• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

السجدة على تربة كربلاء واتخاذها مسجدا

فإن الغاية المتوخاة منها للشيعة إنما هي تستند إلى أصلين قويمين ، وتتوقف على أمرين قيمين :
أولهما : استحسان اتخاذ المصلي لنفسه تربة طاهرة طيبة يتيقن بطهارتها ، من أي أرض أخذت ، ومن أي صقع من أرجاء العالم كانت ، وهي كلها في ذلك شرع سواء سواسية ، لا امتياز لإحداهن على الأخرى في جواز السجود عليها ، وإن هو إلا كرعاية المصلي طهارة جسده وملبسه ومصلاه ، يتخذ المسلم لنفسه صعيدا طيبا يسجد عليه في حله وترحاله ، وفي حضره وسفره ، ولا سيما في السفر، إذ الثقة بطهارة كل أرض يحل بها ، ويتخذها مسجدا لا تتأتى له في كل موضع من المدن والرساتيق والفنادق والخانات وباحات النزل والساحات ، ومحال المسافرين ، ومحطات وسايل السير والسفر ، ومهابط فئات الركاب ، ومنازل الغرباء ، إني له بذلك وقد يحل بها كل إنسان من الفئة المسلمة وغيرها ، ومن أخلاط الناس الذين لا يبالون ولا يكترثون لأمر الدين في موضوع الطهارة والنجاسة . فأي وازع من أن يستحيط المسلم في دينه ، ويتخذ معه تربة طاهرة يطمئن بها وبطهارتها يسجد عليها لدى صلاته ، حذرا من السجدة على الرجاسة والنجاسة والأوساخ التي لا يتقرب بها إلى الله قط ، ولا تجوز السنة السجود عليها ، ولا يقبله العقل السليم ، بعد ذلك التأكيد التام البالغ في طهارة أعضاء المصلي ولباسه ، والنهي عن الصلاة في مواطن منها : المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة الطريق ، والحمام ، ومعاطن الإبل     ( 1 )  والأمر بتطهير المساجد وتطييبها   ( 2 )  .
وكأن هذه النظرة الصائبة القيمة الدينية كانت متخذة لدى رجال الورع من فقهاء السلف في القرون الأولى ، وأخذ بهذه الحيطة المستحسنة جدا كان التابعي الفقيه الكبير الثقة العظيم المتفق عليه مسروق بن الأجدع ( 3 ) يأخذ في أسفاره لبنة يسجد عليها كما أخرجه شيخ المشايخ الحافظ الثقة إمام السنة ومسندها في وقته أبو بكر بن أبي شيبة في كتابه ( المصنف ) في المجلد الثاني في باب : من كان يحمل في السفينة شيئا يسجد عليه ، فأخرج بإسنادين : أن مسروقا كان إذا سافر حمل معه في السفينة لبنة يسجد عليها .
هذا هو الأصل الأول لدى الشيعة وله سابقة قدم منذ يوم الصحابة الأولين والتابعين لهم بإحسان ، وأما الأصل الثاني : فإن قاعدة الاعتبار المطردة تقتضي التفاضل بين الأراضي ، بعضها على بعض ، وتستدعي اختلاف الآثار والشؤون والنظرات فيها ، وهذا أمر طبيعي عقلي متسالم عليه ، مطرد بين الأمم طرا ، لدى الحكومات والسلطات والملوك العالمية برمتهم ، إذ بالاضافات والنسب تقبل الأراضي والأماكن والبقاع خاصة ومزية ، بها تجري عليها مقررات ، وتنتزع منها أحكام لا يجوز التعدي والصفح عنها . ألا ترى أن المستقلات والساحات والقاعات والدور والدوائر الرسمية المضافة إلى الحكومات ، وبالأخص ما ينسب منها إلى البلاط الملكي ، ويعرف باسم عاهل البلاد وشخصه ، لها شأن خاص ، وحكم ينفرد بها ، يجب للشعب رعايته ، والجري على ما صدر فيها من قانون .
فكذلك الأمر بالنسبة إلى الأراضي والأبنية والديار المضافة المنسوبة إلى الله تعالى فإن لها شؤونا خاصة ، وأحكاما وطقوسا ، ولوازم وروابط لا مناص ولا بد لمن أسلم وجهه لله من أن يراعيها ، ويراقبها ، ولا مندوحة لمن عاش تحت راية التوحيد والإسلام من القيام بواجبها والتحفظ عليها ، والأخذ بها .
