• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في ذكر مَن خطبها(عليها السلام) وموقف النبيّ(صلى الله عليه وآله)من ذلك، وخطبتها من عليٍّ(عليه السلام)

 

 

 

 

 

في ذكر مَن خطبها(عليها السلام) وموقف النبيّ(صلى الله عليه وآله)من ذلك، وخطبتها من عليٍّ(عليه السلام) و انها كفؤٌ له، و قدر مهرها، و كيفية تزويجها، و ....

 

في ذكر من خطبها(عليها السلام) وموقف النبيّ(صلى الله عليه وآله) من ذلك:

من الحقائق الثابتة تأريخياً أنّ أمر تزويج الزهراء(عليها السلام) كان موكولاً إلى الله تعالى، لذلك ردّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كلَّ من خطبها من الصحابة حتى جاء دور الإمام عليّ(عليه السلام)، وصدر من السماء الأمر بتزويجها(عليها السلام) من عليٍّ(عليه السلام)، وفي هذا السياق أي امتناع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من تزويج فاطمة وردّه (صلى الله عليه وآله) لمن خطبها من غير عليّ(عليه السلام) ورد:

عن اُمِّ سلمة وسلمان الفارسي (رضي الله عنه) وعليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وكلٌّ قالوا: إنّه لمّا أدركت فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) مدرك النساء خطبها أكابر قريش من أهل الفضل والسابقة في الإسلام والشرف والمال، وكان كلّما ذكرها رجل من قريش لرسول الله(صلى الله عليه وآله) أعرض عنه رسول الله(صلى الله عليه وآله)بوجهه، حتّى كان الرجل منهم يظنّ في نفسه أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) ساخط عليه، أو قد نزل على رسول الله(صلى الله عليه وآله)فيه وحي من السماء.

ولقد خطبها من رسول الله(صلى الله عليه وآله) أبو بكر، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): أمرها إلى ربّها. وخطبها بعد أبي بكر عمر بن الخطّاب، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله) كمقالته لأبي بكر ... الحديث([1]).

وعن ابن عباس: كانت فاطمة بنت رسول الله تُذكر، فلا يذكرها أحد لرسول الله(صلى الله عليه وآله) إلاّ أعرض عنه، وقال: «أتوقّع الأمر من السماء، إنّ أمرها إلى الله تعالى»([2]).

وفي حديث أحمد بن حنبل: إنّ أبا بكر لمّا خطبها سكت النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فرجع إلى عمر فقال: هلكت وأهلكت، قال: وما ذاك؟ قال: خطبت فاطمة إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)فأعرض عنّي، قال عمر: مكانك حتّى آتي النبيّ(صلى الله عليه وآله) فأطلب مثل الّذي طلبت، فأتى عمر النبيّ(صلى الله عليه وآله) فقعد بين يديه فقال: يا رسول الله، قد علمت مناصحتي... ـ إلى أن قال: ـ تزُوِّجُني فاطمة، فسكت عنه، فرجع إلى أبي بكر فقال: إنّه ينتظر أمر الله بها([3]).

وعن أنس بن مالك قال: خطب أبو بكر إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) بنته فاطمة، فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): «يا أبا بكر، لم ينزل القضاء بعد»، ثمّ خطبها عمر مع عدّة من قريش كلّهم يقول له مثل قوله لأبي بكر ... الحديث([4]).

وعن عبدالله بن يزيد عن أبيه قال: خطب أبو بكر وعمر فاطمة، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّها صغيرة»، فخطبها عليّ (رضي الله عنه)فزوّجها منه([5]).

وعن أنس قال: إنّ أبا بكر خطب فاطمة فأعرض النبيّ(صلى الله عليه وآله) عنه، ثمّ خطبها عمر بن الخطاب فأعرض عنه، وقال: أنتظر أمر الله فيها ... الحديث([6]).

وابن شهرآشوب قال: قد اشتهر في الصحاح بالأسانيد عن أميرالمؤمنين(عليه السلام)وابن عباس وابن مسعود وجابر الأنصاري وأنس بن مالك والبرّاء بن عازب واُمّ سلمة بألفاظ مختلفة ومعاني متّفقة: أنّ أبا بكر وعمر خطبا إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)فاطمة مرّةً بعد اُخرى فردّهما([7]).

وكذلك ردّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) سواهما، من أمثال عثمان وابن عوف حيث ورد عن أنس ابن مالك قال: ورد عبدالرحمن بن عوف الزهري وعثمان بن عفّان إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فقال له عبدالرحمن: يا رسول الله، تُزوّجني فاطمة ابنتك وقد بذلت لها من الصداق مائة ناقة سوداء، زرق الأعين، محمّلة كلّها قباطي([8]) مصر، وعشرة آلاف دينار؟ ولم يكن من أصحاب رسول الله أيسر من عبدالرحمن وعثمان.

وقال عثمان: بذلت لها ذلك، وأنا أقدم من عبدالرحمن إسلاماً! فغضب النبيّ(صلى الله عليه وآله)من مقالتيهما! ثمّ تناول كفّاً من الحصى فحصب([9]) به عبدالرحمن، وقال له: إنّك تهوّل عليَّ بمالك! قال: فتحوّل الحصى درّاً، فقوّمت درّة من تلك الدرر فإذا هي تفي بكلّ ما يملكه عبدالرحمن ... الحديث([10]).

 

خطبة عليّ بن أبي طالب لفاطمة(عليهما السلام):

كما لاحظنا فإنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) ردّ طلب الأشخاص المشار إليهم لمعرفته بهم من جانب، وانتظاره لأوامر الله تعالى بتزويجها من علي(عليه السلام) من جانب آخر، وفي هذا السياق وردت نصوص متنوعة ـ مع تفاوت في مضموناتها ـ ، إلاّ أنّها تصبّ جميعاً في تزويجها(عليها السلام) لعلي (عليه السلام) ومن هذه النصوص:

ورد عن اُمِّ سلمة وسلمان الفارسي في خبر: أنّ أبا بكر وعمر كانا ذات يوم جالسَينِ في مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ومعهما سعد بن معاذ الأنصاري ثمّ الأوسي، فتذاكروا أمر فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال أبو بكر: لقد خطبها الأشراف من رسول الله(صلى الله عليه وآله)فقال: إنّ أمرها إلى ربّها إن شاء أن يزوّجها زوّجها، وإنّ عليّ بن أبي طالب لم يخطبها من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولم يذكرها له، ولا أراه يمنعه من ذلك إلاّ قلّة ذات اليد، وإنـّه ليقع في نفسي أنّ الله ورسوله إنّما يحبسانها عليه.

قال: ثمّ أقبل أبو بكر على عمر بن الخطاب وعلى سعد بن معاذ فقال: هل لكما في القيام إلى عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) حتّى نذكر له هذا ... ـ إلى أن قال : ـ

قال سلمان الفارسي: فخرجوا من المسجد فالتمسوا عليّاً في منزله فلم يجدوه ... ـ إلى أن قال : ـ فانطلقوا نحوه فلمّا نظر إليهم عليّ(عليه السلام) قال: ما وراءكم؟ وما الّذي جئتم له؟

فقال أبو بكر: يا أبا الحسن، إنّه لم تبقَ خصلة من خصال الخير إلاّ ولك فيها سابقة وفضل، وأنت من رسول الله(صلى الله عليه وآله)بالمكان الّذي قد عُرِفتَ من القرابة والصحبة والسابقة، وقد خطب الأشراف من قريش إلى رسول الله ابنته فاطمة فردّهم وقال: إنّ أمرها إلى ربّها إن شاء أن يزوّجها زوّجها، فما يمنعك أن تذكرها لرسول الله(صلى الله عليه وآله)وتخطبها منه؟ فإنّي لأرجو أن يكون الله عزّ وجلّ ورسوله إنّما يحبسانها عليك...

قال سلمان الفارسي: ثمّ إنّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) حلّ عن ناضحه وأقبل يقوده إلى منزله، فشدّه فيه ولبس نعله وأقبل إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فكان رسول الله(صلى الله عليه وآله)في منزل زوجته اُمّ سلمة بنت أبي اُميّة بن المغيرة المخزومي، فدقّ عليّ الباب، فقالت اُمّ سلمة: مَن بالباب؟ فقال لها رسول الله(صلى الله عليه وآله) ـ من قبل أن يقول عليٌّ: أنا عليٌّ ـ : قومي يا اُمّ سلمة فافتحي له الباب ومُريه بالدخول، فهذا رجل يحبّه الله ورسوله ويحبّهما.

