• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

وكانت صديقة (القسم 18)

 

وكانت صديقة

القسم 18

كذئاب مجنونة راح المشركون يجوسون خلال الجثث الهامدة يمزقون اكباداً و قلوباً كانت تنبض بالحياة؛ تحلم بعالم جميل؛ بدنيا آمنة مطمئنة.

جثمت «هند» على جسد حمزة كنسر متوحّش وبدا وجهها الحاد كغراب شره.. كان صوتها يشبه فحيح الأفاعى:

- حمزة.. صياد الاُسود... جثة هامدة.. انهض يا قاتل أبي و أخي:

استلت هند خنجراً و بقرت بطن أسد اللَّه و أسد رسوله ثم انشبت يدها في بطنه. كانت المخاطب تبحث عن كبد حرى و لما عثرت عليها انتزعتها.. و حمزة ما يزال نائماً يعلو وجهه غبار خفيف.

مزّقت الذئبة كبد الإنسان. تريد أن تلوكه.. أن تبتلعه.

و على تلال قريبة كانت نسوة في المدينة يرقبن المعركة، و قد

غاظهن فرار المسلمين، صرخت «اُم أيمن» وهي تحثو التراب في وجه «عثمان»:

- هاك المغزل فاغزل به وهلم سيفك.

أراد عثمان أن يخبرها بمقتل النبي و انه سمع أحدهم يهتف وسط المعركة: قتلتُ محمداً؛ ولكنه فضل الصمت فأمّ أيمن إمرأة في رجل. سوف تحثو في وجهه التراب مرة اُخرى.

لوى عثمان عنان فرسه وانطلق صوب جبل «الجلعب» في ناحية يثرب وتبعه المنهزمون فهو خبير في اكتشاف المخابئ و قد يجتاح أبوسفيان المدينة.

عاد النبي إلى المدينة ينوء بجراحاته، واخفق على و هو يغسل جراحه أن يوقف نزف الدماء؛ وكادت «فاطمة» أن تموت و هي ترى أباها و الدماء تسيل من وجهه.. تدفقت الدموع غزيرة كسماء ممطرة واستيقظت في أعماقها كوامن الأمّ تحاول انقاذ وليدها بأيّ شي ء؛ عمدت إلى حصير فاحرقته، ولما صار رماداً لمت الرماد وراحت ترش جراح النبي.

نجح الرماد في وقف اشتعال النار، أطفأ الجراح بعد أن أخفق الماء.

كان عليّ يراقب زوجه تضمد الجراح.. تمسها ببلسم يوقف تدفق

الألم. تأملت فاطمة سيف أبيها وسيف بعلها و قد جللتهما الدماء وأدركت هول الملحمة التي دارت في جبل اُحد.

قال علي و هو يناولها سيفه:

- خذيه فلقد صدقنى اليوم.

فقال النبي:

- لقد أدى بعلك ما عليه و قتل اللَّه بسيفه صناديد قريش حتى نادى جبريل بين السماء و الأرض: لاسيف إلّا ذوالفقار و لا فتى إلا على.

نظرت فاطمة إلى زوجها تشكره بعينين تشعان رحمة... اللَّه وحده يعرف الأعماق... وحده الذي يعرف روح هذا الفتى الشجاع الذي حمل روحه على كفه يفدى رسول اللَّه و قد غدا كل شي ء في دنياه، انه لا يعرف للحياة معنى إلا بمحمد... محمد الذي منحه في زمن الرعب الطمأنينة والسلام.

عاد عثمان و من معه إلى المدينة بعد أن مكث في الجبل ثلاثة أيام... و قال النبي عندما وقعت عيناه عليهم:

- لقد ذهبتم فيها عريضة!!

و تمرّ الأيام و تندمل آلاف الجراح و عادت إلى المدينة روح

الأمل... وانطلق المجتمع الجديد يزرع و يبني و يعمل و يشحذ السيوف... و قد أدرك الذين آمنوا ان طاعة اللَّه و الرسول هي الطريق الى النصر... إلى المجد و إلى جنة عرضها السماوات و الأرض.

عادت فاطمة تدير الرحى و تهز المهد و تدير منزلها الصغير و تضمد جراح النبي .. تعرف مواقعها في روحه العميقة؛ و ربما انطلقت إلى أُحد تبكي حمزة سيد الشهداء.. تعرف عمق الجرح الذي أحدثه رحيله في قلب أبيها.

و أطلل عام جديد يحمل معه أفراح النصر و يقدم إلى رسول اللَّه ريحانة اُخرى في حنايا فاطمة؛ فلقد ولد الحسين وجيهاً في الدنيا و في الآخرة و من المقربين.

