• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التبرك 3

 

التبرك 3

التمسّح بالمتبرّك به

أود أخيراً أن اختتم هذا البحث بالإشارة الى موضوع يثير حوله البعض إشكالات يستهدفون بها تضليل المسلمين وحرفهم عن جادة الصواب بإثارة الشكوك في أنفسهم بغية التمكّن من التلاعب بعقائدهم وسوقهم الى مقالاتهم التي ظاهرها برّاقة وباطنها جوفاء لا تقنع إنساناً له مسكة من عقل، ألا وهو موضوع المسح والتمسّح بالأشخاص والأشياء المتبرّك بهم.

قال العلياني ـ بعد أن ساق الكلام في فضل بعض الأمكنة:

فمن سكن في مكة أو المدينة أو الشام ملتمساً لبركات الله عزّ وجلّ في تلك البقاع سواء من زيادة أرزاقها أو دفع الفتن عنها، فقد وفق الى خير كثير، أما لو تعدى العبد في طلب التبرّك كأن يتمسح بترابها وأحجارها وأشجارها، وكأن يضع تربتها في الماء للاستشفاء بها ونحو ذلك فإنّه مأزور غير مأجور ، لأنه سلك في التبرّك مسلكاً لم يفعله رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولم يفعله الرعيل الأوّل [1] ...

وقال :وقد كان السلف الصالح ينهون عن تعظيمهم غاية النهي، كأنس والثوري وأحمد، وكان أحمد يقول: من أنا حتى تجيئون إليّ! اذهبوا اكتبوا الحديث. وكان إذا سئل عن شيء يقول: سلوا العلماء! وإذا سئل عن شيء من الورع يقول: أنا لا يحل لي أن أتكلم في الورع، لوكان بشر حياً تكلّم في هذا.

وسئل مرّة عن الاخلاص فقال: إذهب الى الزهّاد، أي شيء نحن حتى تجيء إلينا؟

وجاء إليه رجل فمسح يده على ثيابه ومسح بهما وجهه، فغضب الإمام أحمد وأنكر ذلك أشد الإنكار، وقال: عمّن أخذتم هذا الأمر [2] .

وهنا، أولاً: إن العلياني يفهم الاُمور على غير وجهها، لأن عمل اُولئك الأئمة وإنكارهم تبرّك الناس بهم، لم يكن من باب إنكار التبرك نفسه، بل كان من باب التواضع ـ الذي هو دأب العلماء والصالحين ـ والإمام أحمد لم يتّهم الشخص الذي تبرّك به ـ كما يفعل الذين يدّعون أ نّهم يأتمّون بهذا الإمام في تكفير المسلمين واتّهامهم بالشرك ـ لأن هؤلاء العلماء كانوا يعلمون جيداً بأن ذلك ليس من الشرك والضلال، بدليل أ نّهم هم أنفسهم كانوا يتبرّكون بغيرهم من العلماء والأئمة الصالحين، بل وحتى التبرّك بقبورهم. كما مرّ بنا في المبحث السابق وفيهم أئمة أهل الحديث .

ولا ندري بأي دليل يحتج هؤلاء الجهّال على عدم مشروعية التمسح بالمتبرّك به؟ فليس لديهم من حديث ولا أثر يركن إليه ليثبت صحة دعواهم الفارغة، بينما تدلّ كل الآثار على خطل آرائهم.

لقد مرّ بنا فيما سبق أن الصحابة كانوا يمسكون رمانة منبر النبي(صلى الله عليه وآله) بميامنهم ثم يدعون، وأن ابن عمر الصحابي كان يمسح بيده على مكان جلوس النبي(صلى الله عليه وآله) من المنبر ثم يمسح بها وجهه، ومرّ بنا أيضاً أن النبي(صلى الله عليه وآله) كان يمسح على رؤوس أو أجسام الأشخاص ويدعو لهم ، مما يدل على خصوصية في المسح، لأن دعاء النبي(صلى الله عليه وآله) يكفي للإجابة، والروايات التي جاءت تتضمن هذا المعنى كثيرة جداً، نكتفي بالإشارة هنا الى بعضها من أجل بيان وجه ذلك العمل وأهميته ، وأعني المسح.

