• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الامامة و النص 2

 

 

الامامة و النص (2)

نظرية النصّ في حديث الإمام علي وأهل البيت(عليهم السلام)
واضح جداً في قراءة تلك الحقبة من التاريخ أنّ عليّاً(عليه السلام) هو أكثر مَن تبنّى إظهار النصوص والإشارات الدالّة على ترشيحه لخلافة الرسول(صلى الله عليه وآله)، أو النصّ عليه بالاسم. وصحة نسبة هذه الكلمات إليه قد فرغ منها أصحاب التحقيق حين تجرّدوا عن الأهواء، وسكن إليها أكثر من خمسين علماً من شرّاح كلماته، ودافعوا عنها دفاعاً معزّزاً بالبراهين الباعثة على الاطمئنان [1] .

علي(عليه السلام) هو الذي أعاد الى الأذهان أحاديث نبويّة تبرز حقّه بالخلافة بلا منازع، كانت قد حُجِر عليها أيّام الخلفاء إذ منعوا من الحديث إلاّ ما كان في فريضة، يريدون بها الأحكام وفروع العبادات:

1 ـ فقد جمع الناس أيّام خلافته فخطبهم خطبته المنقولة بالتواتر، يناشد فيها أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله): مَن سمع منهم رسول الله بغدير خمّ يخطب ويقول:

«من كنت مولاه فعليّ مولاه» إلاّ قام فشهد [2] .

2 ـ وعلي هو الذي أعاد نشر حديث آخر يرشّحه على أبي بكر وعمر خاصة، إذ أخبر النبي أن من أصحابه من يقاتل بعده على تأويل القرآن كما قاتل هو(صلى الله عليه وآله) على تنزيله، فتمنّى أبو بكر أن يكون هو ذلك الرجل، فلم يصدّق النبي اُمنيّته، بل قال له «لا»! فتمنى ذلك عمر لنفسه فلم يكن أحسن حظّاً من أبي بكر، ثم قطع النبيّ الأماني كلّها حين أخبرهم أنّه عليّ، لا غير [3] !

هذه الأحاديث وغيرها وإن رويت عن غيره، إلاّ أن روايتها عنه امتازت بكونها خطبة على جمهور الناس، لا حديثاً لواحد أو لبضعة نفر، وهذا أبلغ في التأكيد على حقّه الذي أيقن به، وأيقن بأنّ كثيراً من الصحابة كانوا يعرفونه ولا يجهلونه.

3 ـ وقد ذكر عنه أكثر من هذا بكثير في يوم الشورى أو بعدها، لكن اختلفوا في تفصيله وفي إسناده أيضاً، وإن كان قد ثبت عندهم ذلك بالجملة، وأقلّ ما ذكر من مناشدته تلك ما أخرجه ابن عبدالبر، قال علي لأصحاب الشورى:«اُنشدكم الله، هل فيكم أحد آخى رسول الله بينه وبينه، إذ آخى بين المسلمين، غيري؟».

وقال ابن عبدالبر بعده: روينا من وجوه عن علي(عليه السلام) أنّه كان يقول: «أنا عبدالله وأخو رسول الله، لا يقولها أحد غيري إلاّ كذّاب» [4] .

ورواها في كنز العمّال حديثاً طويلاً عن أبي الطفيل أنّه سمع عليّاً يوم الشورى يقول:... الحديث [5] ، وما أخرجه ابن عبدالبر قطعة منه، لكن إسناد كنز العمّال فيه جهالة [6] ، وقد دار حوله جدل، فقيل: رواه زافر عن رجل، فالرجل مجهول، وزافر لم يتابع عليه، وأنكره بعضهم لأجل متنه، ولا يعتدّ بهذا الإنكار لأنه مبنيّ على فهم لا أصل له يصوّر البيعة لأبي بكر على أنها كانت إجماعاً أو شبه إجماع، وما خالف هذا التصوّر فهو عنده منكر، وهذا فرط خيال كما هو ثابت.

وأمّا الإسناد فقد توبع عليه زافر كما في الإسناد الذي أورده ابن عبدالبرّ في الاستيعاب [7] ، وقد قال ابن حجر العسقلاني: إنّ زافراً لم يُتّهم بكذب، وأنّه إذا توبع على حديث كان حسناً [8] .

وفي أوّل هذا الحديث، قال أبو الطفيل: كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً يقول: «بايع الناس لأبي بكر، وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحقّ به منه فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثم تابع الناس عمر وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحقّ به منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثمّ أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان! إذاً أسمع وأطيع». ثمّ ذكر أمر الشورى وشرع يحصي عليهم من فضائله وخصائصه التي امتاز بها عليهم، وكانت أولاها القطعة التي رواها ابن عبدالبرّ في المؤاخاة [9] .

ولهذا الكلام ما يشهد له أيضاً ممّا سيأتي في فقرات لاحقة.

4 ـ وعلي جدّد التذكير أيضاً بما يبرز حقّه فوق أبي بكر خاصّة، حين ذكّر الناس بقصّة أخذه سورة براءة من أبي بكر!

روى النسائي بإسناد صحيح عن علي(عليه السلام): أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)بعث ببراءة الى أهل مكة مع أبي بكر، ثم أتبعه بعلي فقال له: «خذ الكتاب فامض به الى أهل مكة قال: فلحقته فأخذت الكتاب منه، فانصرف أبو بكر وهو كئيب، فقال: يا رسول الله! أنزل فيَّ شيء؟ قال: «لا، إنّي اُمرت أن اُبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي» [10] .

وفي كلّ واحد من هذه الأحاديث ردّ على من يقول إنّ عليّاً لم يذكر شيئاً يدلّ على أحقيّته في الخلافة، هذا ولم ندخل بعد في رحاب نهج البلاغة.

5 ـ ومن أشهر أقواله، قوله بعد أن بلغه خبر السقيفة ومبايعة الناس لأبي بكر: «ماذا قالت قريش؟».

