• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

وكانت صديقة (القسم 24)

وكانت صديقة

القسم 24

كان الجو مشحوناً بالقلق ما بين «الحديبية» و مكة. قريش لا تذعن للحقّ و لا تصيخ السمع لصوت العقل، فتفتح أبواب مكة لقوافل الحجيج. و بعث النبي «عثمان» فله قرابة بأبي سفيان.

- اخبر قريش أنّا لم نأت لقتال أحد، وانّما جئنا زوّاراً للبيت، معظمين لحرمته و معنا الهدي ننحره و ننصرف.

و مضى عثمان إلى مكة و لم يعد.. مضت ثلاثة أيام.. اختفت فيها أخباره، وسمعوا شائعات عن مصرعه مع عشرة من المهاجرين دفعهم الشوق إلى زيارة أهليهم .

عندها وقف النبيّ تحت ظلّ شجرة في الوادي أسند جذعه إلى جذعها.. وأحدق أصحابه و هم يعاهدون على الموت من أجله... و باركت السماء عهد المؤمنين.. و قد رضي اللَّه عنهم.

الجو يزداد تأزّماً و لما يعد عثمان بعد...

وجاءت رسل السلام.. وقد أدركت قريش أن الخطر قاب قوسين أو أدنى.

جاء «سهيل» يعرض على النبي شروط قريش:

- أن تضع الحرب أوزارها بين الفريقين عشر سنين.

- أن يردّ محمّد من يأتيه من قريش مسلماً و لا تلتزم قريش بردّ من يأتيها من عند محمّد.

- أن يعود محمد و أصحابه هذا العام دون عمرة و أن يأتوا في العام القادم.

- من أراد الدخول في عهد قريش فله ذلك و من أراد الدخول في عهد محمّد جاز له ذلك.

كان النبيّ يصغي إلى عرض قريش يلقيه «ابن عمرو» وقد بدا بعض الصحابة ممتعضاً وكاد عمر أن ينفجر بعد ان سمع النبي يستدعي عليّاً:

- اكتب يا عليّ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم.

اعترض سهيل:

- لا أعرف هذا.. اكتب باسمك اللّهم.

استأنف النبي:

- اكتب ذلك واكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول اللَّه سهيل

بن عمرو.

قال سهيل:

- لو شهدت انك رسول اللَّه لم اقاتلك.. ولكن اكتب اسمك واسم أبيك.

أطل الحزن من عينى الرسول:

- واللَّه اني رسول اللَّه وان كذبتموني... اكتب يا علي محمد بن عبداللَّه وامح رسول اللَّه.

رفع علي رأسه وقد شعر بالغضب يتفجر في صدره.

- ان قلبى لا يطاوعنى... و اللَّه لا أمحوها.

تناول النبي الصحيفة و محاها..

واستأنف على يثبت بنود السلام.

و نهض الوفد عائداً إلى مكة...

لم يتمالك «عمر» اعصابه فتقدم من النبي بطوله الفارع و عيناه تبرقان بغضبٍ عارم:

- ألست نبى اللَّه حقّاً؟

أجاب النبي بهدوء:

- بلى.

- أليس قتلانا في الجنة و قتلاهم في النار؟

- بلى يا عمر.

هتف عمر وقد اهتزت دعائم الإيمان في قلبه:

- فَلِمَ نعطى الدنية في ديننا اذن؟!

أجاب النبي و هو يحاول إعادة الطمأنينة إلى قلبه:

- انى رسول اللَّه ولست أعصيه وهو ناصرى.

قال عمر بحدة:

- أو لست كنت تحدثنا انّا سنأتي البيت فنطوف به؟

أجاب محمد بصبر الأنبياء:

- بلى يا عمر... أفأخبرتك انك تأتيه عامك هذا؟

أجاب عمر مخذولاً:

- لا.

- فانك آتيه و مطوف به.

وظلّ «عمر» هائجاً لم تفلح كلمات الرسول في إعادة السلام إلى نفسه.

هرع الرجل الفارع إلى صاحبه وقال بعصبية:

- يا أبابكر أليس هو برسول اللَّه؟

- نعم.

- اولسنا بالمسلمين؟

- أجل يا عمر.

- أوليسوا بالمشركين؟

- ماذا تعنى؟

- فعلام نعطى الدنية في ديننا؟

نظر أبوبكر إلى صاحبه بأسف و أدرك ان صرح الإيمان يهتزّ في أعماقه بشدّة، تمتم أبوبكر:

- يابن الخطّاب انه رسول اللَّه ولن يعصى ربّه ولن يضيعه.

عمر ما يزال ثائراً يبحث عن شي ء.. عن شخص يطفئ به النار التي تستعر في صدره... و قد حانت اللحظة المناسبة لنسف السلام مع قريش.

تمكن «أبوجندل» بن سهيل من الافلات من قبضة قريش، وجاء ينوء بالسلاسل والقيود.

كان منظره يدعو إلى الشفقة، اعترضه أبوه و كان قد أمضى عهداً مع النبي.

هتف الشاب المثقل بالحديد والقهر:

- يا رسول اللَّه.. يا معشر المسلمين.

والتفت سهيل إلى النبي.

- يا محمد بيننا و بينك العهد.

- صدقت.

هتف أبوجندل:

- يا للمسلمين أأردّ إلى المشركين ليفتنوني عن ديني.

المسلمون ينظرون إلى أخ لهم لا يملكون له ضرّاً و لا نفعاً.

هتف النبيّ يشدّ على يده من بعيد:

- اصبر يا أباجندل و احتسب سيجعل لك اللَّه ولمن معك فرجاً و مخرجاً.

لم يتمالك عمر كعادته فخف إلى ابن سهيل.. اقترب منه هامساً:

- إنما هم مشركون و دم أحدهم دم كلب.

اقترب عمر أكثر و كشف للشاب مقبض السيف و كرّر قائلاً:

- المشرك دمه كدم الكلب.

أدرك الشاب ان عمر يغريه بقتل أبيه فاكتفي بنظرة طويلة إلى عمر و لم يقل شيئاً.

كانت كلمات النبي ما تزال تتردد في أُذنيه و في قلبه ثم كيف له أن يقتل أباه ؟ بل كيف للمسلم أن يغدر أو يفتك و يخون العهد الذي ابرم قبل لحظات.. و هل ستسكت قريش على قتل رجل كان يفاوض باسمها و يدافع عن آلهتها؟

كانت الأفكار تصطرع في رأسه كخيول في معركة.. و هو

يجرجر خطى واهنة عائداً مع أبيه.

وانطوى نهار ذلك اليوم، وقد هبت نسائم السلام فوق رمال الجزيرة...

وفي المساء و عندما كانت النجوم تنبض في السماء كقلوب حالمة هبط جبريل يحمل بين جناحيه سورة «الفتح».

وانساب نهر سماويّ و الرسول يتلو:

- إنّا فتحنا لك فتحاً مبيناً.

وانبعث صوت في الظلام:

- وأين هذا الفتح و قد صدّونا عن البيت؟

أجاب النبيّ:

- بل هو أعظم الفتح.. لقد رضى المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم و ان يرغبوا اليكم في الأمان. وردّكم سالمين مأجورين فهو أعظم الفتح.

هتف المسلمون:

- صدقت يا رسول اللَّه.

و مضت أيام على السلام وثاب عمر إلى رشدة فتمتم آسفاً:

- ما شككت منذ اسلمت إلّا ذلك اليوم.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page