فقالت اُمّ سلمة: فداك أبي واُمّي، ومَن هذا الّذي تذكر فيه هذا وأنت لم تره؟ فقال: مَه يا اُمَّ سلمة، فهذا رجل ليس بالخَرِق ولا بالنَزِق، هذا أخي وابن عمّي وأحبُّ الخلق إليّ.

قالت اُمّ سلمة : فقمت مبادرةً أكاد أن أعثر بمرطي([11]) ، ففتحت الباب فإذا أنا بعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) ، ووالله ما دخل حين فتحت حتّى علم أني قد رجعت إلى خِدري.

ثمّ أنّه دخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال: السّلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال له النبيّ: وعليك السّلام يا أبا الحسن، اجلس.

قالت اُمّ سلمة: فجلس عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) بين يدي رسول الله(صلى الله عليه وآله)وجعل ينظر إلى الأرض كأنّه قصد لحاجة وهو يستحي أن يبديَها فهو مطرق إلى الأرض حياءً من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقالت اُمّ سلمة: فكأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)علم ما في نفس عليٍّ، فقال له: يا أبا الحسن، إنّي أرى أنّك أتيت لحاجة فقل ما حاجتك؟ وأبدِ ما في نفسك، فكلّ حاجة لك عندي مقضيّة.

قال عليّ بن أبي طالب(عليه السلام): «فقلت: فداك أبي واُمّي، إنّك لتعلم أنّك أخذتني من عمّك أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد وأنا صبيّ ... ـ إلى أن قال : ـ وإنّك والله يا رسول الله ذُخري وذَخيرتي في الدنيا والآخرة، يا رسول الله، فقد أحببتُ مع ما (قد) شدّ الله من عضدي بك أن يكون لي بيت وأن تكون لي زوجة أسكن إليها، وقد أتيتك خاطباً راغباً أخطب إليك ابنتك فاطمة، فهل أنت مزوِّجي يا رسول الله؟».

قالت اُمّ سلمة: فرأيت وجه رسول الله(صلى الله عليه وآله) يتهلّل فرحاً وسروراً، ثمّ تبسّم في وجه عليٍّ(عليه السلام) فقال: يا أبا الحسن، فهل معك شيء اُزوِّجك به؟ فقال له عليّ(عليه السلام): فداك أبي واُمّي، والله ما يخفى عليك من أمري شيء، أملك سيفي ودرعي وناضحي، وما أملك شيئاً غير هذا.

فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا عليّ، أمّا سيفك فلا غِنى بك عنه، تجاهد به في سبيل الله وتقاتل به أعداء الله، وناضحك تنضح به على نخلك وأهلك وتحمل عليه رحلك في سفرك، ولكنّي قد زوّجتك بالدرع ورضيت بها منك ...» الحديث([12]).

وقال الصبّان: وكان قد خطبها قبله أبو بكر وعمر فأعرض(صلى الله عليه وآله) عنهما، فلمّا خطبها عليّ أجابه([13]).

ورد عن ابن حماد(رضي الله عنه): وعن ابن بريدة ـ وهو عبدالله ـ عن أبيه(رضي الله عنه) قال: إنّ نفراً من الأنصار قالوا لعليٍّ(رضي الله عنه): لو كانت عندك فاطمة! فدخل على النبيّ(صلى الله عليه وآله) ليخطبها، فقال: ما حاجتك؟ قال: ذكرت فاطمة ] بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)[، قال: مرحباً وأهلاً ]لم يزد عليها[، فخرج إلى الرهط من الأنصار ينتظرونه، فقالوا: ما قال لك النبيّ(صلى الله عليه وآله)؟ قال: قال لي: مرحباً وأهلاً. قالوا: يكفيك هذا القول ... الحديث([14]).

وابن شهرآشوب قال: ولمّا خطب عليّ(عليه السلام) قال: «سمعتك يا رسول الله تقول: كلّ سبب ونسب منقطع إلاّ سببي ونسبي، فقال النبيّ: أمّا السبب فقد سبّب الله، وأمّا النسب فقد قرّب الله، وهَشَّ وبَشَّ([15]) في وجهه وقال: ألَكَ شيء اُزوّجك منها؟ فقال: لا يخفى عليك حالي، إنّ لي فرساً وبغلاً وسيفاً ودرعاً، فقال: بِعِ الدِرعَ»([16]).

في أنّ اللّه تعالى لو لم يخلق عليّاً(عليه السلام) ما كان لفاطمة(عليها السلام) كُفؤٌ أبداً:

قلنا في بداية هذا الفصل، أنّ أمرالتزويج من فاطمة الزهراء(عليها السلام)، مرهون بيد الله تعالى، وسبب ذلك هو معرفته تعالى سلفاً بحقائق علي (عليه السلام) والزهراء (عليها السلام)ولذلك ورد عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: سمعته يقول: «لولا أنّ الله خلق أمير المؤمنين لفاطمة(عليهما السلام) ما كان لها كُفؤ في الأرض»([17]).

قال شاعر أهل البيت(عليهم السلام)ابن حمّاد من قصيدة له مادحاً عليّاً وفاطمة(عليهما السلام):

زُوِّجتَ فاطمةً لأنّكَ كُفؤُها***والنور للنور المضيء مناسبُ

واللهُ كان وليَّها في عرشهِ***والروحُ جِبريلُ الأمين الخاطبُ

فالبدرُ والشمسُ المنيرةُ أنتما***وبنوكُما للعالمينَ كواكبُ([18])

 

في أنّ زواجـها(عليها السلام) كان بأمر اللّه ووحـي منه :

من هنا، أي: بما أنّ فاطمة الزهراء لا كفؤ لها إلاّ عليّ(عليه السلام)، أو أنّ عليّاً(عليه السلام) لا كفؤ له إلاّ فاطمة(عليها السلام) ورد الأمر من الله تعالى بتزويج علي منها أو فاطمة منه، وفي هذا الميدان ورد عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّ الله تعالى فضّلني بالنبوّة، وفضّل عليّاً بالإمامة، وأمرني أن اُزوّجه ابنتي، فهو أبو ولدي وغاسل جثّتي وقاضي دَيني، ووليّه وليّي، وعدوّه عدوّي»([19]).

وعن عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ما زوّجت فاطمة إلاّ لِما أمرني الله بتزويجها»([20]).

وعن ابن مسعود: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال: «إنّ الله تبارك وتعالى أمرني أن اُزوّج فاطمة من عليٍّ»([21]).

وعن عليّ(عليه السلام) قال: «نزل جبرائيل فقال: يا رسول الله، إنّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تُزوّج فاطمة من عليٍّ»([22]).

وعنه(عليه السلام) مرفوعاً في حديث قال: «فأتاه جبرئيل(عليه السلام) فقال: يا محمد، زوّجها عليَّ بن أبي طالب، فإنّ الله قد رضيها له ورضيه لها»([23]).

قال شاعر أهل البيت(عليهم السلام) ابن حمّاد(رحمه الله) مشيراً إلى هذا الجانب، وإلى ما واكب هذا الموضوع، من قضايا أشرنا إليها:

وقصة القوم لمّا أقبلوا طمعاً***لفاطم من رسول الله خُطّابا

قالوا: نسوق إليك المالَ تَكرُمةً***وأرغبوا في عظيم المال إرغابا

فقال: ما في يدي من أمرها سبب***والله أولى بها أمراً وأسبابا

وجاءه المرتضى من بعدُ يخطبها***فارتدّ مستحيياً منه وقد هابا

وقام منصرفاً قال النبيّ له***وقد كسا من حياه الطهر جلبابا

أجئتني تخطب الزهراء؟ قال: نعم،***فقال: حُبّاً وإكراماً وإيجابا

هل في يديك لها مهر؟ فقال له:***ما كنت أذخر أموالاً وأنشابا

فقال: هاتيك درعك ما فعلت بها؟***فقال: ها هي ذي للخطب إن نابا

فقال: نرضى بها مهراً، فزوّجه***وفاز من فاز لمّا خاب مَن خابا([24])

عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّما أنا بشر مثلكم أتزّوج فيكم واُزوّجكم، إلاّ فاطمة فإنّ تزويجها نزل من السماء»([25]).

وامتداداً لتجسُّد ظاهرة زواج فاطمة(عليها السلام) من عليٍّ(عليه السلام) وردت نصوص متنوعة تشير إلى موقف علي(عليه السلام)، ثمّ ما واكب ذلك من حفاوة السماء وملائكتها بهذا الموضوع، حيث ورد عن عليٍّ(عليه السلام)قال: «لقد هممت بتزويج فاطمة الزهراء(عليها السلام) بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)حيناً، وإنّ ذلك متخلّل في قلبي ليلي ونهاري ولم أجرأ أن أذكر ذلك لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، حتّى دخلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله)ذات يوم فقال لي: يا عليّ، قلت: لبيك يا رسول الله، فقال: هل لك في التزويج؟ فقلت: رسول الله أعلم إذا هو يريد أن يزوّجني بعض نساء قريش. وإنّي لخائف على فوت فاطمة، فما شعرت بشيء يوماً إذ أتاني رسولُ رسولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله)فقال لي: يا عليّ، أجب رسول الله(صلى الله عليه وآله)وأسرع، فما رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله)بأشدّ فرحاً منه اليوم!

