• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

بحث آخر روائي

في الكافي ، بإسناده عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن المتعة ، فقال : ( نزلت في القرآن : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ... ) ) (1) .
وفيه ، بإسناده عن ابن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : ( إنّما نزلت : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ... ) ) .
أقول : وروى هذه القراءة العيّاشي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، ورواها الجمهور بطرق عديدة عن أُبي بن كعب وعبد الله بن عباس كما سيأتي : ولعلّ المراد بأمثال هذه الروايات الدلالة على المعنى المراد من الآية دون النزول اللفظي .
وفيه ، بإسناده عن زرارة قال : جاء عبد الله بن عمير الليثي إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) فقال له : ما تقول في متعة النساء ؟ فقال : ( أحلّها الله في كتابه وعلى لسان نبيّه ؛ فهي حلال إلى يوم القيامة ) ، فقال : يا أبا جعفر مثلك يقول هذا ؛ وقد حرّمها عمر ونهى عنها ؟! فقال : ( وإن كان فعل ) . فقال : إنّي أُعيذك بالله ، من ذلك أن تُحلَّ شيئاً حرّمه عمر .
قال : فقال له : ( فأنت على قول صاحبك ، وأنا على قول رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ، فهلمَّ أُلاعِنُك أن القول ما قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ، وأن الباطل ما قال صاحبك ) ، فأقبل عبد الله بن عمير فقال : أيسرُّك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمّك يفعلن ؟!
قال : فأعرض عنه أبو جعفر ( عليه السلام ) حين ذكر نساءه وبنات عمِّه .
وفيه ، بإسناده عن أبي مريم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ( المتعة نزل بها القرآن وجرت بها السنّة من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ) (2) .
وفيه ، بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن المتعة . فقال : ( أيُّ المتعتين تسأل ؟ ) . قال : سألتك عن متعة الحج ، فأنبئني عن متعة النساء أحقٌّ هي ؟ فقال : ( سبحان الله ! أما قرأت كتاب الله عز وجل : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ... ) ؟! ) . فقال : والله ، كأنّها آية لم أقرأها قطُّ (3) .
وفي تفسير العيّاشي ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال جابر بن عبد الله ، عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) إنّهم غزوا معه فأحلّ لهم المتعة ولم يُحرِّمها ، وكان علي يقول : ( لولا ما سبقني به ابن الخطاب ـ يعني عمر ـ ما زنى إلاّ شقيّ ) (4) . وكان ابن عباس يقول : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ   ـ  إلى أجل مسمى ـ  فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ... ) ، وهؤلاء يكفرون بها ، ورسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) أحلّها ولم يُحرِّمها (5) .
وفيه ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في المتعة قال : ( نزلت هذه الآية : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ... ) . قال : لا بأس بأن تزيدها وتزيدك إذا انقطع الأجل فيما بينكما ؛ يقول : استحللتك بأجل آخر برضى منها ، ولا تحلُّ لغيريك حتى تنقضي عدّتها ، وعدّتها حيضتان ) (6) .
وعن الشيباني ، في قوله تعالى : ( ... وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ... ) ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ( عليهما السلام ) أنّهما قالا : ( هو أن يزيدها في الأجرة ، وتزيده في الأجل ) .
أقول : والروايات في المعاني السابقة مستفيضة أو متواترة عن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وإنّما أوردنا طرفاً منها ، وعلى مَن يُريد الاطِّلاع عليها جميعاً أن يُراجع جوامع الحديث .
وفي الدرّ المنثور (7) ، أخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : كان متعة النساء في أول الإسلام ، كان الرجل يقدم البلدة ليس معه مَن يُصلح له ضيعته ، ولا يحفظ متاعه ، فيتزوّج المرأة إلى قدر ما يرى أنّه يفرغ من حاجته فتنظر له متاعه ، وتُصلح له ضيعته ، وكان يقرأ : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ  ـ إلى أجل مسمى ـ ... ) ، نسختها : محصنين غير مسافحين ، وكان الإحصان بيد الرجل يُمسك متى شاء ، ويُطلِّق متى شاء (8) .
وفي مستدرك الحاكم ، بإسناده عن أبي نضرة قال : قرأت على ابن عباس : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ... ) ، قال ابن عباس : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ ـ منهن إلى أجل مسمى ـ ... ) ، فقلت : ما نقرؤها كذلك ؟! فقال ابن عباس : والله ، لأنزلها الله كذلك (9) .
أقول : ورواه في الدرّ المنثور ، عنه وعن عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف .
وفي الدرّ المنثور ، أخرج عبد بن حميد وابن جرير ، عن قتادة قال : في قراءة أُبيّ بن كعب : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ ـ منهن إلى أجل مسمى ـ ... ) .
وفي صحيح الترمذي ، عن محمد بن كعب ، عن ابن عباس قال : إنّما كانت المتعة في أول الإسلام ، كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوّج المرأة بقدر ما يرى أنّه يُقيم ، فيحفظ له متاعه ويُصلح له شيئه حتى إذا نزلت الآية : ( ... إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ... ) قال ابن عباس ، فكل فرج سوى هذين فهو حرام .
أقول : ولازم الخبر أنّها نُسخت بمكّة ؛ لأنّ الآية مكّية .
وفي مستدرك الحاكم ، عن عبد الله بن أبي مليكة : سألت عائشة رضي الله عنها عن متعة النساء ، فقالت : بيني وبينكم كتاب الله .
قال : وقرأت هذه الآية : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) ، فمن ابتغى وراء ما زوّجه الله أو ملّكه فقد عدا .
وفي الدرّ المنثور (10) ، أخرج أبو داود في ناسخه ، وابن المنذر والنحّاس من طريق عطاء ، عن ابن عباس في قوله :  ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) قال : ( نسختها :  ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ... )   (11) ، ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ ... )  (12) ،  ( وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ ... )  (13) ) (14) .
وفيه ، أخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر والنحّاس والبيهقي عن سعيد بن المسيب ، قال : نسخت آية الميراث المتعة (15) .
وفيه ، أخرج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود قال : المتعة منسوخة ، نسخها الطلاق والصدقة والعدّة والميراث .
وفيه ، أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن علي قال : نسخ رمضان كل صوم ، ونسخت الزكاة كل صدقة ، ونسخ المتعة الطلاق والعدّة والميراث ، ونسخت الضحية كل ذبيحة (16) .
وفيه ، أخرج عبد الرزاق وأحمد ومسلم عن سبرة الجهني (17) ، قال : أذِن لنا رسول الله ( ص ) عام فتح مكّة في متعة النساء ، فخرجت أنا ورجل من قومي ، ولي عليه فضل في الجمال ، وهو قريب من الدمامة مع كل واحد منّا بُرد ، وأمّا بُردي فخلق ، وأمّا بُرد ابن عمّي فبُرد جديد غضٌّ ، حتى إذا كنّا بأعلى مكة تلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة ، فقلنا : هل لك أن يستمتع منك أحدنا ؟ قالت : وما تبذلان ؟ فنشر كل واحد منّا بُرده ، فجعلت تنظر إلى الرجلين ، فإذا رآها صاحبي قال : إن بُرد هذا خلق ، وبُردي جديد غضّ . فتقول : وبُرد هذا لا بأس به ، ثمّ استمتعت منها ، فلم نخرج حتى حرّمها رسول الله ( ص ) (18) .
وفيه ، أخرج مالك ، وعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة ، عن علي بن أبي طالب : ( أنّ رسول الله ( ص ) نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، وعن أكل لحوم الحمر الإنسيّة ) .
وفيه ، أخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، ومسلم عن سلمة بن الأكوع ، قال رخّص لنا رسول الله ( ص ) في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيّام ، ثمّ نهى عنها بعدها (19) .
وفي شرح ابن العربي لصحيح الترمذي ، عن إسماعيل ، عن أبيه عن الزهري : أنّ سبرة روى ، أنّ النبي ( ص ) نهى عنها في حجّة الوداع ؛ أخرجه أبو داود قال : وقد رواه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن الربيع بن سبرة ، عن أبيه ، فذكر فيه : أنّه كان في حجّة الوادع بعد الإحلال ، وأنّه كان بأجل معلوم ، وقد قال الحسن : إنّها في عمرة القضاء .
