طباعة

كلمة الختام

وها نحن أُولاء قد أوردنا في هذا البحث الوجيز ، نُبذة مِن آراء علمائنا الأعلام ( الشيعة الإمامية ) مِن القرن الثالث الهجري حتَّى العصر الحاضر( القرن الخامس عشر ) ، وإنَّهم جميعاً ينفون تحريف القرآن الكريم ولا يعترفون بزيادة فيه أو بنقصان .
فيلزم على علماء السنَّة ـ كذلك ـ أنْ لا يعترفوا بصحَّة الأحاديث الواردة في صحاحهم ، ومسانيدهم والتي تُثبت تحريف القرآن الكريم عندهم .
فالواجب يُحتِّم علينا جميعاً تنزيه القرآن الكريم مِن هذه المطاعن ، أنْ نضرب بمثل هذه الأحاديث عرض الجدار لمخالفتها لنصِّ القرآن الكريم ، قال الله تعالى : (لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) .
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) .
وممَّا هو محفوظ منه : الزيادة ، والنقصان .
وقد ألزمنا أئمَّتنا الأطهار أهل بيت الرسول الأكرم المختار ( عليهم أفضل الصلاة وأتمُّ السلام ) بالعمل بهذا القرآن العظيم ، المتداول بأيدينا وأيدي جميع المسلمين ، في شرق الأرض وغربها ؛ لأنَّ ما بين الدفَّتين كلَّه كلام الله تعالى ربِّ العالمين وهو : القرآن وليس غيره .
وأكثر مِن ذلك ... فقد ألزمنا الأئمَّة الاثنا عشر أوصياء الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) بعرض الأحاديث المروية عنهم ( عليهم السلام ) على القرآن الكريم ، فإنْ كانت موافقة للقرآن فإنَّها منهم ، وإنْ كانت مخالفة له فإنَّها ليست منهم ، ويجب تركها وعدم الاهتمام بها ، وضربها عرض الجدار .
هكذا وبهذه الصراحة ، والعمل جارٍ على هذا المنهاج .
فإذاً ؛ يجب على علماء المسلمين الغيارى كافَّة في جميع الأقطار الإسلامية ، أنْ يشكِّلوا لجاناً خاصة لمراجعة أمثال هذه الأحاديث المذكورة ، والمتكرِّرة في الصحاح الستَّة والمسانيد ، والتي تُثبت تحريف القرآن الكريم بالزيادة والنقصان ، لتحقيق متونها والبحث عن سلسلة رواتها (1) كيلا يتسنَّى للمُنحرفين ( عملاء الاستعمار ) أنْ يصلوا إلى أهدافهم الدنيئة مِن هذا الطريق ، وإلى غايتهم المشؤومة مِن الطعن في الإسلام .
والاستعمار يُهمُّه دائماً نشر هذه الأحاديث ؛ لأنَّها تشوِّه سمعة الإسلام وتشغل المسلمين بأنفسهم بتفريق كلمتهم ، وتشتيت شملهم!!
والأمل مِن أمَّة الإسلام أنْ تعي ، ورجال الحكم الغيارى أنْ يتيقَّظوا مِن هذا السُّبات العميق ، ويكونوا وحدة متماسكة مع جميع مسلمي العالم ؛ كي لا يوفَّق الاستعمار لنيل أغراضه الخبيثة ، وغاياته الدنيئة .
وفي الآونة الأخيرة ، عندما شاهد الاستعمار صولة الإسلام ورقيِّه في بناء صرح الجمهورية الإسلامية في إيران ، أوحى إلى عملائه ، وأذنابه ـ في الشرق الأوسط وخاصة في هذا العصر ـ أمثال :
إبراهيم الجبهان ، إحسان الهي ظهير الباكستاني ، عبد الله محمد الغريب ، محمد عبد الستار التولستوي ... ، أبو الحسن الندوي ، محمد أحمد التركماني ومَن لفَّ لفَّهم (2) فاشترى منهم ما تبقَّى مِن دينهم ، وضمائرهم ، بثمن بخس لبثِّ السّموم ونشرها على مستوى عالمي ، قال الله تعالى :
(أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) . البقرة : 16.
(وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السبيلا) . الأحزاب : 67 .
(... أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) . التوبة : 69.
(... وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً) . النساء : 119 .
ليشنُّوا الأكاذيب ، والافتراءآت ، ويُلصقوا التُّهم الرّخيصة بنشر مقالة في صحيفة أو مجلَّة ، أو كرَّاس ، أو تأليف كتيِّب ، أو كتاب ضدَّ الطائفة المسلمة ( الشيعة الإمامية ) وليتسنَّى لهم بذلك ضرب المسلمين بعضهم ببعض ، وما هي إلاَّ دسيسة يقوم بها المستعمر الكافر .
فهل تعي أُمَّة الإسلام ، وتستيقظ مِن هذا السُّبات العميق ؛ كي لا يوفَّق الاستعمار لبلوغ أغراضه ، ولا تُحقِّق له غايته المشؤومة التي تهدف إلى السيطرة على بلاد الإسلام ، وليستعيد المسلمون قوَّتهم ، ومجدهم ونشاطهم .
هذا وليعلم الأفَّاكون والمضلِّلون ، والذين يسعون في نشر هذه السُّموم ضدّ هذه الطائفة ( الشيعة الإمامية ) أنَّ هذا لا يضيرهم بشيء ؛ لأنَّ الله تعالى وعد المؤمنين المجاهدين في سبيله بالنّصر فقال عزّ مِن قائل :
(إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ...) (... وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ...) (... وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) صدق الله العليُّ العظيم .
وفي ختام هذا الكتاب نسأل الله أنْ يخلص لنا النيَّات ويوفِّقنا للقيام بما يحبُّ ويرضى إنَّه سميع الدعاء قريب مجيب.
ربَّنا عليك توكَّلنا ، وإليك أنبنا وإليك المصير.
بيروت ـ لبنان
السيِّد مرتضى الرضوي
____________
(1) قبل نصف قرن تقريباً ، قامت دار الكتب المصرية بالقاهرة بمديرية الأستاذ علي فكري للدار ، لمراجعة الكتب التي يشمُّ منها التأييد للشيعة الإمامية ، أو لأهل البيت الأطهار ( عليهم السلام ) فكانت اللجنة تحذف ذلك الكلام كلَّه ، وتختم الكتاب بالعبارة الآتية : راجعته اللجنة المغيِّرة للكتب بتوقيع رئيس اللجنة علي فكري .
(2) راجع بداية هذا الكتاب تجد عدداً غير قليل منهم .