فبهذا الاعتبار المطرد العام المتسالم عليه انتزع للكعبة حكمها الخاص ، وللحرم شأن يخص به ، وللمسجدين الشريفين : جامع مكة والمدينة أحكامهما الخاصة بهما ، وللمساجد العامة والمعابد والصوامع والبيع التي يذكر فيها اسم الله ، في الحرمة والكرامة ، والتطهير والتنجيس ، ومنع دخول الجنب والحائض والنفساء عليها ، والنهي عن بيعها نهيا باتا نهائيا من دون تصور أي مسوغ لذلك قط خلاف بقية الأوقاف الأهلية العامة التي لها صور مسوغة لبيعها وتبديلها بالأحسن ، إلى أحكام وحدود أخرى منتزعة من اعتبار الإضافة إلى ملك الملوك ، رب العالمين . فاتخاذ مكة المكرمة حرما آمنا ، وتوجيه الخلق إليها ، وحجهم إياها من كل فج عميق ، وإيجاب كل تلكم النسك ، وجعل كل تلكم الأحكام حتى بالنسبة إلى نبتها وأبها ، إن هي إلا آثار الإضافة ، ومقررات تحقق ذلك الاعتبار ، واختيار الله إياها له من بين الأراضي . وكذلك عد المدينة المنورة حرما إلهيا محترما ، وجعل كل تلكم الحرمات الواردة في السنة الشريفة لها وفي أهلها وتربتها ومن حل بها ومن دفن فيها ، إنما هي لاعتبار ما فيها من الإضافة والنسبة إلى الله تعالى ، وكونها عاصمة عرش نبيه الأعظم صاحب الرسالة الخاتمة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وهذا الاعتبار وقانون الإضافة كما لا يخص بالشرع فحسب ، بل هو أمر طبيعي أقر الإسلام الجري عليه ، كذلك لا ينحصر هو بمفاضلة الأراضي ، وإنما هو أصل مطرد في باب المفاضلة في مواضيعها العامة من الأنبياء والرسل ، والأوصياء ، والأولياء ، والصديقين ، والشهداء ، وأفراد المؤمنين وأصنافهم ، إلى كل ما يتصور له فضل على غيره لدى الإسلام المقدس .
بل هذا الأصل هو محور دائرة الوجود ، وبه قوام كل شئ ، وإليه تنتهي الرغبات في الأمور ، ومنه تتولد الصلات والمحبات ، والعلائق والروابط ، لدة عوامل البغض والعداء والشحناء والضغائن .
وهو أصل كل خلاف وشقاق ونفاق ، كما أنه أساس كل وحدة واتحاد وتسالم ووئام وسلام . وعليه تبنى صروح الكليات ، وتتمهد المعاهد الاجتماعية ، وفي إثره تشكل الدول ، وتختلف الحكومات ، وتحدث المنافسات والمشاغبات والتنازع والتلاكم والمعارك والحروب الدامية ، وعلى ضوئه تتحزب الشعوب والقبائل ، وتتكثر الأحزاب والجمعيات ، وبالنظر إليه تؤسس المؤسسات في أمور الدين والدنيا ، وتتمركز المجتمعات الدينية ، والعلمية والاجتماعية ، والشعوبية ، والقومية ، والطائفية ، والحزبية ، والسياسية . إلى كل قبض وبسط ، وحركة وسكون ، ووحدة وتفكك ، واقتران وافتراق . فالحكومة العالمية العامة القوية القهارة الجبارة الحاكمة على الجامعة البشرية بأسرها من أول يومها وهلم جرا إلى آخر الأبد ، من دون شذوذ لأي أحد وخروج فرد عن سلطتها ، ومن دون اختصاص بيوم دون يوم ، إنما هي حكومة ( ياء النسبة ) بها قوام الدين والدنيا ، وإليها تنتهي سلسلة النظم الإنسانية ، وقانون الاجتماع العام ، وشؤون الأفراد البشرية . والبشر مع تكثر أفراده على بكرة أبيهم مسير بها ، مقهور تحت نير سلطتها مصفد بحبالها ، مقيد في شراكها ، لا مهرب له منها ، هي التي تحكم وتفتق ، وتنقض وتبرم ، وترفع وتخفض ، وتصل وتقطع ، وتقرب وتبعد ، وتأخذ وتعطي ، وتعز وتذل ، وتثيب وتعاقب ، وتحقر وتعظم . هي التي تجعل الجندي المجهول مكرما ، معظما ، محترما ، وتراه أهلا لكل إكبار وتجليل وتبجيل ، لدى الشعب وحكومته ، وتنثر الأوراد والأزهار على تربته ومقبره ، وتدعه يذكر مع الأبد ، خالدا ذكره في صفحة التاريخ . هي التي تهون لديها الكوارث والنوازل ، وبمقاييسها يقاسي الإنسان الشدائد والقوارع والمصائب الهائلة ، ويبذل النفس والنفيس دونها .