وفيه ، عن الزهري : أنّ النبي ( ص ) جمع المتعة في غزوة تبوك .
أقول : والروايات كما ترى ، تختلف في تشخيص زمان نهيه ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) بين قائلة : إنّه كان قبل الهجرة . وقائلة : بأنّه بعد الهجرة بنزول آيات النكاح والطلاق العدّة والميراث ، أو بنهي النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) عام خيبر ، أو زمن عمرة القضاء ، أو عام أوطاس ، أو عام الفتح ، أو عام تبوك ، أو بعد حجّة الوداع ؛ ولذا حُمل على تكرر النهي عنها مرّات عديدة ، وأنّ كلاَّ ًمن الروايات تُحدِّث عن مرّة منها ، لكنّ جلالة بعض رواتها كعلي وجابر وابن مسعود مع ملازمتهم للنبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) وخبرتهم بالخطير واليسير من سيرته ، تأبى أن يخفى عليهم نواهيه ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) .
وفي الدرّ المنثور ، أخرج البيهقي ، عن علي قال : ( نهى رسول الله ( ص ) عن المتعة ، وإنّما كانت لمَن لم يجد ، فلمّا نزل النكاح والطلاق والعدّة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت ) (20) .
وفيه ، أخرج النحّاس ، عن علي بن أبي طالب : أنّه قال لابن عباس : ( إنّك رجل تائه ، إنّ رسول الله ( ص ) نهى عن المتعة ) (21) .
وفيه ، أخرج البيهقي ، عن أبي ذر قال : إنّما أُحلّت لأصحاب رسول الله ( ص ) المتعة ثلاثة أيّام ، ثمّ نهى عنها رسول الله ( ص ) (22) .
وفي صحيح البخاري ، عن أبي جمرة قال : سئل ابن عباس عن متعة النساء ، فرخّص فيها ، فقال له مولى له : إنّما كان ذلك وفي النساء قلّة والحال شديد ، فقال ابن عباس : نعم .
وفي الدرّ المنثور ، أخرج البيهقي ، عن عمر أنّه خطب فقال : ما بال رجال ينكحون هذه المتعة ، وقد نهى رسول الله ( ص ) عنها لا أُوتى بأحد نكحها إلاَّ رجمته (23) .
وفيه ، أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن سبرة قال : رأيت رسول الله ( ص ) قائماً بين الركن والباب وهو يقول : ( يا أيُّها الناس ، إنّي كنت أذنت لكم في الاستمتاع ، ألا وإنّ الله حرّمها إلى يوم القيامة ؛ فمَن كان عنده منهنّ شيء فليخلّ سبيلها ، ولا تأخذوا ممّا آتيتموهنّ شيئاً ) (24) .
وفيه ، أخرج ابن أبي شيبة ، عن الحسن قال : والله ، ما كانت المتعة إلاّ ثلاثة أيّام ، أذِن لهم رسول الله ( ص ) فيها ، ما كانت قبل ذلك ولا بعد .
وفي تفسير الطبري (25) عن مجاهد : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ... ) قال : يعني نكاح المتعة .
وفيه ، عن السدّي في الآية قال : هذه المتعة ، الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمّى ، فإذا انقضت المدّة ، فليس له عليها سبيل ، وهي منه بريئة ، وعليها أن تستبرئ ما في رحمها ، وليس بينهما ميراث ، ليس يرث واحد منهما صاحبه (26) .
وفي صحيحي البخاري ومسلم ، ورواه في الدرّ المنثور ، عن عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، عن ابن مسعود قال : ( كنّا نغزو مع رسول الله ( ص ) وليس معنا نساؤنا ، فقلنا : ألا نستخصي ؟ فنهانا عن ذلك ، ورخّص لنا أن نتزوّج المرأة بالثوب إلى أجل ، ثمّ قرأ عبد الله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ... ) (27) ) (28) .
وفي الدرّ المنثور ، أخرج ابن أبي شيبة ، عن نافع ، أنّ ابن عمر سئل عن المتعة فقال : حرام . فقيل له : إنّ ابن عباس يُفتي بها ، قال : فهلاّ تَزمزَم بها في زمان عمر (29) .
وفي الدرّ المنثور ، أخرج ابن المنذر والطبراني والبيهقي ، من طريق سعيد بن جبير ، قال : قلت لابن عباس : ماذا صنعت ؟ ذهب الرُّكاب بفُتياك ، وقالت فيه الشعراء ، قال : وما قالوا : قلت : قالوا :

أقـول للـشـيخ لمّا طال مجلسه     يا صاح هل لك في فُتيا ابن عـباس
هل لك في رخصة الأطراف آنسة    تكون مـثـواك حتى مصدر الناس

فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، لا والله ، ما بهذا أفتيت ، ولا هذا أردت ، ولا أحللتها إلاّ للمضطرّ ، ولا أحللت منها إلاّ ما أحلّ الله من الميتة والدم ولحم الخنزيز (30) .
وفيه ، أخرج ابن المنذر ، من طريق عمار مولى الشريد ، قال : سألت ابن عباس عن المتعة ، أسُفاح هي أم نكاح ؟ فقال : لا سفاح ولا نكاح ، قلت : فما هي ؟ قال : هي المتعة كما قال الله . قلت : هل لها من عدّة ؟ قال : عدّتها حيضة . قلت : هل يتوارثان . قال : لا .
وفيه ، أخرج عبد الرزاق وابن المنذر ، من طريق عطاء ، عن ابن عباس قال : يرحم الله عمر ! ما كانت المتعة إلاّ رحمة من الله رحم بها أمّة محمد ، ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلاّ شقي . قال : وهي التي في سورة النساء : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ... ) إلى كذا وكذا ، من الأجل على كذا وكذا ، قال : وليس بينهما وراثة ، فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنِعْمَ ، وإن تفرّقا فنِعْمَ ، وليس بينهما نكاح .
وأخبر : أنّه سمع ابن عباس : أنّه يراها الآن حلالاً (31) .
وفي تفسير الطبري ، ورواه في الدرّ المنثور ، عن عبد الرزاق وأبي داود في ناسخه ، عن الحكم أنّه سُئل عن هذه الآية ، أمنسوخة ؟ قال : لا ، وقال علي : ( لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي ) (32) .
وفي صحيح مسلم (33) ، عن جابر بن عبد الله قال : كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله ( ص ) وأبي بكر ، حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (34) .
أقول : ونُقل عن جامع الأصول لابن الأثير ، وزاد المعاد لابن القيم ، وفتح الباري لابن حجر ، وكنز العمال .
وفي الدرّ المنثور ، أخرج مالك وعبد الرزاق ، عن عروة بن الزبير ، أنّ خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب ، فقالت : إن ربيعة بن أُميّة استمتع بامرأة مولدة فحملت منه . فخرج عمر بن الخطاب يجرُّ رداءه فزعاً ، فقال : هذه المتعة ، ولو كنت تقدّمت فيها لرُجمت (35) .
أقول : ونُقل عن الشافعي في كتاب الأُمّ والبيهقي في السنن الكبرى .
وعن كنز العمّال ، عن سليمان بن يسار ، عن أُمّ عبد الله ابنة أبي خيثمة ، أنّ رجلاً قدم من الشام فنزل عليها ، فقال : إنّ العُزبة قد اشتدّت عليّ فابغيني امرأة أتمتّع معها . قالت : فدللته على امرأة فشارطها وأشهدوا على ذلك عدولاً ، فمكث معها ما شاء الله أن يمكث ، ثمّ إنّه خرج فأخبر عن ذلك عمر بن الخطاب ، فأرسل إلي فسألني أحقٌّ ما حدثت ؟ قلت : نعم . قال : فإذا قَدِم فآذنيني ، فلمّا قدم أخبرته فأرسل إليه فقال : ما حملك على الذي فعلته ؟ قال : فعلته مع رسول الله ( ص ) ثم لم ينهنا عنه حتى قبضه الله ثم مع أبي بكر فلم ينهنا عنه حتى قبضه الله ، ثم معك فلم تحدث لنا فيه نهياً ، فقال عمر : أما والذي نفسي بيده لو كنت تقدمت في نهي لرجمتك ، بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح .
