• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في عبادتها(عليها السلام) وزهدها ومكارم أخلاقها وبعض خصوصيّاتها

 

في عبادتها(عليها السلام) وزهدها

ومكارم أخلاقها وبعض خصوصيّاتها

 

في ذكر عبادتها(عليها السلام):

من الواضح أنّ بيت العصمة جميعاً يجسِّدون العبادة في أرفع مستوياتها، ومنهم فاطمة الزهراء(عليها السلام)، فقد ورد عن الإمام الحسن(عليه السلام) قال: «ما كان في الدنيا أعبد من فاطمة(عليها السلام)، كانت تقوم حتى تتورّم قدماها»([1]).

وعن الحسن البصري أيضاً قال: ما كان في هذه الاُمّة أعبد من فاطمة (عليها السلام)... وذكر الحديث نحوه([2]).

وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن فاطمة الصغرى، عن الحسين بن عليّ، عن أخيه الحسن بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام) قال: «رأيت اُمّي فاطمة(عليها السلام) قامت في محرابها ليلة جمعة فلم تزل راكعةً وساجدةً حتّى انفجر عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا اُمّاه، لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بُنيَّ، الجار ثمّ الدار»([3]).

وعن الحسن(عليه السلام) أيضاً قال: «كانت فاطمة(عليها السلام) إذا دعت تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها، فقيل لها...» وذكر مثله([4]).

ولله درّ القائل في وصفه عبادتها(عليها السلام):

وهي كانت من أعبد الناس نُسكاً***وصلاةً في خشية وبكاءِ

وَرُمَت في عبادة الله جهداً***قدماها منها لفرط العناءِ

وهي كانت تُعانُ في جبرئيل***حين تأتي بوردها في اختشاءِ

فيهزّ المهدَ الذي كان فيه***طفلُها راقداً بوقت الأداءِ

 

في ذكر أدعيتها(عليها السلام):

إنّ الدعاء محاورة مباشرة مع الله تعالى، وأهل بيت العصمة(عليهم السلام) هم أجدر البشر اتصالاً به جلّ شأنه، وفاطمة الزهراء(عليها السلام) نموذج لهذا البيت المبارك، وهذا ممّا يكسب أدعيتها مزيداً من الأهمّية.

دعاؤها(عليها السلام) عقيب فريضة الظهر:

وقد ذكر السيّد ابن طاووس بعض أدعيتها، حيث يتميز هذا الدعاء بأهمية كبيرة من حيث مضمونه وسعة حجمه، وقد استشهد به وقال عنه: ومن المهمّات: الدعاء عقيب الصلوات الخمس المفروضات بما كانت الزهراء فاطمة سيّدة نساء العالمين ـ صلوات الله عليها ـ تدعو به.

فمن ذلك: دعاؤها عقيب فريضة الظهر، وهو: «سبحان ذي العزّ الشامخ المنيف([5])، سبحان ذي الجلال الباذخ([6]) العظيم، سبحان ذي المُلْكِ الفاخر القديم. والحمد لله الّذي بنعمته بلغتُ ما بلغتُ من العلم به والعمل له والرغبة إليه والطاعة لأمره. والحمد لله الّذي لم يجعلني جاحداً لشيء من كتابه، ولا متحيِّراً في شيء من أمره. والحمد لله الّذي هداني إلى دينِهِ ولم يجعلني أعبدُ شيئاً غيره.

اللهمّ إنّي أسألك قول التوّابين وعملهم، ونجاة المجاهدين وثوابهم، وتصديق المؤمنين وتوكّلهم، والراحة عند الموت، والأمن عند الحساب، واجعل الموت خير غائب أنتظره، وخير مطَّلَع يُطَّلعُ عَلَيَّ، وارزقني عند حضور الموت وعند نزوله وفي غمراته، وحين تنزل النفس من بين التراقي، وحين تبلغ الحلقوم، وفي حال خروجي من الدُنيا، وتلك الساعة الّتي لاأملك لنفسي فيها ضرّاً ولانفعاً، ولاشدّةً ولارخاءً، روحاً من رحمتك، وحظّاً من رضوانك، وبشرى من كرامتك قبل أن تتوفّى نفسي، وتقبض روحي وتسلّط ملك الموت على إخراج نفسي، ببشرى منك ياربِّ ليست من أحد غيرك تُثلج بها صدري وتَسرّ بها نفسي، وتُقِرّ بها عيني، ويَتهلّل بها وجهي، ويُسفر بها لوني، ويطمئنّ بها قلبي، ويتباشر بها سائر جسدي، يغبطني بها مَن حضرني مِن خلقك، ومَن سمع بي من عبادك، تُهوّن عليَّ بها سكرات الموت، وتُفرّج عنّي بها كربته، وتُخفّف عنّي بها شدّته، وتَكشف عنّي بها سُقمه، وتُذهب عنّي بها همّه وحسرته، وتَعصمني بها من أسَفِهِ وفتنته، وتُجيرُني بها من شرّه وشرّ ما يحضر أهله، وترزقني بها خيره وخير ما يحضر عنده وخير ما هو كائن بعده.

ثمّ إذا توفَّيتَ نفسي وقبضتَ روحي فاجعل روحي في الأرواح الرابحة، واجعل نفسي في الأنفس الصالِحة، واجعل جسدي في الأجساد المطهّرة، واجعل عملي في الأعمال المتقبَّلة، ثمّ ارزقني في خِطّتي من الأرض([7]) حِظَتي([8]) وموضع جُثّتي، حيث يرفُت لحمي([9]) ويُدفن عظمي واُترك وحيداً لا حيلةَ لي قد لفظتني البلاد، وتخلّى عنّي العباد، وافتقرتُ إلى رحمتك، واحتجت إلى صالح عملي، وألقى ما مهدّتُ لنفسي وقدّمت لآخرتي، وعملت في أيّام حياتي فوزاً من رحمتك، وضياءً من نورك، وتثبيتاً من كرامتك بالقول الثابت في الحياة الدُنيا وفي الآخرة، إنّك تُضِلّ الظالمين وتفعل ما تشاء.

ثمّ بارك لي في البعث والحساب إذا انشقّت الأرض عنّي، وتخلّى العباد عنّي، وغشيتني الصيحة، وأفزعتني النفخة، ونشرتَني بعد الموت وبعثتني للحساب، فابعث معي ياربّ نوراً من رحمتك يسعى بين يديّ وعن يميني تؤمّنّي به، وتربط بِهِ على قلبي، وتُظهر به عُذري، وتبيّض به وجهي، وتصدّق به حديثي، وتُفلج([10]) به حجّتي، وتبلّغني بها العروة القصوى من رحمتك، وتُحلَّني الدَرجة العليا من جنّتك، وترزقني بِهِ مرافقة محمّد النبيّ عبدِك ورسولِك(صلى الله عليه وآله) في أعلى الجنّة درجةً، وأبلغها فضيلةً، وأبرّها عَطيةً، وأرفقها نِفسةً مع الّذين أنعمت عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحَسُن اُولئك رفيقاً.

اللهمّ صلِّ على محمّد خاتِم النبيّين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى الملائكة أجمعين، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وعلى أئمة الهُدى أجمعين آمين ربّ العالمين.

اللهمّ صلِّ على محمّد كما هديتنا به، وصلِّ على محمّد كما رحمتنا به، وصلِّ على محمّد كما عزّزتنا به، وصَلِّ على محمّد كما فضّلتنا به، وصَلِّ على محمّد كما شرّفتنا به، وصلِّ على محمّد كما بصّرتنا به، وصلِّ على محمّد كما أنقذتنا به من شفا حفرة من النار.

اللهمّ بيّض وجهَه، وأعلِ كعبه، وأفلج حجّته، وأتمم نوره، وثقّل ميزانه، وعَظِّم برهانه، وافسح له حتّى يرضى، وبلِّغه الدرجةَ والوسيلةَ من الجنّة، وابعثه المقامَ المحمودَ الّذي وعدتَه، واجعله أفضل النبيّين والمرسلين عندك منزلةً ووسيلةً، واقصُصْ بنا أثره([11])، واسقِنا بكأسه، وأوردنا حوضَه، واحشُرنا في زمرتِه، وتوفَّنا على مِلَّته، واسلُك بنا سبيلَه، واستعملنا بِسُنّته، غيرَ خزايا ولانادمين ولاشاكّين ولامُبَدِّلين.

