93 ـ وبهذا الإسناد قال : حدّثنا أبي ( رحمه الله ) ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه وعلى آله السلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) قال :
( قال رسول الله على منبره : يا علي ، إنّ الله عزّ وجلّ وهب لك (1) حبّ المساكين والمستضعفين في الأرض ، فرضيت بهم إخواناً ورضوا بك إماماً ، فطوبى لمن أحبّك وصدق عليك (2) ، وويل لمن أبغضك وكذب عليك ، يا علي ، أنت العلم لهذه الأُمة ، مَن أحبّك فاز ومَن أبغضك هلك .
يا علي ، أنا المدينة وأنت بابها وهل تؤتى المدينة إلاّ من بابها ، يا علي ، أهل مودّتك كل أوّاب حفيظ وكل ذي طمر لو أقسم على الله لأبرّ قسمه ، يا علي ، إخوانك كل طاهر زكي (3) مجتهد [ يحبّ فيك ويبغض فيك محتقر ] (4) عند الخلق عظيم المنزلة عند الله عزّ وجلّ .
يا علي ، محبّوك جيران الله في دار الفردوس لا يأسفون على ما فاتهم (5) من الدنيا ، يا علي ، أنا وليّ لمن واليت وأنا عدوّ لمن عاديت ، يا علي ، مَن أحبّك فقد أحبّني ومَن أبغضك فقد أبغضني ، يا علي ، إخوانك ذبل الشفاه تُعرف الرهبانية في وجوههم ، يا علي ، إخوانك يفرحون في ثلاث مواطن : عند خروج أنفسهم وأنا شاهدهم وأنت ، وعند المسألة في قبورهم ، وعند العرض [ الأكبر ] (6) ، وعند الصراط إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم يجيبوا .
يا علي ، حربك حربي وسِلمك سِلمي ، وحربي حرب الله وسِلمي سِلم الله ، ومَن سالمك فقد سالمني ومَن سالمني فقد سالم الله عزّ وجلّ ، يا علي ، بشّر إخوانك فإنّ الله عزّ وجلّ قد رضي عنهم إذ رضيت لهم قائداً ورضوا بك ولياً .
يا علي ، أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين ، يا علي ، شيعتك المنتجبون ، ولولا أنت وشيعتك ما قام لله عزّ وجلّ دين ، ولولا مَن في الأرض منكم لما أنزلت السماء قطرها ، يا علي ، لك كنز في الجنّة ، وأنت ذو قرنيها شيعتك تُعرف بحزب الله عزّ وجلّ ، يا علي ، أنت وشيعتك القائمون بالقسط وخيرة الله من خلقه .
يا علي ، أنا أوّل مَن يُنفض التراب عن رأسه وأنت معي ثمّ سائر الخلق ، يا علي ، وشيعتك على الحوض تسقون مَن أحببتم وتمنعون مَن كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظلّ العرش يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون ، فيكم نزلت هذه الآية :
( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) (7) ، وفيكم نزلت : ( لاَ يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) (8) .
يا علي ، أنت وشيعتك تطلبون في الموقف وأنتم في الجنان تتنعّمون ، يا علي ، إنّ الملائكة والخزّان يشتاقون إليكم ، وإنّ حملة العرش والملائكة المقرّبون ليخصّونكم بالدعاء ويسألون الله لمحبّيكم ، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح الأهل بالغايب القادم بعد طول الغيبة ، يا علي ، شيعتك الذين يخافون الله في السرّ وينصحونه في العلانية ، يا علي ، شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات ؛ لأنّهم يلقون الله عزّ وجلّ وما عليهم ذنب ، يا علي ، إنّ أعمال شيعتك ستُعرض عليَّ في كل جمعة فأفرح بصالح ما يبلغني من أعمالهم واستغفر لسيئاتهم .
يا علي ، ذكرك في التوراة وذكر شيعتك قبل أن يُخلقوا بكل خير وكذلك في الإنجيل ، فسَل أهل الإنجيل وأهل الكتاب عن ( إليا ) يخبرونك (9) مع علمك بالتوراة والإنجيل وما أعطاك الله عزّ وجلّ من علم الكتاب ، وإنّ أهل الإنجيل ليتعاظمون ( إليا ) وما يعرفونه شيعته وإنّما يعرفونهم بما يحدّثونهم في كتبهم ، يا علي ، إنّ أصحابك ذكرهم في السماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الأرض لهم بالخير فليفرحوا بذلك وليزدادوا اجتهاداً .