فعن عائشة: أن النبي(صلى الله عليه وآله) كان يعوّذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: «اللّهم رب الناس، اذهب البأس، اشفه وأنت الشافي، لا شفاء إلاّ شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقماً...» [3] .

وعنها أيضاً: أن النبي(صلى الله عليه وآله) كان يقول للمريض: «بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفي سقيمنا، بإذن ربّنا» [4] .

وقال السمهودي: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح، قال باصبعه هكذا، ووضع سبابته بالأرض ثم رفعها وقال:«بسم الله، تربة أرضنا بريق بعضنا يشفي سقيمنا بإذن الله» [5] .

عن أبي حازم، أ نّه قال: أخبرني سهل بن سعد أن رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال يوم الخيبر: «لاُعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أ يّهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله(صلى الله عليه وآله) كلّهم يرجو أن يعطاها، قال فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقال: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فارسلوا إليه، فاُتي به فبصق رسول الله(صلى الله عليه وآله) في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأنّ لم يكن به وجع فأعطاه الراية...» [6] .

إن هذا يوضح بعض الاُمور، منها: أن النبي(صلى الله عليه وآله) لم يكن يكتفي بالدعاء بل كان يمسح على العضو المريض أيضاً إذا كان للاستشفاء ويمسح على الرأس إذا كان للبركة، فلابد إذاً من خصوصية للمسح.

ومنها أيضاً: إننا وجدنا في الروايات المتقدمة أن النبي(صلى الله عليه وآله)كان يدعو للاستشفاء بالتربة، وفي الأخبار هذه ما يدل أيضاً على أمره بخلط التربة بالريق أيضاً لكي تتحقق البركة والشفاء بإذن الله، ممّا يدل على خصوصية معينة لتربة المدينة المنوّرة في جعلها سبباً للشفاء بإذن الله لما فيها من البركة التي اختصّها الله بها، والآثار النبوية في ذلك كثيرة نذكر منها قوله(صلى الله عليه وآله):

1 ـ «غبار المدينة شفاء من الجذام» [7] .

2 ـ «غبار المدينة يبرئ الجذام».

3 ـ «غبار المدينة يطفئ الجذام».

4 ـ «إنّ في غبارها شفاء من كل داء».

5 ـ «والذي نفسي بيده إن تربتها لمؤمنة وإنّها شفاء من الجذام» [8] .

أفلا يدلّ ذلك على خصوصية أودعها الله تعالى في بعض الأماكن حتى صارت تربتها وغبارها شفاء من الأسقام المستعصية بإذن الله، وإذا كان خلط هذه التربة بالريق والاستشفاء بها من أمر النبي(صلى الله عليه وآله) ، فكيف لا يجوز التبرّك بهذه التربة الشريفة إذاً، وماهي خصوصية الحجر الأسود، وبعض أركان الكعبة، حتى يتهافت المسلمون بالملايين على لمسها اقتداء بالنبي الكريم(صلى الله عليه وآله)، أوَ لا يكفي زيارة البيت دون لمس شيء منه إن كان ادعاء هؤلاء صحيحاً؟!

أوَليس معنى كل هذا أن لبعض الأماكن قدسية خاصة أودعها الله فيها، وأن البركة في تربتها وغبارها، فَلِمَ لا يجوز التمسّح بها وتقبيلها طلباً للبركة إذاً؟!

فيتبيّن من كل ذلك أن التبرك أمر قد أقرّه الشارع العظيم، وعمل به الأنبياء(عليهم السلام) ومنهم نبيّنا عليه وعلى آله الصلاة والسلام، ولم يأتنا أثر يثبت أن الله سبحانه وتعالى أو نبيّه(صلى الله عليه وآله) قد نهيا عن شيء من ذلك قط، فالمسلمون إذاً ظلّت سيرتهم منذ عهد النبي(صلى الله عليه وآله)على التبرّك به حياً، وبآثاره ميتاً، وتبرّك الصحابة بعضهم ببعض ، وصلّوا في الأماكن التي صلّى فيها النبي(صلى الله عليه وآله) طلباً لبركتها، وظلّ ذلك دأب المسلمين جيلاً بعد جيل، يتلقون فيوضات البركات الإلهية دون أن يخامر عقائدهم شرك ولا ضلال، ودون أن يعمد أحدهم الى تأليه شخص أو شيء متبرّك به، بل ظلّوا على مرّ القرون موحدين لله سبحانه وتعالى، معتقدين بأنه وحده القادر على كل شيء، وعلى إنزال البركات، وأنّ تبرّكهم بمخلوقاته ليس إلاّ من باب الحب لله والحب لمن يحبّهم ويحبّونه ، ولا شيء غير ذلك ممّا يدّعيه الجهّال.