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد عن عطاء : قدم جابر بن عبد الله معتمراً فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال : استمتعنا على عهد رسول الله ( ص ) وأبي بكر وعمر ؛ وفي لفظ أحمد : حتى إذا كان في آخر خلافة عمر رضي الله عنه (36) .
وعن سنن البيهقي ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر : أن سئل عن متعة النساء فقال : حرام ، أما إنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لو أخذ فيها أحداً لرجمه بالحجارة .
وعن مرآة الزمان لابن الجوزي : كان عمر رضي الله عنه يقول : والله ، لا أُوتى برجل أباح المتعة إلاّ رجمته .
وفي بداية المجتهد ، لابن رشد عن جابر بن عبد الله : تمتّعنا على عهد رسول الله ( ص ) وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر ، ثمّ نهى عنها عمر الناس (37) .
وفي الإصابة ، أخرج ابن الكلبي : أنّ سلمة بن أُميّة بن خلف الجمحي ، استمتع من سلمى مولاة حكيم بن أميّة بن الأوقص الأسلمي ، فولدت له فجحد ولدها ، فبلغ ذلك عمر ، فنهى المتعة (38) .
وعن زاد المعاد ، عن أيّوب ، قال عروة لابن عباس : ألا تتّقي الله تُرخِّص في المتعة ؟! فقال ابن عباس : سَلْ أمّك يا عرية . فقال عروة : أمّا أبو بكر وعمر فلم يفعلا ، فقال ابن عباس : والله ، ما أراكم منتهين حين يُعذِّبكم الله ، نُحدِّثكم عن النبي (ص) ، وتُحدِّثونا عن أبي بكر وعمر (39) .
أقول : وأمّ عروة أسماء بنت أبي بكر ، تمتّع منها الزبير بن العوّام ، فولدت له عبد الله بن الزبير ، وعروة .
وفي المحاضرات للراغب : عيّر عبد الله بن الزبير عبد الله بن عباس بتحليله المتعة ، فقال له : سَلْ أُمّك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك ؟ فسألها فقالت : ما ولدتك إلاّ في المتعة (40) .
وفي صحيح مسلم ، عن مسلم القري ، قال : سألت ابن عباس عن المتعة فرخّص فيها ، وكان ابن الزبير ينهى عنها ، فقال : هذه أمّ ابن الزبير تُحدِّث أنّ رسول الله رخّص فيها ، فادخلوا عليها فاسألوها . قال : فدخلنا عليها ، فإذ امرأة ضخمة عمياء فقالت : قد رخّص رسول الله فيها .
أقول : وشاهد الحال المحكي ، يشهد أنّ السؤال عنها كان في متعة النساء ، وتفسره الروايات الأخر أيضاً .
وفي صحيح مسلم ، عن أبي نضرة ، قال كنت عند جابر بن عبد الله ، فأتاه آتٍ فقال : ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين . فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله ( ص) ، ثمّ نهانا عنهما عمر ، فلم نعد لهما .
أقول : ورواه البيهقي في السنن على ما نُقل ، ورُوي هذا المعنى في صحيح مسلم في مواضع ثلاث بألفاظ مختلفة ، وفي بعضها ( قال جابر ) : فلمّا قام عمر قال : إنّ الله كان يُحلُّ لرسوله ما شاء بما شاء ، فأتمُّوا الحج والعمرة كما أمر الله ، وانتهوا عن نكاح هذه النساء ، لا أُوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلاّ رجمته .
وروى هذا المعنى البيهقي في سننه ، في أحكام القرآن للجصّاص ، وفي كنز العمّال ، وفي الدرّ المنثور ، وفي تفسير الرازي ، ومسند الطيالسي .
وفي تفسير القرطبي ، عن عمر : أنّه قال في خُطبة : متعتان كانتا على عهد رسول الله ( عليه السلام ) ، وأنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما : متعة الحج ، ومتعة النساء (41) .
أقول : وخُطبته هذه ممّا تسالم عليه أهل النقل ، وأرسلوه إرسال المُسلَّمات ، كما عن تفسير الرازي ، والبيان والتبيين ، وزاد المعاد ، وأحكام القرآن ، والطبري ، وابن عساكر وغيرهم .
وعن المستبين للطبري ، عن عمر : أنّه قال : ثلاث كنَّ على عهد رسول الله ( ص ) أنا مُحرِّمهنّ ومعاقب عليهن : متعة الحج ، ومتعة النساء ، وحيّ على خير العمل في الأذان .
وفي تاريخ الطبري ، عن عمران بن سوادة قال : صلّيت الصبح مع عمر ، فقرأ سبحان ، وسورة معها ، ثمّ انصرف وقمت معه ، فقال : أحاجة ؟ قلت : حاجة . قال : فالحق . قال : فلحقت ، فلمّا دخل أذِن لي ، فإذا هو على سرير ليس فوقه شيء . فقلت : نصيحة ، فقال : مرحباً بالناصح غدوّاً وعشيّاً .
قلت ، عابت أُمّتك أربعاً . قال : فوضع رأس دُرّته في ذقنه ، ووضع أسفلها في فخذه ، ثمّ قال : هات . قلت : ذكروا أنّك حرّمت العمرة في أشهر الحج ، ولم يفعل ذلك رسول الله ( ص ) ، ولا أبو بكر رضي الله عنه ، وهي حلال . قال : هي حلال ؟ لو أنّهم اعتمروا في أشهر الحج رأوها مُجزية من حجِّهم ، فكانت قائبة قوب عامها فقرع حجّهم ، وهو بهاء من بهاء الله ، وقد أصبت .
قلت : وذكروا أنّك حرّمت متعة النساء ، وقد كانت رخصة من الله ، نستمتع بقبضة ونُفارق عن ثلاث . قال : إنّ رسول الله ( ص ) أحلّها في زمان ضرورة ، ثمّ رجع الناس إلى السعة ، ثمّ لم أعلم أحداً من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها ، فالآن من شاء نكح بقبضة ، وفارق عن ثلاث بطلاق . وقد أصبت .
قال : قلت : وأعتقت الأمَة إن وضعت ذا بطنها بغير عتاقة سيِّدها . قال : ألحقت حرمة بحرمة ، وما أردت إلاّ الخير ، واستغفر الله . قلت : وتشكو منك نهر الرعيّة ، وعُنف السياق . قال : فشرع الدرَّة ثمَّ مسحها حتى أتى على آخرها ، ثمّ قال : أنا زميل محمد ـ وكان زامله في غزوة قرقرة الكدر ـ فو الله ، إنِّي لأرتع فأشبع ، وأسقي فأروي ، وأنهز اللفوث ، وأزجر العروض ، وأذبّ قدري ، وأسوق خطوي ، وأضمّ العَنود ، وألحق القطوف ، وأكثر الزجر ، وأقلّ الضرب ، وأشهر العصا ، وأدفع باليد ، لولا ذلك لأُعذرت .
قال : فبلغ ذلك معاوية ، فقال : كان ـ والله ـ عالماً برعيّتهم .
أقول : ونقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، عن ابن قتيبة (42) .
هذه عدّة من الروايات الواردة في أمر متعة النساء ، والناظر المتأمِّل الباحث يرى ما فيها من التباين والتضارب ، ولا يتحصّل للباحث في مضامينها غير أنّ عمر بن الخطاب أيّام خلافته حرّمها ونهى عنها ؛ لرأي رآه في قصص عمرو بن حريث ، وربيعة بن أُميّة بن خلف الجمحي .