فقال عليّ بن أبي طالب: فأتيته مسرعاً فإذا هو في حجرة اُمّ سلمة، فلمّا نظر رسول الله(صلى الله عليه وآله) تهلّل وجهه وتبسّم حتّى نظرت إلى أسنانه تبرق، فقال: أبشِر يا عليّ فإنّ الله قد كفاني ما كان قد أهمّني من أمر تزويجك، قلت: وكيف ذلك يا رسول الله؟ فقال: أتاني جبرئيل ومعه من سنبل الجنّة وقرنفلها وناولَنيها فأخذتها وشممتها فقلت له: يا جبرئيل، ما سبب هذا السنبل والقرنفل؟

فقال: إنّ الله تبارك وتعالى أمر سكّان الجنّة من الملائكة ومن فيها أن يزيِّنوا الجنّة بمغارسها وأشجارها وأثمارها وقصورها، وأمر ريحاً فهبّت بأنواع الطِيب والعطر.

فأمر حور عينها بالقراءة فيها بسورة «طه» و«يس» و«طور سينين» و«عسق»، ثمّ نادى مناد من تحت العرش: ألا إنّ اليوم يوم وليمة عليّ بن أبي طالب، ألا إنّي اُشهدكم أنّي قد زوّجت فاطمة بنت محمد بن عبدالله إلى عليّ بن أبي طالب رضاً منّي بعضهم لبعض.

ثمّ بعث الله سبحانه سحابةً بيضاء فقطّرت عليهم من لؤلؤها ويواقيتها وزبرجدها، فقامت الملائكة فتناثرت من سنبل الجنّة وقرنفلها، وهذا ممّا نثرت الملائكة([26]).

 

في مشاورته(صلى الله عليه وآله) لها(عليها السلام) قبل تزويجها:

ما تقدّم يجسّد موقف الإمام علي(عليه السلام) وأمّا بالنسبة إلى فاطمة(عليها السلام)، فإن النصوص الآتية توضّح الموقف بجلاء، بعد أن تشير إلى ما سبق ذكره من أنّ الكثيرين تقدّموا إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) للزواج منها، وأنّه(صلى الله عليه وآله) استجاب لعلي(عليه السلام)، ثمّ أنّه استشار فاطمة الزهراء(عليها السلام)، فكان سكوتها جواباً ايجابياً، حيث ورد عن عطاء بن أبي رباح قال: لمّا خطب عليّ فاطمة(عليها السلام) أتاها رسول الله (صلى الله عليه وآله)فقال: «إنّ عليّاً قد ذكركِ» فسكتت، فزوّجها.([27])

وعن الضحّاك بن مزاحم قال: سمعت عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) يقول: «أتاني أبو بكر وعمر فقالا: لو أتيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) فذكرت له فاطمة، قال: فأتيته، فلمّا رآني رسول الله(صلى الله عليه وآله) ضحك ثمّ قال: ما جاء بك يا أبا الحسن وما حاجتك؟ قال: فذكرت له قرابتي وقِدَمي في الإسلام ونُصرتي له وجهادي، فقال: يا عليّ، صدقت فأنت أفضل ممّا تذكر.

فقلت: يا رسول الله، فاطمة تزوّجنيها؟ فقال: يا عليّ، إنّه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رسلك حتى أخرج إليك، فدخل عليها فقامت إليه ... ـ إلى أن قال : ـ ثمّ قعدت فقال لها: يا فاطمة، فقالت: لبّيك، حاجتك يا رسول الله؟

قال(صلى الله عليه وآله): إنّ عليّ بن أبي طالب مَن قد عرفت قرابته وفضله وإسلامه، وإنّي قد سألت ربّي أن يُزوّجك خير خلقه وأحبّهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئاً فما ترين؟ فسكتت ولم تُوَلِّ وجهها، ولم يَرَ فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) كراهة، فقام وهو يقول: الله أكبر سكوتها إقرارها ...» الحديث([28]).

قال الدكتور محمد بيّومي مهران: يُروى أنّ أبا بكر وعمر خطبا الزهراء من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال لكلٍّ منهما: «أنتظر بها القضاء»، أو قال: «إنّها صغيرة»، كما جاء في سنن النسائي عن بريدة(رضي الله عنه) قال: خطب أبو بكر وعمر فاطمة، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّها صغيرة»، فخطبها عليٌّ فزوّجها منه، ولمّا جاء عليّ بالدراهم إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)وضعها في حجر النبيّ(صلى الله عليه وآله) فقبض منها قبضة فقال: «أي بلال، ابتغِ لنا طِيباً»، وأمرهم أن يجهّزوها.

وفي رواية اُخرى عن الإمام أحمد عن عكرمة: أنّ عليّاً خطب فاطمة فقال له النبيّ(صلى الله عليه وآله): ما «تصدقها؟»، قال: «ما عندي ما أصدقها»، قال: «فأين درعك الحطميّة الّتي كنت منحتك؟»، قال: «عندي»، قال: «أصدقها إيّاها»، قال: فأصدقها وتزوّجها.

وجاء في أنساب الأشراف للبلاذري: فباع بعيراً ومتاعاً فبلغ من ذلك أربعمائة درهم وثمانين، ويقال: أربعمائة درهم، فأمره أن يجعل ثلثها في الطِيب، وثلثها في المتاع، ففعل.

وروى ابن عساكر عن أنس أ نّه قال: خطب عليّ فاطمة بعد أن خطبها أبو بكر وعمر، فقال(صلى الله عليه وآله) لعليٍّ: «قد أمرني ربّي أن اُزوِّجها منك».

وروى الطبراني مرفوعاً برجال ثقات: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّ الله أمرني أن اُزوّج فاطمة من عليّ».

وفي طبقات ابن سعد: أنّ أبا بكر وعمر لمّا خطبا فاطمة فإنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال: «هي لك يا عليّ لستُ بدجّال». يعني لستُ بكذّاب، لأنّه كان قد وعد عليّاً بها قبل أن يخطبها([29]).

وعن أنس بن مالك قال: كنت عند رسول الله(صلى الله عليه وآله) فغشيه الوحي، فلمّا أفاق قال لي: «يا أنس، أتدري ما جاء به جبريل(عليه السلام) من صاحب العرش عزّ وجلّ؟»، قلت: بأبي أنت واُمّي، ما جاء به جبريل؟ قال: «قال لي: إنّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تزوّج فاطمة من عليّ».

ثمّ إنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال له: «انطلق وادعُ لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، وبعدّتهم من الأنصار». قال: فانطلقت فدعوتهم، فلمّا أخذوا مجالسهم قال(صلى الله عليه وآله)بعد أن حمد الله وأثنى عليه: «إنّ الله جعل المصاهرة سبباً لاحقاً، وأمراً مفترضاً، أوشج به الأرحام، وألزم الأنام، فقال عزّ من قائل: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً)([30]) فأمرُ الله تعالى يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكلِّ قدر أجل، ولكلّ أجل كتاب (يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)([31])، ثمّ إنّ الله تعالى أمرني أن اُزوِّج فاطمة بنت خديجة من عليّ بن أبي طالب، فاشهدوا عَلَيَّ أنّي زوّجته على أربعمائة مثقال فضّة، إن رضي بذلك على السنّة القائمة والفريضة الواجبة فجمع الله شملهما وبارك لهما وأطال نسلهما، وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة، ومعادن الحكمة، وأمن الاُمّة، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم».

قال أنس: وكان عليّ(عليه السلام) غائباً في حاجة لرسول الله(صلى الله عليه وآله) قد بعثه فيها، ثمّ أمرلنا بطبق فيه تمر فوضع بين أيدينا، فقال(صلى الله عليه وآله): «انتهبوا»، فبينما نحن كذلك إذأقبل عليّ ، فتبسّم له رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقال: «يا عليّ، إنّ الله أمرني أن اُزوِّجك فاطمة، وإنّي زوّجتكها على أربعمائة مثقال فضّة»، فقال عليّ(عليه السلام): «رضيت يا رسول الله» .

ثمّ إنّ عليّاً خرّ ساجداً شكراً لله، فلمّا رفع رأسه قال الرسول(صلى الله عليه وآله): «بارك الله لكما، وأسعدَ جِدّكما، وأخرج منكما الكثير الطيّب». قال أنس: وواللهِ لقد أخرج منهما الكثير الطيّب.