قالوا: احتجّت بأنّها شجرة الرسول(صلى الله عليه وآله) .

فقال: «احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة» [11] .

6 ـ وفي احتجاجه المشهور على نتائج السقيفة أيضاً، قوله:

 

·                     فإن كنت بالشورى ملكت اُمورهم فكيف بهذا والمشيرون غُيَّبُ

·                     فكيف بهذا والمشيرون غُيَّبُ فكيف بهذا والمشيرون غُيَّبُ

 

·                     وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم فغيرُك أولى بالنبيّ وأقربُ [12]

·                     فغيرُك أولى بالنبيّ وأقربُ [12] فغيرُك أولى بالنبيّ وأقربُ [12]

7 ـ خطبته الشقشقيّة، التي حضيت دائماً بمزيد من التوثيق [13] ، وهي من أكثر كلماته المشهورة وضوحاً ودلالة وتفصيلاً:

«أما والله لقد تقمّصها فلان، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحا، ينحدر عنّي السيل ولا يرقى إليَّ الطير... فسدلتُ دونها ثوباً وطويت عنها كَشحاً، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء، أو أصبر على طخية عمياء!.. فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى، فصبرتُ وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهبا ! حتى مضى الأوّل لسبيله، فأدلى بها الى فلان بعده.. فيا عجباً، بينا هو يستقيلها [14] في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته!! لشدّ ما تشطّرا ضَرعيها!.. فصبرت على طول المدّة، وشدّة المحنة.. حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زَعم أنّي أحدهم، فيالله وللشورى، متى اعترضَ الريبُ فيَّ مع الأوّل منهم حتى صرتُ اُقرن الى هذه النظائر!...» [15] .

إذاً أبو بكر أيضاً كان يعلم أنّ محلّ عليّ من الخلافة محلّ القطب من الرحا!

وقد يبدو هذا في منتهى الغرابة لمن ألِفَ التصوّر القدسي لتعاقب الخلافة، ذاك التصوّر الذي صنعه التاريخ وفق المنهج الذي قرأناه في الفصول المتقدّمة، ومن هنا استنكروه، كما استنكروا سائر كلامه في الخلافة، وقبله استنكروا جملة من الحديث النبويّ الشريف الذي يصدم تلك القداسة!

لكن الحقيقة، كلّ الحقيقة، أنك لو تلمّست لذاك التصوّر القدسي شاهداً من الواقع مصدّقاً له لعدت بلا شيء! لكن لم يألف التاريخ الإصغاء لعلي!!

التاريخ الذي أثبت، بما لا يدع مجالاً لشبهة، أنّ عليّاً لم يبايع لأبي بكر، إلاّ بعد ستة أشهر، صمّ آذانه عن سماع أيّ حجّة لعلي في هذا التأخّر!

تناقضٌ لم يستوقف أحداً من قارئي التاريخ!

وكيف يستوقفهم على عيوب نفسه، وهو وحده الذي صاغ تصوّراتهم وثقافتهم؟

8 ـ من كلام له بعد الشورى، وقد عزموا على البيعة لعثمان:

«لقد علمتم أني أحقّ بها من غيري، ووالله لاُسلمنَّ ما سلمت اُمور المسلمين ولم يكن فيها جورٌ إلاّ عليّ خاصة; التماساً لأجر ذلك وفضله، وزهداً في ما تنافستموه من زخرفه وزبرجه» [16]

وجد ابن أبي الحديد أنّ هذه الكلمة هي آخر ماقاله علي(عليه السلام)آنذاك في كلام نقله هنا بعد أن أزاح عنه كلّ شكّ في صحّته، فقال: نحن نذكر في هذا الموضع ما استفاض في الروايات من مناشدته أصحاب الشورى، وقد روى الناس ذلك فأكثروا، والذي صحّ عندنا أنّه لم يكن الأمر كما روي من تلك التعديدات الطويلة، ولكنّه قال لهم بعد أن بايعوا عثمان وتلكّأ هو(عليه السلام) عن البيعة: «إنّ لنا حقاً إن نُعْطه نأخذه، وإن نُمنُعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السرى» في كلام قد ذكره أهل السيرة..

ثم قال لهم: أنشدكم الله; أفيكم أحد آخى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بينه وبين نفسه غيري؟ قالوا: لا.

قال: أفيكم أحد قال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «مَن كنت مولاه فهذا مولاه» غيري؟ قالوا: لا.

قال: أفيكم أحد قال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» غيري؟ قالوا: لا.

قال: أفيكم من اؤتمن على سورة براءة وقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّه لا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو رجل منّي» غيري؟ قالوا: لا.

قال: ألا تعلمون أن أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) فرّوا عنه في مأقِط الحرب [17] في غير موطن، وما فررتُ قطّ؟ قالوا: بلى.

قال: ألا تعلمون أنّي أوّل الناس إسلاماً؟ قالوا: بلى.

قال: فأيّنا أقرب الى رسول الله(صلى الله عليه وآله) نسباً؟ قالوا: أنت.

فقطع عليه عبدالرحمن بن عوف كلامه، وقال: يا علي، قد أبى الناس إلاّ عثمان، فلا تجعلنّ على نفسك سبيلاً !

ثم توجّه عبدالرحمن الى أبي طلحة الأنصاري [18] ، فقال له: يا أبا طلحة، ما الذي أمرك عمر؟

قال: أن أقتل من شقّ عصا الجماعة!

فقال عبدالرحمن لعليّ: بايع إذاً، وإلاّ كنت متّبعاً غير سبيل المؤمنين!! وأنفذنا فيك ما اُمرنا به!!

فقال علي(عليه السلام) كلمته هذه: «لقد علمتم أنّي أحقّ بها من غيري، ووالله لاُسلّمن ما سلمت اُمور المسلمين ولم يكن فيها جورٌ إلاّ عليَّ خاصّة...» [19] .

إذاً هذا كلام خبره مستفيض، وليس هو من غرائب الأخبار أو منكراتها.