وأمّا حديث النسخ بالكتاب أو السنّة ، فقد عرفت عدم رجوعه إلى محصّل ، على أنّ بعض الروايات يدفع البعض في جميع مضامينها ، إلاّ في أنّ عمر بن الخطاب هو الناهي عنها المُجري للمنع ، المقرّر حرمة العمل وحدّ الرجم لمَن فعل ـ هذا أولاّ ـ .
وأنّها كانت سنّة معمولاً بها في زمن النبي في الجملة ، بتجويز منه ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ، إمَّا إمضاءً وإمّا تأسيساً ، وقد عمل بها من أصحابه مَن لا يتوهَّم في حقِّه السفاح ، كجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن مسعود ، والزبير بن العوّام ، وأسماء بنت أبي بكر ، وقد ولدت بها عبد الله بن الزبير ـ وهذا ثانياً ـ .
وأنّ في الصحابة والتابعين مَن كان يرى إباحتها ، كابن مسعود ، وجابر ، وعمرو بن حريث وغيرهم ، ومجاهد ، والسدّي ، وسعيد بن جبير وغيرهم ـ وهذا ثالثاً ـ .
وهذا الاختلاف الفاحش بين الروايات ، هو المُفضي للعلماء من الجمهور ـ بعد الخلاف فيها من حيث أصل الجواز والحرمة أولاً ـ إلى الخلاف في نحو حُرمتها وكيفيّة منعها ثانياً ، وذهابهم فيها إلى أقوال مختلفة عجيبة ، ربّما أُنهي إلى خمسة عشر قولاً .
وإنّ للمسألة جهات من البحث لا يُهمّنا إلاّ الورود من بعضها ، فهناك بحث كلامي دائر بين الطائفتين ـ أهل السنّة والشيعة ـ وبحث آخر فقهي فرعي ، ينظر فيها إلى حكم المسألة من حيث الجواز والحرمة ، وبحث آخر تفسيري ، من حيث النظر في قوله تعالى : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ... ) الآية : هل مفاده تشريع نكاح المتعة ؟ وهل هو بعد الفراغ عن دلالته على ذلك منسوخ بشيء من الآيات ، كآية المؤمنون ، أو آيات النكاح والتحريم والطلاق والعدّة والميراث ؟ وهل هو منسوخ بسنّة نبويّة ؟ وهل هو على تقدير تشريعه يُشرِّع حكماً ابتدائياً أو حكماً إمضائياً ؟ إلى غير ذلك .
وهذا النحو الثالث من البحث ، هو الذي نُعقِّبه في هذا الكتاب ، وقد تقدّم خلاصة القول في ذلك فيما تقدّم من البيان ، ونزيده الآن توضيحاً ، بإلفات النظر إلى بعض ما قيل في المقام على دلالة الآية على نكاح المتعة وتسنينها ، ذلك بما يُنافي ما مرّ في البيان المتقدّم .
قال بعضهم ـ بعد إصراره على أنّ الآية إنّما سيقت لبيان إيفاء المهر في النكاح الدائم ـ : وذهبت الشيعة إلى أنّ المراد بالآية نكاح المتعة ، وهو نكاح المرأة إلى أجل مُعيّن ، كيوم أو أسبوع أو شهر مثلاً ، واستدلُّوا على ذلك بقراءة شاذّة رويت عن أُبيّ ، وابن مسعود ، وابن عباس رضي الله عنهم ، وبالأخبار والآثار التي رويت في المتعة .
قال : فأمّا القراءة ، فهي شاذّة لم تثبت قرآناً ، وقد تقدّم أنّ ما صحّت فيه الرواية من مثل هذا آحاداً ، فالزيادة فيه من قبيل التفسير ، وهو فهم لصاحبه ، وفهم الصحابي ليس حجّة في الدين ، لا سيّما إذا كان النظم والأُسلوب يأباه كما هنا ؛ فإنّ المتمتّع بالنكاح المؤقّت لا يقصد الإحصان دون المسافحة ، بل يكون قصده الأول المسافحة ، فإن كان هناك نوع ما من إحصان نفسه ومنعها من التنقّل في زمن الزنا ، فإنّه لا يكون فيه شيء ما من إحصان المرأة التي توجّر نفسها كل طائفة من الزمن لرجل فتكون كما قيل :

كرة حذفت بصوالجة     فتلقّاها رجل رجل

أقول : أمّا قوله : إنّهم استدلّوا على ذلك بقراءة ابن مسعود وغيره . فكل مراجع يراجع كلامهم يرى أنّهم لم يستدلّوا بها استدلالهم بحجّة معتبرة قاطعة ، كيف ، وهم لا يرون حجّية القراءات الشاذّة حتى الشواذّ المنقولة عن أئمّتهم ؟! فكيف يمكن أن يستدلّوا بما لا يرونه حجّة على مَن لا يراه حجّة ؟! فهل هذا إلاّ أُضحوكة ؟!
بل إنّما هو استدلال بقول مَن قرأ بها من الصحابة ، بما أنّه قول منهم بكون المراد بالآية ذلك ، سواء كان ذلك منهم قراءة مصطلحة ، أم تفسيراً دالاَّ ً، على أنّهم فهموا من لفظ الآية ذلك .
وذلك ينفعهم من جهتين : إحداهما : أنّ عدّة من الصحابة قالوا بما قال به هؤلاء المستدلّون ، وقد قال به ـ على ما نُقل ـ جَمٌّ غفير من صحابة النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) والتابعين ، ويمكن المراجع في الحصول على صحّة ذلك أن يراجع مظانّه .
والثانية : أنّ الآية دالّة على ذلك ، ويدلُّ على ذلك قراءة هؤلاء من الصحابة ، كما يدلّ ما ورد عنهم في نسخ الآية أيضاً أنّهم تسلّموا دلالتها على نكاح المتعة ، حتى رأوا نسخها أو رووا نسخها ، وهي روايات كثيرة تقدّمت عدّة منها ، فالشيعة يستفيدون من روايات النسخ كما يستفيدون من القراءة الشاذّة المذكورة على حدِّ سواء من دون أن يقولوا بحجّية القراءة الشاذّة ، كما لا يلزمهم القول بوقوع النسخ ، وإنّما يستفيدون من الجميع من جهة الدلالة على أنّ هؤلاء القرّاء والرواة كانوا يرون دلالة الآية على نكاح المتعة .
وأمّا قوله : لا سيّما إذا كان النظم والأُسلوب يأباه كما هنا . فكلامه يُعطي أنّه جعل المراد من المسافحة مجرّد سفح الماء وصبِّه ـ أخذاً بالأصل اللغوي المشتقِّ منه ـ ثمّ جعله أمراً منوطاً بالقصد ، ولزمه أنّ الازدواج الموقّت بقصد قضاء الشهوة وصبّ الماء سفاح لا نكاح ، وقد غفل عن أنّ الأصل اللغوي في النكاح أيضاً هو الوقاع ، ففي لسان العرب : قال الأزهري : أصل النكاح في كلام العرب الوطء . ولازم ما سلكه أن يكون النكاح أيضاً سفاحاً ، ويختلّ به المقابلة بين النكاح والسفاح .
على أنّ لازم القول : بأنّ قصد صبِّ الماء يجعل الازدواج الموقّت سفاحاً ؛ أن يكون النكاح الدائم بقصد قضاء الشهوة وصبِّ الماء سفاحاً ، وهل يرضى رجل مسلم أن يُفتي بذلك ؟! فإن قال : بين النكاح الدائم والمؤجّل في ذلك فرق ؛ فإنّ النكاح الدائم موضوع بطبعه على قصد الإحصان بالازدواج وإيجاد النسل ، وتشكيل البيت ، بخلاف النكاح المؤجّل . فهذا منه مكابرة ؛ فإنّ جميع ما يترتّب على النكاح الدائم من الفوائد ، كصون النفس من الزنا ، والتوقِّي عن اختلال الأنساب ، وإيجاد النسل والولد ، وتأسيس البيت يمكن أن يترتّب على النكاح المؤجّل ، ويختصُّ بأنّ فيه نوع تسهيل وتخفيف على هذه الأمّة ، يصون به نفسه مَن لا يقدر على النكاح الدائم ؛ لفقره أو لعدم قدرته على نفقة الزوجة ، أو لغربة ، أو لعوامل مختلفة أُخر تمنعه عن النكاح الدائم .