التبرّك عند أهل البيت(عليهم السلام)
بعد أن أثبتنا في المباحث المتقدّمة، مشروعية التبرك عند جميع طوائف المسلمين، واقرار النبي(صلى الله عليه وآله)له ، وأبطلنا حجج القائلين بأن التبرك مختصّ بالنبي(صلى الله عليه وآله) ، منتف عن غيره من هذه الاُمّة، وأثبتنا أن دأب الصحابة والتابعين الأخيار كان الاستمرار على هذا النهج في التبرك بآثار النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام) وحتى بالصالحين من هذه الاُمّة.

لابد أن نورد بعض الأخبار حول التبرك عند أهل بيت النبوة(عليهم السلام)وحثّهم عليه وترغيبهم فيه:

تبركهم بقبر النبيّ(صلى الله عليه وآله)
1 ـ لما حانت وفاة الإمام الحسن بن علي(عليهما السلام)، أوصى الى أخيه الحسين(عليه السلام)، فكان ممّا أوصاه به، أنّه قال: فإذا قضيت نحبي فغمّضني وغسّلني وكفّني وأدخلني على سريري الى قبر جدّي رسول الله(صلى الله عليه وآله)لاُجدّد به عهداً، ثم ردّني الى قبر جدّتي فاطمة ]بنت أسد[ رضي الله عنها فادفنّي هناك [9] .

2 ـ عن محمد بن مسعود، قال: رأيت أبا عبدالله ]الصادق[ عليه السلام انتهى الى قبر النبي(صلى الله عليه وآله)، فوضع يده عليه [10] .

3 ـ عن ابن فضال، قال: رأيت أبا الحسن(عليه السلام) وهو يريد أن يودع للخروج الى العمرة، فأتى القبر من موضع رأس رسول الله(صلى الله عليه وآله)، بعد المغرب، فسلّم على النبي(صلى الله عليه وآله)، ولزق بالقبر [11] .

4 ـ لمّا عزم الإمام الحسين(عليه السلام) الخروج من مكة ـ بعد موت معاوية ـ خرج من منزله ذات ليلة وأقبل الى قبر جدّه(صلى الله عليه وآله) ، فقال: السلام عليك يا رسول الله، أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك، ثم جعل يبكي عند القبر، حتى إذا كان قريباً من الصبح، وضع رأسه على القبر فأغفى [12] ...

5 ـ عن الرضا(عليه السلام) ، قال: لما أردت الخروج من المدينة الى خراسان، جمعت عيالي فأمرتهم أن يبكوا عليّ حتى أسمع بكاءهم، ثم فرقت فيهم اثني عشر ألف دينار، ثم قلت لهم: إنّي لا أرجع الى عيالي أبداً، ثم أخذت أبا جعفر فأدخلته المسجد ووضعت يده على حافة القبر وألصقته به، واستحفظته برسول الله(صلى الله عليه وآله) [13] .

تبرّكهم بآثار بعضهم (عليهم السلام)
1 ـ عن سليمان بن خالد ومحمّد بن مسلم قالا: مضينا الى الحيرة فاستأذنا ودخلنا الى أبي عبدالله(عليه السلام) فجلسنا إليه وسألنا عن أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال: إذا خرجتم فجزيتم الثويّة والقائم وصرتم من النجف على غلوة أو غلوتين، رأيتم ذكوات بيضاً بينها قبر قد جرفه السيل، ذاك قبر أمير المؤمنين(عليه السلام) . قال: فغدونا من غد فجزنا الثويّة والقائم، وإذا ذكوات بيض فجئناها، فإذا القبر كما وصف قد جرفه السيل، فنزلنا فسلّمنا وصلّينا عنده ثم انصرفنا، فلمّا كان من الغد غدونا الى أبي عبدالله(عليه السلام)فوصفنا له فقال: أصبتم ، أصاب الله بكم الرشاد [14] .