وروى الطبراني والخطيب عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «لم يبعث الله نبيّاً قطّ إلاّ جعل ذرّيته من صلبه، غيري([32])، فإنّ الله جعل ذرّيتي من صلب عليِّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)»([33]).

في تزويجها(عليها السلام) في الأرض وخطبة النبيّ(صلى الله عليه وآله) وعليّ(عليه السلام) من طرق الخاصّة:

لقد تحدّثنا عن المواقف والأحداث التي واكبت زواج الزهراء(عليها السلام)، والآن نقدم نصوصاً جديدة تضيف إلى ما تقدم خطاب النبيّ(صلى الله عليه وآله) وما سبقه ولحقه من مواقف وأحداث، عن طرق الخاصة والعامة، حيث ورد بالنسبة إلى طرق الخاصة ما يلى:

أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بالإسناد يرفعه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه(عليهم السلام)، عن جابر قال: «لمّا أراد رسول الله أن يزوِّج فاطمة عليّاً(عليه السلام)قال له: اخرج يا أبا الحسن إلى المسجد فإنّي خارج في أثرك ومزوّجك بحضرة الناس، وذاكر من فضلك ما تقرّ به عينك، قال عليّ (عليه السلام): فخرجت من عند رسول الله وأنا ممتلئ فرحاً وسروراً، فاستقبلني أبو بكر وعمر، فقالا: ما وراءك يا أبا الحسن؟ فقلت: يزوّجني رسول الله فاطمة، وأخبرني أنّ الله زوّجنيها، وهذا رسول الله خارج في أثري ليذكر بحضرة الناس، ففرحا وسُرّا، ودخلا معي المسجد.

] قال عليّ(عليه السلام):[ فوالله ما توسّطناه حتّى لحق بنا رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وإنّ وجهه ليتهلّل فرحاً وسروراً.

فقال(صلى الله عليه وآله): أين بلال؟ فقال: لبيك وسعديك، فقال: وأين المقداد؟ فلبّاه، فقال: وأين سلمان؟ فلبّاه، فلمّا مَثُلُوا بين يديه قال: انطلقوا بأجمعكم إلى جنبات المدينة، واجمعوا المهاجرين والأنصار والمسلمين، فانطلقوا لأمره، فأقبل حتّى جلس على أعلى درجة من منبره، فلمّا حشد المسجد بأهله قام(صلى الله عليه وآله)، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: الحمد لله الّذي رفع السماء فبناها، وبسط الأرض ودحاها، وأثبتها بالجبال فأرساها، وتجلّل عن تحبير لغات الناطقين، وجعل الجنّة ثواب المتّقين، والنار عقاب الظالمين، وجعلني رحمةً للمؤمنين، ونقمةً على الكافرين.

عباد الله، إنّكم في دار أمل، بين حياة وأجل، وصحّة وعلل، دار زوال، متقلّبة الحال، جعلت سبباً للارتحال، فرحم الله امرءاً قصّر من أمله، وجدّ في عمله، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوّته فقدّمه ليوم فاقته، يوم تُحشر فيه الأموات، وتخشع فيه الأصوات، وتُنكر الأولاد والاُمّهات، (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَاهُم بِسُكَارَى)([34]).

(يَوْمَئِذ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ)([35])، (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْس مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْر مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً)([36])، (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة شَرّاً يَرَهُ)([37]). يوم تبطل فيه الأنساب، وتقطّع الأسباب، ويشتدّ فيه على المجرمين الحساب، ويُدفعون إلى العذاب، (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)([38]).

أيّها النّاس، إنّما الأنبياء حجج الله في أرضه، الناطقون بكتابه، العاملون بوحيه، وإنّ الله عزّ وجلّ أمرني أن اُزوّج كريمتي فاطمة بأخي وابن عمّي وأولى الناس بي عليّ بن أبي طالب، والله عزّ شأنه قد زوّجه بها في السماء، وأشهد الملائكة، وأمرني أن اُزوّجه في الأرض، واُشهدكم على ذلك.

ثمّ جلس وقال: قم يا عليّ واخطب لنفسك، فقال عليّ: أأخطب يا رسول الله وأنت حاضر؟! فقال: اخطب، فهكذا أمرني جِبرئيل أن آمرك تخطب لنفسك، ولولا أنّ الخطيب في الجنان داود لكنتَ أنت يا عليّ.

ثمّ قال (صلى الله عليه وآله): أيّها الناس، اسمعوا قول نبيّكم، إنّ الله بعث أربعة آلاف نبيّ، ولكلّ نبيٍّ وصيّ، فأنا خير الأنبياء، ووصيّي خير الأوصياء.

ثمّ أمسك(صلى الله عليه وآله)، وابتدأ ] عليّ[ 7فقال: الحمد لله الّذي ألهم بفواتح علمه الناطقين، وأنار بثواقب عظمته قلوب المتّقين، وأوضح بدلائل أحكامه طرق السالكين، وأبهج بابن عمّيَ المصطفى العالمين، حتّى علت دعوته دعوة الملحدين، واستظهرت كلمته على بواطن المبطلين، وجعله خاتم النبيّين، وسيّد المرسلين، فبلّغ رسالة ربّه، وصدع بأمره، وأنار من الله آياته.

فالحمد لله الّذي خلق العباد بقدرته، وأعزّهم بدينه، وأكرمهم بنبيّه محمّد(صلى الله عليه وآله)، ورحم وكرم وشرف وعظم. والحمد لله على نعمائه وأياديه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله شهادة إخلاص ترضيه، واُصلّي على نبيّه محمّد صلاةً تزلفه وتحظيه.

وبعد: فإنّ النكاح ممّا أمر الله تعالى به، وأذن فيه، ومجلسنا هذا ممّا قضاه الله تعالى ورضيه، وهذا محمد بن عبدالله رسول الله زوّجني ابنته فاطمة على صداق أربعمائة درهم ودينار، وقد رضيت بذلك، فاسألوه واشهدوا.

فقال المسلمون: زوّجتَهُ يا رسول الله؟ قال: نعم، قال المسلمون: بارك الله لهما وعليهما، وجمع شملهما»([39]).

 

في أنّ تزويجها(عليها السلام) كان بمحضر من الملائكة من طرق العامة:

ذكرنا في حقل سابق أمر الله تعالى بتزويج فاطمة(عليها السلام)، وحفاوة السماء وملائكتها بذلك، ونضيف الآن خبراً جديداً يشير إلى التزويج بمحضر من الملائكة:

المحبّ الطبري قال: عن عليٍّ(رضي الله عنه) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أتاني مَلَك فقال: يا محمد، إنّ الله تعالى يقرأ عليك السلام ويقول لك: إنّي قد زوّجت فاطمة ابنتك من عليّ بن أبي طالب في الملأ الأعلى فزوّجها منه في الأرض».

وفيه: عن أنس قال: بينما رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المسجد إذ قال لعليّ: «هذا جِبرئيل يُخبرني أنّ الله زوّجكَ فاطمةَ وأشْهَدَ على تزويجها أربعين ألف مَلَك..» الحديث([40]).

 

في ذكر تزويجها(عليها السلام) في الأرض من طرق العامة وخطبة النبيّ(صلى الله عليه وآله):

تقدّم الحديث عن الزواج وملابساته عن طرق الخاصّة وإليك ما ورد عن العامة:

روى القندوزي الحنفي عن أنس: قال: كنتُ عند النبيّ(صلى الله عليه وآله) فغشيه الوحي، فلمّا أفاق قال لي: «يا أنس، أتدري بما جاءني به جبرائيل من عند صاحب العرش عزّ وجلّ؟» قلت: بأبي واُمّي بِمَ جاءك جبرائيل؟

قال: «قال جبرائيل: إنّ الله يأمرك أن تزوّج فاطمة بعليّ، فانطلق فادعُ لي أبابكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير ونفراً من الأنصار»، قال: فانطلقت فدعوتهم، فلمّا أن أخذوا مقاعدهم قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «الحمد لله المحمود بنعمته... الخطبة»([41]).

ابن حجر الهيثمي قال: أخرج أبو علي الحسن بن شاذان: أنّ جبرئيل جاء إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)فقال: «إنّ الله يأمرك أن تزوِّج فاطمة من عليٍّ، فدعا(صلى الله عليه وآله)جماعةً من أصحابه، فقال: الحمد لله المحمود بنعمته...» (وذكر الخطبة المشهورة): ثم زوّج عليّاً... إلى آخره([42]).