وكذا كل ما يترتّب على النكاح المؤجّل ـ ممّا عدّه ملاكاً للسفاح ـ كقصد صبّ الماء وقضاء الشهوة ؛ فإنّه جائز الترتُّب على النكاح الدائم ، ودعوى أنّ النكاح الدائم بالطبع موضوع للفوائد السابقة ، ونكاح المتعة موضوع بالطبع لهذه المضارّ اللاحقة ـ على أن تكون مضارّاً ـ دعوى واضحة الفساد .
وإن قال : إنّ نكاح المتعة لمّا كان سفاحاً كان زناً يقابل النكاح .
رُدَّ عليه : بأنّ السفاح الذي فسّره بصبِّ الماء أعمُّ من الزنا ، وربّما شمل النكاح الدائم ، ولا سيّما إذا كان بقصد صبِّ الماء .
وأمّا قوله  : فإن كان هناك نوع ما من إحصان نفسه إلخ . فمن عجيب الكلام ، وليت شعري ! ما الفرق الفارق بين الرجل والمرأة في ذلك ؛ حتى يكون الرجل المتمتِّع يمكنه أن يُحصن نفسه بنكاح المتعة من الزنا ، وتكون المرأة لا يصحُّ منها هذا القصد ؟! وهل هذا إلاّ مجازفة ؟!
وأمّا ما أنشده من الشعر في بحث حقيقي ، يتعرّض لكشف حقيقة من الحقائق الدينية التي تتفرّع عليها آثار هامّة حيوية دنيوية وأُخروية ، لا يُستهان بها ـ سواء كان نكاح المتعة محرّماً أم مباحاً ـ .
فماذا ينفع الشعر وهو نسيج خيالي ، الباطل أعرف عنده من الحق ، والغواية أمسُّ به من الهداية .
وهلاَّ أنشده في ذيل ما مرَّ من الروايات ، ولا سيّما في ذيل قول عمر في رواية الطبري المتقدم : ( فالآن مَن شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق ) .
وهل لهذا الطعن غرض يتوجّه إليه إلاّ الله ورسوله في أصل تشريع ، هذا النوع من النكاح تأسيساً أو إمضاء ، وقد كان دائراً بين المسلمين في أول الإسلام بمرأى من النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ومسمع بلا شكّ ؟ فإن قال : إنّه ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) إنّما أذِن فيه لقيام الضرورة عليه من شمول الفقر وإكباب الفاقة على عامة المسلمين ، وعروض الغزوات ، كما يظهر من بعض الروايات المتقدِّمة .
قلنا : مع فرض تداوله في أول الإسلام بين الناس ، وشهرته باسم نكاح المتعة والاستمتاع ، لا مناص من الاعتراف بدلالة الآية على جوازه مع إطلاقها ، وعدم صلاحية شيء من الآيات والروايات على نسخها ، فالقول بارتفاع إباحته تأوُّل في دلالة الآية من غير دليل .
سلّمنا أنّ إباحته كانت بإذن من النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) لمصلحة الضرورة ، لكنّا نسأل أنّ هذه الضرورة هل كانت في زمن النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) أشدَّ وأعظم منها بعده ، ولا سيّما في زمن الراشدين ، وقد كان يسير جيوش المسلمين إلى مشارق الأرض ومغاربها بالألوف بعد الألوف من الغزاة ؟ وأيّ فرق بين أوائل خلافة عمر وأُخره ، من حيث تحوِّل هذه الضرورة من فقر وغزوة واغتراب في الأرض وغير ذلك ؟ وما هو الفرق بين الضرورة والضرورة ؟
وهل الضرورة المُبيحة اليوم وفي جوِّ الإسلام الحاضر أشدَّ وأعظم ، أو في زمن النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) والنصف الأول من عهد الراشدين ؟ وقد أظلّ الفقر العام على بلاد المسلمين ، وقد مصّت حكومات الاستعمار والدول القاهرة المستعلية والفراعنة من أولياء أُمور المسلمين كل لبن في ضرعهم ، وحصدوا الرَّطِب من زرعهم واليابس .
وقد ظهرت الشهوات في مظاهرها ، وازينّت بأحسن زينتها وأجملها ، ودعت إلى اقترافها بأبلغ دعوتها ولا يزال الأمر يشتدُّ ، والبليّة تعمُّ البلاد والنفوس ، وشاعت الفحشاء بين طبقات الشبّان من المتعلّمين والجنديين وعملة المعامل ، وهم الذين يكونون المعظم من سواد الإنسانية ، ونفوس المعمورة .
ولا يشكّ شاكٌّ ـ ولن يشكّ ـ في أنّ الضرورة الموقعة لهم في فحشاء الزنا واللواط وكل انخلاغ شهواني عمدتها العجز من تهيئة نفقة البيت ، والمشاغل المؤقّتة المؤجّلة ، المانعة من اتّخاذ المنزل والنكاح الدائم بغربة أو خدمة أو دراسة ونحو ذلك . فما بال هذه الضرورات يُبيح في صدر الإسلام ـ وهي أقلُّ وأهون عند القياس ـ نكاح المتعة ، لكنّها لا تقوم للإباحة في غير ذلك العهد ، وقد أحاطت البليّة وعظمت الفتنة ؟
ثمّ قال : ثمّ إنّه يُنافي ما تقرّر في القرآن بمعنى هذا ، كقوله عز وجل في صفة المؤمنين : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ ) (43) ، أي المتجاوزون ما أحلّ الله لهم إلى ما حرّمه عليهم ، وهذه الآيات لا تُعارض الآية التي نفسِّرها يعني قوله : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ ... ) الآية ، بل هي بمعناها فلا نسخ ، والمرأة المتمتّع بها ليست زوجة ؛ فيكون لها على الرجل مثل الذي عليها بالمعروف ، كما قال الله تعالى : وقد نقل عن الشيعة أنفسهم ، أنّهم لا يُعطونها أحكام الزوجة ولوازمها ، فلا يعدُّونها من الأربع اللواتي يحلُّ للرجل أن يجمع بينها مع عدم الخوف من الجور ، بل يجوِّزون للرجل أن يتمتع بالكثير من النساء ، ولا يقولون برجم الزاني المتمتّع ؛ إذ لا يعدوُّنه محصناً ، وذلك قطع منهم بأنّه لا يصدق عليه قوله تعالى في المستمتعين : ( ... مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ... ) ، وهذا تناقض صريح منهم .
ونقل عنهم بعض المفسّرين : أنّ المرأة المتمتّع بها ليس لها إرث ولا نفقة ، ولا طلاق ولا عدّة ، والحاصل أنّ القرآن بعيد من هذا القول ، ولا دليل في هذه الآية ولا شبه دليل عليه ألبتّة .
أقول : أمّا قوله : ثمّ إنّه يُنافي ما تقرّر في القرآن بمعنى هذا ( إلخ ) ، محصله : أنّ آيات المؤمنون : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ) الآيات ، تقصُر الحلّ في الأزواج ، والمتمتّع بها ليست زوجة ، فالآيات مانعة من حلّية المتعة أولاً ، ومانعة من شمول قوله : ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ ... ) الآية لها ثانياً .
فأمّا أنّ الآيات تُحرِّم المتعة ، فقد أغمض فيه عن كون الآيات مكِّية ، والمتعة كانت دائرة بعد الهجرة في الجملة ، فهل كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) يُبيح ما حرّمه القرآن بإجازته المتعة ؟! وقوله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) حجَّة بنصّ القرآن ؛ فيعود ذلك إلى التناقض في نفس القرآن ، أو أنّ إباحته كانت ناسخة لآيات الحرمة :  ( وَالَّذِينَ هُمْ ... ) الآيات ، ثمّ منع عنها القرآن أو النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) فحييت بذلك الآيات بعد موتها ، واستحكمت بعد نسخها ؟ وهذا أمر لا يقول به ، ولا قال به أحد من المسلمين ، ولا يمكن أن يُقال به .
