طباعة

وظايف وسنن

يتفرع على هذه الأصول الثابتة من السنة الصحيحة فروع ، وتستنتج منها وظائف وسنن ، لا منتدح للمسلم الصحيح الصادق في التسنن بسنن نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن اتخاذها سنة متبعة ، وسيرة جارية ، وإليك جملة منها :
1 - عد رزية أهل البيت الطاهر أعظم وأعظم من رزايا الأهل والولد ، بعد ما ثبت من أن المؤمن لا يكمل إيمانه إلا أن يكون عترة رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحب إليه من أهله وعترته ، وبالمحبات تقدر وتقايس المصائب .
2 - البكاء على رزايا أهل البيت مهما مر به فتيان بني هاشم من أبناء السبطين الحسنين وذكر ما جرى عليهم من النوائب .
3 - البكاء على الحسين السبط يوم ميلاده ، ، ومقتله ، ومهما رأى تربته ، وكلما حل بكربلائه . ورزية أبكت نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طيلة حياته ، وأبكت أمهات المؤمنين والصحابة الأولين ونغصت عيش رسول الله فتراه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تارة يأخذ حسينا ويضمه إلى صدره ويخرجه إلى صحابته كاسف البال وينعاهم بقتله ، وأخرى يأخذ تربته بيده ويشمها ويقلبها ويقبلها ويأتي بها إلى المسجد مجتمع أصحابه وعيناه تفيضان ، ويقيم مأتما وراء مأتم في بيوت أمهات المؤمنين . وذلك كله قبل وقوع تلك الرزية الفادحة فيكف به ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد ذلك ، فحقيق على كل من استن بسنته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صدقا أن يبكي على ريحانته جيلا بعد جيل ، وفينة بعد فينة مدى الدهر .
على أن وصمة هذه الحوبة والعار والشنار على أمة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد شوهت سمعتها ، وسودت صحيفة تاريخها ، وأبقت لها شية المعرة مع الأبد ، ولم تذكر عن أمة من الأمم الغابرة التي أسلمت وجهها لله أنها صدرت منها لدة ما صدر عن أمة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الجناية الوبيلة على بضعة نبيها ، وتمت هي باسم الأمة في خلق السماوات كما جاء عن جبريل وغيره ممن نعى منهم الحسين السبط ، وصارت الأمة سبة على نبيها بين الأمم ، فترى رأس الجالوت لقي محمد بن عبد الرحمن كما ذكره ابن سعد فقال : إن بيني وبين داود سبعين أبا ، وإن اليهود تعظمني وتحترمني ، وأنتم قتلتم ابن بنت نبيكم . فعلى الأمة أن تبكي مدى الدهور حتى تغسل درن ذلك الخزي القاتم ، وتزيل دنس تلك المنقصة المخزية بدمعة العين ، وتسلي بها نبي الإسلام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن المصاب الفادح .
4 - إقامة المأتم في بيوت أهله حينا بعد حين ، وإعلامهم بذلك النبأ العظيم .
5 - شم تربة كربلاء وتقبيلها متى ما أخذها بيده وتقليبها بها .
6 - صر التربة في الثياب ، والتحفظ عليها في البيوت بلسما وذكرى لريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما فعلت السيدة أم سلمة أم المؤمنين ، ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينظر إليها وإلى صنيعها من كثب .
7 - اتخاذ يوم عاشوراء يوم حزن وبكاء شعثا غبرا بهيئة حزينة شوهد بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم ذاك . ونحن قد أدركنا زعماء الدين ، وأعلام الأمة ، ووجوه الناس ، ورجالات المذهب حتى الملوك والوزراء والأمراء منهم قبل نصف قرن - خمسين عاما - وكانوا دائبين على رعاية تلك الهيئة أيام عاشوراء ، لم تك ترى أحدا منهم إلا كاسف البال أشعث أغبر باكي العينين حزنا على الحسين الشهيد ، ولما ألقى التمدن المزيف جرانه في المدن راحت تلك السنة الحسنة المرضية لله ولرسوله ضحية الأوهام ، وتغيرت البلاد ومن عليها ، فغدا كل منهم يعز عليه التأسي بالنبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والجري على سيرته وسنته يوم عاشوراء استحياء من المجتمع المسير بيد الاستعمار الوبيلة . فتركت ونسيت كأن لم تكن .
8 - الحضور في كربلاء يوم عاشوراء بعين عبرى وقلب مكمد محزون تأسيا بحضور رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيها يوم ذاك بتلك الحالة المشجية التي سمعت حديثها .
هذا حسيننا ومأتمه وتربته وكربلاؤه وأما :