2 ـ عن أبان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبدالله(عليه السلام) ، فمرّ بظهر قبر فنزل فصلّى ركعتين، ثم تقدم قليلاً فصلّى ركعتين، ثم سار قليلاً فنزل فصلّى ركعتين، ثم قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنين(عليه السلام)، قلت: جعلت فداك، فما الموضعين اللذين صلّيت فيهما؟ قال: موضع رأس الحسين(عليه السلام)، وموضع منبر القائم [15] .

3 ـ كان أهل البيت(عليهم السلام) يتبركون بحجر في بيت فاطمة(عليها السلام)، وعن علي بن موسى الرضا(عليه السلام)قال: أنّه ولدت فاطمة(عليها السلام) الحسن والحسين على ذلك الحجر، أو كانت فاطمة تصلّي إليها [16] .

التبرّك والاستشفاء بتربة الحسين(عليه السلام)
1 ـ عن أبي اليسع، قال: سأل رجل أبا عبدالله (عليه السلام) وأنا أسمع عن الغسل إذا أتى قبر الحسين(عليه السلام)، قال: أجعله قبلة إذا صلّيت؟ قال: تنح هكذا ناحية. قال: آخذ من طين قبره ويكون عندي أطلب بركته؟ قال: نعم، أو قال: لا بأس بذلك [17] .

2 ـ عن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين(عليه السلام)فينتفع به ويأخذه غيره فلا يتنفع به، فقال: لا والله، لا يأخذه أحد وهو يرى أن الله ينفعه به إلاّ نفعه به [18] .

3 ـ عن الصادق(عليه السلام): إن الله جعل تربة الحسين(عليه السلام) شفاءً من كل داء، وأماناً من كل خوف، فإذا أخذها أحدكم فليقبّلها وليضعها على عينه وليمرّها على جسده [19] .

4 ـ عن اليقطيني، قال: بعث إليّ أبو الحسن الرضا(عليه السلام) رزم ثياب وغلماناً ـ الى أن قال ـ ، فلمّا أردت أن اعتبئ الثياب رأيت في أضعاف الثياب طيناً، فقلت للرسول ما هذا؟ فقال: ليس توجّه بمتاع إلاّ جعل فيه طيناً من قبر الحسين(عليه السلام)، ثم قال الرسول(صلى الله عليه وآله) : قال أبو الحسن(عليه السلام): هو أمان بإذن الله [20] .

5 ـ سأل رجل أبا عبدالله(عليه السلام) ، قال: آخذ من طين قبر الحسين يكون أطلب بركة؟ قال: لا بأس بذلك [21] .

6 ـ إن الصادق(عليه السلام) مرض فأمر من عنده أن يستأجروا له أجيراً يدعو عند قبر الحسين(عليه السلام)، فوجدوا رجلاً فقالوا له ذلك، فقال: أنا أمضي، ولكن الحسين إمام مفترض الطاعة ، وهو إمام مفترض الطاعة! فرجعوا الى الصادق(عليه السلام) وأخبروه، فقال: هو كما قال، ولكن ما عرف أن لله بقاعاً يستجاب فيها الدعاء، فتلك البقعة من تلك البقاع [22] .

7 ـ عن أبي الحسن(عليه السلام) ، قال: ما على أحدكم إذا دفن الميت ووسّده بالتراب، أن يضع مقابل وجهه لبنة من طين الحسين(عليه السلام) ولا يضعها تحت رأسه [23] .

8 ـ كان لأبي عبدالله ]الصادق[ عليه السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبدالله ]الحسين[عليه السلام، فكان إذا حضرت الصلاة صبّه على سجادة وسجد عليه، ثم قال: السجود على تربة الحسين(عليه السلام)يخرق الحجب السبع [24] .