9 ـ وقد قال قائل: إنّك على هذا الأمر يا ابن أبي طالب لحريص. فقلت: بل أنتم والله لأحرص وأبعد، وأنا أخصّ وأقرب، وإنّما طلبت حقّاً لي، وأنتم تحولون بيني وبينه، وتضربون وجهي دونه! فلمّا قرعته بالحجّة في الملأ الحاضرين هبّ كأنّه بُهِتَ لا يدري ما يجيبني به» [20] !!

والقائل إمّا سعد بن أبي وقّاص يوم الشورى على قول أهل السنّة، أو أبو عبيدة بعد يوم السقيفة على قول الشيعة، وأيّاً كان فهذا الكلام مشهور يرويه الناس كافّة كما يقول المعتزلي السنّي ابن أبي الحديد [21] .

10 ـ «اللهمّ إنّي أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنّهم قطعوا رحمي، وصغّروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمراً هو لي، ثم قالوا: ألا إنّ في الحقّ أن تأخذه وفي الحق أن تتركه» [22] .

11 ـ «أمّا بعد.. فإنّه لما قبض الله نبيّه(صلى الله عليه وآله) قلنا: نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون الناس، لا ينازعنا سلطانه أحد، ولا يطمع في حقّنا طامع، إذ انبرى لنا قومنا فغصبونا سلطان نبيّنا، فصارت الإمرة لغيرنا...».

هذه هي مقدّمة خطبته في المدينة المنوّرة في أوّل إمارته ولمّا يمض على إمارته أكثر من شهر [23]

12 ـ «أمّا الاستبداد علينا بهذا المقام.. فإنّها كانت أثرةً شحّت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين، والحكم لله، والمعوَدُ إليه القيامة».

قاله في جواب سائل سأله: كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحقّ به؟

ثم يصل جوابه بما ينقله الى ما هو أولى بالاستنكار، فيقول:

وَدَعْ عنك نهباً صيح في حجراته***ولكن حديثاً ما حديثُ الرواحِل

وهلمّ الخطب في ابن أبي سفيان، فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه...» [24] .

في أهل البيت(عليهم السلام)
مثل ما ظهر هناك من وضوح وتركيز في استعراض حقّه خاصّة، يظهر هنا في شأن أهل البيت في جملة من كلماته:

1 ـ «اللهمّ بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة، إمّا ظاهراً مشهوراً، وإمّا خائفاً مغموراً، لئلاّ تبطل حجج الله وبيّناته» [25] .

يرى ابن أبي الحديد المعتزلي أنّ هذا يكاد يكون تصريحاً بمذهب الإمامية [26] .

2 ـ «لا يُقاس بآل محمّد من هذه الاُمّة أحد، هم أساس الدين، وعماد اليقين.. ولهم خصائص حقّ الولاية، وفيهم الوصيّة والوراثة...» [27] .

فبعد ذكر حقّ الولاية، هذا واحد من مواضع يذكر فيها الوصيّة تصريحاً أو تلميحاً [28] ، ثم هو الموضع الأكثر صراحة في نسبة الوصيّة الى نفسه وأهل البيت مع هذا، فهو الموضع الذي أهمله الدكتور محمّد عمارة وهو يستقصي هذه المفردة في كلام عليّ، أو غفل عنه، لأجل أن يقول: إنّنا لا نجد في خطب عليّ وكلامه ومراسلاته التي ضمّها نهج البلاغة وصفة بهذا اللفظ.

هذا كلّه لأجل أن يدعم مقالةً حلّق فيها بدءً حين نسب كلمة «وصييّ» في الحديث النبوي: «أنت أخي ووصيّي» الى صنع الشيعة الذين وضعوها بدلاً من كلمة (وزيري) [29] ! مع أنّ الرواية السنّية للحديث لم تعرف غير كلمة (وصيّي) [30] .

3 ـ «إنّ الأئمة من قريش، غُرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاية من غيرهم» [31] .

وقد وقفنا من قبل على طائفة من النصوص الصحيحة التي اصطفت بني هاشم من قريش وقدّمتهم عليهم، وطائفة من الوقائع وأحداث السيرة التي قدّمت بني هاشم على سواهم، فلا تحتجّ قريش بحجّة إلاّ وكان بنو هاشم أولى بها.

4 ـ «أين تذهبون! وأنّى تؤفكون! والأعلام قائمة، والآيات واضحة، والمنار منصوبة، فأين يتاه بكم؟!

وكيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم وهم أزمّة الحقّ، وأعلام الدين، وألسنة الصدق؟! فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، ورِدُوهم ورود الهيم العطاش.

أيّها الناس، خذوها عن خاتم النبيّين(صلى الله عليه وآله): إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت، ويبلى من بلي منّا وليس ببال» [32] .

استنكار لاذع، وأسف على هؤلاء الناس الذين تركوا عترة نبيّهم، رغم وضوح الدلائل على لزوم اتباعهم !

5 ـ «إنّا سنخُ أصلاب أصحاب السفينة، وكما نجا في هاتيك من نجا ينجو في هذه مَن ينجو، ويلٌ رهينٌ لمن تخلّف عنه.. وإنّي فيكم كالكهف لأهل الكهف، وإنّي فيكم باب حطّة، مَن دخل منه نجا ومن تخلّف عنه هلك، حجّة من ذي الحجّة في حجّة الوداع: إنّي تركت بين أظهركم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي» [33]

6 ـ «انظروا أهل بيت نبيّكم، فالزموا سمتهم، واتّبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدىً، ولن يعيدوكم في ردى.. فإن لبَدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا.. ولا تسبقوهم فتضلّوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا» [34] .

7 ـ «.. ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر، وأترك فيكم الثقل الأصغر؟» [35] .

الثقل الأكبر: القرآن الكريم، والثقل الأصغر هم: الإمام عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام).

8 ـ «المهديّ منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة» أخرجه أحمد والسيوطي، عن علي(عليه السلام) [36] .