الشبلنجي قال: نقل الشيخ أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن سنان مرفوعاً إلى أنس قال: كنت عند رسول الله(صلى الله عليه وآله) فغشيه الوحي، فلمّا أفاق قال لي: «يا أنس، أتدري ما جاءني به جبرئيل(عليه السلام) من صاحب العرش عزّ وجلّ؟»، قلت: بأبي أنت وأُمّي، ما جاءك به جبرئيل؟ قال: «قال لي: إنّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تزوّج فاطمة من عليّ، فانطلق وادعُ لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، وبعدّتهم من الأنصار»، قال: فانطلقت فدعوتهم، فلمّا أخذوا مجالسهم قال: «الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع سلطانه، المهروب إليه من عذابه، النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميّزهم بأحكامه وأعزّهم بدينه، وأكرمهم بنبيّه محمد(صلى الله عليه وآله)، إنّ الله عزّ وجلّ جعل المصاهرة نسباً لاحقاً وأمراً مفترضاً وحكماً عادلاً وخيراً جامعاً، وشَجَ به الأرحام وألزمها الأنام، فقال عزّ وجلّ: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً)([43])، وأمرُ الله تعالى يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكلّ قضاء قدرٌ، ولكل قدر أجَل، ولكلّ أجل كتاب، (يمحو الله ما يشاء ويُثبت وعنده اُمّ الكتاب).

ثمّ إنّ الله عزّ وجلّ أمرني أن اُزوّج فاطمة من عليٍّ واُشهِدكم أنّي زوّجت فاطمة من عليٍّ على أربعمائة مثقال فضّة إن رضي بذلك على السنّة القائمة والفريضة الواجبة، فجمع الله شملهما، وبارك لهما، وأطاب نسلهما، وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة وأمن الاُمّة ...».

ثم قال أيضاً: وقد كان عليّ(رضي الله عنه) غائباً في حاجة لرسول الله(صلى الله عليه وآله) قد بعثه فيها، ثمّ أمر لنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) بطبق فيه تمر، فوضع في أيدينا، فقال: «انتهبوا»، فبينما نحن ننتهب إذ أقبل عليّ(رضي الله عنه)، فتبسّم إليه رسول الله(صلى الله عليه وآله)وقال: «يا علي، إنّ الله أمرني أن اُزوّجك فاطمة، وإنّي زوّجتكها على أربعمائة مثقال فضّة»، فقال عليّ (رضي الله عنه): «رضيت يا رسول الله». ثمّ خرّ ساجداً شكراً لله، فلمّا رفع رأسه قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «بارك الله لكما وعليكما، وأسعد جِدّكما، وأخرج منكما الكثير الطيّب».

قال أنس: واللهِ لقد خرج منهما الكثير الطيّب([44]).

موفّق بن أحمد الخوارزمي في حديث قال: قال النبيّ(صلى الله عليه وآله)لعليٍّ(عليه السلام): «قم يا أبا الحسن فاخطب لنفسك أنت»، فخطب، قال: فقام عليّ(عليه السلام)فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله(صلى الله عليه وآله)وقال: «الحمد لله شكراً لأنعمه وأياديه، ولا إله إلاّ الله شهادة تبلغه وترضيه، وصلّى الله على محمّد وآله، صلاةً تزلفه وتحظيه، والنكاح ممّا أمر الله عزّ وجلّ به ورضيه، ومجلسنا هذا ممّا قضاه الله وأذن فيه، وقد زوّجني رسول الله(صلى الله عليه وآله) ابنته فاطمة وجعل صداقها درعي هذا، وقد رضيت بذلك فسلوه واشهدوا».

فقال المسلمون لرسول الله(صلى الله عليه وآله): زوّجته يا رسول الله؟ فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «نعم». فقال المسلمون: بارك الله لهما وعليهما، وجمع شملهما، وانصرف رسول الله(صلى الله عليه وآله)إلى أزواجه فأخبرهنّ ففرحنَ وأظهرنَ الفرح ... الحديث([45]).

 

في ذكر قدر مهر فاطمة(عليها السلام) في السماء:

ما دمنا قد تحدّثنا عن مراحل خطبتها(عليها السلام) وزواجها في السماء، يجدر بنا أن نشير إلى المهر الذي حُدّد في السماء والذي تحدّثت النصوص الشرعية عنه، حيث ورد عن السيد محمد عليّ الشاه عبدالعظيمي ـ جدّ والدي نوّر الله مرقدهما ـ قال: وفي رواية مسندة عن الصادق(عليه السلام)، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) في حديث تزويج فاطمة(عليها السلام)في السماء: «سئل النبيّ(صلى الله عليه وآله) في نحلتها؟ فقال: شطر الجنّة، وخمس الدنيا وما فيها، والنيل والفرات، وسيحون وجيحون، والخمس من الغنائم كلّ ذلك لفاطمة نحلة من الله ...» الخبر([46]).

عن ابن عباس، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال: «يا عليّ، إنّ الله عزّ وجلّ زوّجَكَ فاطمةَ وجعل صداقها الأرض، فمن مشى عليها مبغضاً لك([47]) مشى حراماً». رواه عليّ بن عيسى الإربلي عن صاحب الفردوس([48]).

وقال الصادق(عليه السلام): «إنّ الله تعالى مهر فاطمة ربع الدنيا، فربعها لها، ومهرها الجنّة والنار، فتُدخِل أولياءها الجنّة وأعداءها النار». رواه ابن شهرآشوب عن إسحاق بن عمّار، وأبي بصير([49]).

وعن الكافي: قيل للنبيّ(صلى الله عليه وآله): وقد علمنا مهر فاطمة في الأرض فما مهرها في السماء؟ قال: «سل عمّا يعنيك ودع مالا يعينك. قيل: هذا ممّا يعنينا يا رسول الله، قال: كان مهرها في السماء خُمس الأرض، فمن مشى عليها مبغضاً لها ولِوُلِدها مشى عليها حراماً إلى أن تقوم السّاعة»([50]).

عن منهال بن عمر، عن أبي ذرّ قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «ضجّت الملائكة إلى الله فقالوا: إلهنا وسيّدنا، أعلمنا ما مهرها لتُعلَم وتَبينَ أنّها أكرم الخلق عليك؟ فأوحى إليهم: ملائكتي وسكّان سماواتي، اُشهدكم أنّ مهر فاطمة بنت محمد نصف الدُنيا». رواه المحدّث البحراني مسنداً([51]).

 

في ذكر قدر مهر فاطمة(عليها السلام) في الأرض:

قلنا إنّ مهر الزواج بالنسبة إلى فاطمة (عليها السلام) في الأرض تحدّد بمقدار خاص، وأصبح سنّة للملتزمين من الأشخاص، وهذا ما نطقت الرواية الآتية به:

عن الباقر(عليه السلام) في خبر طويل: «... فزوّجها يا محمد بخمسائة درهم تكون سنّةً لاُمّتك»([52]).

وكذلك ورد عن عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) قال: «خطبت فاطمة إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)فقالت لي مولاة لي: هل علمت أنّ فاطمة خُطِبت إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قلت: لا، قالت: فقد خُطِبَت، فما يمنعك أن تأتي رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيزوّجك ...» ـ إلى أن قال: ـ «فوالله ما زالت ترجّيني حتّى دخلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وكان لرسول الله(صلى الله عليه وآله)جلالة وهيبة، فلمّا قعدت بين يديه اُفحمت، فوالله ما أستطيع أن أتكلّم، فقال(صلى الله عليه وآله): ما جاء بك؟ ألك حاجة؟ فسكتُّ، فقال: لعلّك جئت تخطب فاطمة؟ قلت: نعم، قال: وهل عندك من شيء تستحلّها به؟ فقلت: لا والله يا رسول الله، فقال: ما فعلت بالدرع التي سلّحتكها؟ فقلت: عندي، والّذي نفسُ عليٍّ بيده إنّها لحطميّة ما ثمنها إلاّ أربعمائة درهم، قال: قد زوّجتك، فابعث بها فإنّها كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)»([53]).

وعن أنس في خبر قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا عليّ، إنّ الله أمرني أن اُزوِّجك فاطمة، وإنّي قد زوّجتكها على أربعمائة مثقال فضّة»([54]).

وابن شهرآشوب قال: قال الحسين بن عليٍّ(عليهما السلام) في خبر: «زوّج النبيّ(صلى الله عليه وآله)فاطمة عليّاً على أربعمائة وثمانين درهماً». وروي: أنّ مهرها أربعمائة مثقال فضّة، وروي: أ نّه كان خمسمائة درهم، وهو أصحّ. انتهى([55]).

وعن الباقر(عليه السلام) في خبر قال: «وكان صداق فاطمة درعاً من حديد»([56]).