9 ـ عن الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام) ، قال: إن فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، كانت سبحتها من خيط صوف مفتّل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت(عليها السلام) تديرها بيدها ، تكبّر وتسبّح، حتى قتل حمزة بن عبدالمطلب، فاستعملت تربته وعملت التسابيح، فاستعملها الناس، فلمّا قتل الحسين صلوات الله عليه، عُدل بالأمر إليه، فاستعملوا تربته لما فيه من الفضل والمزية [25] .

10 ـ سُئل أبا عبدالله(عليه السلام) عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسين(عليه السلام)، والتفاضل بينهما، فقال(عليه السلام): السبحة التي هي من طين قبر الحسين(عليه السلام) تسبّح بيد الرجل من غير أن يسبّح [26] .

11 ـ عن الصادق(عليه السلام) : من أدار الحجير من تربة الحسين(عليه السلام)فاستغفر مرة واحدة كتب الله له سبعين مرة، وإن مسك السبحة ولم يسبّح بها، ففي كل حبة منها سبع مرات [27] .

12 ـ عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمد(عليهما السلام) يقولان: إن الله عوّض الحسين(عليه السلام) من قتله أن الإمامة في ذريته والشفاء في تربته وإجابة الدعاء عند قبره [28] .

13 ـ عن ابن عباس ، عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنه أخبره بقتل الحسين(عليه السلام)الى أن قال: ألا وإن الإجابة تحت قبّته ، والشفاء في تربته، والأئمة من ولده [29] .

14 ـ عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): إنّي رجل كثير العلل والأمراض وما تركت دواء إلاّ تداويت به، فقال لي: أين أنت عن طين قبر الحسين بن علي(عليهما السلام)، فإنّ فيه شفاء من كل داء، وأمناً من كل خوف، فإذا أخذته فقل هذا الكلام (اللهمّ إنّي أسألك بحق هذه الطينة، وبحق الملك الذي أخذها، وبحق النبي الذي قبضها، وبحق الوصي الذي حلّ فيها، صلّ على محمّد وآل محمد وأهل بيته، وافعل بي كذا وكذا) [30] .

15 ـ عن محمّد بن مسلم: أنه كان مريضاً، فبعث إليه أبو عبدالله(عليه السلام) بشراب فشربه، فكأنّما نشط من عقال، فدخل عليه فقال: كيف وجدت الشراب؟ فقال: لقد كنت آيساً من نفسي فشربته فأقبلت إليك فكأنّما نشطت من عقال. فقال: يا محمد، إن الشراب الذي شربته كان فيه من طين قبور آبائي، وهو أفضل ما نستشفي به فلا تعدل به، فإنّا نسقيه صبياننا ونساءنا فنرى منه كل خير [31] .

16 ـ عن الصادق(عليه السلام): حنّكوا أولادكم بتربة الحسين فإنها أمان [32] .

17 ـ عن الصادق(عليه السلام): في طين قبر الحسين(عليه السلام) الشفاء من كل داء، وهو الدواء الأكبر [33] .

18 ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: من أصابه علّة فبدأ بطين قبر الحسين(عليه السلام)شفاه الله من تلك العلّة، إلاّ أن تكون علّة السام [34] .

19 ـ عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) ، قال: كل طين حرام كالميتة والدم وما اُهلَّ لغير الله به، ما خلا طين قبر الحسين(عليه السلام) ، فإنّ فيه شفاء من كل داء [35] .

20 ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام) ، قال: أكل الطين حرام على بني آدم، ما خلا طين قبر الحسين(عليه السلام)، من أكله من وجع شفاه الله [36] .

21 ـ عن أبي جعفر ]الباقر[ عليه السلام، قال: طين قبر الحسين(عليه السلام)شفاء من كل داء، وأمان من كل خوف، وهو لما أخذ له [37] .

التبرّك بكسوة الكعبة
1 ـ عن عتبة بن عبدالله، قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) ، عمّا يصل إلينا من ثياب الكعبة، هل يصلح لنا أن نلبس منها شيئاً؟ قال: يصلح للصبيان والمصاحف والمخدّة، يبتغي بذلك البركة إن شاء الله تعالى [38] .