«المهدي منّا، من ولد فاطمة» أخرجه السيوطي عن عليّ(عليه السلام) [37] .

وهكذا تقسّمت كلمات علي هذه بين حديث نبويّ بحرفه أو بمضمونه، وبين وصف أو تقويم لحدث تاريخيّ حاسم، وليس في هذا كلّه على الإطلاق ما يشذّ عن وقائع التاريخ في صغيرة ولا كبيرة.

وخلاصة موقف الإمام علي(عليه السلام) ويقينه بحقّه في الخلافة فقد كان يقيناً من موقعه الممتاز عند الرسول(صلى الله عليه وآله) ومن حياته الخالصة في الإسلام، فلقد كان في حياة الرسول يقول: «إنّ الله تعالى يقول: (أَفإن مَاتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعقابِكُمْ) [38] والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قُتل لاُقاتلنَّ على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إنّي لأخوه ووليّه وابن عمّه ووارث علمه، فمن أحقّ به مني» [39] ؟!

وهو القائل: «فلما مضى (صلى الله عليه وآله) تنازع المسلمون الأمر من بعده، فوالله ما كان يُلقى في رُوْعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تُزعج هذا الأمر من بعده عن أهل بيته! ولا أنّهم مُنَحّوه عني من بعده! فما راعني إلاّ انثيال الناس على فلان يبايعونه...» [40] .

هكذا إذاً «أراده حقاً يطلبه الناس، ولا يسبقهم هو الى طلبه» [41]

حول بيعة الإمام علي(عليه السلام) للثلاثة
وأشكلوا على بيعة الإمام عليّ(عليه السلام) للثلاثة ـ أبي بكر وعمر وعثمان ـ وزعموا أنّه لا يجاب عن تلك البيعة بتوخي المصلحة، أو بالتقية، أو بالإكراه، فكلّ ذلك يؤدي الى انتقاص في حقّ سيّدنا الإمام علي(عليه السلام).

فإنّ مسألة الإكراه على البيعة، وعدم مبادرته إليها بنفسه، قد تناقلها أهل التواريخ والسير.

أخرج البخاري: «أن علياً امتنع عن البيعة لمدة ستة أشهر حتى توفيت فاطمة الزهراء(عليها السلام)» [42] .

وفي خطبة للإمام علي(عليه السلام) جاء ما يبيّن بوضوح أسباب بيعته، ويفصح عن سرّها فلا يبقى تأويل لمتأوّل; فهو يقول:

أـ «وايمُ الله لولا مخافة الفرقة، وأن يعود الكفر ويبور الدين، لغيّرنا ذلك، فصبرنا على بعض الألم» [43] .

ب ـ وقال(عليه السلام) في نهج البلاغة: «فنظرتُ، فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي، فظننتُ بهم عن الموت، وأغضيتُ على القذى وشربتُ على الشجا، وصبرتُ على أخذ الكظم وعلى أمرّ من طعم العلقم» [44] .

فهل يمكن أن يُؤتى ببيان أوضح من هذا ؟! وإذاً، فما وجه الانتقاص بعد هذا التذمر والشكوى؟ وهو(عليه السلام) أعلم بالحال والمآل.

نعم، لو لم يحتج عليهم، وكان قد خرج الى السقيفة يسعى تاركاً جسد الرسول الحبيب وصفق على أيديهم فوراً لكان ثمة وجه لمثل هذا الاحتجاج.

فإذا ثبت من خلال سيرة علي بن أبي طالب(عليه السلام) بأنه قد هاجم نظرية الشورى وصرح بعدم شرعيتها، وصرّح بالإكراه في بيعته للخلفاء الثلاثة لم تكن لبيعته أية دلالة على مشروعية خلافتهم كما هو ثابت من تصريحاته(عليه السلام).

ثم إنه قد بيّن على أنه الأولى بالخلافة من غيره، فهل يمكن لنا أن نقول بأن شرعية الخلافة له من باب أن علياً أولى بالخلافة أولوية تفضيل لا أولوية اختصاص ؟

هذا الرأي مدفوع بالنص وبكلمات علي(عليه السلام) حين قال: «بايع الناس أبا بكر وأنا أولى بهم مني بقميصي هذا» والذي معناه أنها أولوية اختصاص لا أولوية تفضيل، إذ لامعنى لمقارنته(عليه السلام)بين أولويته بالأمر وأولويته بقميصه غير الاختصاص، فإنّه مما لا شكّ فيه أن أولويته بقميصه هي أولوية اختصاص لأنه مالكه، وهو(عليه السلام)يقول إن أولويته بالناس أشد وآكد من أولويته بقميصه. وكذلك قوله(عليه السلام): «...وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذّاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربّه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهباً» [45] .

ومعناه: أخذت اُخيّرُ نفسي بين أن أصول بقوة غير كافية كما في قوله(عليه السلام): «فلم أجد غير أهل بيتي فظننت بهم عن الموت». فلو توفرت له القوة الكافية لقاتل أهل السقيفة وهو المعروف عنه من قوله(عليه السلام): «لو وجدت أربعين ذوي عزم لناهضت القوم».

إنّ هذا الموقف من علي(عليه السلام) لا ينسجم مع فكرة أولوية التفضيل بل ينسجم مع فكرة أولوية الاختصاص.

وكذلك قوله(عليه السلام): «أو أصبر على طخية عمياء...» فإن معناه أن الذي حصل لم يكن مجرد غصب سلطة دنيوية وحسب، بل كان ذلك بداية انقلاب فكري وضلالة تعم الاُمة، وهو ما أكّده(عليه السلام)بعد مقتل عثمان حين جاءوه يطلبون البيعة له: «دعوني فإن المحجة قد أغامت والحجة قد تنكرت» [46] وقوله: «وإني لاخشى عليكم أن تكونوا في فترة وقد كانت اُمور مضت مِلتم فيها ميلةً كنتم فيها عندي غير محمودين» [47] ، [48]

الشواهد التاريخية على صحة نظرية النص
والشواهد في حياة النبي(صلى الله عليه وآله) وعلي(عليه السلام) على أن النبي كان يعد علياً إعداداً رسالياً خاصاً كثيرة جداً، فقد كان يبدأه النبي(صلى الله عليه وآله) بالعطاء الفكري إذا استنفد أسئلته، ويختلي به الساعات الطوال في الليل والنهار، يفتح عينيه على مفاهيم الرسالة ومشاكل الطريق الى آخر يوم من حياته الشريفة.

