• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

وكانت صديقة (القسم 21)

 

وكانت صديقة

القسم 21

انطوت ليالى رمضان وابتسم هلال شوال يحمل للقلوب فرحة عيد الفطر... وامتزجت فرحة العيد بفرحة اُخرى.

لقد أتم الرسول والذين آمنوا حفر خندق امتد خمسة آلاف ذراع وعرض تسعة أذرع و عمق سبعة أذرع.

تجمع بعضهم فوق التلال المشرفة وراحوا ينظرون إلى عمل انجزته الإرادة.. إرادة الإنسان الذي اضاءت نفسه شعلة سماوية.

- أيّة قوة أنجزت هذا العمل العظيم؟

- انها قوة الإيمان يا أخي.

- أجل.. المؤمن أقوى من الجبل.

ابتسم هلال شوال يعلن نهاية رحلة الجوع والظمأ... وعاد المؤمنون يحملون معاولهم و قد نفضوا تراب يومٍ حافلٍ بالعمل.

عسكرت جيوش مكّة في «مجمع الاسيال» بين «الجرف»

و «زغابة».. و عسكرت غطفان ب«ذنب نقمى» في الجهة الغريبة من جبل اُحد... و كان حيّ بن أخطب من سلالة السامريّ يكيد من أجل احتلال يثرب و قتل النبي الأمي الذي يجده مكتوباً في التوراة... في أعماقه يتردد خوار عجل.. عجل عبدوه من دون اللَّه.

تحطمت أحلام أبي سفيان أمام خندق لم يكن ليخطر على باله يوماً.

تمتم حانقاً و هو يهمز فرسه بالسوط.

- مكيدة لا تعرفها العرب.

- انها من تدبير ذلك الفارسي.

- لا يمكن اقتحام الخندق أبداً.

- ليس أمامنا سوى ضرب الحصار.

حل المساء.. و رياح الشتاء تهب من ناحية الشمال.. رياح تخترق الجلد و تصلّ في العظم.. جلس أبوسفيان قبالة النار المشتعلة والريح تعبث بأطراف الخيمة و كانت ظلاله تتراقص فوق وبر الخيمة كشيطان مريد..

تمتم عكرمة و هو يحاول كسر الصمت الجاثم:

- انهم بعيدون عن مرمى النبال.

أجاب أبوسفيان و هو يحدق في المجمر:

- ابحثوا عن ثغرة لاقتحام الخندق فإطالة أمد الحصار ليس في صالحنا.

علق عمرو بن العاص:

- أنا لا أثق بقريظة انهم يطلقون أقوالهم جزافاً، و إلّا فأين أفعالهم... ألف مقاتل في خاصرة يثرب.. و هم ما يزالون يختبئون خلف حصونهم.

قال عكرمة يائساً:

- و لا تنس قبائل غطفان.. انهم يلوحون بالصلح مع محمد مقابل حفنة من التمر.

صرخ أبوسفيان هائجاً:

- و هل جاءوا إلّا من أجل ذلك...

سكت هنيهة و أردف و قد التمعت عيناه ببريق مخيف:

- غداً سأحسم الأمر.

اطلّ الصباح بارداً برود الموتى، و قد بلغت القلوب الحناجر...

كان «العامري» يجول بفرسه في «السبخة» بين الخندق و جبل «مسلع».. لقد تمكّن مع قوّة من فرسانه من اقتحام الخندق.

أمر النبي مفرزة من قواته بقطع طريق العودة.

صرخ الفارس المعلَّم بكبرياء:

- هل من مبارز..

وخيم صمت رهيب و كانت القلوب الخائفة تدق بعنف كطبول الحرب.

- هل من مبارز.. ألا من مشتاق إلى جنته؟!

وقهقه فرسان كانوا ينظرون اليه باعجاب و نهض عليّ للمرة الثالثة يطلب المواجهة فأذن له الرسول.. و تقدّم فتى الإسلام.

رفع النبي يديه إلى السماء.. إلى عالم لا نهائي:

- اللّهم انّك أخذت منى عبيدة يوم بدر و حمزة يوم اُحد و هذا عليّ أخي و ابن عمّي فلا تذرني فرداً و أنت خير الوارثين.

ثم تمتم و هو يشيّع عليّاً بنظراته:

- برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه.

وتقابل فارس و راجل؛ مشرك و مؤمن.

- من أنت؟

- على بن أبي طالب.

- ليبرز إليَّ غيرك.. اني أكره أن اقتُلك..

لقد كان أبوك صديقاً لي.

- لكني أحبُّ أن اقتلك.

قال «ابن ودّ» وقد لاحت له طيوف من بدر يوم التقى الجمعان:

- أكره أن أقتل رجلاً كريماً مثلك.. ارجع خيرٌ لك.

أجاب عليّ بعزم:

- ان قريشاً تتحدّث عنك انّك تقول:

لا يدعوني أحد إلى ثلاث خلال إلّا أخذت واحدة منها.

- أجل.

- فإني أدعوك إلى الإسلام.

- دع عنك هذه وهات لى غيرها.

- ادعوك إلى أن ترجع بمن تبعك من قريش إلى مكة.

- اذن تتحدث عنى نساء مكة ان غلاماً خدعنى.

- أدعوك إلى القتال راجلاً.

اشتعل غضب متأجج في عينيه، واقتحم عن فرسه... واحتدم الصراع بين سيفين؛ سيف الإسلام و سيف الجاهلية... الإيمان و الكفر... الغضب السماوي و الحمية.. حمية الجاهلية... و كان الرسول يدعو:

- اللهم لاتذرنى فرداً و أنت خير الوارثين.

وهوى سيف كصاعقة غاضبة... ليسقط رجل اقتحم الخندق على حين غفلة...

وعاد على وبشائر نصر عظيم تموج فوق وجهه.

هتف عمر مدهوشاً:

- هلا سلبته درعه فانه ليس في العرب درعٌ مثلها.

أجاب على وقد أطلّ الإنسان من عينيه:

- استحييت أن أكشف سوأته.

وفي حصن «فارع» كان حسّان مع النسوة و الأطفال.. و قد بلغت القلوب الحناجر.

كانت رائحة الغدر تتصاعد من حصون بني قريظة.

جلست فاطمة قرب صفية تراقبان شوارع المدينة. فجأة، لاح الخطر... عينان يهوديتان تتلصصان ورائحةُ الغدر تزكم الانوف.

هتف صفية:

- يا حسان هذا يهودي يطوف حول الحصن كما ترى فانزل اليه واقتله.. والّا دلّ علينا.

أجاب حسان وهو يبلع ريقه:

- غفر اللَّه لك يا ابنة عبدالمطلب

نهضت صفية و قد أخلد حسان إلى الأرض. شدت وسطها. كانت فاطمة تراقب ملامح لحمزة في وجهها في عزمها و الإيمان الذي غمر قلبها.

هبطت صفية درجات الحصن وفي قبضتها عمود.

ودوّت ضربة هاشمية على رأس «السامريّ».. و شخصت العينان و بريق الغدر يخبو شيئاً فشيئاً...

هتفت صفية:

- يا حسان انزل اليه و اسلبه.

تشبث حسان بالأرض، وقد ذعر الجرذ القابع في أعماقه.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page