2 ـ عن مروان بن عبدالملك، قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام)عن رجل اشترى من كسوة الكعبة شيئاً فاقتضى ببعضه حاجته، وبقي بعضه في يده، هل يصلح بيعه؟ قال: يبيع ما أراد ، ويهب ما لم يرد، ويستنفع به ويطلب بركته.. [39] .

التبرّك بسؤر المؤمن وفضل وضوئه
1 ـ عن محمد بن اسماعيل رفعه، قال: مَن شرب سؤر المؤمن تبركاً به، خلق الله بينهما ملكاً يستغفر لهما حتى تقوم الساعة [40] .

2 ـ عن عبدالله بن سنان، قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام) : في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء [41] .

3 ـ عن علي(عليه السلام) ـ في حديث الأربعمائة ـ ، قال: سؤر المؤمن شفاء [42] .

4 ـ الشرب من فضل وضوء المؤمن فيه شفاء من سبعين داء أدناها الهمّ [43] .

التبرّك بشرب ماء السماء
1 ـ عن حمران، عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: اشتكى رجل الى أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال له: سل من امرأتك درهماً من صداقها فاشتر به عسلاً فاشربه بماء السماء، ففعل ما أمر به فبرأ، فسئل أمير المؤمنين(عليه السلام)عن ذلك: أشيء سمعته من النبي(صلى الله عليه وآله)، قال: لا، ولكني سمعت الله يقول في كتابه: (فان طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئا ) وقال: (وأنزلنا من السماء ماءً مباركاً)فاجتمع الهنى والمريء والبركة والشفاء، فرجوت بذلك البر [44]

2 ـ عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : (وأنزلنا من السماء ماءً مباركاً)، قال : «ليس من ماء في الأرض إلاّ وقد خالطه ماء السماء» [45] .

3 ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): اشربوا ماء السماء فإنّه يطهّر البدن ويدفع الأسقام. قال الله تبارك وتعالى: (وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام) [46] .

التبرّك بماء الفرات
1 ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام)، قال: ما أخال أحداً يحنّك بماء الفرات إلاّ أحبّنا أهل البيت... [47] .

2 ـ عن علي بن الحسين يرفعه، قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام) : كم بينكم وبين الفرات؟ فأخبرته، فقال: لو كان عندنا لأحببت أن آتيه طرفي النهار [48] .

3 ـ عن سعيد بن جبير، قال: سمعت علي بن الحسين(عليهما السلام) ، يقول: إن ملكاً من السماء يهبط في كل ليلة معه ثلاثة مثاقيل مسكاً من مسك الجنة فيطرحها في الفرات، وما من نهر في شرق الأرض ولا غربها أعظم بركة منه [49] .

التبرّك بالتراب
1 ـ عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) أنّه كان يترّب الكتاب وقال : لا بأس به [50] .

2 ـ عن علي بن عطية أنه رأى كتباً لأبي الحسن(عليه السلام)مترّبة [51] .

3 ـ عن الرضا(عليه السلام) ، قال: كان أبو الحسن يترّب الكتاب [52] .

4 ـ عن الرضا (عليه السلام) ، عن آبائه(عليهم السلام)عن النبي(صلى الله عليه وآله) ، قال: باكروا بالحوائج فإنها ميسّرة، وأتربوا الكتاب فإنّه أنجح للحاجة، واطلبوا الخير عند حسان الوجوه [53] .

ووردت في كتب الحديث عند أهل السنّة أخبار بذلك، منها:

1 ـ إذا كتب أحدكم فليترّبه فإنّه أنجح للحاجة [54] .

2 ـ ترّبوا صحفكم أنجح لها فإن التراب مبارك [55] .

3 ـ إن النبي(صلى الله عليه وآله) بعث الى أهل قريتين بكتابين يدعوهم الى الإسلام ، فترّب أحد الكتابين ولم يترّب الآخر، فأسلم أهل القرية التي ترّب كتابهم [56] .

4 ـ إذا كتب أحدكم فليترّب كتابه فهو أنجح [57] .

5 ـ إذا كتب أحدكم كتاباً فليترّبه فإن التراب مبارك وهو أنجح للحاجة [58] .

6 ـ إذا كتبت كتاباً فترّبه فإنه أنجح للحاجة والتراب مبارك [59] .