وروى عليّ بن عيسى الإربلي، عن مناقب الخوارزمي، عن عليٍّ(عليه السلام) في حديث: «وقد زوّجني رسول الله(صلى الله عليه وآله) ابنته فاطمة وجعل صداقها درعي هذا ...» الخبر([57]).

وروى ابن شهرآشوب، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «كان صداق فاطمة بُرد حبرة، وإهاب شاة على عِرار([58])»([59]).

وفيه عن الصادق(عليه السلام) قال: «كان صداق فاطمة درع حطميّة، وإهاب([60]) كبش أو جَدْي». رواه أبو يعلى في المسند عن مجاهد. انتهى([61]).

الشيخ الطريحي قال: كان صداق فاطمة(عليها السلام) جرد بُرد حبرة، ودرع حَطميّة، وجرد قطيفة ... إلى آخره([62]).

إلى هنا، كان عرضنا لزواج الزهراء(عليها السلام) منصبّاً على المراحل الرئيسة، أمّا الآن فنتابع النصوص المتنوعة التي تتحدّث عمّا واكب المراحل المذكورة من ظواهر اُخرى، ومنها:

 

خِطبة راحيل المَلَك في السماء:

ثمّ أمر الله تبارك وتعالى مَلَكاً من الملائكة يقال له: «راحيل»، وليس في الملائكة أبلغ منه، فقال له: اُخطب يا راحيل، فخطب خطبةً لم يسمع بمثلها أهل السماء ولا أهل الأرض، ثمّ نادى مناد: يا ملائكتي وسكّان جنّتي، باركوا في تزويج عليّ بن أبي طالب وفاطمة(عليهما السلام)([63]) فقد باركتُ أنا عليهما، ألا إنّي زوّجت أحبَّ النساء إليَّ أحبَّ الرجال إليَّ بعد النبيّين والمرسلين([64])، فقال راحيل:وما بركتك لهما بأكثر ممّا رأينا من إكرامك لهما في جنانك ودارك وهم بعدُ في الدنيا؟

فقال الله عزّ وجلّ: يا راحيل، إنّ من بركتي عليهما أنّي أجمعهما على محبّتي، وأجعلهما معدنَين لحجّتي إلى يوم القيامة، وعزّتي وجلالي لأخلقنَّ منهما خلقاً ولأنشأنّ منهما ذرّيّةً فأجعلهم خزّاناً في أرضي، ومعادنَ لعلمي، ودعائم لكتابي، ثمّ أحتجّ على خلقي بعد النبيّين والمرسلين.

] فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله):[ فأبشِر يا عليُّ، فإنّ الله تبارك وتعالى قد أكرمك بكرامة لم يكرم بمثلها أحداً، قد زوّجتك فاطمة ابنتي على ما زوّجك الرّحمن فوق عرشه، وقد رضيت لها ما رضي الله لها، فدونك أهلك فإنّك أحقّ بها منّي. ولقد أخبرني جبرئيل أنّ الجنّة وأهلها لمشتاقة إليكما، ولولا أنّ الله قدّر أن يخرج منكما ما يتّخذ به على الخلق حجّةً لأجاب فيكما الجنّة وأهلها، فنعم الأخ أنت، ونعم الختن أنت، ونعم الصاحب أنت، وكفاك برضا الله رضاً.

فقال عليّ بن أبي طالب(عليه السلام): يا رسول الله، بلغ من قدري حتّى أنّي ذُكرت في الجنّة فزوّجني اللهُ في ملائكته؟ فقال(صلى الله عليه وآله): يا عليّ، إنّ الله إذا أكرم وليّه أكرمه بما لا عين رأت ولا اُذن سمعت، فقال عليّ بن أبي طالب(عليه السلام): (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي...)([65])، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): آمين يا ربّ العالمين ويا خير الناصرين([66]).

وقد ورد موضوع الخطاب المذكور عبر صياغة تختلف عن سابقتها، على هذا النحو:

ابن شهرآشوب قال: وقد جاء في بعض الكتب: أ نّه خطب راحيل في البيت المعمور في جمع من أهل السماوات السَبع، فقال: «الحمد لله الأوّل قبل أوّلية الأوّلين، الباقي بعد فناء العالمين، نحمده إذ جعلنا ملائكةً روحانيّين وبربوبيته مذعنين، وله على ما أنعم علينا شاكرين، حجبنا من الذنوب وسترنا من العيوب، أسكننا في السماوات وقرّبنا إلى السُرادقات، وحجب عنّا النَهَمُ([67]) للشهوات، وجعل نهمتنا وشهواتنا في تقديسه وتسبيحه، الباسط رحمته، الواهب نعمته، جلّ عن إلحاد أهل الأرض من المشركين، وتعالى بعظمته عن إفك الملحدين».

ثم قال بعد كلام: «اختار الملك الجبّار صفوة كرمه، وعَبْدَ عظمته لأمته سيّدة النساء بنت خير النبيّين، وسيد المرسلين وإمام المتّقين، فوصل حبله بحبل رجل من أهله وصاحبه، المصدِّق دعوته، المبادر إلى كلمته على الوصول بفاطمة البتول، ابنة الرسول».

وروي: أنّ جِبرئيل روى عن الله تعالى عقيبها قوله عزّ وجلّ: «الحمدُ ردائي، والعظمةُ كبريائي، والخلقُ كلّهم عبيدي وإمائي، زوّجتُ فاطمة أمتي من عليٍّ صَفوتي، اشهدوا ملائكتي»([68]).

قال شاعر أهل البيت(عليهم السلام)السيد الحميري(رحمه الله):

واللهُ زوّجهُ الزكيةَ فاطماً***في ظلّ طُوبى مشهداً محضورا

كان الملائكُ ثَمَّ في عدد الحصى***جِبريلُ يخطبهم بها مسرورا

يدعو له ولها وكان دعاؤه***لهما بخير دائماً مذكورا

حتّى إذا فرغ الخطيب تتابعت***طوبى تُساقِطُ لُؤلؤاً منثورا

وتُهيل ياقوتاً عليهم مرّةً***وتُهيلُ دُرّاً تارةً وشذورا

فترى نساءَ الحُورِ ينتهبونه***حُوراً بذلك يهتدينَ الحورا

فإلى القيامةِ بينهنَّ هديّةٌ***ذاك النثارُ عشيةً وبُكُورا([69])

 

معاتبة اُناس من قريش النبيَّ(صلى الله عليه وآله) في تزويجها من عليٍّ(عليه السلام):

ذكرنا في حقل سابق، ردّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) لأبي بكر وعمر وسواهما، وأنّ التزويج بأمر من الله تعالى ونضيف الآن حديثاً حدّث به رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً(عليه السلام) بهذا المضمون، حيث ورد عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليٍّ(عليهم السلام)قال: «قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله): يا عليّ، لقد عاتبتني رجال من قريش في أمر فاطمة، وقالوا: خطبناها إليك فمنعتنا وتزوّجت عليّاً، فقلت لهم: والله ما أنا منعتكم وزوّجته، بل الله منعكم وزوّجه. فهبط عَلَيَّ جبرئيل فقال: يا محمد، إنّ الله جلّ جلاله يقول: لو لم أخلق عليّاً(عليه السلام) لَما كان لفاطمة ابنتك كُفْؤٌ على وجه الأرض، آدم ومَن دونه». رواه ابن بابويه([70]).

 

في مقالة النبيّ(صلى الله عليه وآله) لفاطمة(عليها السلام) بعد تزويجها:

وإذا كان الحديث السابق متجهاً إلى علي(عليه السلام)، فالحديث الآن يوجه إلى الزهراء(عليها السلام)، ولكن في موضوع آخر:

عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا فاطمة، زوّجتك سيّداً في الدنيا، وإنّه في الآخرة لمن الصالحين، لمّا أراد الله عزّ وجلّ أن اُزوّجك أمر جبرائيل فقام في السماء الرابعة وصفّ الملائكة صفوفاً، ثمّ خطب عليهم، فزوّجك من عليٍّ ...» الحديث. أخرجه أبو بكر الخوارزمي([71]).

 

اعتراض بعض على النبيّ(صلى الله عليه وآله) لتزويجه فاطمة(عليها السلام) من عليٍّ(عليه السلام) بمهر قليل:

إمتداداً لما لاحظناه في حقل سابق من أنّ المهر تحدّد في مقدار أصبح سنّة فيما بعد، نعرض هنا حديثاً ينقل تصوّر الناس حيال المهر المذكور، عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: لمّا زوّج رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاطمة من عليٍّ(عليه السلام)أتاه اُناس من قريش فقالوا: إنّك زوّجت عليّاً بمهر قليل! فقال: «ما أنا زوّجت عليّاً، ولكنّ الله تعالى زوّجه ...» الحديث. رواه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري مسنداً([72]).