يامَن بابُه مفتوحٌ لداعِيه، وحجابُه مرفوع لراجِيه، ياساتر الأمر القبيح، ومداويَ القلبِ الجريح، لا تفضحني في مشهد القيامة بمُوبقاتِ الآثام، ولاتُعرِض بوجهِك الكريمِ عَنّي من بين الأنام. ياغاية المضطرّ الفقير، وياجابر العظمِ الكَسِير، هَب لي موبِقاتِ الجرائر، واعفُ عن فاضحاتِ السرائر، واغسِل قلبي من وِزر الخطايا، وارزقني حُسنَ الاستعداد لنزول المنايا، يا أكرمَ الأكرمينَ ومنتهى اُمنيَةِ السائلين.

أنت مولاي فتحت لي باب الدُعاء والإنابة فلا تَغلق عنِّي بابَ القُبولِ والإجابة، ونجّني برحمتك من النار، وبوِّئني غُرُفات الجِنان، واجعلني متمسّكاً بالعُروة الوثقى، واختم لي بالسعادة، وأحيِني بالسلامة، يا ذا الفضلِ والكمالِ والعِزّة والجَلالِ لا تُشمِت بي عدوّاً ولا حاسداً، ولا تسلِّط عَلَيَّ سُلطاناً عنيداً ولا شيطاناً مريداً، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحِمِين، ولا حولَ ولا قوّةَ إلاّ باللهِ العليِّ العظيم، وصلّى اللهُ على محمّد وآله وسلّم تسليماً»([12]).

دعاؤها(عليها السلام) عقيب فريضة العصر:

وهذا دعاء آخر يتّسم بطول الحجم وثراء مضامينه، حيث ذكره السيّد ابن طاووس أيضاً، وقال عنه: ومن المهمّات: الدعاء عقيب العصر بما كانت الزهراء فاطمة سيّدة النساء(عليها السلام) تدعو به في جملة دعائها للخمس الصلوات، وهو:

«سبحان من يعلم جوارح القلوب، سبحان من يُحصي عددَ الذُنوب، سبحان من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء. والحمد لله الّذي لم يجعلني كافراً لأنعُمه، ولا جاحداً لفضله، فالخير منهُ وهو أهله. والحمد لله على حجّته البالغة على جميع مَنْ خلق ممّن أطاعه وممّن عصاه، فإن رحِم فمن مَنِّهِ، وإن عاقب فبما قدّمت أيديهم وما اللّه بظلاّم للعبيد. والحمد لله العليّ المكان، الرفيع البنيان، الشديد الأركان، العزيز السلطان، العظيم الشأن، الواضح البرهان، الرحيم الرحمن، المنعم المنّان. الحمد للّه الّذي احتجب عن كلّ مخلوق يراه بحقيقة الربوبيّة وقدرة الوحدانيّة، فلم تدركه الأبصار، ولم تُحِطْ به الأخبار، ولم يَقِسْهُ مقدار، ولم يتوهّمه اعتبار، لأنّه الملك الجبّار.

اللهمّ قد ترى مكاني، وتسمع كلامي، وتطَّلع على أمري، وتعلم ما في نفسي، وليس يخفى عليك شيء من أمري، وقد سعيتُ إليك في طلبتي، وطلبت إليك في حاجتي، وتضرّعت إليك في مسألتي، وسألتك لفقر وحاجة وذلّة وضيقة وبؤس ومسكنة، وأنت الربّ الجواد بالمغفرة، تجد من تعذّب غيري ولا أجد من يغفر لي غيرك، وأنت غنيّ عن عذابي وأنا فقير إلى رحمتك، فأسألك بفقري إليك وغِناكَ عنّي، وبقدرتك عليَّ وقلّة امتناعي منك، أن تجعل دُعائي هذا دعاءَ واثق منك إجابةً، ومجلسي هذا مجلساً وافق منكَ رحمةً، وطلبتي هذه طلبةً وافقت نجاحاً، وما خفت عسرته من الاُمور فيسّره، وما خفت عجزه من الأشياء فوسّعه، ومن أرادني بسوء من الخلائق كلّهم فاغلبه، آمين يا أرحم الراحمين، وهوِّن عليَّ ما خشيتُ شدّته، واكشف عنّي ما خشيتُ كُربته، ويسّر لي ما خشيتُ عُسرته، آمين يا  ربّ العالمين.

اللهمّ انزع العُجب والرياء والكبر والبغي والحسد والضَعف والشكّ والوهن والضرّ والأسقام والخذلان والمكر والخديعة والبليّة والفساد من سمعي وبصري وجميع جوارحي، وخذ بناصيتي إلى ما تحبّ وترضى يا أرحم الراحمين.

اللهمّ صَلِّ على محمّد وآل محمّد، واغفر ذنبي، واستُر عورتي، وآمِن رَوعتي، واجبُر مصيبتي، وأغنِ فقري، ويسِّر حاجتي، وأقِلني عثرتي، واجمع شملي، واكفِني ما أهمّني، وما غاب عنّي، وما حضرني وما أتخوّفه منك يا أرحم الراحمين.

اللهمّ فوّضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، وأسلمت نفسي إليك بما جنيت عليها، فرقاً منك وخوفاً وطمعاً، وأنت الكريم الّذي لا يقطع الرجاء، ولا  يخيّب الدعاء، فأسألك بحقِّ إبراهيم خليلك، وموسى كليمك، وعيسى روحك، ومحمّد(صلى الله عليه وآله)صفيّك ونبيّك أنْ لا تصرِف وجهك الكريم عنّي حتّى تقبلَ توبتي، وترحمَ عبرتي، وتغفرَ لي خطيئتي، يا أرحمَ الراحمين ويا أحكم الحاكمين.

اللهمّ اجعل ثأري([13]) على مَنْ ظلمني، وانصرني على مَنْ عاداني. اللهمّ لا  تجعل مصيبتي في ديني، ولا تجعل الدنيا أكبر همّي، ولا مبلغ علْمي.

اللهمّ أصلِح لي دينيَ الّذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنيايَ الّتي فيها معاشي، وأصلِح لي آخرتي الّتي إليها معادي، واجعلِ الحياةَ زيادةً لي في كلّ خير، واجعل الموت راحةً لي من كلّ شرّ. اللهمّ إنّك عَفُوٌّ تُحبّ العفوَ فاعفُ عنّي.

اللهمّ أحيِني ما علمتَ الحياة خيراً لي، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة([14])، والعدل في الغضب والرضا، وأسألك القصد([15]) في الفقر والغِنى، وأسألك نعيماً لا يبيد([16])، وقرّة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسالك لذّة النظر إلى وجهك([17]).

اللهمّ إنّي أستهديك لإرشاد أمري، وأعوذ بك من شرّ نفسي. اللهمّ عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت. اللهمّ إنّي أسألك تعجيل عافيتك، وصبراً على بليّتك، وخروجاً من الدُنيا إلى رحمتك.

اللهمّ إنّي اُشهِدُك واُشهِدُ ملائكتك وحملة عرشك، واُشهد مَن في السماوات ومَن في الأرض أنّك أنت الله لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك، وأنّ محمداً(صلى الله عليه وآله)عبدُك ورسولك. وأسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلاّ أنت بديع السماوات والأرض.

ياكائِناً قبل أن يكون شيء،والمكوّن لكلّ شيء،والكائن بعد ما لايكون شيء.

اللهمّ إلى رحمتك رفعتُ بصـري، وإلى جودك بسطتُ كفّي، فلا تَحرمني وأنا أسألك، ولا تعذّبني وأنا أستغفرك. اللهمّ فاغفر لي فإنّك بيَ عالم، ولا تعذّبني فإنّك عليَّ قادر، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهمّ ياذا الرحمة الواسعة، والصلاة النافعة الرافعة، صلِّ على أكرم خلقك عليك، وأحبّهم إليك، وأوجههم لديك، محمّد(صلى الله عليه وآله) عبدِك ورسولِك، المخصوصِ بفضائِلِ الرسائل، أشرف وأكمل وأرفع وأعظم وأكرم ما صلّيت على مبلِّغ عنك ومؤتَمَن على وحيك. اللهمّ كما سدّدت به العمى، وفتحت به الهُدى، فاجعل مناهج سبله لنا سنَناً([18])، وحجج برهانه لنا سبباً نأتمّ به إلى القدوم عليك.