روى النسائي [49] بسنده عن أبي إسحاق، قال: سألت قثم بن العباس، كيف ورث علي(عليه السلام)رسول الله(صلى الله عليه وآله) ؟قال: لأنه كان أوّلنا به لحوقاً وأشدنا به لزوقاً.

وروى أيضاً [50] عن علي(عليه السلام) قال: «كنت إذا سألت اُعطيت وإذا سكتّ ابتديت».

وروى أبو نعيم في حلية الأولياء عن ابن عباس أنّه قال: «كنا نتحدث أن النبي(صلى الله عليه وآله) عهد الى علي سبعين عهداً لم يعهدها الى غيره» [51] .

وروى النسائي عن علي(عليه السلام) أنّه قال: «كانت لي منزلة من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم تكن لأحد من الخلائق فكنت آتيه كل سحر فأقول: السلام عليك يا نبي الله، فإن تنحنح انصرفت الى أهلي وإلا دخلت عليه» [52] .

وعنه أيضاً قوله(عليه السلام): «كان لي من النبي مدخلان مدخل بالليل ومدخل بالنهار» [53] .

وقد انعكس هذا الإعداد الخاص لعلي(عليه السلام) من قبل النبي(صلى الله عليه وآله)حين كان علي(عليه السلام) هو المفزع والمرجع لحل أي مشكلة يستعصي حلّها على القيادة الحاكمة وقتئذ، ولا نعرف في تاريخ التجربة الإسلامية على عهد علي(عليه السلام) واقعة واحدة رجع فيها الإمام(عليه السلام) الى غيره يتعرف على حكم الاسلام وطريقة علاجه للموقف، بينما نعرف في التاريخ عشرات الوقائع التي رجع فيها الخلفاء الى علي(عليه السلام)رغم تحفظاتهم في هذا الموضوع.

أما الشواهد على إعلان النبي(صلى الله عليه وآله) تخطيطه في علي وأهل بيته(عليهم السلام)فهي كثيرة وفي مناسبات متعددة، كحديث الدار وحديث الثقلين وحديث المنزلة وحديث الغدير وعشرات النصوص النبوية الاُخرى [54] .

الأدلة الروائية لإثبات نظرية النصّ
وإذا ثبت أن نظرية النص هي الطريق الوحيد الإلهي الشرعي الذي قام بتثبيته الرسول(صلى الله عليه وآله)أثناء حياته من الناحية التاريخية .

وأن الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) قد رفض كل الصيغ والبدائل الدخيلة على الإسلام غير النص، وقام من الناحية العملية بالدفاع عن نظرية النص، بقي أن نسأل عن الأدلة النقلية التي تثبت بأنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) قد أوصى لعلي(عليه السلام) من بعده بالخلافة، كما أوصى الإمام(عليه السلام) هو الآخر بالخلافة للأئمة المعصومين من ولده.

إنّ الشيعة الإمامية يعتقدون بإمامة علي بن أبي طالب وابنيه الحسن والحسين وتسعة أئمة من أولاد الحسين(عليهم السلام) وإمامة هؤلاء وردت بالنص عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبنص كل إمام على الإمام الذي بعده. والنصوص النبوية الواردة عليها تنقسم الى ثلاثة أنواع:

النوع الأول: ما يحدد مرجعية أهل البيت من دون نص على أسمائهم; مثل حديث الثقلين وحديث السفينة، وهما متواتران من طرق الشيعة والسنّة.

النوع الثاني: ما يحدد عدد الخلفاء والأئمة بأنهم اثنا عشر وأنهم من قريش أو أنهم من هاشم. ومن الواضح انطباق هذا العدد على أئمة أهل البيت ولا يواجهه أي اشكال بخلاف تطبيقه على غيرهم.

النوع الثالث: النص على أسماء الأئمة الاثني عشر من طرق الشيعة والسنّة.

أمّا ما ورد بخصوص النوع الأوّل:
فقد روى الترمذي عن جابر، أنه قال:

رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول:

«يا أيها الناس إني قد تركت فيكم، ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي».

قال الترمذي: وفي الباب عن أبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة ابن أسيد [55] .

وفي صحيح مسلم ومسند أحمد وسنن الدارمي والبيهقي وغيرهما واللفظ للأول، عن زيد بن أرقم قال:

إن رسول الله قام خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكة والمدينة... ثم قال:

«ألا يا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فاُجيب، وإني تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به... وأهل بيتي» [56] .

وفي سنن الترمذي ومسند أحمد واللفظ للأول: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» [57] .

ومن النصوص التي وردت من هذا النوع حديث السفينة.

قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق»[58] .

ويرى فريق من العلماء أن أهل البيت إنما هم الخمسة الكرام البررة: سيدنا رسول الله(صلى الله عليه وآله)والإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء والحسن والحسين(عليهم السلام) .

وقد قال بهذا الرأي كثير من الصحابة، قاله أبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، واُم المؤمنين اُم سلمة وعائشة، وابن أبي سلمة ـ ربيب النبي(صلى الله عليه وآله) ـ وسعد بن أبي وقاص وغيرهم.

وقال به جماعة من أهل التفسير والحديث، منهم الفخر الرازي في التفسير الكبير، والزمخشري في الكشاف، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن، والشوكاني في فتح القدير، والطبري في جامع البيان عن تأويل آي القرآن، والسيوطي في الدر المنثور، وابن حجر العسقلاني في الإصابة، والحاكم في المستدرك، والذهبي في تلخيصه، والإمام أحمد بن حنبل في المسند.

