أخرج المتَّقي الهندي ، عن أبي عبيد عن أُبيِّ ، أنَّ النبي ( صلّى الله عليه وسلم ) قال : ( إنَّ الله أمرني أنْ أقرأ عليك القرآن فقرأ عليه ) :
لم يكن ، وقرأ عليه :
إنَّ ذات الدين عند الله الحنيفية ، لا المشركة ، ولا اليهودية ، ولا النصرانية ، ومَن يعمل خيراً فلن يكفره . وقرأ عليه :
لو كان لابن آدم وادٍ لابتغى إليه ثانياً ، ولو أعطى ثانياً لابتغى ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ، ويتوب الله على مَن تاب (1) .
وقال الراغب الأصبهاني :
أثبت زيد بن ثابت سورتي القنوت في القرآن ، وأثبت ابن مسعود في مصحفه :
لو كان لابن آدم واديان مِن ذهب لابتغى إليهما ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ، ويتوب الله على مَن تاب (2) .
وقال جلال الدين السيوطي :
وأخرج ابن الضرّيس ليؤيِّدنَّ الله هذا الدين برجال ما لهم في الآخرة مِن خلاق ، ولو أنَّ لابن آدم ، واديين مِن مال ، لتمنَّى وادياً ثالثاً ، ولا يملاً جوف ابن آدم إلاَّ التراب ، فيتوب الله عليه ، والله غفور رحيم .
وأخرج أبو عبيد ، وأحمد ، والطبراني في الأوسط ، والبيهقي في ( شعب الإيمان ) عن أبي واقد الليثي قال :
كان رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) إذا أُوحي إليه أتيناه فعلمنا ما أُوحي إليه .
قال : فجئته ذات يوم فقال :
إنَّ الله يقول :
إنَّا أنزلنا المال لإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، ولو أنَّ لابن آدم وادياً لأحبَّ أنْ يكون إليه الثاني ، ولو كان له الثاني لأحبَّ أنْ يكون إليهما ثالث ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ، ويتوب الله على مَن تاب (3) .
وقال ابن الأثير (4)
أبو الأسود الدؤلي قال : بعث أبو موسى إلى قرَّاء أهل البصرة ، فدخل عليه ثلاثمئة رجل قد قرأوا القرآن فقال :
أنتم خيار أهل البصرة وقرَّاؤهم ، فاتلوه ، ولا يطولنَّ عليكم الأمد فتقسوه قلوبكم ، كما قست قلوب مَن كان قبلكم ، وإنَّا كنَّا نقرأ سورة كُنَّا نُشبِّهها في الطول والشدِّة ببراءة ، فأُنسيتها ، غير أنِّي حفظت منها :
لو كان لابن آدم واديان مِن مال لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب (5) .
أخرج أبو داود ، وأحمد ، وأبو يعلى ، والطبراني عن زيد بن أرقم قال :
كنَّا نقرأ على عهد رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) :
لو كان لابن آدم واديان مِن ذهب ، وفضَّة لابتغى الثالث ، ولا يملأ بطن ابن آدم إلاَّ التراب ، ويتوب الله على مَن تاب ( 6) .
وأخرج أبو عبيد ، وأحمد عن جابر بن عبد الله قال : كنَّا نقرأ :
لو أنَّ لابن آدم ملء وادٍ مالاً ، لأحبَّ إليه مثله ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ، ويتوب الله على مَن تاب .
وأخرج ابن الأنباري عن زر ، قال : في قراءة أُبيِّ بن كعب ،
ابن آدم لو أُعطي وادياً مِن مال لابتغى ثانياً ، ولو أُعطي واديين مِن مال لالتمس ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ، ويتوب الله على مَن تاب (7) .
وعن ابن عباس قال :
كنت عند عمر فقرأت :
لو كان لابن آدم واديان مِن ذهب لابتغى الثالث ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ، ويتوب الله على مَن تاب .
قال عمر ما هذا ؟!!
قلت : هكذا أقرأنيها رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) (8) .
قال الأمام أحمد : حدَّثنا عبد الله ، حدَّثني أُبي ، حدَّثنا عبد الرحمان ، عن مالك عن الزهري ، عن عروة عبد الرحمان بن عبد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :
سمعت هشام بن حكيم يقرأ ( سورة الفرقان ) في الصلاة على غير ما أقرأها ، وكان رسول الله ( صلّى الله عليه وسلم ) أقرأنيها ، فأخذت بثوبه فذهبت به إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقلت : يا رسول الله ،
إنِّي سمعته يقرأ ( سورة الفرقان ) على غير ما أقرأنيها ، فقرأ القراءة التي سمعتها منه (9).