اللهمّ لك الحمد ملء السماوات السبع، وملء طباقهنّ، وملء الأرَضِين السَبع وملء ما بينهما، وملء عرش ربّنا الكريم، وميزان ربّنا الغفّار، ومِداد كلمات ربّنا القهّار، وملء الجنّة وملء النار، وعدد الثرى والماء، وعدد ما يُرى وما لا  يُرى.

اللهمّ واجعل صلواتِكَ وبركاتِك ومنَّك ومغفرتَك ورحمتك ورضوانك وفضلك وسلامتك وذكرك ونورك وشرفك ونعمتك وخِيرَتَك على محمّد وآل محمّد، كما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد.

اللهمّ أعطِ محمداً الوسيلة العظمى، وكريم جزائك في العُقبى، حتّى تشرّفه يوم القيامة يا إله الهُدى.

اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد، وعلى جميع ملائكتك وأنبيائك ورسلك. سلامٌ على جِبرئيل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش وملائكتك المقرَّبين، والكرام الكاتبين والكروبيّين([19])، وسلام على ملائكتك أجمعين، وسلام على أبينا آدم وعلى اُمّنا حوّاء، وسلام على النبيّين أجمعين، والصدّيقين والشهداء والصالحين، وسلام على المرسلين أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين، ولاحول ولاقوّة إلاّ بالله العليّ العظيم، وحسبيَ الله ونعم الوكيل، وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم كثيراً»([20]).

دعاؤها(عليها السلام) عقيب صلاة المغرب:

وإليك دعاءً ثالثاً يتّسم أيضاً بطوله وثراء محتواه، قال عنه السيّد ابن طاووس(قدس سره)في فلاح السائل: ومن تعقيب فريضة المغرب أيضاً ما يختصّ بها ممّا روي عن مولاتنا فاطمة(عليها السلام) من الدعاء عقيب الخمس صلوات، وهو:

«الحمدُ لله الّذي لا يُحصي([21]) مدحته القائلون، والحمد لله الّذي لا يحصي نعماءَه العادّون، والحمد لله الّذي لايؤدِّي حقّه المجتهدون، ولا إله إلاّ الله الأوّل والآخِر، ولا إله إلاّ الله الظاهِر والباطِن، ولا إله إلاّ الله المُحيي المميت، والله أكبر ذو الطول، والله أكبر ذو البقاء الدائم.

والحمدُ لله الّذي لا يدرك العالمون علمه، ولا يستخفّ الجاهلون حلمه([22])، ولا  يبلغ المادحون مدحته، ولا يصف الواصفون صفته، ولا يحسن الخلق نعته.

والحمدُ لله ذي الملك والملكوت، والعظمة والجبروت، والعزّ والكبرياء، والجلال والبَهاء، والمهابة والجمال، والعزّة والقدرة، والحول([23]) والقوّة، والمنّة والغلبة، والفضل والطول، والعدل والحقّ والخلق، والعُلى والرفعة والمجد، والفضيلة والحكمة، والغَنَاءِ والسعة، والبسط والقبض، والحلم والعلم، والحجّة البالغة، والنعمة السابغة، والثناء الحسن الجميل، والآلاء الكريمة، مَلِك الدنيا والآخرة، والجنّة والنار، وما فيهنّ تبارك وتعالى.

الحمد لله الّذي علم أسرار الغيوب، واطّلع على ما تُجنّ([24]) القلوب، فليس عنه مذهب ولا مهرب.

الحمد لله المتكبّر في سلطانه، العزيز في مكانه، المتجبّر في ملكه، القوي في بطشه، الرفيع فوق عرشه، المطَّلِع على خلقه، والبالغ لما أراد من علمه.

الحمد لله الّذي بكلماته قامت السماوات الشِداد، وثبتت الأرضون المهاد([25])، وانتصبت الجبال الرواسي الأوتاد، وجرت الرياح اللواقح، وسار في جَوِّ السماء السحاب، ووقفت على حدودها البحار، ووجلت القلوب من مخافته، وانقمعت الأرباب لربوبيته، تباركتَ يا محصيَ قطرِ المطر، وورق الشَجَر، ومُحييَ أجساد الموتى للحشر.

سبحانك يا ذا الجلال والإكرام، ما فعلت بالغريب الفقير إذا أتاك مستجيراً مستغيثاً؟ ما فعلت بمن أناخَ بفنائك وتعرّض لرضاك وغدا إليك، فجثا بين يديك يشكو إليك مالا يخفى عليك؟ فلا يكوننّ يا ربّ حَظّي من دعائي الحرمان، ولا نصيبي ممّا أرجو من مَنّكَ الخذلان، يامن لم يزل ولم يزال ولا يزول كما لم يزل قائماً على كلّ نفس بما كسبت، يا من جعل أيّام الدُنيا تزول، وشهورها تحول، وسنينها تدور، وأنت الدائم لا تبليك الأزمان ولا تُغيِّرك الدهور، يامن كلّ يوم عنده جديد، وكلّ رزق عنده عتيد([26])، للضعيف والقويّ والشديد، قسّمت الأرزاق بين الخلائق فَسَوَّيتَ بين الذرَّة والعُصفور([27]).

اللهمّ إذا ضاق المقام([28]) بالناس فنعوذ بك في ضيق المقام.

اللهمّ إذا طال يوم القيامة على المجرمينَ فقصِّر([29]) ذلك اليوم علينا كما بين الصَلاة إلى الصَلاة.

اللهمّ إذا دَنَت الشمس من الجماجم، فكان بينها وبين الجماجم مقدار ميل، وزِيد في حرّها حرّ عشر سنين، فإنّا نسألك أن تظلّنا بالغمام، وتنصب لنا المنابر والكراسيَّ نجلس عليها، والناس ينطلقون في المقام آمين ربّ العالمين.

أسألك اللهمّ بحقّ هذه المحامد إلاّ غفرت لي وتجاوزت عنّي، وألبستني العافية في بدني، ورزقتني السلامة في ديني، فإنّي أسألك وأنا واثق بإجابتك إيّاي في مسألتي، وأدعوك وأنا عالم باستماعك دعوتي، فاستمع دعائي، ولا تقطع رجائي، ولا تردَّ ثنائي، ولا تخيِّب دعائي، أنا محتاج إلى رضوانك، وفقير إلى غفرانك، وأسألك ولا آيس من رحمتك، وأدعوك وأنا غير محترِز من سخطك، ربِّ فَاستجب لي وامنن عليَّ بعفوك، توفّني مسلماً وألحقني بالصالحين، ربّ لا تمنعني فضلك يا منّان، ولا تكلني إلى نفسي مخذولا يا حنّان.

ربِّ ارحم عند فراق الأحبّة صَرعتي، وعند سكون القبر وَحدتي، وفي مفازة القيامة غربتي، وبين يديك موقوفاً للحساب فاقتي.

ربّ أستجيرك من النار فأجرني، ربّ أعوذ بك من النار فأعذني، ربّ أفزع إليك من النار فأبعدني، ربّ أسترحمك مكروباً فارحمني، ربِّ أستغفرك لِما جهلت فاغفر لي.

ربّ قد أبرزني الدعاء للحاجة إليك فلا تؤيسني، يا كريم ياذا الآلاء والإحسان والتجاوز.

سيّدي يا برّ يا رحيم استجب بين المتضرّعين إليك دعوتي، وارحم من المنتحبين بالعويل عبرتي، واجعل في لقائك يوم الخروج من الدنيا راحتي، واستر بين الأموات ياعظيم الرجاء عورتي، واعطِف عليَّ عند التحوّل وحيداً إلى حفرتي، إنّك أملي وموضع طلبتي، والعارف بما اُريد في توجيه مسألتي، فاقضِ ياقاضي الحاجات حاجتي، فإليك المشتكى وأنت المستعان والمُرتجى، أفِرُّ إليك هارباً من الذنوب فاقبلني، وألتجئ من عدلك إلى مغفرتك فأدركني، وألتاذ بعفوك من بطشك فامنعني، وأستروِح رحمتك([30]) من عقابك فنجّني، وأطلب القربة منك بالإسلام فقرّبني، ومن الفزع الأكبر فآمنّي، وفي ظلّ عرشك فظلّلني، وكِفلَين([31]) من رحمتك فهب لي، ومن الدُنيا سالماً فنجِّني، ومن الظلمات إلى النور فأخرجني، ويوم القيامة فبيِّض وجهي، وحساباً يسيراً فحاسبني، وبسرائري فلا تفضحني، وعلى بلائك فصبِّرني، وكما صرفت عن يوسف السوء والفحشاء فاصرفه عنّي([32])، ومالا طاقة لي به فلا تُحمِّلني، وإلى دار السلام فاهدِني، وبالقرآن فأنفعني، وبالقول الثابت فثبِّـتني، ومن الشيطان الرجيم فاحفظني، وبحولك وقوّتك وجبروتك فاعصمني، وبحلمك وعلمك وسعة رحمتك من جهنّم فنجِّني، وجنّتك الفردوس فأسكنِّي، والنظر إلى وجهك فارزقني، وبنبيِّك محمّد(صلى الله عليه وآله)فألحقني، ومن الشياطين وأوليائهم ومن شرِّ كلِّ ذي شرٍّ فاكفني.