ولعل هذا الرأي أقرب الى الصواب، بل أرجح الآراء وذلك لما يلي.

روى مسلم في صحيحه بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية ابن أبي سفيان سعداً، فقال: ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله(صلى الله عليه وآله)فلن أسبّه، لئن تكون لي واحدة منهن، أحب إليَّ من حُمر النعم.

سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول له ـ وقد خلّفه في بعض مغازيه ـ فقال له علي: خلّفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له الرسول (صلى الله عليه وآله):أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوة بعدي.

وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، قال: فتطاولنا لها، فقال: اُدعو لي عليّاً، فاُتي به أرمد فبصق في عينيه، ودفع الراية إليه ففتح الله عليه، ولمانزلت هذه الآية: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم)دعا رسول الله(صلى الله عليه وآله) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: «اللهم هؤلاء أهلي» [59] .

ورواه الترمذي في صحيحه بسنده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: لما أنزل الله هذه الآية (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله(صلى الله عليه وآله) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي [60] .

ورواه الحاكم في المستدرك [61] والبيهقي في السنن [62] .

ويقول صاحب الكشاف: لا دليل أقوى من هذا على فضل أصحاب الكساء، وهم علي وفاطمة والحسن والحسين، لأنها لما نزلت (آية المباهلة) [63] دعاهم(صلى الله عليه وآله) فاحتضن الحسين، وأخذ بيد الحسن، ومشت فاطمة خلفه، وعلي خلفها، فعلم أنهم المراد من الآية، وأن أولاد فاطمة وذريتهم يسمّون أبناؤه، وينسبون إليه نسبة صحيحة، نافعة في الدنيا والآخرة [64] .

وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن شداد أبي عمار، قال: دخلت على واثلة بن الأسقع، وعنده قوم فذكروا عليّاً فشتموه فشتمته معهم، فلما قاموا قال لي: لم شتمت هذا الرجل؟ قلت: رأيت القوم شتموه فشتمته معهم، فقال: ألا اُخبرك بما رأيت من رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قلت: بلى، فقال: أتيت فاطمة أسألها عن علي، فقالت: توجه الى رسول الله(صلى الله عليه وآله)فجلست انتظره حتى جاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) ومعه علي وحسن وحسين أخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل فأدنى عليّاً وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما على فخذه ثم لف عليهم ثوبه ـ أو قال كساء ـ ثم تلا هذه الآية: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا) ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحقّ» [65] .

ورواه الإمام الطبري في التفسير [66] والترمذي في صحيحه [67] والسيوطي في الدر المنثور [68] ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد [69] والحاكم في المستدرك [70] وأحمد في المسند [71] .

وأمّا ما ورد بخصوص النوع الثاني:

ما نصّ فيه الرسول على عدد الأئمة وأنّهم اثنا عشر.
لقد أخبر الرسول(صلى الله عليه وآله) أن عدد الأئمة الذين يلون من بعده إثنا عشر إماماً وخليفة من بعده، كما روى عنه ذلك أصحاب الصحاح والمسانيد الآتية:

1 ـ روى مسلم عن جابر بن سمرة أنه سمع النبي(صلى الله عليه وآله)يقول: «لايزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش».

وفي رواية تكلّم النبي(صلى الله عليه وآله) بكلمة خفيت عليَّ، فسألت أبي: ماذا قال رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فقال: «كلّهم من قريش» [72] .

وفي رواية قال: «كلّهم من بني هاشم» [73] .

وروى أحمد والحاكم واللفظ للأول عن مسروق قال: كنّا جلوساً ليلة عند عبدالله (ابن مسعود) يقرئنا القرآن، فسأله رجل، فقال: يا أبا عبدالرحمن هل سألتم رسول الله(صلى الله عليه وآله)كم يملك هذه الاُمة من خليفة؟ فقال عبدالله: ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق قبلك!

قال: سألناه فقال: «اثنا عشر، عدّة نقباء بني اسرائيل» [74] .

حيرتهم في تفسير الحديث
لقد حار علماء مدرسة الخلفاء في بيان المقصود من الاثني عشر في الروايات المذكورة وتضاربت أقوالهم.

فقد قال ابن العربي في شرح سنن الترمذي:

فعددنا بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) اثني عشر أميراً فوجدنا أبا بكر، عمر، عثمان، عليّاً، الحسن، معاوية، يزيد، معاوية بن يزيد، مروان بن الحكم، عبدالملك بن مروان، الوليد، سليمان، عمر ابن عبدالعزيز، يزيد بن عبدالملك، مروان بن محمد بن مروان، السفاح....

ثمّ عدّ بعده سبعاً وعشرين خليفة من العباسيّين الى عصره، ثمّ قال:

وإذا عددنا منهم اثني عشر، انتهى العدد بالصورة الى سليمان، وإذا عددناهم بالمعنى كان معنا منهم خمسة، الخلفاء الأربعة وعمر ابن عبدالعزيز ولم أعلم للحديث معنى [75] .

وقال القاضي عياض في جواب من قال: إنّه ولي أكثر من هذا العدد:

هذا اعتراض باطل، لأنه(صلى الله عليه وآله) لم يقل: لا يلي إلاّ اثنا عشر، وقد ولي هذا العدد، ولا يمنع ذلك من الزيادة عليهم [76] .

ونقل السيوطي الجواب فقال:

إنّ المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الإسلام الى القيامة يعملون بالحقّ وإن لم يتوالوا [77] .

وفي فتح الباري:

وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولابدّ من تمام العدة قبل قيام الساعة [78] .

وقال ابن الجوزي:

وعلى هذا فالمراد من «ثم يكون الهرج»: وهي الفتن المؤذنة بقيام الساعة من خروج الدجال وما بعده [79] .

