72 ـ أخبرنا الشيخ الأمين أبو عبد الله محمد بن شهريار الخازن بقراءتي عليه في مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في شوّال سنة اثنتي عشرة وخمسمئة ، قال : أملى علينا أبو عبد الله محمد بن محمد البرسي ، قال : أخبرني أبو طاهر محمد بن الحسين القرشي المعدل ، قال : حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد (1) بن حمران الأسدي ، قال : حدّثنا أبو أحمد إسحاق بن محمد بن علي المقري ( قال : حدّثنا عبد الله ) (2) ، قال : حدّثنا عبيد الله بن محمد بن الأيادي ، قال : حدّثنا عمر بن مدرك ، قال : حدّثنا يحيى بن زياد (3) الملكي ، قال : أخبرنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن عطية العوفي قال :
( خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاري ( رحمه الله ) زائرين قبر الحسين بن علي بن أبي طالب فلمّا وردنا كربلا دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ثمّ اتّزر بإزار وارتدى بآخر ، ثمّ فتح صرّة فيها سعد فنثرها على بدنه ، ثمّ لم يخط خطوة إلاّ ذكر الله تعالى ، حتى إذا دنا من القبر قال : المسنيه ، فألمسته ، فخر على القبر مغشياً عليه ، فرششت عليه شيئاً من الماء ، فلمّا أفاق قال : يا حسين ثلاثاً ، ثمّ قال : حبيب لا يجيب حبيبه .
ثمّ قال : وأنّى لك بالجواب وقد شحطت أوداجك على اثباجك وفُرّق بين بدنك ورأسك ، فأشهد أنّك ابن خاتم النبيين وابن سيّد المؤمنين وابن حليف التقوى وسليل الهدى وخامس أصحاب الكسا ، وابن سيد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء ، ومالَكَ لا تكون هكذا وقد غذّتك كفّ سيّد المرسلين ، ورُبّيت في حجر المتّقين ورضعت من ثدي الإيمان وفُطِمت بالإسلام ، فطبت حيّاً وطبت ميتاً ، غير أنّ قلوب المؤمنين غير طيّبة لفراقك ولا شاكّة في الخيرة لك ، فعليك سلام الله ورضوانه ، وأشهد أنّك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا .
ثمّ جال ببصره (4) حول القبر وقال : السلام عليكم أيّتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين وأناخت برحله ، ( و ) (5) أشهد أنّكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر ، وجاهدتم الملحدين وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين ، والذي بعث محمداً بالحقّ ( نبيّاً ) (6) لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه .
قال عطية : فقلت له : يا جابر (7) ، كيف ولم نهبط وادياً ولم نعلُ جبلاً ولم نضرب بسيف ، والقوم قد فُرّق بين رؤوسهم وأبدانهم وأُوتِمت أولادهم وأُرمِلت أزواجهم (8) ؟
فقال لي : يا عطية ، سمعت حبيبي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يقول : ( مَن أحبّ قوماً حُشر معهم ، ومَن أحبّ عمل قوم أُشرِك في عملهم ) ، والذي بعث محمداً بالحقّ نبيّاً إنّ نيّتي ونيّة أصحابي (9) على ما مضى عليه الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ، خُذني (10) نحو أبيات كوفان .
فلمّا صرنا في بعض الطريق قال ( لي ) (11) : يا عطية ، هل أُوصيك وما أظنّ أنّني بعد هذه السفرة ملاقيك : أحببْ محبّ آل محمد ( عليهم السلام ) ما أحبّهم ، وابغضْ مبغض آل محمد ما أبغضهم وإن كان صوّاماً قوّاماً ، وارفُق بمحبّ محمد وآل محمد ، فإنّه إن تزلّ له قدمٌ بكثرة ذنوبه ثبتت له (12) أُخرى بمحبّتهم ، فإنّ محبّهم يعود إلى الجنّة ومبغضهم يعود إلى النار ) (13) .
_______________
( 1 ) في ( ط ) : أحمد .
( 2 ) ليس في ( م ) .
( 3 ) في ( م ) : محمد بن زياد .
( 4 ) في ( ط ) : بصره .
( 5 ) ليس في ( م ) .
( 6 ) ليس في ( م ) .
( 7 ) في ( م ) : فقلتُ لجابر .
( 8 ) في ( م ) : الأزواج .
( 9 ) في ( م ) : أصحابه .
( 10 ) في ( م ) : خذوني .
( 11 ) ليس في ( ط ) .
( 12 ) في ( م ) : فإنّهم إن تزلّ لهم قدمٌ بكثرة ذنوبهم ثبتت لهم .
( 13 ) عنه البحار 101 : 7 ـ 195 .
الجزء الثاني - القسم الثاني والسبعون
- الزيارات: 1114