اللهمّ وأعدائي ومن كادني بسوء إن أتُوا بَرّاً([33]) فجبّن شجيعهم، فُضَّ([34])جموعهم، كلِّل سلاحهم، عَرقِب دوابّهم([35])، سلّط عليهم العواصف والقواصف أبداً حتّى تصليهم النار، أنزلهم من صياصيهم([36])، أمكنّا من نواصيهم، آمين ربّ العالمين.

اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد صلاةً يشهد بها الأوّلون مع الأبرار، وسيّد المتّقين، وخاتم النبيّين، وقائد الخير ومفتاح الرحمة.

اللهمّ ربَّ البيت الحرام، والشهر الحرام، وربّ المشعر الحرام، وربّ الركن والمقام، وربّ الحِلِّ والإحرام، بلّغ روح محمّد منّا التحيّة والسلام.

سلامٌ عليك يارسول الله، سلامٌ عليك يا أمين الله، سلامٌ عليك يا محمّدَ بنَ عبدِ الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فهو كما وصفته بالمؤمنين رؤوف رحيم. اللهمّ أعطِهِ أفضل ما سألك وأفضل ما سُئِلْتَ له، وأفضل ما أنت مسؤول له إلى يوم القيامة، آمين ربّ العالمين»([37]).

دعاؤها(عليها السلام) عقيب فريضة العشاء:

وإليك أيضاً دعاءً آخر يتّسم بنفس الأهمية والطول، كما ذكره السيّد ابن طاووس(رحمه الله)حيث قال في فلاح السائل: ومن المهمّات أيضاً بعد صلاة العشاء الآخرة: الدعاء المختصّ بهذه الفريضة من أدعية مولاتنا فاطمة ـ صلوات الله عليها  ـ عقيب الخمس المفروضات، وهو:

«سبحان من تواضع كلّ شيء لعظمته، سبحان من ذلّ كلّ شيء لعزّته، سبحان من خضع كلّ شيء لأمرهِ وملكه، سبحان من انقادت له الاُمور بأزمّتها.

الحمد لله الّذي لا ينسى من ذكره، الحمد لله الّذي لا يُخيِّب من دعاه، الحمد لله الّذي مَن توكّل عليه كفاه.

الحمد للهِ سامِكِ السماء، وساطِحِ الأرض، وحاصرِ البحار([38])، وناضدِ الجبال([39])، وبارئِ الحيوان، وخالقِ الشجر، وفاتحِ ينابيعِ الأرض، ومدبّر الاُمور، ومسيّرِ السحاب، ومجري الريح والماء والنار من أغوار الأرض متصاعدات في الهواء، ومُهبِطِ الحرّ والبرد، الّذي بنعمته تتمّ الصالحات، وبشكره نستوجب الزيادات، وبأمره قامت السماوات، وبعزّته استقرَّت الراسيات، وسبَّحتِ الوحوش في الفلوات، والطير في الوكنات([40]).

الحمد لله رفيعِ الدرجات، منزِّلِ الآيات، واسعِ البركات، ساترِ العورات، قابلِ الحسنات، مقيلِ العثرات، منفِّسِ الكربات، منزلِ البركات، مجيبِ الدعوات، محيي الأموات، إلهِ مَن في الأرض والسماوات.

الحمد لله على كلّ حمد وذكر وشكر وصبر وصلاة وزكاة وقيام وعبادة وسعادة وبركة وزيادة ورحمة ونعمة وكرامة وفريضة وسرّاء وضرّاء، وشدّة ورخاء، ومصيبة وبلاء، وعسر ويُسر، وغناء وفقر، وعلى كلّ حال، وفي كلّ أوان وزمان، وكلّ مثوىً ومنقلب ومقام.

اللهمّ إنّي عائذ بك فأعذني، ومستجير بك فأجرني، ومستعين بك فأعنّي، ومستغيث بك فأغثني، وداعيك فأجبني، ومستغفرك فاغفر لي، ومستنصرك فانصرني، ومستهديك فاهدني، ومستكفيك فاكفني، وملتجئُ إليك فآوني، ومستمسك بحبلك فاعصمني، ومتوكِّل عليك فاكفني، واجعلني في عياذك وجوارك وحرزك وكهفك وحياطتك وحراستك وكلاءَتِك([41]) وحرمتك وأمنك وتحت ظلّك، وتحت جناحك، واجعل عليّ جنّةً واقيةً منك، واجعل حفظك وحياطتك وحراستك، وكلاءَتِك من ورائي وأمامي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ومن تحتي وحوالَيَّ، حتّى لا يصل أحد من المخلوقين إلى مكروهي وأذاي، بحقّ لا إله إلاّ أنت المنّانُ بديعُ السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام.

اللهمّ اكفني حسد الحاسدين، وبغي الباغين، وكيد الكائدين، ومكر الماكرين، وحيلة المحتالين، وغيلة المغتالين([42])، وظلم الظالمين، وجور الجائرين، واعتداء المعتدين، وسخط المسخطين، وتشحّب المتشحّبين([43])، وصولة الصائلين([44])، واقتسار المقتسرين([45])، وغشم الغاشمين، وخبط الخابطين([46])، وسعاية الساعين، ونميمة النامِّين، وسحر السحرة والمردة والشياطين، وجور السلاطين، ومكروه العالمين.

اللهمّ إنّي أسألك باسمك المخزون الطيّب الطاهر الّذي قامت به السماوات والأرض، وأشرقت له الظُلَم، وسبَّحت له الملائكة، ووجلت منهُ القلوب، وخضعت له الرقاب، وأحييتَ به الموتى، أن تغفر لي كلّ ذنب أذنبته، في ظلم الليل وضوء النهار، عمداً أو خطأً، سرّاً أو علانيةً، وأن تهب لي يقيناً وهدياً ونوراً وعلماً وفهماً حتى اُقيمَ كتابك، واُحِلَّ حلالك، واُحرِّمَ حرامَكَ، واُؤدّيَ فرائضك، واُقيمَ سنّة نبيّك محمّد(صلى الله عليه وآله).

اللهمّ ألحقني بصالح مَن مضى، واجعلني من صالح من بقي، واختم لي عملي بأحسنه إنّك غفور رحيم.

اللهمّ إذا فنى عمري، وتصرّمت أيّام حياتي، وكان لابدّ لي من لقائك فأسألك يا لطيف أن توجب لي من الجنّة منزلا يغبطني به الأوّلون والآخِرون.

اللهمّ اقبل مِدحتي والتِهافي، وارحم ضَراعتي([47]) وهُتافي، وإقراري على نفسي واعترافي، فقد أسمعتك صوتي في الداعين، وخشوعي في الضارعين، ومدحتي في القائلين، وتسبيحي في المادحين، وأنت مجيب المضطرّين، ومغيث المستغيثين، وغياث الملهوفين، وحرز الهاربين، وصريخ المؤمنين، ومقيل المذنبين، وصلّى الله على البشير النذير، والسراج المنير، وعلى الملائكة والنبيّين.

اللهمّ داحيَ المدحوّات([48])، وبارئ المسموكات([49])، وجَبّال القلوب على فطرتها شقيِّها وسعيدِها([50])، اجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، وكرائم تحيّاتك على محمّد عبدِك ورسولِك وأمينِك على وحيك، القائم بحجّتك، والذابِّ عن حُرَمك، والصادع بأمرك([51]) والمشيّد بآياتك، والموفي لنذرك.