يا علي ، إنّ أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم فتنظر الملائكة إليه كما ينظر الناس إلى الهلال شوقاً إليهم ولما يرون من منزلتهم عند الله عزّ وجلّ ، يا علي ، قل لأصحابك العارفين بك يتنزّهون عن الأعمال التي يقارفها عدوّهم ، فما من يوم ولا ليلة إلاّ ورحمة [ من ] (10) الله تبارك وتعالى تغشاهم فليجتنبوا الدنس .
يا علي ، اشتدّ غضب الله عزّ وجلّ على مَن قلاهم وبرئ منك ومنهم واستبدل بك وبهم ، ومال إلى عدوّك وتركك وشيعتك واختار الضلال ونَصَب لك الحرب (11) ولشيعتك ، وأبغضنا أهل البيت وأبغض مَن والاك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا ، يا علي ، أقرئهم منّي السلام مَن رآني منهم ومَن لم يرني ، وأعلِمهم أنّهم إخواني الذين اشتاق إليهم فليلقوا علمي (12) إلى مَن يبلغ القرون من بعدي ، وليتمسّكوا بحبل الله وليعتصموا به ، وليجتهدوا في العمل ، فإنّا لا نخرجهم من هدى إلى ضلالة ، وأخبرهم أنّ الله عزّ وجلّ راضٍ عنهم ، وأنّه يباهي بهم ملائكته وينظر إليهم في كل جمعة برحمته ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم .
يا علي ، لا ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أنّي أُحبّك فأحبّوك لحبّي إياك ودانوا الله عزّ وجلّ بذلك ، وأعطوك سفو المودّة من قلوبهم (13) ، واختاروك على الآباء والإخوة والأولاد ، وسلكوا طريقك وقد حُملوا على المكاره فينا فأبوا إلاّ نصرنا وبذل المهج فينا مع الأذى وسوء القول ، وما يقاسونه من مضاضة ذلك فكن بهم رحيماً واقنع بهم ، فإنّ الله عزّ وجلّ اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق ، وخلقهم من طينتنا واستودعهم سرّنا وألزم قلوبهم معرفة حقّنا ، وشرح صدورهم (14) [ وجعلهم ] (15) متمسّكين (16) بحبلنا ، لا يؤثرون علينا مَن خالفنا مع ما يزول من الدنيا عنهم ، أيّدهم الله وسلك بهم طريق الهدى فاعتصَموا به ، والناس في غمّة الضلال متحيّرون في الأهواء ، عموا عن الحجّة وما جاء من عند الله عزّ وجلّ ، فهم يصبحون ويمسون في سخط الله وشيعتك على منهاج الحقّ والاستقامة ، لا يستأنسون إلى مَن خالفهم وليست الدنيا منهم وليسوا منها ، أولئك مصابيح الدُّجى ، [ أولئك مصابيح الدُّجى ، أولئك مصابيح الدُّجى ] (17) ) (18) .
___________
( 1 ) في ( ط ) : وهَبَك .
( 2 ) بك ( خ ل ) .
( 3 ) في ( ط ) : زاك .
( 4 ) و ( 5 ) من الأمالي .
( 6 ) في الأمالي : على ما خلفوا .
( 7 ) الأنبياء : 3 .
( 8 ) الانبياء : 101 .
( 9 ) في الأمالي : يخبروك .
( 10 ) من الأمالي .
( 11 ) في الأمالي : نَصَب الحرب لك .
( 12 ) في ( ط ) و ( م ) : عملي ، وما أثبتناه من الأمالي .
( 13 ) في الأمالي : في قلوبهم .
( 14 ) في ( م ) : صدورنا .
( 15 ) من الأمالي .
( 16 ) في الأمالي : مستمسكين .
( 17 ) من الأمالي .
( 18 ) عنه البحار 68 : 46 ، رواه الصدوق في أماليه : 2 ـ 450 ، فضائل الشيعة : 14 ـ 17 عنه 39 : 306 .
الجزء الرابع - القسم الثالث والتسعون
- الزيارات: 916