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال : أمر عمر بن الخطاب منادياً فنادى : إنَّ الصلاة جامعة ، ثمَّ صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال :
يا أيُّها الناس لا تجزعنَّ مِن آية الرجم ؛ فإنَّها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها ، ولكنَّها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد ، وآية ذلك أنَّ النبي ( صلّى الله عليه وسلم ) قد رجم ، وأنَّ أبا بكر قد رجم ، ورجمت بعدهما وإنَّه سيجيء قوم مِن هذه الأمَّة يكذبون بالرجم . ( الدرُّ المنثور في التفسير بالمأثور 5/179 ) .
وقال العلاَّمة الكبير الشيخ أبو ريَّة ( طاب ثراه ) :
ولم يقف فعل الرواية عند ذلك ، بلْ تمادت إلى ما هو أخطر مِن ذلك ، حتَّى زعمت أنَّ في القرآن نقصاً ، ولحناً وغير ذلك ممَّا أورد في كتب السنَّة ، ولو شئنا أنْ نأتي به كلِّه هنا لطال الكلام ـ ولكنَّا نكتفي بمثالين ممَّا قالوه في نقص القرآن ، ولم نأت بهما مِن كتب السنَّة العامَّة بلْ ممَّا حمله : الصحيحان ، ورواه الشيخان : البخاري ، ومسلم .
أخرج البخاري وغيره عن عمر بن الخطاب أنَّه قال ـ وهو على المنبر :
إنَّ الله بعث محمّداً بالحقِّ نبيِّاً ، وأنزل عليه الكتاب فكان ممَّا أنزل آية الرَّجم ، فقرأناها وعقلناها ووعيناها . رجم رسول الله (ص) ورجمنا بعده ، فأخشى إنْ طال بالناس زمان أنْ يقول قائل : ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلُّ بترك فريضة أنزلها الله ، والرجم في كتاب الله حقٌّ على مَن زنى إذا أُحصن مِن الرجال والنساء .
ثمَّ إنَّا كنَّا نقرأ فيما يقرأ في كتاب الله ، ألا ترغبوا عن آبائكم فإنَّه كفر بكم أنْ ترغبوا عن آبائكم .
وأخرج مسلم عن أبي الأسود عن أبيه قال : بعث أبو موسى الأشعري ، إلى قرَّاء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن فقال :
أنتم خيار أهل البصرة ، وقراؤهم ، ولا يطولنَّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب مَن كان قبلكم ، وإنَّا كنَّا نقرأ سورة كنَّا نُشبِّهها في الطول ، والشدَّة ببراءة فأنسيتها غير أنِّي قد حفظت منها : ( لو كان لابن آدم واديان مِن مال لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ) وكنَّا نقرأ سورة كنَّا نُشبِّهها بإحدى المُسبَّحات فأنسيتها غير أنِّي حفظت منها :
( يا أيُّها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتُكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة ) .
نجتزئ بما أوردنا وهو كافٍ هنا لبيان كيف تفعل الرواية حتَّى في الكتاب الأول للمسلمين ، وهو القرآن الكريم ! ولا ندري كيف تذهب هذه الروايات التي تفصح بأنَّ القرآن فيه نقص ، وتحمل مثل هذه المطاعن مع قول الله سبحانه :
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وأيُّهما نصدق ؟!
اللهمَّ إنَّ هذا أمر عجيب يجب أنْ يتدبَّره أولو الألباب . ( أضواء على السنَّة المحمدية ص 256 ، 257 الطبعة الثالثة لدار المعارف بمصر ) .
_________
(1) منتخب كنز العمال بهامش مسند الإمام أحمد : 2/42 .
(2) المحاضرات : 2/250 طبعة مصر .
(3) الدرُّ المنثور : 1/105 ، الإتقان في علوم القرآن : 2/25 .
(4) هو المبارك بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري الشافعي ، أبو السعادات المشهور بابن الأثير . ولِد ( سنة 544 هـ ) في جزيرة ابن عمر ، وانتقل في شبابه إلى الموصل حيث أكبَّ على الدرس فبزَّ أقرانه في مختلف العلوم ، وذاع صيته ، وأثبتت شهرته في سائر الأقطار . انظر : مقدَّمة جامع الأصول 1|3 .
(5) جامع الأصول : 3|8 رقم الحديث 904 طبعة مصر ( عام 1370 هـ ) .
(6) الدرُّ المنثور في التفسير بالمأثور : 1|105 وأورده الآلوسي في تفسيره روح المعاني : 1|20 باختلاف يسير .
(7) المصدر السابق 1/106 ، الجامع الصغير : 2/131
(8) منتخب كنز العمال بهامش مسند الإمام أحمد : 2/43
(9) مسند الإمام أحمد : 1/40 ، صحيح مسلم : 3/137 بتحقيق الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي .
الزيادة والنقيصة في القرآن
- الزيارات: 2797