اللهمّ فأعطِهِ بكلّ فضيلة من فضائله، ومنقبة([52]) من مناقبه، وحال من أحواله، ومنزلة من منازله وآية([53]) محمداً لك فيها ناصراً، وعلى كلّ مكروه بلائك صابراً، ولمن عاداك معادياً، ولمن والاك موالياً، وعن ما كرهت نائياً، وإلى ما أحببت داعياً، فضائلَ من جزائك، وخصائصَ من عطائك وحبائك، تُسني([54]) بها أمره، وتُعلي بها
درجته، حتّى القُوّام بقسطك، والذابّين عن حُرَمك، حتّى لا يبقى سناء ولا بهاء ولا  رحمة ولا كرامة إلاّ خصصت محمداً بذلك، وآتيته منك([55]) الذُرى، وبلّغته المقامات العُلى، آمين ربّ العالمين.

اللهمّ إنّي أستودعك ديني ونفسي وجميع نعمتك عَلَيَّ، فاجعلني في كنفك([56])وحفظك وعزّك ومنعك. عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله غيرك، حسبي أنت في السرّاء والضرّاء، والشدّة والرّخاء، ونعم الوكيل.

(رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، (رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا([57]) وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، (رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً)، (رَبَّنَا افْتَحْ([58]) بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ)، (رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا)، (وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّآتِنَا وَتَوَفَّنَا([59]) مَعَ الاَْبْرَارِ)، (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ([60]) وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)، (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا([61]) رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً([62]) كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ([63]) وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ([64])حَسَنَةً)، وقِنا برحمتك عذاب النّار، وصلّى الله على سيدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين وسلّم تسليماً»([65]).

دعاء علّمه النبيّ(صلى الله عليه وآله) إيّاها(عليها السلام) لمّا زارته:

السيّد ابن طاووس قال: روي أنّ فاطمة(عليها السلام) زارت النبيّ(صلى الله عليه وآله) فقال لها: «ألا اُزوّدك؟ قالت: نعم، قال: قولي: اللهمّ ربّنا وربّ كلّ شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحبِّ والنوى، أعوذ بك من شرِّ كلِّ دابّة أنت آخذ بناصيتها، أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، صلِّ على محمّد وعلى أهل بيته عليه وعليهم السلام، واقضِ عنّي الدَين، وأغنني من الفقر، ويسِّر لي كلّ الأمر يا أرحم الراحمين»([66]).

دعاء آخر لها(عليها السلام):

وثمة دعاء ثان علّمه النبيّ(صلى الله عليه وآله) فاطمة الزهراء(عليها السلام)، وهو ما ذكره السيّد ابن طاووس(رحمه الله) حيث قال: ومن ذلك دعاء آخر عن مولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها: «اللهمّ قنِّعني بما رزقتني، واسترني وعافني أبداً ما أبقيتني، واغفر لي وارحمني إذا توفّيتني. اللهمّ لا تُعيِني في طلب ما لا تقدِّر لي، وما قدّرته عَلَيَّ فاجعله ميسّراً سهلاً. اللهمّ كافِ عنّي والديَّ وكلَّ من له نعمة عَلَيَّ خير مكافأة. اللهمّ فرّغني لما خلقتني له، ولا تَشغلني بما تكفّلتَ لي به، ولا تعذّبني وأنا أستغفرك، ولا  تَحرمني وأنا أسألك. اللهمّ ذلّل نفسي في نفسي، وعظِّم شأنك في نفسي، وألهمني طاعتك والعمل بما يرضيك، والتجنّب لما يُسخطك، يا أرحم الراحمين»([67]).

دعاؤها(عليها السلام) في المهمّات:

وإليك دعاءً ثالثاً علّمه النبيّ(صلى الله عليه وآله) أيضاً ابنته فاطمة الزهراء(عليها السلام)، حيث ذكرت بأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) أملى عليها الدعاء المذكور، فقد نقل أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال: حدّثني أبو المفضّل محمد بن عبد الله، قال: حدّثني أبو عبد الله جعفر بن محمد العلوي الحسني، قال: حدّثني موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن جدّه الحسن بن عليّ، عن اُمّهِ فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) قالت: «قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله): يا فاطمة، ألا اُعلّمك دعاءً لا  يدعو فيه أحد إلاّ استُجيب له، ولا  يحيك([68]) في صاحبه سُمّ ولا سِحر، ولا يعرض له شيطان بسوء، ولا تُردّ له دعوة، وتُقضى حوائجه الّتي يرغب فيها إلى الله عاجلها وآجلها؟ قلت: أجل يا أبةِ، هذا والله أحبّ إليّ من الدُنيا وما فيها، قال: تقولين: يا الله يا أعزَّ مذكور وأقدمه قدماً في العزّة والجبروت. يا الله يارحيم كلّ مسترحم، ومفزع كلّ ملهوف. يا الله يا راحم كلّ حزين يشكو بثَّه وحزنه إليه. يا الله يا خير مَن طُلب المعروف منه وأَسرع في العطاء. يا الله يا مَن تخاف الملائكة المتوقّدة بالنور منه، أسألك بالأسماء الّتي تدعو بها حملة عرشك ومن حول عرشك يسبّحون بها شفقةً من خوف عذابك، وبالأسماء الّتي يدعوك بها جِبرئيل وميكائيل وإسرافيل إلاّ أجبتني وكشفت يا إلهي كربتي، وسترت ذنوبي. يا من يأمر بالصيحة في خلقه فإذا هم بالساهرة.

أسألك بذلك الاسم الّذي تحيي به العظام وهي رميم أن تحيي قلبي، وتشرح صدري، وتُصلح شأني. يا من خصّ نفسه بالبقاء، وخلق لبريّته الموت والحياة. يامن فعله قول، وقوله أمر، وأمره ماض على ما يشاء.

أسألك بالاسم الّذي دعاك به خليلك حين اُلقي في النار فاستجبت له وقلت: (يَانَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ). وبالاسم الّذي دعاك به موسى من جانب الطور الأيمن فاستجبت له دعاءه. وبالاسم الّذي كشفت به عن أيوب الضرّ، وتبت به على داود، وسخّرت به لسليمان الريح تجري بأمره والشياطين، وعلّمته منطق الطير. وبالاسم الّذي وهبت به لزكريّا يحيى، وخلقت عيسى من روح القدس مِن غير أب. وبالاسم الّذي خلقت به العرش والكرسيّ. وبالاسم الّذي خلقت به الروحانيّـين. وبالاسم الّذي خلقت به الجِنَّ والإنس. وبالاسم الّذي خلقت به جميع الخلق وجميع ما أردت من شيء.

وبالاسم الّذي قدرت به على كلّ شيء. أسألك بهذه الأسماء لمّا أعطيتني سؤلي، وقضيت بها حوائجي. فإنّه يقال لكِ: يا فاطمة، نعم نعم»([69]).

 

في ثواب تسبيحها(عليها السلام):

يعدّ تسبيح الزهراء(عليها السلام) (وهو المتضمن 34 تكبيرةً و33 تحميدةً و33 تسبيحةً) من أهم المأثورات التي حثّنا المعصومون عليها، وفي هذا الصدد روى الصدوق بسنده عن أبي خالد القمّاط قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام)يقول: «تسبيح الزهراء فاطمة(عليها السلام)في كل يوم في دبر كلّ صلاة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم»([70]).

وعن أبي هارون المكفوف، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أ نّه قال لأبي هارون المكفوف: «يا أبا هارون، إنّا نأمر صبياننا بتسبيح الزهراء(عليها السلام) كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فيشقى»([71]).

 

في ذكر زهدها(عليها السلام):

من الواضح أيضاً أنّ سمة الزهد تظلّ بدورها واحدةً من السمات التي امتاز بها أهل بيت العصمة(عليهم السلام)، ومنهم فاطمة(عليها السلام)، حيث إنّهم خَبَروا متاع الحياة الدنيا وعرفوه تماماً، وهو أمر يعود بالضرورة إلى الزهد بالحياة، وفي هذا السياق تنقل إلينا أسماء بنت عميس قالت: كنت عند فاطمة، إذ دخل عليها أبوها(صلى الله عليه وآله)وفي عنقها قلادة من ذهب أتاها بها عليّ من غنيمة صارت إليه، فقال لها: «يا بنية، لا  تغترّي بقول الناس: فاطمة بنت نبيّنا وعليك لباس الجبابرة»، فقطعتها فوراً وباعتها ليومها واشترت بثمنها رقبةً مؤمنةً فأعتقتها، فَسُرَّ أبوها(صلى الله عليه وآله)بعملها ودعا لها بالبركة([72]).

