو إيمان . ثم أقبل على أبي حنيفة فقال : يا نعمان ، حدثني أبي عن جدي أن رسول الله (ص) قال : أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس ، قال الله تعالى له اسجد لآدم فقال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَني مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِيْن) فمن قاس الدين برأيه قرنه الله يوم القيامة بإبليس لأنه اتبعه بالقياس . وزاد ابن شبرمة في حديثه : ثم قال جعفر : أيهما أعظم : قتل النفس أو الزنا ؟ قال : قتل النفس ، قال : فإن الله عَزَّ وجَلَّ قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة . ثم قال : أيهما أعظم : الصلاة أم الصوم ؟ قال : الصلاة ، قال : فما بال الحائض تقتضي الصوم ولا تقتضي الصلاة . فكيف ويحك يقوم لك قياسك ! اتق الله ولا تقس الدين برأيك . (3)
مطالب السؤول : قال مالك بن أنس : قال جعفر يوماً لسفيان الثوري : يا سفيان ، إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها فأكثر من الحمد والشكر عليها ، فإن الله عَزَّ وجَلَّ قال في كتابه العزيز : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزيدَنَّكُمْ) . وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار ، فإن الله عز وعلا قال في كتابه : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ) يعني في الدنيا (وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ) في الآخرة . يا سفيان ، إذا حزنك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من : لا حول ولا قوة إلا بالله ؛ فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة . (4)
تذكرة الخواص : وقال الثوري بالإسناد المتقدم : قلت لجعفر : يا ابن رسول الله ، اعتزلت الناس ! فقال : يا سفيان ، فسد الزمان وتغيّر الإخوان فرأيت الانفراد اسكن للفؤاد . (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الوفيات ، ج 1 ، ص112 .
2 ـ تذكرة الحفاظ ، ج 1 ، ص166 .
3 ـ حلية الأولياء ، ج 3 ، ص196 .
4 ـ مطالب السئول (الباب السادس ـ أبو عبد الله) .
5 ـ تذكرة الخواص ، ص195 .
الإمام جعفر بن محمد (عليهما السلام)
- الزيارات: 2799