هي التي جعلت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقبل الصحابي العظيم عثمان بن مضعون وهو ميت ، ودموعه تسيل على خديه كما جاء عن السيدة عائشة ( 4 ) . هي التي دعت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أن يبكي على ولده الحسين السبط ، ويقيم كل تلكم المآتم ويأخذ تربة كربلاء ويشمها ويقبلها ، إلى آخر ما سمعت من حديثه . هي التي جعلت السيدة أم سلمة أم المؤمنين تصر تربة كربلاء على ثيابها.
هي التي سوغت للصديقة فاطمة أن تأخذ تربة قبر أبيها الطاهر وتشمها . هي التي حكمت على بني ضبة يوم الجمل أن تجمع بعرة جمل عايشة أم المؤمنين وتفتها وتشمها كما ذكره الطبري .
هي التي جعلت عليا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يأخذ قبضة من تربة كربلاء لما حل بها فشمها وبكى حتى بل الأرض بدموعه ، وهو يقول : يحشر من هذا الظهر سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب . أخرجه الطبراني وقال الهيثمي في المجمع 9 : 191 رجاله ثقات .
هي التي جعلت رجل بني أسد يشم تربة الحسين ويبكي قال هشام ابن محمد : لما أجري الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوما وامتحى أثر القبر ، فجاء أعرابي من بني أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة من التراب ويشمه حتى وقع على الحسين فبكى وقال : بأبي وأمي ما كان أطيبك حيا وأطيب تربتك ميتا ، ثم بكى وأنشأ يقول : أرادوا ليخفوا قبره عن عداوة وطيب تراب القبر دل على القبر راجع تاريخ ابن عساكر 4 : 342، كفاية الحافظ الكنجي ص 293 .
فالفرد البشري كائنا من كان ، أينما كان وحيثما كان ، من أي عنصر وشاكلة على تكثر شواكله ، واختلاف عناصره ، في جميع أدوار الحياة هو أسير تلك الحكومة ، ورهين لفظة :
روحي ، بدني ، مالي ، أهلي ، ولدي ، أقاربي ، رحمي ، أسرتي ، تجارتي ، نحلتي ، ملتي ، طائفتي ، مبدئي ، داري ، ملكي ، حكومتي ، قادتي ، سادتي ، إلى ما لا يحصى من المضاف المنسوب إليه .
وهذه هي حرفيا بصورة الجمع الإضافي مأكلة بين شدقي الحكومات والدول ، والجمعيات ، والهيئات ، والأحياء ، والشعوب ، والقبائل ، والأحزاب والملل ، والنحل ، والملوك ، والطوائف ، والسلطات الحاكمة إلى كليات لا تتناهى .
وبمجرد تمامية النسبة وتحقق الإضافة في شئ جزئي أو كلي ، أو أمر فردي أو اجتماعي ، لدى أولئك المذكورين تترتب آثار ، وتتسجل أحكام لا منتدح لأي أحد من الخضوع لها والإخبات إليها ، والقيام دونها ، والتقيد بها .
وهذا بحث جد ناجع تنحل به مشكلات المجتمع في المبادئ والآراء والمعتقدات ، وعقود الضغينة والمحبة ، وعويصات المذاهب ، ومقررات الشرع الأقدس ، وفلسفة مقربات الدين الحنيف ، ومقدسات الإسلام وشعائره ، والحرمات والمقامات والكرامات . فبعد هذا البيان الضافي يتضح لدى الباحث النابه الحر سر فضيلة تربة كربلاء المقدسة ، ومبلغ انتسابها إلى الله سبحانه وتعالى ، ومدى حرمتها وحرمة صاحبها دنوا واقترابا من العلي الأعلى ، فما ظنك بحرمة تربة هي مثوى قتيل الله ، وقائد جنده الأكبر المتفاني دونه ، هي مثوى حبيبه وابن حبيبه ، والداعي إليه ، والدال عليه ، والناهض له ، والباذل دون سبيله أهله ونفسه ونفيسه ، والواضع دم مهجته في كفه تجاه إعلاء كلمته ، ونشر توحيده ، وتحكيم معالمه ، وتوطيد طريقه وسبيله .