وقال السيّد محسن الأمين: روى الحاكم في المستدرك بسندهِ: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)دخل على فاطمة وقد أخذت بعنقها بسلسلة من ذهب، فقالت: «هذه أهداها لي أبو الحسن»، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا فاطمة، أيسرّك أن يقول الناس: فاطمة بنت محمّد وفي يدك سلسلة من نار»، ثمّ خرج ولم يقعد، فعمدت فاطمة إلى السلسلة فاشترت غلاماً فأعتقته... الحديث([73]).

وعن ثوبان مولى رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: كان رسول الله إذا سافر آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة، وأوّل من يدخل عليه فاطمة. فقال: فقدم من غزاة له فأتاها فإذا هي بمسبح على بابها ورأى على الحسن والحسين قلبين من فضّة، فرجع ولم يدخل، فلمّا رأت فاطمة ذلك ظنّت أ نّه لم يدخل عليها من أجل ما رأى، فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيّين فقطعته ودفعته إليهما، فأتيا النبيّ(صلى الله عليه وآله) وهما يبكيان، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا ثوبان، خذ هذا فانطلق به إلى بيت بالمدينة فإنّ هؤلاء أهل بيتي وإنّي أكره أن يأكلوا طيّباتهم في حياتكم الدُنيا، يا ثوبان اشترِ لفاطمة قلادةً من عصب وسواراً من عاج»([74]).

السمهودي قال: أسند يحيى عن محمد بن قيس، قال: كان النبيّ(صلى الله عليه وآله) إذا قدم من سفر أتى فاطمة فدخل عليها وأطال عندها المكث، فخرج مرّةً في سفر وصنعت فاطمة مسكَتَين من ورق وقلادة وقُرطَين، وسترت باب البيت لقدوم أبيها وزوجها، فلمّا قدم رسول الله(صلى الله عليه وآله) دخل عليها ووقف أصحابه على الباب لا يدرون أيقيمون أم ينصرفون لطول مكثه عندها؟ فخرج عليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقد عُرِف الغضب في وجهه حتّى جلس على المنبر، ففطنت فاطمة أ نّه إنّما فعل ذلك لِما رأى من المسكتين والقلادة والستر، فنزعت قرطيها وقلادتها ومسكتيها ونزعت الستر وبعثت به إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وقالت للرسول: «قل له: تقرأ عليك ابنتك السلام، وتقول لك: اجعل هذا في سبيل الله»، فلمّا أتاه قال: «قد فَعَلَتْ فِداها أبوها (ثلاث مرّات)، ليست الدُنيا من محمّد وآل محمّد، ولو كانت الدُنيا تعدل عند الله من الخير جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربةً من ماء»، ثمّ قام فدخل عليها صلوات الله عليهما([75]).

 

في شَبَهِها(عليها السلام) برسول الله(صلى الله عليه وآله) وصفتها:

من الحقائق النفسية التي يُجمع عليها المعنيّون بشؤون الوراثة، أنّ المولود ـ  ذكراً كان أم اُنثى  ـ يظلّ خاضعاً للسمات الوراثية: جسمياً وعقلياً ونفسياً، عبر درجات متفاوتة لا  مجال للحديث عنها بقدر ما نعتزم الإشارة إلى فاطمة الزهراء(عليها السلام)وشَبَهِها برسول الله(صلى الله عليه وآله)، حيث ورد:

عن عائشة قالت: ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاًّ وهدياً([76]) وحديثاً برسول الله(صلى الله عليه وآله)في قيامه وقعوده من فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله). قالت: وكانت إذا دخلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله) قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبيّ(صلى الله عليه وآله)إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبّلته وأجلسته في مجلسها... الحديث([77]).

وقال الدكتور محمد بيّومي مهران: روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أنس ابن مالك أ نّه قال: سألت اُمّي عن صفة فاطمة (رضي الله عنها) ؟ فقالت: كانت أشدّ الناس شبهاً برسول الله، بيضاء مشربة بحمرة...([78]).

وأخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى عن اُمّ سلمة قالت: كانت فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) أشبه الناس وجهاً برسول الله(صلى الله عليه وآله).

وروي: أنّها عندما وضعتها السيدة خديجة، ورأت في وليدتها الزهراء أنّها صورة من أبيها النبيّ الأعظم سرّها ذلك الشبه، ورأته بركةً من بركات الله عليها وعلى آل البيت الكرام([79]).

وعنها أنّها قالت: ما رأيت أحداً من خلق الله أشبه حديثاً وكلاماً برسول الله(صلى الله عليه وآله)من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه أخذ بيدها فقبّلها ورحّب بها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه ورحّبت به وأخذت بيده فقبّلَتها([80]).

وعن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: ما رأيت فاطمة تمشي إلاّ ذكرت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، تميل على جانبها الأيمن مرّةً وعلى جانبها الأيسر مرّة([81]).

وعن عائشة قالت: أقبلت فاطمة(عليها السلام) تمشي، لا والله الّذي لا إله إلاّ هو ما مشيتها تخرم من مشية رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فلمّا رآها قال: مرحباً بابنتي، مرّتين، قالت فاطمة(عليها السلام): فقال لي: «أما ترضينَ أن تأتي يوم القيامة سيّدة نساء المؤمنين أو سيّدة نساء هذه الاُمّة؟»([82]).

 

في خصائصها(عليها السلام):

إذا تجاوزنا السمات المتقدمة للزهراء(عليها السلام) واتّجهنا إلى فضائل متنوعة اُخرى أمكننا أن نعرض إلى جانب منها بحسب ما ورد عن السيد ابن طاووس(رحمه الله)،حيث قال:

ومن فضائلها: أنّ نسب رسول الله(صلى الله عليه وآله) انقطع إلاّ منها.

ومنها: أنّ أئمّة المسلمين والدعاة إلى ربِّ العالمين من ذرّيّتها وصادر عن مقدّس ولادتها.

ومنها: أنـّها أفضل من كلّ امرأة كانت أو تكون في الوجود، وهذا فضل عظيم السعود.

ومنها: أ نّها المزوّجة في السماء، والمختصّة بالطهارة والمباهلة، وهي المختارة من سائر النساء.

ومنها: أ نّها المُشرَّفة بنزول المائدة عليها من السماء، وهذا مقام عظيم من مقامات الأنبياء([83])([84]).

 

في أنّها(عليها السلام) أصدق الناس لهجةً:

من الحقائق المألوفة التي أكّدت النصوص الشرعية عليها هي: ظاهرة الصدق، حيث إنّ الصادق في القول هو صادق في علاقته مع الله تعالى، وقد جسّدت الزهراء(عليها السلام)هذه السمة بوضوح، حيث ورد عن عمرو بن دينار قال: قالت عائشة: ما رأيت أحداً قطّ أصدق من فاطمة غير أبيها، قال: وكان بينهما شيء، فقالت: يا رسول الله، سلها فإنّها لا تكذب([85]).

وعن يحيى بن عبّاد، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما رأيت أحداً أصدق لهجةً من فاطمة، إلاّ أن يكون الذي ولدها([86]).

في إيثارها(عليها السلام) الضيف:

إمتداداً للسمات التي تغلّف سلوك فاطمة (عليها السلام) هي: سمة الضيافة، حيث تعبّر الضيافة عن الإهتمام بالآخرين من جهة، وما للإيثار والمحبة من الجانب الآخر، وإليك الحادثة الآتية:

عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) فشكا إليه الجوع، فبعث رسول الله(صلى الله عليه وآله)إلى بيوت أزواجه فقلن: ما عندنا إلاّ الماء، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): مَنْ لهذا الرجل الليلة؟ فقال عليّ بن أبي طالب(عليه السلام): أنا له يا رسول الله، وأتى فاطمة(عليها السلام)فقال: ما عندكِ يا ابنةَ رسول الله؟

فقالت: ما عندنا إلاّ قوت الصِبية، لكنّا نؤثر ضيفنا.