وهذا في نفسه نِعْمَ الشاهد على أنّ المتمتّع بها زوجة ، وأنّ المتعة نكاح ، وأنّ هذه الآيات تدلُّ على كون التمتُّع تزوّجاً ، وإلاّ لزم أن تنتسخ بترخيص النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ، فالآيات حجّة على جواز التمتُّع دون حرمته .
وبتقرير آخر : آيات المؤمنون والمعارج : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ ... ) الآيات ، أقوى دلالة على حلِّية المتعة من سائر الآيات ، فمن المتّفق عليه بينهم أنّ هذه الآيات محكمة غير منسوخة وهي مكّية ، ومن الضروري بحسب النقل أنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) رخّص في المتعة ، ولولا كون المتمتّع بها زوجة كان الترخيص بالضرورة ناسخاً للآيات وهي غير منسوخة ، فالتمتّع زوجية مشرّعة ، فإذا تمّت دلالة الآيات على تشريعه فما يُدّعى من نهي النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) عنها فاسد أيضاً لمنافاته الآيات ، واستلزامه نسخها ، وقد عرفت أنّها غير منسوخة بالاتّفاق .
وكيف كان ، فالمتمتّع بها على خلاف ما ذكره زوجة والمتعة نكاح ، وناهيك في ذلك ما وقع فيما نقلناه من الروايات ، من تسميته في لسان الصحابة والتابعين بنكاح المتعة ، حتى في لسان عمر بن الخطاب في الروايات المشتملة على نهيه ، كرواية البيهقي عن عمر في خطبته ، ورواية مسلم عن أبي نضرة ، حتى ما وقع من لفظه في رواية كنز العمّال عن سليمان بن يسار : ( بيِّنوا حتى يُعرف النكاح من السفاح ) ، فإنّ معناه أنّ المتعة نكاح لا يتبيّن من السفاح ، وأنّه يجب عليكم أن تبيِّنوه منه ، فأتوا بنكاح يُبيَّن ويتميّز منه ، والدليل على ذلك قوله : بيّنوا .
وبالجملة ، كون المتعة نكاحاً ، وكون المتمتَّع بها زوجة في عرف القرآن ولسان السلف من الصحابة ومن تلاهم من التابعين ، ممّا لا ينبغي الارتياب فيه ، وإنّما تعيَّن اللفظان ( النكاح والتزويج ) في النكاح الدائم بعد نهي عمر ، وانتساخ العمل به بين الناس ، فلم يبقَ مورد لصدق اللفظين إلاّ النكاح الدائم ، فصار هو المُتبادر من اللفظ إلى الذهن كسائر الحقائق المتشرّعة .
ومن هنا ؛ يظهر سقوط ما ذكر بعد ذلك ؛ فإنّ قوله : وقد نقل عن الشيعة أنفسهم أنّهم لا يُعطونها أحكام الزوجة ولوازمها ( إلخ ) . يُسأل عنه فيه : ما هو المراد بالزوجة ؟ أمّا الزوجة في عرف القرآن ، فإنّهم يُعطونها أحكامها من غير استثناء ، وأمّا الزوجة في عرف المتشرّعة ـ كما ذكر ـ المعروفة في الفقه ، فإنّهم لا يُعطونها أحكامها ولا محذور .
وأمّا قوله : وذلك قطع بأنّه منهم لا يصدق عليه ـ أيّ على الزاني المتمتع ـ قوله تعالى : ( ... مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ... ) ، وهذا تناقض صريح منهم . ففيه : أنّا ذكرنا في ذيل الآية فيما تقدّم ، أنّ ظاهرها من جهة شمولها ملك اليمين أنّ المراد بالإحصان إحصان التعفُّف دون الازدواج ، ولو سُلِّم أنّ المراد بالإحصان إحصان الازدواج ، فالآية شاملة لنكاح المتعة ، وأمّا عدم رجم الزاني المتمتّع ( مع أنّ الرجم ليس حكماً قرآنياً ) ، فإنّما هو لبيان أو لتخصيص من السنّة كسائر أحكام الزوجية من الميراث والنفقة والطلاق والعدد .
وتوضيح ذلك : أنّ آيات الأحكام إن كانت مسوقة على الإهمال ؛ لكونها واردة مورد أصل التشريع ، فما يطرأ عليها من القيود بيانات من غير تخصيص ولا تقييد ، وإن كانت عمومات أو إطلاقات ، كانت البيانات الواردة في السنّة مخصّصات أو مقيّدات من غير محذور التناقض ، والمرجع في ذلك علم أصول الفقه .
وهذه الآيات ـ أعني آيات الإرث والطلاق والنفقة ـ كسائر الآيات لا تخلو من التخصيص والتقييد ، كالإرث والطلاق في المرتدّة ، والطلاق عند ظهور العيوب المجوّزة لفسخ العقد والنفقة عند النشوز فلتُخصَّص بالمتعة ، فالبيانات المُخرجة للمتعة عن حكم الميراث والطلاق والنفقة مخصّصات أو مقيّدات ، وتَعيُّن ألفاظ التزويج والنكاح والإحصان ونحو ذلك في الدوام من جهة الحقيقة المتشرّعة ، دون الحقيقة الشرعية ، فلا محذور أصلاً كما توهّمه ، فإذا قال الفقيه مثلاً : الزاني المُحصن يجب رجمه ، ولا رجم في الزاني المتمتّع لعدم إحصانه . فإنّما ذلك لكونه يُصطلح بالإحصان على دوام النكاح ذي الآثار الكذائية ، ولا يُنافي ذلك كون الإحصان في عرف القرآن موجوداً في الدائمة والمنقطعة معاً ، وله في كل منهما آثار خاصة .
وأمّا نقله عن بعضهم أنّ الشيعة لا تقول في المتعة بالعدّة . ففرية بيِّنة ، فهذه جوامع الشيعة ، وهذه كُتبهم الفقهية مملوءة بأنّ عدّة المتمتّع بها حيضتان ، وقد تقدّم بعض الروايات في ذلك بطرق الشيعة عن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
ثمّ قال : وأمّا الأحاديث والآثار المروية في ذلك ، فمجموعها يدلّ على أن النبي ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم ) كان يرخِّص لأصحابه فيها في بعض الغزوات ، ثمّ نهاهم عنها ، ثمّ رخّص فيها مرّة أو مرّتين ، ثمّ نهاهم عنها نهياً مؤبّداً .
وأنّ الرخصة كانت للعلم بمشقّة اجتناب الزنا مع البُعد من نسائهم فكانت من قبيل ارتكاب أخفّ الضررين ، فإنّ الرجل إذا عقد على امرأة خلية نكاحاً مؤقّتاً ، وأقام معها ذلك الزمن الذي عيّنه ، فذلك أهون من تصدّيه للزنا بأيّة امرأة يمكنه أن يستميلها .
أقول : ما ذكره أنّ مجموع الروايات تدلُّ على الترخيص في بعض الغزوات ، ثمّ النهي ، ثمّ الترخيص فيها مرّة أو مرّتين ، ثمّ النهي المؤبّد . لا ينطبق على ما تقدّم من الروايات ، على ما فيها من التدافع والتطارد ، فعليك بالرجوع إليها ( وقد تقدّم أكثرها ) حتى ترى أنّ مجموعها يُكذِّب ما ذكره من وجه الجمع حرفاً حرفاً .
ثمّ قال : ويرى أهل السنّة أنّ الرخصة في المتعة مرّة أو مرّتين يقرب من التدريج في منع الزنا منعاً باتّاً ، كما وقع التدريج في تحريم الخمر ، وكلتا الفاحشتين كانتا في الجاهلية ، ولكنَّ فشوَّ الزنا كان في الإماء دون الحرائر .