قال السيوطي:

وقد وجد من الاثني عشر الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبدالعزيز، هؤلاء ثمانية، ويحتمل أن يضمّ إليهم المهديّ العباسي، لأنه في العباسيين كعمر بن عبدالعزيز في الاُمويّين، والطاهر العباسي أيضاً لما اُوتيه من العدل ويبقى الاثنان المنتظران أحدهما المهدي لأنّه من أهل البيت [80] .

وقيل: المراد أن يكون الاثنا عشر في مدّة عزّة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة اُموره، ممّن يعزّ الإسلام في زمنه، ويجتمع المسلمون عليه [81] .

وقال البيهقي: وقد وجد هذا العدد بالصفة المذكورة الى وقت الوليد بن يزيد بن عبدالملك، ثم وقع الهرج والفتنة العظيمة، ثم ظهر ملك العباسية، وإنّما يزيدون على العدد المذكور في الخبر، إذا تركت الصفة المذكورة فيه، أو عدّ منهم من كان بعد الهرج المذكور [82] .

وقالوا: والذين اجتمعوا عليه: الخلفاء الثلاثة، ثم عليّ الى أن وقع أمر الحكمين في صفّين فتسمّى معاوية يومئذ بالخلافة، ثم اجتمعوا على معاوية عند صلح الحسن، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ولم ينتظم للحسين أمرٌ بل قتل قبل ذلك، ثمّ لمّا مات يزيد اختلفوا الى أن اجتمعوا على عبدالملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة: الوليد، ثمّ سليمان، ثم يزيد، ثم هشام، وتخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبدالعزيز، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبدالملك اجتمع الناس عليه بعد هشام وتولى أربع سنين [83] .

بناءً على هذا فإنّ خلافة هؤلاء الاثني عشر كانت صحيحة لإجماع المسلمين عليهم، وكان الرسول قد بشّر المسلمين بخلافتهم له في حمل الإسلام الى الناس.

قال ابن حجر عن هذا الوجه: إنّه أرجح الوجوه.

وقال ابن كثير: إنّ الذي سلكه البيهقي وقد وافقه عليه جماعة، من أن المراد بالخلفاء الاثني عشر المذكورين في هذا الحديث هم المتتابعون الى زمن الوليد بن يزيد بن عبدالملك الفاسق الذي قدمنا الحديث فيه بالذم والوعيد فإنّه مسلك فيه نظر، وبيان ذلك أنّ الخلفاء الى زمن الوليد بن يزيد هذا أكثر من اثني عشر على كل تقدير، وبرهانه أنّ الخلفاء الأربعة، أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ خلافتهم محقّقة... ثم بعدهم الحسن بن عليّ كما وقع(عليه السلام) لأن عليّاً أوصى إليه، وبايعه أهل العراق... حتى اصطلح هو ومعاوية.. ثم ابنه يزيد بن معاوية، ثم ابنه معاوية بن يزيد، ثم مروان بن الحكم، ثم ابنه عبدالملك بن مروان، ثم ابنه الوليد بن عبدالملك، ثم سليمان ابن عبدالملك، ثم عمر بن عبدالعزيز، ثم يزيد بن عبدالملك، ثم هشام بن عبدالملك، فهؤلاء خمسة عشر، ثم الوليد بن يزيد بن عبدالملك، فإن اعتبرنا ولاية ابن الزبير قبل عبدالملك صاروا ستّة عشر، وعلى كلّ تقدير فهم اثنا عشر قبل عمر بن عبدالعزيز، وعلى هذا التقدير يدخل في الاثني عشر يزيد بن معاوية ويخرج منهم عمر بن عبدالعزيز، الذي أطبق الأئمة على شكره وعلى مدحه وعدّوه من الخلفاء الراشدين، وأجمع الناس قاطبة على عدله، وأن أيّامه كانت من أعدل الأيام حتى الرافضة يعترفون بذلك، فإن قال: أنا لا أعتبر إلاّ من اجتمعت الاُمة عليه، لزمه على هذا القول أن لا يعدّ علي بن أبي طالب ولا ابنه، لأن الناس لم يجتمعوا عليهما وذلك أنّ أهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما.

وذكر: أن بعضهم عدّ معاوية وابنه يزيد وابن ابنه معاوية بن يزيد، ولم يقيد بأيام مروان ولا ابن الزبير، لأن الاُمة لم تجتمع على واحد منهما، فعلى هذا نقول في مسلكه هذا عادّاً للخلفاء الثلاثة، ثم معاوية، ثم يزيد، ثم عبدالملك، ثم الوليد بن سليمان، ثم عمر بن عبدالعزيز، ثم يزيد، ثم هشام، فهؤلاء عشرة، ثمّ من بعدهم الوليد ابن يزيد بن عبدالملك الفاسق، ويلزمه منه إخراج عليّ وابنه الحسن، وهو خلاف ما نصّ عليه أئمة السنّة بل الشيعة [84] .

ونقل ابن الجوزي في كشف المشكل وجهين في الجواب:

أولاً: أنّه(صلى الله عليه وآله) أشار في حديثه الى ما يكون بعده وبعد أصحابه، وأنّ حكم أصحابه مرتبط بحكمه، فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم، فكأنّه أشار بذلك الى عدد الخلفاء من بني اُمية، وكأنّ قوله: «لا يزال الدين» أي الولاية الى أن يلي إثنا عشر خليفة، ثم ينتقل الى صفة اُخرى أشد من الاُولى، وأوّل بني اُمية يزيد بن معاوية وآخرهم مروان الحمار، وعدّتهم ثلاثة عشر، ولا يعدّ عثمان ومعاوية ولا ابن الزبير لكونهم صحابة، فإذا أسقطنا منهم مروان بن الحكم للاختلاف في صحبته، أو لأنّه كان متغلّباً بعد أن اجتمع الناس على عبدالله بن الزبير، صحّت العدّة، وعند خروج الخلافة من بني اُمية وقعت الفتن العظيمة والملاحم الكثيرة حتى استقرّت دولة بني العبّاس، فتغيّرت الأحوال عمّا كانت عليه تغييراً بيّناً.

