قال العلاَّمة الكبير الشيخ محمود أبو ريَّة ( طاب ثراه ) :
قال ابن التين وغيره :
الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان ، أنَّ جَمْع أبي بكر كان لخشية أنْ يذهب مِن القرآن شيء بذهاب حملته ؛ لأنَّه لم يكن مجموعاً في موضع واحد ، فجمعه في صحائف مرتِّباً لآياته وسوره على ما وقفهم النبي ( صلّى الله عليه وسلم ) ، وجَمْع عثمان كان لمَّا كثر الاختلاف في وجوه القراءة ، حتَّى قرأوا بلغاتهم مِن اتساع اللغات ، فأدَّى ذلك إلى تخطئه بعضهم بعضاً ، فخشي مِن تفاقم الأمر في ذلك ، فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتِّباً لسوره ، واقتصر مِن سائر اللغات على لغة قريش ، محتجَّاً بأنَّه نزل بلغتهم ، وإنْ كان قد وسَّع في قراءته بلغة غيرهم ؛ رفعاً للحرج والمشقَّة في ابتداء الأمر ، فرأى أنَّ الحاجة في ذلك قد انتهت فاقتصر على لغة واحدة . ( أضواء على السنَّة المحمدية ص 251 الطبعة الثالثة لدر المعارف بمصر ) .
وقال الشيخ محمود أبو ريه طاب ثراه :
غريبة توجب الحيرة
مِن أغرب الأُمور ، وممَّا يدعو إلى الحيرة أنَّهم لم يذكروا اسم علي ( رضي الله عنه ) فيمَن عهد إليهم بجمع القرآن ، وكتابته لا في عهد أبي بكر ، ولا في عهد عثمان : ويذكرون غيره ممَّن همْ أقلُّ منه درجة في العلم ، والفقه ! فهل كان علي لا يُحسن شيئاً مِن هذا الأمر ؟! أو كان مِن غير الموثوق بهم ؟! أو ممَّن لا يصحُّ استشارتهم أو إشراكهم في هذا الأمر ؟!
اللهمَّ ، إنَّ العقل والمنطق ليقضيان بأنْ يكون علي أول مَن يُعهد إليه بهذا الأمر ، وأعظم مَن يُشارك فيه ، وذلك بما أُتيح له مِن صفات ، ومزايا ، لم تتهيَّأ لغيره مِن بين الصحابة جميعاً ـ فقد ربَّاه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على عينه ، وعاش زمناً طويلاً تحت كَفنه ، وشهد الوحي مِن أوَّل نزوله إلى يوم انقطاعه ، بحيث لم يندَّ عنه آيته مِن آياته !!
فإذا لم يُدعَ إلى هذا الأمر الخطير فإلى أيّ شيء يُدعى ؟!
وإذا كانوا قد انتحلوا معاذير ليسوُّغوا بها تخطيِّهم إيَّاه في أمر خلافة أبي بكر فلم يسألوه عنها ، ولم يستشيروه فيها ، فبأيِّ شيء يعتذرون مِن عدم دعوته لأمر كتابة القرآن ؟! فبماذا نُعللّ ذلك ؟! وبماذا يحكم القاضي العادل فيه ؟! حقَّاً إنَّ الأمر لعجيب ! وما علينا إلاَّ أنْ نقول كلمة لا نملك غيرها وهي :
لك الله يا علي ! ما أنصفوك في شيء ! . ( أضواء على السنَّة المحمدية ص 249 الطبعة الثالثة لدار المعارف بمصر ) .
الفَرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان
- الزيارات: 16075