أقول : أمّا قوله : إنّ الرخصة في المتعة نوع من التدرُّج في منع الزنا . فمحصّله : أنّ المتعة كانت عندهم من أنواع الزنا ، وقد كانت كسائر الزنا فاشية في الجاهلية ، فتدرّج النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) في المنع عن الزنا بالرفق ؛ ليقع موقع القبول من الناس ، فمنع عن غير المتعة من أقسامه ، وأبقى زنا المتعة ، فرخّص فيه ثمّ منع ، ثمّ رخص حتى تمكّن من المنع الباتّ ، فمنعه منعاً مؤبّداً .
ولعمري ، إنّه من فضيح اللعب بالتشريعات الدينية الطاهرة ، التي لم يُرد الله بها إلاّ تطهير هذه الأمّة ، وإتمام النعمة عليهم .
ففيه :
أولاً : ما تقدّم أنّ نسبة المنع ، ثمّ الترخيص ، ثمّ المنع ، ثمّ الترخيص في المتعة إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ، مع فرض دلالة آيات سورتي المعارج والمؤمنون : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ) الآيات ـ وهي مكّية ـ على حرمة المتعة على ما أصرّ عليه هذا القائل ، ليس إلاّ نسبة نسخ الآيات إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) بالترخيص ، ثمّ نسخ هذا النسخ وإحكام الآيات ، ثمّ نسخ الآيات ، ثمّ إحكامها وهكذا ، وهل هذا إلاّ نسبة اللعب بكتاب الله إليه ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ؟!
وثانياً : أنّ الآيات الناهية عن الزنا في كتاب الله تعالى هي قوله في سورة الإسراء : ( وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) (44) ، وأيُّ لسان أصرح من هذا اللسان ، والآية مكّية واقعة بين آيات المناهي ، وكذا قوله : ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ  ـ إلى أن قوله : ـ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ... ) (45) ، كلمة الفواحش جمع محلّى باللام ، واقعة في سياق النهي ، مفيدة لاستغراق النهي كل فاحشة وزنا ، والآية مكّية ، وكذا قوله : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ... ) (46) ، والآية أيضاً مكّية ، وكذا قوله : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ ) (47) والسورتان مكّيتان ، والآيات تُحرّم المتعة على قول هذا القائل ، كما تُحرّم سائر أقسام الزنا .
فهذه جُلُّ الآيات الناهية عن الزنا المحرّمة للفاحشة ، وجميعها مكّية صريحة في التحريم ، فأين ما ذكره من التدرّج في التحريم والمنع ؟! أو أنّه يقول ـ كما هو اللازم الصريح لقوله بدلالة آيات المؤمنون على الحرمة ـ : إنّ الله سبحانه حرّمها تحريماً باتّاً ، ثمّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) تدرّج في المنع ؛ عملاً بالرخصة بعد الرخصة ؛ مُداهنة لمصلحة الإيقاع موقع القبول ، وقد شدّد الله تعالى على نبيّه ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) في هذه الخلّة بعينها ، قال تعالى : (   ( وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَتَّخَذُوكَ خَلِيلاً *    وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْت‌‌َّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً *    إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا )  (48) .
وثالثاً : أنّ هذا الترخيص المنسوب إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) مرّة بعد مرّة ، إن كان ترخيصاً من غير تشريع للحلّ ، والفرض كون المتعة زناً وفاحشة ، كان ذلك مخالفة صريحة منه ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) لربّه لو كان من عند نفسه ، وهو معصوم بعصمة الله تعالى ، ولو كان من عند ربّه ، كان ذلك أمراً منه تعالى بالفحشاء ، وقد ردّه تعالى بصريح قوله خطاباً لنبيّه : ( ... قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ... ) (49) الآية ، وإن كان ترخيصاً مع تشريع للحلّ لم تكن زناً وفاحشة ، فإنّها سنّة مشروعة ، محدودة بحدود محكمة ، لا تُجامع الطبقات المحرّمة ، كالنكاح الدائم ، ومعها فريضة المهر كالنكاح الدائم ، والعدّة المانعة عن اختلاط المياه واختلال الأنساب ، ومنها ضرورة حاجة الناس إليها ، فما معنى كونها فاحشة ، وليست الفاحشة إلاّ العمل المنكر الذي يستقبحه المجتمع ؛ لخلاعته من الحدود وإخلاله بالمصلحة العامة ومنعه عن القيام بحاجة المجتمع الضرورية في حياتهم ؟!
ورابعاً : أنّ القول بكون التمتُّع من أنواع الزنا الدائرة في الجاهلية اختلاق في التاريخ ، واصطناع لا يرجع إلى مدرك تاريخي ؛ إذ لا عين منه في كُتب التاريخ ولا أثر ، بل هو سنّة مبتكرة إسلامية ، وتسهيل من الله تعالى على هذه الأمّة لإقامة أودِهم ، ووقايتهم من انتشار الزنا وسائر الفواحش بينهم ، لو أنّهم كانوا وفِّقوا لإقامة هذه السنّة ، وإذا لم تكن الحكومات الإسلامية تُغمض في أمر الزنا وسائر الفواحش ، هذا الإغماض الذي ألحقها تدريجاً بالسنن القانونية ، وامتلأت بها الدنيا فساداً ووبالاً .
وأمّا قوله : ( وكلتا الفاحشتين كانتا فاشيتين في الجاهلية ، ولكنَّ فشوَّ الزنا كان في الإماء دون الحرائر ) ظاهرة أنّ مراده بالفاحشتين الزنا وشرب الخمر ، وهو كذلك ، إلاّ أنّ كون الزنا فاشياً في الإماء دون الحرائر ممّا لا أصل له يُركن إليه ؛ فإنّ الشواهد التاريخية المختلفة المتفرّقة تؤيِّد خلاف ذلك ، كالأشعار التي قيلت في ذلك ، وقد تقدّم في رواية ابن عباس أنّ أهل الجاهلية لم تكن ترى بالزنا بأساً ، إذا لم يكن علنيّاً .
ويدلّ عليه أيضاً مسألة الادّعاء والتبنّي الدائر في الجاهلية ؛ فإنّ الادّعاء لم يكن بينهم مجرّد تسمية ونسبة ، بل كان ذلك أمراً دائراً بينهم يبتغي به أقوياؤهم تكثير العدّة والقوّة بالإلحاق ، ويستندون فيه إلى زنا ارتكبوه مع الحرائر حتى ذوات الأزاج منهنّ ، وأمّا الإماء فهم ولا سيّما أقوياؤهم يعيبون الاختلاط بهنّ ، والمعاشقة والمغازلة معهنّ ، وإنّما كانت شأن الإماء في ذلك أنّ مواليهن يُقيمونهنّ ذلك المقام اكتساباً واسترباحاً .
ومن الدليل على ما ذكرناه ؛ ما ورد من قصص الإلحاق في السير والآثار ، كقصّة إلحقاق معاوية بن أبي سفيان زياد بن أبيه لأبيه أبي سفيان ، وما شهد به شاهد الأمر عند ذلك ، وغيرها من القصص المنقولة .
نعم ، ربّما يستُشهد على عدم فشوِّ الزنا بين الحرائر في الجاهلية بقول هند للنبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) عند البيعة : وهل الحرّة تزني ؟! لكنّ الرجوع إلى ديوان حسّان ، والتأمّل فيما هجا به هنداً بعد وقعتي بدر وأُحد يرفع اللبس ، ويكشف ما هو حقيقة الأمر .
ثمّ قال ـ بعد كلام له في تنقيح معنى الأحاديث ورفعه التدافع الواقع بينها على زعمه ـ : والعمدة عند أهل السنّة في تحريمها وجوه :
أولها : ما علمت من منافاتها لظاهر القرآن في أحكام النكاح والطلاق والعدّة إن لم نقل لنصوصه .
وثانيها : الأحاديث المصرّحة بتحريمها تحريماً مؤبّداً إلى يوم القيامة ـ إلى أن قال ـ : .
وثالثها : نهي عمر عنها وإشارته بتحريمها على المنبر ، وإقرار الصحابة له على ذلك ، وقد علم أنّهم ما كانوا يُقرُّون على منكر ، وأنّهم كانوا يرجعونه إذا أخطأ .
