• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الثاني - القسم الثاني عشر

12 ـ أخبرنا الشيخ الإمام أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابويه قراءة عليه بالري سنة عشرة وخمسمئة ، قال : حدّثنا السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، قال : حدّثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال : أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال ، حدّثنا علي بن محمد بن أبي سعيد ، عن فضيل بن الجعد ، عن أبي إسحاق الهمداني ، قال :
لمّا ولّى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتاباً وأمره أن يقرأه على أهل مصر ، وأن يعمل بما (1) وصّاه به فيه ، وكان الكتاب (2) :
بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل مصر ومحمد بن أبي بكر ، ( سلامٌ عليكم ) (3) ، فإنّي أحمِدُ إليكم الله الذي لا إله إلاّ هو :
أمّا بعد ، فإنّي أُوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون وإليه تصيرون ، فإنّ الله تعالى يقول : (   كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ )    (4) ، ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )   (5) ، ( وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) (6) ، ويقول : ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ *   عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )    (7) ، فاعلموا عباد الله أنّ الله عزّ وجلّ مسائلكم عن الصغيرة والكبيرة من أعمالكم ، فإن يعذّب فنحن أظلم ، وإن يعفو فهو أرحم الراحمين .
يا عبادَ الله ، إنّ أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل لله بطاعته وينصحه في التوبة : عليكم بتقوى الله فإنّها تجمع من الخير ما لا خير غيرها (8) ، ويُدرك بها من الخير ما لا يُدرك بغيرها [ من ] (9) خير الدنيا ( وخير الآخرة ) (10) ، قال الله تعالى : ( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) (11) .
اعلموا عباد الله أنّ المؤمن يعمل لثلاث من الثواب : إمّا الخير (12) ، فإنّ الله يثيبه بعمله في دنياه ، ( قال الله سبحانه لإبراهيم ) (13) : ( وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِين ) (14) ، فمَن عمل لله أعطاه أجره في الدنيا والآخرة وكفاه المهم فيهما ، وقال الله تعالى : ( قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (15) ، فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ، قال الله تعالى : ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ ) (16) ، فالحسنى هي الجنّة والزيادة هي الدنيا .
[ وإمّا لخير الآخرة ]   (17) فإنّ الله تعالى يكفّر بكل حسنة سيئة ، قال الله تعالى :   ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )    (18) ، حتى إذا كان يوم القيامة حُسبت لهم حسناتهم ثمّ أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف ، قال الله تعالى :   ( جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً )    (19) ، وقال :   (   فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ )    (20) ، فارغبوا في هذا ـ يرحمكم الله ـ واعملوا له وتحاضّوا عليه .
واعلموا يا عباد الله إنّ المتّقين حازوا عاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم ، وأباحهم الله من الدنيا ما كفاهم وبه أغناهم ، قال الله عزّ وجلّ : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) (21) .
سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت ، أكلوا بأفضل ما أكلت ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيّبات ما يأكلون ، وشربوا بأفضل ما يشربون ، ولبسوا من أفضل ما يلبسون ، وتزوّجوا من أفضل ما يتزوّجون ، وركبوا من أفضل ما يركبون ، أصابوا لذّة الدنيا [ مع أهل الدنيا ] (22) ، وهم غداً جيران الله يتمنّون عليه فيعطيهم ما تمنّوا ، لا تُردّ لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من اللذة .
فإلى هذا يا عباد الله يشتاق مَن كان له عقل ويعمل بتقوى الله ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم ، يا عباد الله ، إن اتقيتم الله وحفظتم نبيّكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عُبِد ، وذكرتموه بأفضل ما ذُكِر ، وشكرتموه بأفضل ما شُكِر ، وأخذتم بأفضل ( الصبر و ) (23) الشكر ، واجتهدتم بأفضل الاجتهاد ،   وإن كان غيركم أطول منكم صلاة وأكثر منكم صياماً ، فأنتم أتقى لله عزّ وجلّ منه وأنصح لأُولي الأمر )   (24) .
قال محمد بن أبي القاسم : الحديث طويل لكنّي أخذته إلى هاهنا ؛ لأنّ غرضي كان في هذه الألفاظ لأنّها بشارة حسنة لمن خاف واتّقى وتوّلى أهل المصطفى ، والخبر بكماله أوردته في كتاب الزهد والتقوى .
__________________
( 1 ) في ( ط ) : أوصاه .
( 2 ) في ( ط ) : وكان الكتاب فيه .
( 3 ) ليس في ( ط ) .
( 4 ) آل عمران : 185 .
( 5 ) المدّثر : 38 .
( 6 ) آل عمران : 28 .
( 7 ) الحجر : 92 ـ 93 .
( 8 ) في ( ط ) : غيره ، وفي الأمالي : فإنّها تجمع الخير ولا خير غيرها .
( 9 ) من الأمالي .
( 10 ) ليس في ( ط ) .
( 11 ) النحل : 30 .
( 12 ) في أمالي الصدوق : إمّا لخير الدنيا ، وفي ( ط ) : إمّا الخير .
( 13 ) ليس في ( ط ) .
( 14 ) العنكبوت : 27 .
( 15 ) الزمر : 10 .
( 16 ) يونس : 26 .
( 17 ) أضفناه من الغارات تتميماًً للمعنى .
( 18 ) هود : 114 .
( 19 ) النبأ : 36 .
( 20 ) سبأ : 37 .
( 21 ) الأعراف : 32 .
( 22 ) من الأمالي .
( 23 ) ليس في ( ط ) .
( 24 ) رواه الشيخ في أماليه 1 : 24 ، أورده في الغارات 1 : 233 ، تحف العقول : 176 ، أمالي المفيد : 137 ، النهج باب الكتب تحت الرقم : 27 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page