فقال عليٌّ(عليه السلام): يا ابنة محمّد، نَوّمي الصِبية وأطفِئي المصباح، فلمّا أصبح عليّ(عليه السلام)غدا على رسول الله(صلى الله عليه وآله)فأخبره الخبر، فلم يبرح حتّى أنزل الله عزّ وجلّ: (...وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)([87]).

 

في ذكر اعتقاد الشيعة فيها(عليها السلام):

الموقع الذي تحتلّه فاطمة(عليها السلام) عند الله تعالى والمعصومين، ثم تبعاً لذلك عند الشيعة هو: أنّها سيدة نساء العالمين، لذلك قال ابن بابويه: اعتقادنا فيها أنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخِرين، وأنّ الله يغضب لغضبها، ويرضى لرضاها; لأنّ الله فطمها وفطم من أحبّها من النار، وأنّها خرجت من الدنيا ساخطةً على ظالميها وغاصبي حقّها ومن نفى من أبيها إرثها.

وقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): «إنّ فاطمة بَضعة منّي، من آذاها فقد آذاني، ومن غاظها فقد غاظني، ومن سرّها فقد سرّني».

وقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): «إنّ فاطمة بَضعة منّي، وهي روحي الّتي بين جنبيَّ، يسوؤني ما ساءها، ويسرّني مَن سرّها»([88]).

ابن شهرآشوب قال: قال القاضي أبو بكر محمد الكرخي في كتابه عن الصادق(عليه السلام)قال: «قالت فاطمة: لمّا نزلت: (لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً)([89]) هِبتُ رسول الله أن أقول له: يا أبَـةِ، فكنت أقول: يا رسول الله، فأعرض عنّي مرّةً واثنتين أو ثلاثاً، ثمّ أقبل عليّ فقال: يا فاطمة، إنّها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك، أنتِ منّي وأنا منك، إنّما نزلت في أهل الجَفاء والغِلظة من قريش، أصحاب البذخ والكِبر، قولي: يا أبَةِ فإنّها أحيا للقلب وأرضى للربّ»([90]).

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] . أخرجه الخوارزمي في مقتل الحسين: 1/124/63، والطريحي في منتخبه: 28.

[2] . بحار الأنوار: 43/84/7.

[3] . كشف الغمّة: 1/443، دلائل الإمامة: 56، علل الشرائع: 1/215 ـ 216/1.

[4] . كشف الغمّة: 1/443.

[5] . المنيف: ناف الشيء: ارتفع وأشرف. لسان العرب: 9/342 (مادة نوف).

[6] . الباذخ: العالي، ومنه: سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم. مجمع البحرين: 2/429 (مادة بذخ).

[7] . قولها(عليها السلام): «في خِطّتي من الأرض» بالكسر: أي قبري، قال في النهاية: الخِطّة بالكسر: هي الأرض يختطّها الإنسان لنفسه بأن يُعلِم عليها علامةً ويخطّ عليها خطّاً ليعلم أ نّه قد احازها. المجلسي(رحمه الله) في البحار: 83/69.

[8] . الحِظَة: الخطوة والقرب. الصحاح: 6/2316 (مادة حظا).

[9] . يرفت لحمي: رفّتّ الشيء: حطّمته وكسّرته، وفي سورة الإسراء: 49 (أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً)، أي دقاقاً. لسان العرب: 2/34 (مادة رفت).

[10] . أفلج الله حجّته: قوّمها وأظهرها. مختار الصحاح: 213 (مادة فلج).

[11] . أي اجعلنا نتَّبعه في جميع أقواله وأفعاله، قال الفيروزآبادي: قصّ أثره: تتبّعه، وقال: خرج في أثره. القاموس المحيط: 2/4 (مادة الأثر).

[12] . فلاح السائل: 312 - 316 رقم (212)، عنه بحار الأنوار: 83/66/4.

[13] . قال الجوهري: ثأرت القتيل، وبالقتيل ثأراً، وثورة: أي قتلتُ قاتله. يقال: ثأرتك بكذا، أي أدركت به ثأري منك. البحار: 83/88.

[14] . «وفي الغيب»: أي في غيبة الخلق. «والشهادة»: أي عند شهودهم وحضورهم. البحار: 83/88.

[15] . القصد: التوسّط بين الإسراف والتقتير. لسان العرب: 11/179 (مادة قصد).

[16] . بادَ الشيء، يبيد: هلك. مجمع البحرين: 3/18 (مادة بيد).

[17] . إلى وجهك: أي ثوابك وكرامتك، أو وجوه أوليائك والجهة التي منها تخاطب أحباءك، أو المراد بالنظر: النظر بعين القلب. بحار الأنوار: 83/88.

[18] . قال الجوهري: السنن: الطريقة. يقال: استقام فلان على سنن واحد، ويقال: امض على سنّتك وسننك، أي على وجهك. بحار الأنوار: 83/88.

[19] . الكَرُوْبِيّين من الملائكة، قاله في الحديث: «وجبرئيل هو رأس الكروبيّين: بتخفيف الراء، وهم سادة الملائكة والمقرّبون منهم. مجمع البحرين: 2/159 (مادة كرب).

[20] . فلاح السائل: 420 - 424، عنه البحار: 83/85/11.

[21] . في نسخة: «لا  يبلغ».

[22] . قال المجلسي: أي لا  يصير جهلهم سبباً لقلّة حلمه وخفّته ليغضب ويعاجل بالنقمة. بحار الأنوار: 83/105.

[23] . قال الفيروزآبادي: الحول: الحذق وجودة النظر، والقدرة على التصرّف، وجمع الحيلة. القاموس المحيط: 3/497 (مادة حول).

[24] . في نسخة: «تجنّى».

[25] . ذكر المجلسي في البحار: «قامت السموات الشداد» أي المحكمات التي لا يؤثّر فيها مرور الدهور، و«ثبتت الأرضون المهاد» المهاد: الفراش، والوحدة باعتبار كلّ واحدة منها، أو الجميع بمنزلة فراش واحد، وإنّما وُحِّد موافقةً لقوله تعالى:(أَلَمْ نَجْعَلِ الاَْرْضَ مِهَاداً)البحار: 83/105.

[26] . العتيد: الحاضر المهيّأ، يقال: عتد الشيء ـ بالضم ـ عتاداً ـ بالفتح ـ : حضر. مجمع البحرين: 3/98 (مادة عتد).

[27] . «فسوّيت بين الذرّة والعصفور» أي بينهما وبين ما هو أكبر منهما، ولم تغفل عنهما، ولم تتركهما لصغرهما وحقارتهما، أو سوّيت الرزق بين أفراد هذين الصنفين أيضاً ولم تترك واحداً منهما، فكيف بمن هو أعظم منهما؟ بحار الأنوار: 83/106.

[28] . «إذا ضاق المقام» أي في يوم القيامة. بحار الأنوار: 83/106.

[29] . في نسخة: «فقصّر طول».

[30] . أي أطلب الروح منها، أو أستنيم وأسكن إليها واُسكّن خوفي بذكرها. بحار الأنوار: 83/107.

[31] . الكِفل: الحظّ والنصيب، والغرض مضاعفة الثواب. بحار الأنوار: 83/107.

[32] . وفسّر السوء في قصة يوسف بالخيانة، والفحشاء بالزنا، والتعميم هنا أنسب. والضمير في قولها: «فاصرفه» راجع إلى كلّ واحد منهما، والأظهر فاصرفهما. بحار الأنوار: 83/107.

[33] . «إن أتوا برّاً» كأنّه سقط منه ما يتعلّق بالبحر، أو هو كناية عن المجاهرة بالعداوة والمبارزة، قال في النهاية: خرج فلان برّاً: أي خرج إلى البرّ والصحراء، وأبرَّ فلان على أصحابه: أي علاهم. بحار الأنوار: 83/107.

[34] . الفضّ: تفريقك حلقةً من الناس بعد اجتماعهم. لسان العرب: 7/207 (مادة فضض).

[35] . عرقب الدابّة: قطع عرقوبها، العرقوب: عصب موتّر خلف الكعبين. لسان العرب: 9/166 (مادة عرقب).

[36] . الصياصي: الحصون، وكلّ شيء امتنع به وتحصّن به. لسان العرب: 7/457 (مادة صيا).

[37] . فلاح السائل: 420 ـ 424 (الرقم 290)، بحار الأنوار: 83/102/8.