وهمس النبي في اُذنيه بكلمات السماء و سمعه الكثير و هو يقبله قائلاً:

- حسين منى و أنا من حسين.

و كان الحسين قريباً فدبّ كنملة و راح يداعب شعر أخيه و قد غمره فرح طفولي، و تدفق نبعٌ جديد؛ نبع في اُسرة صغيرة؛ اُسرة أسسها النبي و باركتها السماء.

و تمر الأيام و النبي يشمر عن ساعديه و يبني الإنسان... انسان الصحراء.. يروض في أعماقه الوحش و يضى ء في ظلماته شمعة.

و بدت يثرب في أرض اللَّه الواسعة سراجاً في مهب إعصار فيه نار أو قارباً صغيراً وسط الأمواج العاتية، و النبي و الذين آمنوا يقاومون المد الجاهلى و يحبطون مؤامرات يهودية... و اليهود عجنوا بالغدر و تشربوا تعاليم التلمود... نبذوا التوراة بعيداً الّا ما حرّفوه عن مواضعه، يبنون حصونهم و قلاعهم، وظنوا انهم مانعتهم حصونهم. يخفون وراءها حقداً دفيناً للإنسان تناقلته أجيالهم منذ السبى البابلى و إلى ان يقضي اللَّه أمراً كان مفعولا. يباهون الاُمم بموسى بن عمران و قد عشعش قارون في نفوسهم. ترن في أعماقهم خشخشة الذهب و الفضة، فتوارثوا عجلاً صنعوه منذُ أن سوّل لهم السامريّ، وظلوا عاكفين عليه حتى اذا نصحهم هارون كادوا ان يفتكوا به، أداروا ظهرهم للذى أنجاهم من البحر و عكفوا على عجل له خوار.

كان موسى غاضباً و هو يلقي الألواح.. و يأخذ بمخانق أخيه. هتف هارون:

- انهم استضعفونى و كادوا يقتلوننى.

واتجهت الأبصار إلى السامري. كاد موسى يبطش به:

- فما خطبك يا سامرى؟

- لا شي ء.. لقد رأيت أثر الملاك.. وكذلك سولت لي نفسي. و مضى السامري في التيه... يشد عباءته إلى كتفيه يعتصر وجهه

المخادع بكفيه... وعواء ذئب جائع يضج في صدره اللاهث.. ضاع السامري بين آثار الجمال و الحمير لايعرف له وطناً سوى تلك البقعة التي خسفت بقارون و خزائنة الزاخرة بالذهب الأصفر.. في أعماقه اُمنيات لعجل جديد يعبده من دون اللَّه؛ لا تكفيه بقعة واحدة. يريد أن يبتلع سيناء و أرض كنعان، و بابل و رمال جزيرة العرب.

وحط السامري رحلة هنا و هناك من أرض الجزيرة وراح يبني الحصون والقلاع و ينهب الذهب، القبائل العربية تعبد أصناماً من حجارة تنحتها بأيديها أو أشجاراً ذات رقاع، وابناء السامري يعبدون عجلاً من ذهب يخطف الأبصار، يظلون عليه عاكفين حتى جاه محمد.

توقف التاريخ يحبس أنفاسه عند حصون بني النضير فقد جاء محمد ومعه جمع من أصحابه يطالبهم بالوفاء وهم جبلوا على الغدر؛ يبتسمون لمن يدعوهم فيكشرون عن أنياب تنزّ صديداً.

قالوا وقد رأوا النبي عند الحصن في قلة ودونما سلاح.

- نعم يا أباالقاسم نعينك على ما أحببت.

وجلس النبي ينتظر الوفاء.

وخلف جدران الحصون والقلاع ولدت مؤامرة.

اجتمع ابناء السامري... العيون تبرق بالغدر:

- هذه فرصتنا للقضاء على محمد.

- أجل نتغدى به قبل أن يتعشى بنا.

- انطلق يا «عزوك» فتحدث معه و أطل الكلام.

- و أنت يا «جحاش» اصعد فوق الحصن والق عليه (رحى الطاحون).

حاكت العناكب شباكها على عجل. غير أنّ النبيّ الأمي الذي يجدون اسمه في التوراة يعرف ما يجول في خواطرهم فغادر الحصن وجاء المدينة يسعى.

و حوصرت حصون السامري عشرين يوماً حتى تهاوت جميعاً وقتل على «عزوك» ولملم بنو النضير شباك العنكبوت و رحلوا... رحلوا بعيدا و تنفس النبي والذين آمنوا الصعداء؛ وتمت كلمة ربك بالحق و قيل بعداً للقوم الظالمين.

وعادت يثرب مدينة منورة يكاد سنا نورها يضى ء التاريخ.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page