وقد ردّ ابن حجر في فتح الباري على هذا الاستدلال [85] .

ثانياً: ونقل ابن الجوزي عن الجزء الذي جمعه أبو الحسين بن المنادي في المهدي، وأذنّه قال: يحتمل أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، فقد وجدت في كتاب دانيال: إذا مات المهدي، ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر، ثم خمسة من ولد السبط الأصغر، ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر، ثم يملك بعده ولده فيتمّ بذلك اثنا عشر ملكاً كل واحد منهم إمام مهديّ، قال: وفي رواية... ثم يلي الأمر بعده اثنا عشر رجلاً: ستة من ولد الحسن، وخمسة من ولد الحسين، وآخر من غيرهم، ثمّ يموت فيفسد الزمان.

علّق ابن حجر على الحديث الأخير في صواعقه وقال:

إنّ هذه الرواية واهية جداً فلا يعول عليها [86] .

وقال قوم: يغلب على الظنّ أنّه عليه الصلاة والسلام أخبر ـ في هذا الحديث ـ بأعاجيب تكون بعده من الفتن حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميراً، ولو أراد غير هذا لقال: يكون اثنا عشر أميراً يفعلون كذا، فلمّا أغراهم عن الخبر عرفنا أنّه أراد أنّهم يكونون في زمن واحد... [87] .

قالوا: وقد وقع في المائة الخامسة، فإنّه كان في الأندلس وحدها ستّة أنفس كلّهم يتسمّى بالخلافة، ومعهم صاحب مصر والعباسية ببغداد الى من كان يدّعي الخلافة في أقطار الأرض من العلوية والخوارج [88] .

قال ابن حجر: وهو كلام من لم يقف على شيء من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة... [89] .

إنّ وجودهم في عصر واحد يوجد عين الافتراق فلا يصحّ أن يكون المراد [90] .

هكذا لم يتّفقوا على رأي في تفسير الروايات السابقة، ثم إنّهم أهملوا إيراد الروايات التي ذكر الرسول(صلى الله عليه وآله) فيها أسماء الأئمة الاثني عشر لأنّها كانت تخالف سياسة الحكم في مدرسة الخلفاء مدى القرون. وخرّجها المحدّثون في مدرسة أهل البيت في تآليفهم بسندهم الى أبرار الصحابة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)» [91] .

وما ورد بخصوص النوع الثالث:
عن أبي عبدالله الصادق(عليه السلام) قال: إن جبرائيل(عليه السلام) نزل على محمد(صلى الله عليه وآله) فقال له: يا محمد، إن الله يبشّرك بمولود يولد من فاطمة تقتله اُمتك من بعدك، فقال: يا جبرائيل، وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله اُمتي من بعدي، فعرج ثم هبط(عليه السلام) فقال له مثل ذلك، فقال: يا جبرائيل، وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله اُمتي من بعدي، فعرج جبرائيل(عليه السلام) الى السماء ثم هبط، فقال: يامحمد، أن ربّك يقرئك السلام ويبشّرك أنه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية، فقال: قد رضيت ثم أرسل الى فاطمة، ان الله يبشرني بمولود يولد لك، تقتله اُمتي من بعدي فأرسلت إليه لا حاجة لي في مولود (مني) تقتله اُمتك من بعدك، فأرسل إليها إن الله قد جعل في ذرّيته الإمامة والولاية والوصية فأرسلت اليه إني قد رضيت فـ (حملته كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة قال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي) [92] فلولا أنه قال: اصلح لي في ذرّيتي لكانت ذريته كلهم أئمة [93] .

والشيعة تعتقد أن كل إمام نص على الإمام الذي يأتي بعده [94] .

أسماء الأئمة الاثني عشر لدى مدرسة الخلفاء
1 ـ الجويني [95] عن عبدالله بن عباس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أنا سيّد النبيّين وعلي بن أبي طالب سيد الوصيّين، وأن أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم المهدي».

2 ـ عن ابن عباس قال، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثني عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي» .

قيل: يا رسول الله، ومن أخوك؟

قال: علي بن أبي طالب.

قيل: فمن ولدك ؟

قال: المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى بن مريم فيُصلّي خلفه وتشرق الأرض بنور ربّها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب».

3 ـ الجويني ـ أيضاً ـ بسنده قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول: «أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون» [96] .

الخلاصة
لم يخلق الإنسان عبثاً وإنّما خلق لأجل العبادة والهداية.

والنبوّة تكفلت الإنذار والتبليغ، وأما الإمامة فقد تكفلت هداية الإنسان نحو تحقق الهداية والأخذ بيد الإنسان لتطبيقها خارجاً.

ولا يمكن معرفة النبوة إلاّ بالوحي والمعجزة، ولا تعرف الإمامة إلاّ بالنص الذي يكشف بدوره عن المعصوم.

والبيعة للإمام صاحب الولاية ليس بديلاً عن وجوب الطاعة له كإمام منصوص عليه بالولاية، كما أنّها لا تثبت امامته وخلافته .

وأما الشورى فليس بديلاً عن النصّ أيضاً، كما لا تلزم الإمام المعصوم بقراراتها.

وقد عمل الرسول(صلى الله عليه وآله) في حياته لترسيخ نظرية النص حيث لم يثبت التاريخ بأن لرسول الله(صلى الله عليه وآله)عمل يذكر دون النص.

وأما الإمام علي(عليه السلام) فكان عمله ونشاطه ومواقفه مع نظرية النص حيث نجده قد استنكر البدائل الاُخرى المعارضة لها.

وأخيراً نجد الأدلة الروائية عند الطائفتين تثبت بأن الخلافة والإمامة لاثني عشر إماماً بنص رسول الله أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم الإمام المهدي(عليهم السلام) وبهذا تكون نظرية النص هي الطريق الشرعي الوحيد الذي يحقق العبادة والهداية.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page