7 ـ ترّبوا الكتاب وسجّوه من أسفله فإنّه أنجح للحاجة [60] .

8 ـ ترّبوا الكتاب فإنّه أعظم للبركة وأنجح للحاجة [61] .

9 ـ ترّبوا الكتاب فإنّه أنجح للحاجة [62] .

هذا وقد وردت الأخبار واستفاضت عن التبرّك بالقرآن، وبشهر رمضان، وبالسحور، وبتراب المدينة وتمرها، وبماء زمزم، وبجبل اُحد وغيرها كثير، ممّا يدل على أهمية موضوع التبرك، لذا نجد المسلمين على اختلاف مشاربهم يبادرون الى التبرك بكل ما عرفوا فيه البركة يبتغون بذلك التقرّب من الله سبحانه وتعالى وطاعة لأمر النبي(صلى الله عليه وآله) ، ولا يخطر على قلب أحدهم بأنه يفعل ذلك تقرباً من الشخص أو الشيء المتبرك به، أو أنه يعتبر عمله هذا عبادة لهذا الشخص أو الشيء المتبرك به، بل الجميع متصافقون على أن التبرك هو من الأعمال التي يُبتغى بها وجه الله تعالى ولا شيء سواه، وعلى هذا جرت سنّة المسلمين منذ عهد النبي(صلى الله عليه وآله)، والى يومنا هذا، ولم يخالف جمهور المسلمين إلا بعض الشذاذ الذين لا يفقهون كتاب الله ، فيتناولون المتشابه منه، ويحرّفون الكلم عن مواضعه ليضلّوا المسلمين متهمين إياهم بالشرك والبدعة، إلاّ أن المسلمين يعلمون جيداً خبث هذه الأساليب وهدفها المنحرف، لذا انبرى جهابذة العلماء من كلا الفريقين (السنّة والشيعة) للردّ على بدع هذه الشرذمة الضالّة، وأبطلوا حججهم بالأدلة الدامغة، وردوا كيدهم الى نحورهم، وكان في طليعة من تصدّى لأذناب السلفية، هو الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ـ وهو الأخ الشقيق لمحمد بن عبدالوهاب حامل لواء هذه البدعة ـ فردّ عليه بكتاب (الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية)، ثم تلاه غيره من العلماء الغيارى على مصلحة الإسلام في الرد على هذه الفئة ودحض حججها .

آراء بعض العلماء في التبرّك
نود أن نختم بحثنا هذا بعرض آراء بعض علماء الإمامية ممّن تناولوا هذا الموضوع لنبيّن آراءهم في ذلك، فمنهم:

1 ـ الشيخ جعفر بن الشيخ خضر الجناحي النجفي ( 1156 ـ 1228 هـ ):

قال: إنّ التواضع والتبرك والإكرام والاحترام لما هو معظّم عند الله من تعظيم الله، كما أن احترام قرآنه وبيته، ومساجده لانتسابها إليه، احترام له تبارك وتعالى. فمن عظّم عيسى ومريم وعزير لعبوديتهم وقرب منزلتهم، فهو معظّم لله، كما أن من عظّم بيت السلطان عبيده وغلمانه وأتباعه من حيث التبعية، يكون معظّماً للسلطان.

وأما من وجدها قابلة للتعظيم ، وأهلاً له من حيث ذاتها لأجل العبودية والتابعية، وإن كان غرضه التقريب زلفى، إنّما يكون معظّماً لها.

وإنّي منذ ثلاثين حجة أنظر في اُصول طوائف المسلمين، محقّيهم ومبطليهم، فلم أجد أحداً يعظّم كتاباً، أو نبيّاً، أو مكاناً، أو عبداً صالحاً من غير قصد قربة من الله، أو انتسابه إليه، فقد ظهر أن هذا كلّه من باب طاعة الله وتعظيمه.

وأما عبدة الأصنام والعباد الصالحين، فإنّما أرادوا عبادتهم حق العبادة، كانوا يصلّون لهم ويصومون، ويكون ذلك لاستحقاقهم بربوبيتهم في أنفسهم، أو الى التقريب زلفى، فهي عبادة حقيقية على الوجهين [63] ...