فأي من ملوك الدنيا ومن عواهل البلاد من لدن آدم وهلم جرا عنده قائد ناهض طاهر كريم وفي صادق أبي شريف عزيز مثل قائد شهداء الإخلاص بالطف : الحسين المفدى ؟ لماذا لا يباهي به الله ، وكيف لا يتحفظ على دمه لديه ، ولا يدع قطرة منه أن تنزل إلى الأرض لما رفعه الحسين بيديه إلى السماء ( 1 )  .
كيف لا يديم ذكره في أرضه وسمائه ، وقد أخذت محبة الله بمجاميع قلبه ؟
كيف لا يسود وجه الدنيا في عاشورائه ؟
ولا يبدي بينات سخطه وغضبه يوم قتله في صفحة الوجود ؟
ولماذا لم تبك عليه الأرض والسماء ؟ كما جاء عن ابن سيرين فيما أخرجه جمع من الحفاظ .
ولماذا لم تمطر السماء يوم قتله دما ؟ كما جاء حديثه متواترا .
ولماذا لم يبعث الله رسله من الملائكة المقربين إلى نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتربة كربلائه ؟
ولماذا لم يشمها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم يقبلها ولم يذكرها طيلة حياته ؟
ولماذا لم يتخذها بلسما في بيته ؟
فهلم معي أيها المسلم الصحيح ، أفليست السجدة على تربة هذا شأنها لدى التقرب إلى الله في أوقات الصلوات ، أطراف الليل والنهار ، أولى وأحرى من غيرها من كل أرض وصعيد وقاعة وقرارة طاهرة ، أو من البسط والفرش والسجاد المنسوجة على نول هويات مجهولة ؟ ولم يوجد في السنة أي مسوغ للسجود عليها .
أليس أجدر بالتقرب إلى الله ، وأقرب بالزلفى لديه ، وأنسب بالخضوع والخشوع والعبودية له تعالى أمام حضرته ، وضع صفح الوجه والجباه على تربة في طيها دروس الدفاع عن الله ، ومظاهر قدسه ، ومجلى التحامي عن ناموسه ناموس الإسلام المقدس ؟
أليس أليق بأسرار السجدة على الأرض السجود على تربة فيها سر المنعة والعظمة والكبرياء والجلال لله جل وعلا ، ورموز العبودية والتصاغر دون الله بأجلى مظاهرها وسماتها ؟
أليس أحق بالسجود تربة فيها بينات التوحيد والتفاني دونه ؟ تدعو إلى رقة القلب ، ورحمة الضمير والشفقة والتعطف .
أليس الأمثل والأفضل اتخاذ المسجد من تربة تفجرت في صفيحها عيون دماء اصطبغت بصبغة حب الله ، وصيغت على سنة الله وولائه المحض الخالص ؟
من تربة عجنت بدم من طهره الجليل ، وجعل حبه أجر الرسالة الخاتمة ، وخمرت بدم سيد شباب أهل الجنة حب الله وحب رسوله ، وديعة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لدى أمته المسلمة كما جاء في السنة ؟
فعلى هذين الأصلين نتخذ نحن من تربة كربلاء قطعا لمعا وأقراصا نسجد عليها كما كان فقيه السلف مسروق بن الأجدع يحمل معه لبنة من تربة المدينة المنورة يسجد عليها ، والرجل تلميذ الخلافة الراشدة ، فقيه المدينة ومعلم السنة بها ، وحاشاه من البدعة ، ففي أي من الأصلين حزازة وتعسف ؟
وأي منهما يضاد نداء القرآن الكريم ؟
أو يخالف سنة الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟
وأيهما يستنكر ويعد بدعة ؟
وأيهما خروج عن حكم العقل والمنطق والاعتبار ؟
وليس اتخاذ تربة كربلاء مسجدا لدى الشيعة من الفرض المحتم ، ولا من واجب الشرع والدين ، ولا مما ألزمه المذهب ، ولا يفرق أي أحد منهم منذ أول يومها بينها وبين غيرها من تراب جميع الأرض في جواز السجود عليها ، خلاف ما يزعمه الجاهل بهم وبآرائهم . وإن هو عندهم إلا استحسان عقلي ليس إلا ، واختيار لما هو الأولى بالسجود لدي العقل والمنطق والاعتبار فحسب كما سمعت .