ثمّ اختار أنّ تحريمه لها لم يكن عن اجتهاد منه ، وإنّما كان استناداً إلى التحريم الثابت بنهي النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ، وإنّما يسند إليه التحريم من جهة أنّه مُبيِّن للحرمة أو مُنفِّذ لها ، كما يُقال : حرّم الشافعي النبيذ وأحلّه أبو حنيفة .
أقول : أمّا الوجه الأول والثاني ، فقد عرفت آنفاً ـ وفي البيان المتقدّم ـ حقيقة القول فيهما بما لا مزيد عليه ، وأمّا الوجه الثالث ، فتحريم عمر لها سواء كان ذلك باجتهاد منه أم باستناده إلى تحريم النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) كما يدّعيه هذا القائل ، وسواء كان سكوت الصحابة عنه هيبة له وخوفاً من تهديده ، أم إقراراً له في تحريمه كما ذكره ، أو لعدم وقوعه موقع قبول الناس منهم كما يدلّ عليه الروايات عن علي وجابر وابن مسعود وابن عباس ، فتحريمه وحلفه على رجم مُستحلّها وفاعلها لا يؤثِّر في دلالة الآية عليها ، وعدم انثلام هذه الحلّية بكتاب أو سنّة ، فدلالة الآيات إحكامها ممّا لا غبار عليه .
وقد أغرب بعض الكتّاب ، حيث ذكر أنّ المتعة سنّة جاهلية ، لم تدخل في الإسلام قطُّ حتى يُحتاج إلى إخراجها منه ، وفي نسخها إلى كتاب أو سنّة ، وما كان يعرفها المسلمون ولا وقعت إلاّ في كُتب الشيعة .
أقول : وهذا الكلام المبني على الصفح عمّا يدلُّ عليه الكتاب والحديث والإجماع والتاريخ ، يتمّ به تحوّل الأقوال في هذه المسألة تحوّلها العجيب ، فقد كانت سنّة قائمة في عهد النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ثمّ نهي عنها في عهد عمر ونفّذ النهي عند عامة الناس ، ووجه النهي بانتساخ آية الاستمتاع بآيات أُخرى أو بنهي النبي عنها ، وخالف في ذلك عدّة من الأصحاب (50) وجمٌّ غفير ممَّن تبعهم من فقهاء الحجاز واليمن وغيرهم ، حتى مثل ابن جريح من أئمة الحديث ( وكان يُبالغ في التمتّع حتى تمتّع بسبعين امرأة ) (51) ومثل مالك أحد أئمة الفقه الأربعة (52) ، هذا ، ثمّ أعرض المتأخّرون من أهل التفسير عن دلالة آية الاستمتاع على المتعة ، وراموا تفسيرها بالنكاح الدائم ، وذكروا أنّ المتعة كانت سنّة من النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ثمّ نُسخت بالحديث ، ثمّ راموا في هذه الأواخر أنّها كانت من أنواع الزنا في الجاهلية ، رخّص فيها النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) رخصة بعد رخصة ، ثمّ نهى عنها نهياً مؤبّداً إلى يوم القيامة ، ثمّ ذكر هذا القائل الأخير : أنّها زنا جاهلي محض ، لا خبر عنها في الإسلام قطُّ ، إلاّ ما وقع في كُتب الشيعة . والله أعلم بما يصير إليه حال المسألة في مستقبل الزمان .
____________
(1) سورة النساء ، الآية : 24 .
(2) الكافي : ج 5 ، ص 449 رواية 5 .
(3) الكافي : ج 5 ، ص 449 رواية 6 .
(4) وفي نسخة : إلاّ الأشقى .
(5) تفسير العيّاشي : ج 1 ، ص 232 .
(6) تفسير العيّاشي : ج 1 ، ص 233 .
(7) أخبار في قراءة : إلى أجل مسمّى .
(8) الدر المنثور : ج 2 ، ص 139 .
(9) الدر المنثور : ج 2 ، ص 139 .
(10) جملة من الأخبار الدالّة على نسخ آية المتعة بالكتاب .
(11) سورة الطلاق ، الآية : 1 .
(12) سورة البقرة ، الآية : 228 .
(13) سورة الطلاق ، الآية : 4 .
(14) الدرّ المنثور : ج 2 ، ص 140 .
(15) الدرّ المنثور : ج 2 ، ص 140 .
(16) الدرّ المنثور : ج 2 ، ص 140 .
(17) جملة من الأخبار الدالّة على نسخ المتعة بالسنّة .
(18) الدرّ المنثور : ج 2 ، ص 140 .
(19) الدرّ المنثور : ج 2 ، ص 140 .
(20) الدرّ المنثور : ج 2 ، ص 140 .
(21) الدرّ المنثور : ج 2 ، ص 140 .
(22) الدرّ المنثور : ج 2 ، ص 140 .
(23) الدرّ المنثور : ج 2 ، ص 141 .
(24) تفسير الطبري ج 5 ، ص 9 دار المعرفة .
(25) جملة من الأخبار الدالّة على قول بعض الصحابة والتابعين عن المفسرين بجواز المتعة .
(26) تفسير الطبري ج 5 ، ص 9.
(27) سورة المائدة ، الآية : 87 .
(28) الدرّ المنثور ج 2 ، ص 140 .
(29) الدرّ المنثور ج 2 ، ص 141 .
(30) الدرّ المنثور ج 2 ، ص 141.
(31) الدرّ المنثور ج 2 ، ص 141 .
(32) تفسير الطبري ج 5 ، ص 9 .
(33) جملة من الأخبار الدالّة على نهي عمر عن المتعة .
(34) صحيح مسلم ج 2 ، ص 23 ، حديث (17) .
(35) الدرّ المنثور ج 2 ، ص 141 .
(36) صحيح مسلم ج 2 ، ص 1023 حديث (15) .
(37) بداية المجتهد ج 2 ، ص 58 دار المعرفة .
(38) ابن حجر : الإصابة في تمييز الصحابة ج 2 ، ص 114 دار الكتب العلمية .
(39) ابن قيِّم الجوزية : زاد المعاد ج 2 ، ص 6 دار الكتاب العربي .
(40) أبو القاسم الأصفهاني : محاضرات الأُدباء ، ج 3 ، ص 214 . منشورات دار مكتبة الحياة .
(41) صحيح مسلم ج 2 ، ص 1023 ، ح 17 .
(42) ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ج 12 ، ص 121 باب 123 .
(43) سورة المؤمنون ، الآيات : 5 ـ 7 .
(44) سورة الإسراء ، الآية : 32 .
(45) سورة الأنعام ، الآية : 151 .
(46) سورة الأعراف ، الآية : 33 .
(47) سورة المؤمنون ، الآيات : 5 ـ 7 . وسورة المعارج ، الآيات : 29 ـ 31 .
(48) سورة الإسراء ، الآيات : 73 ـ 75 .
(49) سورة الأعراف ، الآية : 28 .
(50) ومن عجيب الكلام ، ما ذكره الزجّاج في هذه الآية : أنّ هذه آية غلط فيها قوم غلطاً عظيماً ؛ لجهلهم باللغة ؛ وذلك أنّهم ذكروا أنّ قوله :  ( ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ... )   من المتعة التي قد أجمع أهل العلم أنّها حرام .
ثمّ ذكر أنّ معنى الاستمتاع هو النكاح ، وليتني أدري أنّ أيّ فصل من كلامه يقبل الإصلاح ؟! أرميُه أمثال ابن عباس وأُبيّ وغيره بالجهل باللغة ؟! أم دعواه إجماع أهل العلم على الحرمة ؟! أم دعواه الخبرة باللغة وقد جعل الاستمتاع بمعنى النكاح ؟! .
(51) راجع ترجمة ابن جريح في تهذيب التهذيب وميزان الاعتدال .
(52) راجع للحصول على هذه الأقوال الكتب الفقهية ، وفي تفصيل أبحاثها الفقهية والكلامية ما ألّفه أساتذة الفنِّ من القُدماء والمتأخّرين وخاصة أعلام العصر الحاضر من نظّار باحثي الحُجج .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page