في ذكر برّها بأبيها(صلى الله عليه وآله) و كيفيّة عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) بفاطمة(عليها السلام)
في ذكر برّها بأبيها(صلى الله عليه وآله):
لا نحتاج إلى التدليل على علاقة فاطمة(عليها السلام) بأبيها، أو علاقة أبيها بها، أو استخلاص العِبَر من أية ممارسة من سلوكها، ففي ميدان علاقتها بأبيها وزهد أبيها عن الدنيا، ورد عن عليٍّ(رضي الله عنه) قال: «كنّا مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حفر الخندق إذ جاءته فاطمة بكسرة من خبز فرفعتها إليه، فقال(صلى الله عليه وآله): ما هذه يا فاطمة؟ قالت: من قرص اختبزته لابنَيَّ جئتك بهذه الكسرة، فقال: يا بنيّة، أما إنّها لأوّل طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام!»([1]).
وروى ابن شهرآشوب عن أخبار فاطمة، عن أبي الصولي، قال عبدالله بن الحسن: دخل رسول الله(صلى الله عليه وآله) على فاطمة(عليها السلام) فقدّمت إليه كسرةً يابسةً من خبز شعير فأفطر عليها، ثمّ قال: «يا بنيّة، هذا أوّل خبز أكل أبوك منذ ثلاثة أيّام!»، فجعلت فاطمة تبكي ورسول الله(صلى الله عليه وآله) يمسح وجهها بيده([2]). انتهى.
ومن الواضح أنّ بكاءها على أبيها تعبير آخر عن العلاقة المشار إليها.
كيفيّة عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) بفاطمة(عليها السلام) إذا سافر وإذا عاد:
لاحظنا مدى علاقة فاطمة (عليها السلام) بأبيها من خلال ما تقدّم ولننظر إلى علاقة أبيها بها، حيث تتقابل العلاقتان وتتبادلان، إنّها تتفقّد أباها وتخدمه، وأبوها يصلها ويتفقّدها، بخاصة إذا قدم من السفر (وما أكثر أسفاره (صلى الله عليه وآله))، وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذا سافر كان آخر الناس عهداً به فاطمة، وإذا قدم من سفر كان أوّل الناس عهداً به فاطمة رضي الله تعالى عنها، وفي هذا السياق ورد عن السمهودي حيث قال: روى الطبراني من حديث أبي ثعلبة قال: كان النبيّ(صلى الله عليه وآله)إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، ثمّ يثنّي بفاطمة، ثمّ يأتي أزواجه.
وفي لفظ: ثمّ بدأ ببيت فاطمة، ثمّ يأتي بيوت نسائه([3]). انتهى.
الصبّان قال: روى أحمد والبيهقي عن ثوبان، قال: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذا سافر آخر عهده إتيان فاطمة، وأوّل من يدخل له(صلى الله عليه وآله) إذا قدم فاطمة([4]).
وعن ابن عمر: أَنَّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) كان إذا سافر كان آخر الناس به عهداً فاطمة، فإذا قدم من سفره كان أوّل الناس به عهداً فاطمة([5]).
وعن ثوبان مولى رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذا سافر آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة، وأوّل من يدخل عليه فاطمة... الحديث([6]).
السمهودي قال: أسند يحيى عن محمد بن قيس، قال: كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) إذا قدم من سفر أتى فاطمة فدخل عليها و أطال عندها المكث([7]).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] . ذخائر العقبى: 47، ينابيع المودّة: 2/136/384.
[2] . المناقب لابن شهرآشوب: 3/381.
[3] . وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى: 1/331.
[4] . إسعاف الراغبين: 168، ذخائر العقبى: 37.
[5] . أخرجه الخوارزمي في مقتل الحسين: 1/96/14.
[6] . بشارة المصطفى: 251.
[7] . وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى: 1/331.