وكثير من رجال المذهب يتخذون معهم في أسفارهم غير تربة كربلاء مما يصح السجود عليه كحصير طاهر نظيف يوثق بطهارته أو خمرة مثله ويسجدون عليه في صلواتهم .
ونحن نرى أن الأخذ بهذين الأصلين القويمين ، والنظر إلى رعاية أمري الحيطة والحرمة ومراقبتهما ، يحتم على أهالي الحرمين الشريفين : مكة والمدينة ، واللائذين بجنابهما ، والقاطنين في ساحتهما أن يتخذوا من تربتهما أقراصا وألواحا مسجدا لهم ، أخذا بالأصلين وتخلصا من حرارة حصاة المسجد الشريف القارصة أيام الظهائر وشدة الرمضاء ، يسجدون عليها في حضرهم ، ويحملونها معهم مسجدا طاهرا مباركا في أسفارهم سيرة السلف الصالح نظراء الفقيه مسروق بن الأجدع كما سمعت حديثه ، ويجعلونها في يد تناول الزائرين والحجاج والوافدين إلى تلكم الديار المقدسة من الحواضر الإسلامية ، تقتنيها الأمة المسلمة مسجدا لها ، في الحضر والسفر ، وتتخذها تذكرة وذكرى لله ولرسوله ولمهابط وحيه ، تذكرها ربها ونبيها متى ما ينظر إليها ، وتشمها وتستشم منها عرف التوحيد والنبوة ، وتكون نبراسا في بيوت المسلمين تتنور منها القلوب ، وتستضئ بنورها أفئدة أولي الألباب ، ويتقرب المسلمون إلى الله تعالى في كل صقع وناحية في أرجاء العالم بالسجود على تربة أفضل بقعة اختارها الله لنفسه بيت أمن ودار حرمة وعظمة وكرامة ، ولنبيه حرما ومضجعا مباركا . وفيها وراء هذه كلها دعاية كبيرة قوية عالمية إلى الإسلام ، وإلى كعبة عبادته وعاصمة سنته ، وصاحب رسالته ، ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه .
____________________
( 1 ) سنن ابن ماجة 1 : 252 ، ومسانيد وسنن أخرى .
( 2 ) سنن ابن ماجة 1 : 256 . ومصادر أخرى .
( 3 ) مسروق بن الأجدع عبد الرحمن بن مالك الهمداني أبو عائشة المتوفى 62 تابعي عظيم من رجال الصحاح الست ، يروي عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، كان فقيها عابدا ثقة صالحا ، كان في أصحاب ابن مسعود الذين كانوا
يعلمون الناس السنة ، وقال حين حضره الموت كما جاء في طبقات ابن سعد : اللهم لا أموت على أمر لم يسنه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولا أبو بكر ولا عمر . راجع تاريخ البخاري الكبير 4 ق 2 : 35 ، طبقات ابن سعد 6 : 50 - 56 ، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 4 ق 1 : 396 ، تهذيب التهذيب 10 : 109 - 111 . ( * )
( 4 ) أخرجه أبو القاسم عبد الملك بن بشران في أماليه ، وأبو الحسن علي بن الجعد الجوهري في الجزء العاشر من مسنده ، والحاكم النيسابوري في المجلد الثالث من المستدرك . وحفاظ وأعلام آخرون . ( * )
( 5 ) أخرجه الحافظ الخطيب البغدادي بإسناده ، والحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام 4 : 338 بإسناده عن الخطيب ، والحافظ الكنجي في الكفاية ص 284 عن الحسن المثنى عن مسلم بن رياح مولى أمير المؤمنين قال : كنت مع الحسين يوم قتل فرمي في وجهه بنشابة فقال لي : يا مسلم أدن يديك من الدم فأدنيتها فلما امتلآ قال : اسكبه في يدي فسكبته في يديه فنفخ بهما إلى السماء وقال : اللهم أطلب بدم ابن بنت نبيك قال مسلم : فما وقع إلى الأرض منه قطرة . وقد جاء أن الحسين ( عليه السلام ) رمى بدم حنكه إلى السماء لما أصابه السهم . وأخرج حديثه جمع من الحفاظ . ( * )


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page