[38] . «وحاصر البحار» أي أحاط بها ومنعها عن الجريان. بحار الأنوار: 83/117.

[39] . ويقال: نضد المتاع، أي وضع بعضه على بعض. بحار الأنوار: 83/117.

[40] . قال الجوهري: الوَكن بالفتح: عشّ الطائر في جبل أو جدار، الأصمعي: الوَكن: مأوى الطائر في غير عشّ، والوكر ـ بالراء ـ بما كان في عشّ، أبـو عمـرو: الوكنة والاُكنة ـ بالضم ـ : مواقع الطير حيث ما وقعت، والجمع وكْنات ووكُنات ووكَنات ووكن. انتهى. بحار الأنوار: 83/118.

[41] . كلاءتك: كلأك الله كلاءةً: أي حفظك وحرسك. قال الله عزّ وجلّ: (قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمنِ) الأنبياء: 42، أي من يحفظكم منه. مجمع البحرين: 1/360، والصحاح 1/69 (مادة كلأ).

[42] . الغِيلة  بالكسر:  الخديعة  والاغتيال،  وفي  الدعاء:  «أعوذ  بك  أن  اُغتال  من  تحتي»  أي اُدهى  من  حيث  لا  أشعر.  لسان  العرب:  10/161  (مادة غيل).

[43] . شحب لونه وجسمه، وشحب شحوبة: تغيّر من هزال، أو عمل، أو جوع، أو سفر. لسان العرب: 7/41 (مادة شحب).

[44] . وفي  الصحاح:  صال  عليه  إذا  استطال،  وصال  عليه  وثب  صولاً وصولة. الصحاح: 5/746 (مادة صول).

[45] . قسره  على  الأمر  قسراً:  أكرهه  عليه  وقهره،  وكذلك  اقتسره  عليه.  الصحاح: 2/791 (مادة قسر).

[46] . خبط  الخابطين:  الخبط:  كل  سير  على  غير  هدى،  وفي  حديث  علي(عليه السلام):  «خبّاط عشـرات»  أي  يخبـط  فـي  الـظلام،  وهـو  الذي  يمشي  في  الليل  بلا  مصباح  ويضلّ،  فهو يخبط  في  عمياء إذا  ركب  أمراً  بجهالة. لسان العرب: 4/16.  (مادة خبط).

[47] . ضرع إليه ـ ويثلّث ضرعاً محركة ـ وضراعة: خضغ وذلّ واستكان. القاموس المحيط: 3/72 (مادة الضرع).

[48] . في حديث علي(عليه السلام): «اللهمّ داحي المدحوّات» أي باسط الأرضين وموسّعها. لسان العرب: 4/303 (مادة دحا).

[49] . جاء في حديث عليٍّ(عليه السلام) «اللهمّ بارئ المسموكات السبع وربّ المدحوّات» فالمسموكات: السماوات السبع، والمدحوّات: الأرضون. لسان العرب: 6/369 (مادة سمك).

[50] . في القاموس: جبلهم الله يجبل خلقهم، وعلى الشيء: طبعه وجبره، انتهى، أي خلق القلوب على قابلياتها المختلفة واستعداداتها المتباينة، أو طبعها على الإيمان به إذا خلّيت وطباعها، كما قال سبحانه وتعالى: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) الروم: 30. وقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): «كلّ مولود يولد على الفطرة». وعبارة «شقيّها وسعيدها» بدل من «القلوب». بحار الأنوار: 83/118.

[51] . قال الجوهري: صدعت بالحقّ: إذا تكلّمت به جهاراً، قوله تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ)الحجر: 94. قال الفرّاء: أراد فاصدع بالأمر، أي أظهر دينك. بحار الأنوار: 83/118.

[52] . النقيبة: النفس والعقل والمشورة ونفاذ الرأي والطبيعة. بحار الأنوار: 83/119.

[53] . في المصدر: «رأيتُ» بدل «وآية».

[54] . والحَباء بالكسر: العطاء، وأسناه: رفعه، والسَنى بالقصر: ضوء البرق، وبالمدّ: الرِفعة. بحار الأنوار: 83/119.

[55] . في المصدر: «منه».

[56] . وفي القاموس: أنت في كنف الله ـ محرَّكة: في حِرزه وستره. القاموس المحيط: 3/258 (مادة كنف).

[57] . أي بأن تسلّطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا  نتحمّله.

[58] . «ربنّا افتح» أي احكم بيننا، «والفتّاح»: القاضي والفتاحة الحكومة، أي وأظهر أمرنا حتّى ينكشف ما بيننا وبينهم، ويتميّز المحقّ من المبطل، من فتح المشكل إذا بيّنه.

[59] . أي أمِتنا محشورين معهم معدودين في زمرتهم. بحار الأنوار: 83/119.

[60] . «ما وعدتنا على رسلك» أي على تصديقهم، أو على ألسنتهم، أو منزّلاً عليهم. بحار الأنوار: 83/119.

[61] . أي لاتؤاخذنا بما أدّى بنا إلى النسيان أو الخطأ من تفريط وقلّة مبالاة. بحار الأنوار: 83/119.

[62] . أي عبئاً ثقيلاً يأصر صاحبه، أي يحبسه في مكانه يريد التكاليف الشاقة. بحار الأنوار: 83/119.

[63] . أي من البلاء والعقوبة أو التكاليف الشاقة. بحار الأنوار: 83/119.

[64] . «في الدنيا حسنة» أي رحمة حسنة تصلح بها اُمور دنياي وكذا في الآخرة، وقيل: الحسنة: الدنيا الصالحة والكفاف وتوفيق الخير.

                والآخرة: الثواب والرحمة، وفي بعض الروايات: حسنة الدنيا: المرأة الصالحة، والآخرة: الحوراء. بحار الأنوار: 83/119.

[65] . فلاح السائل: 440 ـ 444 الرقم (303)، عنه بحار الأنوار: 83/115/2.

[66] . مهج الدعوات: 178.

[67] . مُهج الدعوات: 177.

[68] . أي: لا يؤثّر. النهاية لابن الأثير. وفي لسان العرب: 3/421 (مادة حيك): ما يحيك كلامك في فلان: أي ما يؤثّر. ولا  يحيك الفأس ولا  القدوم في هذه الشجرة.

[69] . دلائل الإمامة للطبري: 10، مهج الدعوات: 176 ـ 177.

[70] . ثواب الأعمال: 197/3.

[71] . ثواب الأعمال: 196/1.

[72] . ينابيع المودّة: 2/139/393.

[73] . أعيان الشيعة: 2/431.

[74] . بشارة المصطفى: 251.

[75] . وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى: 1/331.

[76] . الهدي والدَلّ متقاربا المعنى، وهما من السكينة والوقار في الهيئة والمنظر والشمائل، والسَمت بمعناهما، يقال: ما أحسن سمته: أي هديه. راجع ذخائر العقبى.

[77] . أخرجه المحب الطبري في ذخائر العقبى: 40، وانظر: السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)للدكتور بيّومي مهران: 15.

[78] . السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام): 15.

[79] . السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام): 113.

[80] . العقد الفريد: 3/184، مقتل الحسين للخوارزمي: 1/93/7.

[81] . مناقب ابن شهرآشوب: 3/405.

[82] . أمالي الشيخ الطوسي: 333/669.

[83] . إقبال الأعمال: 110.

[84] . ومن سائر خصائصها وفضائلها: أخرج المحبّ الطبري عن ثوبان قال: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله)إذا سافر آخر عهده إتيان فاطمة، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة(عليها السلام)، خرّجه أحمد.

                وعن ثعلبة قال: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذا قدم من غزو أو سفر بدأ بالمسجد فصلّى فيه ركعتين، ثمّ أتى فاطمة، ثمّ أتى أزواجه. خرّجه أبو عمر، انظر: ذخائر العقبى: 37.

[85] . حلية الأولياء لأبي نعيم: 2/41.

[86] . الاستيعاب: في ترجمة الزهراء(عليها السلام)، ذخائر العقبى: 44، مقتل الحسين للخوارزمي: 96/15.

[87] . أمالي الطوسي: 185/309، والآية: 9 من سورة الحشر.

[88] . الاعتقادات للصدوق: 147.

[89] . النُور: 63.

[90] . مناقب ابن شهرآشوب: 3/367.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page