 

في نثار اللّه تعالى على عقدها(عليها السلام):

هنا يجدر بنا أن نذكر الحديث الآتي، بركةً من زواج الزهراء(عليها السلام):

عن عبدالله(رضي الله عنه): إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة(عليها السلام) حين وجّهها إلى عليٍّ(عليه السلام): «إنّ الله أمرني أن اُزوِّجكِ من عليٍّ، وأمر الملائكة أن يصطفّوا صفوفاً في الجنّة، ثمّ أمر شجر الجنان أن تحمل الحليّ والحلل، ثم أمر جبريل فنصب في الجنّة منبراً، ثمّ صعد جبريل واختطب، فلمّا أن فرغ نثر عليهم من ذلك، فمن أخذ أحسن أو أكثر من صاحبه افتخر به إلى يوم القيامة، يكفيكِ يا بنيّة هذا». أخرجه الغَسّاني([73]).

 

في ذكر حديث نثار الرقاع:

الحديث المتقدم ينقل لنا تكريماً متنوّع المعطيات، وإليك العطاء الآخر وهو ما يذكره ابن شهرآشوب قال: قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): «حدّثني جِبرئيل: إنّ الله تعالى لمّا زوّج فاطمةَ عليّاً أمر رضوان فأمر شجرة طوبى فحملت رقاعاً لمحبيّ أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله)، ثمّ أمطرها ملائكةً من نور بعدد تلك الرقاع، فأخذ تلك الملائكة الرقاعَ، فإذا كان يوم القيامة واستوت بأهلها أهبط الله الملائكة بتلك الرقاع، فإذا لقي مَلَك من تلك الملائكة رجلا من محبيّ آل بيت محمد(صلى الله عليه وآله) دفع إليه رقعةً براءةً من النار»([74]).

 

في ذكر ما جُهِّزت به فاطمة(عليها السلام):

تأسيساً على ما ذكرناه بالنسبة إلى زواج الزهراء(عليها السلام) وما يرتبط بالمهر وسواه، ننقل الرواية الآتية:

روى ابن جرير الطبري مسنداً عن أنس في خبر تزويج الزهراء(عليها السلام)بأمير المؤمنين(عليه السلام)، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعليٍّ: «إنّ الله تعالى قد أمرني أن اُزوِّجك، فقال: يارسول الله، إنّي لا أملك إلاّ سيفي وفرسي ودرعي، فقال له النبيّ(صلى الله عليه وآله): اذهب فبِع الدرع»، فخرج عليّ(عليه السلام) فنادى على درعه فبلغت أربعمائة درهم ودينار، فاشتراها دحية بن خليفة الكلبي ... ـ إلى أن قال: ـ فلمّا أخذ عليّ الثمن وتسلّم دحية الدرع عطف دحية على عليّ، وقال له: أسألك يا أبا الحسن أن تقبل منّي هذه الدرع هديّةً ولا تُخالفني، فأخذها منه وحمل الثمن والدرع وجاء بهما إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فطرحهما بين يديه وقال: «يارسول الله، إنّي بعت الدرع بأربعمائة درهم ودينار وقد اشتراها دحية، وقد سألني أن أقبل الدرع هديّة، فما تأمرني، أقبلها أم لا؟ فتبسّم النبيّ وقال: ليس هو دحية، ولكنّه جبرئيل، والدراهم من عند الله تعالى لتكون شرفاً وفخراً لابنتي فاطمة، وزوّجه بها ...» الحديث([75]).

روى صدر الحفّاظ الكنجي في كتابه في باب زفاف الملائكة فاطمة إلى عليٍّ(عليهما السلام)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه(عليهم السلام) في خبر قال: «فانطلق عليّ(عليه السلام)فباع الدرع بأربعمائة درهم وثمانين درهماً قطرياً، فصبّها بين يدي النبيّ(صلى الله عليه وآله) فلم يسأله كم هي؟ ولم يخبر رسول الله ما هي؟ فأخذ منها رسول الله(صلى الله عليه وآله)قبضةً فدفعها إلى المقداد بن الأسود فقال: ابتَع من هذا ما تجهِّز به فاطمة، وأكثِر لها من الطيب، فانطلق المقداد فاشترى لها رحى وقِربةً...» إلى آخره([76]).

العلاّمة الحلّي قال: وكان(عليه السلام) بعث سلمان وبلالاً ليشتريا لها ذلك كلّه ... إلى آخره([77]).

سبط صاحب الجواهر(قدس سره) قال: قال الصادق(عليه السلام): «قال عليّ(عليه السلام): قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): قُمْ فبِعِ الدرعَ، فقمت وبعته وأخذت الثمن وسكبت الدراهم في حجره، فلم يسألني كم هي؟ ولا أنا أخبرته، ثم قبض قبضةً ودعا بلالاً، فأعطاه وقال: ابتَع لفاطمة طيباً، ثم قبض الدراهم بكلتا يديه فأعطاها أبا بكر وقال: ابتَع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت، وأردفه بعمّار بن ياسر([78]) وعدّةً من أصحابه، فحضروا السوق وكانوا يعترضون الشيء ممّا يصلح فلا يشترونه حتى يعرضوه على أبي بكر، فإن استصلحه اشتروه ...»([79]) الخبر.

وروى الشيخ الطوسي عن أبي عبدالله(عليه السلام) في خبر قال: «فكان ممّا اشتروه قميص بسبعة دراهم، وخمار بأربعة دراهم، وقطيفة([80]) سوداء خيبرية، وسرير مزمّل([81]) بشريط، وفراشان من جنس مصر حشو أحدهما ليف وحشو الآخر من جزّ الغنم، وأربع مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر([82])، وستر من صوف وحصير
هَجَري([83])، ورحى اليد، ومِخضَب([84]) من نحاس، وسقي من اُدم([85])، وقعب للّبن، وشنّ([86]) للماء، ومِطهَرة([87]) مزفّتة، وجرّة خضراء، وكيزان خزف، حتّى إذا استكمل الشراء حمل أبوبكر بعض المتاع، وحمل أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)الّذين كانوا معه الباقي، فلمّا عرضوا المتاع على رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل يقلّبه بيده ويقول: «بارك الله لأهل البيت»([88]).

أقول: وفي رواية الصادق(عليه السلام) أنه قال: «فلمّا عرض المتاع على رسول الله(صلى الله عليه وآله)ونظر إليه بكى وجرت دموعه، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: بارك الله لقوم جُلُّ آنيتهم الخزف»([89]).

وروى المحبّ الطبري عن أسماء بنت عميس قالت: لقد جُهِّزت فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وما كان حشو فرشهما ووسائدهما إلاّ ليفاً ([90]).

وعن جعفر بن محمد الصادق(عليهما السلام) قال: «كان فراش عليٍّ وفاطمة(عليهما السلام) حين دخلت عليه: إهاب كبش، إذا أرادا أن يناما عليه قلّباه فناما على صوفه»، قال: «وكانت وسادتهما اُدماً حشوها ليف ...»([91]) الحديث.

وعن عليٍّ (رضي الله عنه) قال: «جهّز رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاطمة في خميلة([92]) وقربة ووسادة من اُدم حشوها ليف»([93]).

وعن جابر قال: كان فراش عليٍّ وفاطمة(عليهما السلام) ليلة عرسهما: إهاب كبش. كذا جاء في ذخائر العقبى.

وفيه عن عليٍّ(عليه السلام) قال: «لقد تزوّجت فاطمة وما لنا فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه الناضح بالنهار، وما لي ولها خادم([94]) انتهى.

 

في ذكر سنّهما (عليهما السلام) عند تزويجهما:

من البيّن أن النصوص الشرعية طالما تطالب بالزواج في سنّ مبكر، ولذلك نجد هذا الأمر متحققاً بالنسبة إلى زواج علي(عليه السلام) وفاطمة(عليها السلام) وفي هذا الموضوع:

قال الصبّان في خبر: وأمّا فاطمة فتزوّجها عليّ(عليه السلام) وهو ابن إحدى وعشرين سنةً وخمسة أشهر ... الحديث([95]).

وروى الشيخ حسن الحلّي مسنداً عن سعيد بن المسيّب قال: قلت لعليّ بن الحسين(عليهما السلام): فمتى زوّج رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاطمة من عليّ(عليهما السلام)؟ فقال: «بالمدينة بعد الهجرة بسنة، وكان لها يومئذ تسع سنين...»([96]) الحديث.

المسعودي قال: وفي آخر هذه السنة من الهجرة (أي بعد الهجرة بسنة) كان دخول عليّ بن أبي طالب بفاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)([97]).