2 ـ السيد محسن الأمين العاملي:

قال: لو كان احترام قبور الأنبياء والصلحاء عبادة لها وشركاً ، لكان تعظيم الكعبة والطواف بها والحجر الأسود وتقبيله ، والحجر والمقام والمساجد والمشاعر والأبوين وإطاعتهما، وخفض جناح الذلّ لهما، وخفض الأصوات عند رسول الله(صلى الله عليه وآله)وخفضه جناحه لمن اتّبعه من المؤمنين، وسجود الملائكة لآدم، وسجود إخوة يوسف وأبويه له، وتعظيم الجنود لاُمرائهم، والصحابة للنبي(صلى الله عليه وآله)وللخلفاء، والأنبياء لآبائهم واُمهاتهم وقيامهم وخضوعهم لهم، والوهابية للسلطان ابن سعود، وغير ذلك كلّه عبادة لغير الله وشركاً، ولم يسلم في الشرك نبيّ فمن دونه، لا يقال للتعظيم الذي نص الشرع عليه وأمر به لا كلام لنا فيه، وإنّما الكلام فيما لم ينص الشرع عليه ، لأنا نقول: إذا فرض أن كل تعظيم عبادة وكل عبادة لغير الله شرك، يكون الله تعالى قد أمر بالشرك ورضيه وأحبّه وذلك باطل [64] ...

3 ـ الشيخ محمد جواد البلاغي:

قال: إعلم أنّ من ضروريات الدين، والمتفق عليه بين جميع طبقات المسلمين، بل من أعظم أركان اُصول الدين: اختصاص العبادة بالله رب العالمين. فلا يستحقها غيره، ولا يجوز ايقاعها لغيره، ومن عبد غيره فهو كافر مشرك، سواء عبد الأصنام، أو عبد أشرف الملائكة أو أفضل الأنام.

وهذا لا يرتاب فيه أحد ممّن عرف دين الإسلام.

وكيف يرتاب، وهو يقرأ في كل يوم عشر مرات: (إيّاك نعبد وإياك نستعين) [65] .

وبعد أن يورد مجموعة من الآيات في نفس المعنى يقول:

لكن العبادة ـ كما هو المفسّر في لسان المفسرين وأهل العربية وعلماء الإسلام ـ : غاية الخضوع، كالسجود والركوع ووضع الخد على التراب والرماد تواضعاً، وأشباه ذلك، كما يفعله عبّاد الأصنام لأصنامهم.

وأما زيارة القبور والتمسح بها وتقبيلها والتبرك بها، فليس من ذلك في شيء كما هو واضح، بل ليس فيها شيء من الخضوع، فضلاً عن كونها غاية الخضوع. مع أن مطلق الخضوع ليس بعبادة، وإلاّ لكان جميع الناس مشركين حتى الوهابيين! فإنّهم يخضعون للرؤساء والاُمراء والكبراء بعض الخضوع، ويخضع الأبناء للآباء ، والخدم للمخدومين، والعبيد للموالي، وكل طبقة من طبقات الناس للتي فوقها، فيخضعون إليهم بعض الخضوع، يتواضعون لهم بعض التواضع [66] .

4 ـ العلاّمة الأميني في (التبرك بالقبر الشريف):

قال: لم نجد في المقام قولاً بالحرمة لأحد من أعلام المذاهب الأربعة ممّن لهم ولآرائهم قيمة في المجتمع، وإنّما القائل بالنهي عنه من اُولئك يراه تنزيهاً لا تحريماً ، ويقول بالكراهة مستنداً الى زعم أن الدنوّ من القبر الشريف يخالف حسن الأدب، ويحسب أن البعد منه أ لْيَق به، وليس من شأن الفقيه النّابه أن يفتي في دين الله بمثل هذه الاعتبارات التي لا تبنى على أساس، وتختلف باختلاف الأنظار والآراء.

نعم، هناك اُناس شذّت من شرعة الحق، وحكموا بالحرمة، قولاً بلا دليل ، وتحكماً بلا برهان، ورأياً بلا بيّنة، وهم معروفون في الملأ بالشذوذ، ولا يعبأ بهم ولا بآرائهم [67] .

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page