 

في ذكر وليمة عرسها(عليها السلام):

ممّا يجدر ذكره في هذا السياق أنّ المعجز قد اقترن بزواج فاطمة(عليها السلام) في شتى مراحلها، ومنه: الوليمة التي اقترنت بمعجز يحدثنا عنه الإمام الصادق(عليه السلام)، حيث روى محمد بن جرير الطبري مسنداً عن أبي عبد الله جعفر بن محمد(عليهما السلام)، قال: «لمّا زوّج رسول الله(صلى الله عليه وآله)فاطمة من عليٍّ(عليهما السلام) قال: من حضر نكاح عليٍّ فليحضر طعامه، فضحك المنافقون، وقالوا: إنّ الّذين حضروا العقد حشر من الناس، وإنّ محمداً سيضع طعاماً لا يكفي عشرة اُناس، فسيفتضح محمد اليوم، وبلغ ذلك النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فدعا عمّيه حمزة والعبّاس، وأقامهما على باب داره وقال لهما: أدخِلا الناس عشرةً عشرة. ودعا بعليٍّ وعقيل فأزّرهما بِبُردَين يمانيّين، وقال لهما: أنقلا على أهل التوحيد الماء، واعلم يا أخي، إنّ خدمتك للمسلمين أفضل من كرامتِكَ ] لهم[، فجعل الناس يَرِدون عشرةً عشرة، فيأكلون ويصدرون حتّى أكل الناس من طعامه ثلاثة أيّام والنبيّ(صلى الله عليه وآله) يجمع بين الصلاتين في الظهر والعصر، وفي المغرب والعشاء الآخرة.

ثمّ دعا النبيّ بعمّه العباس فقال له: يا عمّ، مالي أرى الناس يصدرون ولا يعودون؟! قال: يا ابن أخي، لم يبقَ في المدينة مؤمن إلاّ وقد أكل من طعامك، حتى أنّ جماعةً من المشركين دخلوا في عداد المؤمنين، فأحببنا أن لا نمنعهم ليروا ما أعطاك الله تعالى من المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة.

فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله) له: أتعرف عدد القوم؟ فقال: لا أعلم، ولكن إذا أحببت أن تعرف عددهم فعليك بعمّك حمزة، فدعا حمزة فجاء وهو يجرّ سيفه على الصفا ـ وكان لا يفارقه شفقةً على دين الله ـ ولمّا دخل رأى النبيّ ضاحكاً، فقال له: ] يا عمِّ [مالي أرى الناس يصدرون ولا يعودون؟ قال: لكرامتك على ربّك. لقد أطعم الناس من طعامك حتّى ما تخلّف عنه موحّد ولا ملحد. فقال: كم طعم منهم؟ هل تعرف عددهم؟ قال: والله ما شذّ عليّ رجل واحد، لقد أكل من طعامك في أيامك الثلاثة بعدّتها ثلاثة آلاف من المسلمين، وثلاثمائةِ رجل من المنافقين. فضحك النبيّ(صلى الله عليه وآله)حتّى بدت نواجذه، ثمّ دعا بصِحاف([98]) وجعل يغرف فيها ويبعث به مع عبدالله بن الزبير وعبدالله بن عقبة إلى بيوت الأرامل والضعفاء والمساكين من المسلمين والمسلمات، والمعاهدين والمعاهدات، حتّى لم تبقَ يومئذ بالمدينة دار ولا منزل إلاّ دخل عليه من طعامه(صلى الله عليه وآله).

ثمّ قال: هل فيكم رجل يعرف المنافقين؟ فأمسك الناس، فقال: أين حذيفة ابن اليمان؟ قال حذيفة: وكنت في ضعف من علّة بي، وبيدي هراوة أتوكّأ عليها، فلمّا سمعت النبيّ يسأل عنّي لم أملك نفسي أن قلت: لبَّيكَ يا رسول الله، فقال لي: هل تعرف المنافقين؟ فقلت: ما المسؤول بأعلم من السائل؟ فقال لي: اُدنُ منّي، فدنوت، فقال لي: استقبل القبلة بوجهك، ففعلت، فوضع النبيّ يمينه بين منكبَيَّ فوجدت برد أنامله على صدري، وعرفت المنافقين بأسمائهم وأسماء آبائهم واُمّهاتهم، وذهبت العلّة من جسدي، ورميتُ هراوتي من يدي، فقال لي: انطلق وائتني بالمنافقين رجلاً رجلاً، قال: فلم أزل أدعوهم واُخرجهم من بيوتهم، وأجمعهم حول منزل النبيّ(صلى الله عليه وآله)، حتّى جمعت مائةً واثنين وسبعين رجلاً، ليس فيهم من يؤمن بالله ويقرّ بنبوّة رسوله.

قال: فدعا النبيّ عليّاً(عليه السلام) وقال: احمل هذه الصحفة إلى القوم، قال عليّ(عليه السلام): فأتيت لأحملها فلم اُطِق، فاستعنتُ بأخي عقيل فلم نقدر ] عليها[، فتكامل معي أربعون رجلاً فلم نقدر عليها، والنبيّ قائم على باب الحجرة ينظر إلينا ويتبسم، فلمّا رآنا ولا طاقة بنا عليها، قال: تباعدوا عنها، فتباعدنا فطرح ذيل بردته على عاتقه، ووضع كفّه تحت الصحفة وحملها وجعل يجري بها كما ينحدر سحاب في صبب، ووضع الصَحفة بين أيدي المنافقين، وكشف الغطاء عنها، والصحفة على حالها لم ينقص منها ولا وزن خردلة ببركته.

فلمّا نظر المنافقون إلى ذلك قال بعضهم لبعض والأصاغر للأكابر: لا جُزيتم عنّا خيراً، أنتم صددتمونا عن الهدى بعد إذ جاءنا، وتصدّونا عن دين محمد، ولا بيان أوثق ممّا رأينا، ولا شرع أوضح ممّا سمعنا، وأنكر الأكابر على الأصاغر، فقالوا لهم: لا تعجبوا من هذا، فإنّ هذا قليل من سحر محمد! فلمّا سمع النبيّ(صلى الله عليه وآله)مقالتهم حزن حزناً شديداً، وقال: كلوا، لا أشبع الله بطونكم، فكان الرجل منهم يلتقم اللقمة من الصحفة ويهوي بها إلى فيه، فيلوكها لوكاً شديداً يميناً وشمالاً، حتّى إذا همّ ببلعها خرجت اللقمة من فيه كأنّها حجر، فلمّا طال ذلك عليهم فزعوا إلى رسول الله فقالوا: يا محمد، فقال النبيّ: يا محمد، فقالوا: يا أبا القاسم، فقال النبيّ: يا أبا القاسم، فقالوا: يا رسول الله، فقال: لبّيكم. (وكان(صلى الله عليه وآله)إذا نودي باسمه يا أحمد، يا محمد أجاب بهما، وإذا نودي بكنيته أجاب بها، وإذا نودي بالرسالة والنبوّة أجاب بالتلبية).

ثم قال(صلى الله عليه وآله): ما تريدون؟ قالوا: يا محمد، التوبة، فما نعود إلى نفاقنا أبداً، فقام النبيّ(صلى الله عليه وآله)على قدميه، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهمّ إن كانوا صادقين فتب عليهم، وإلاّ فأرني فيهم آيةً لا تكون مسخاً (لأنّه رحيم باُمّته). قال: فما أشبه ذلك اليوم إلاّ بيوم القيامة، كما قال الله تعالى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)([99])، فأمّا من آمن بالنبيّ فصار وجهه كالشمس في إشراقها وكالقمر في نوره، وأمّا من كفر من المنافقين وانقلب في النفاق والشقاق فصار وجهه كالليل في ظلامه. وآمن بالنبيّ مائة رجل، وبقي بالنفاق والشقاق اثنان وسبعون رجلاً، فاستبشر النبيّ بإيمان من آمن، وقال: لقد هدى الله ببركة عليٍّ وفاطمة. وخرج المؤمنون متعجّبين من بركة الصحيفة ومن أكل منها من الناس. فأنشده ابن رواحة شعراً منه:

نبيّكم خير النبيّين كلّهم***كمثل سليمان يكلّمه النمل

فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): أسمعت خيراً يا بن رواحة، إنّ سليمان نبيّ وأنا خير منه، ولا فخر، كلّمته النملة، وسبّحت في يدي صغار الحصى، وأنا خير النبيّين ولا فخر، فكلّهم إخواني. فقال رجل من المنافقين: يا محمد، وعلمت أنّ الحصى تسبّح في كفّك! قال: أي والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً، فسمعه رجل من اليهود، فقال: والّذي كلّم موسى بن عمران على الطور ما سبّح في كفّك الحصى! فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): بلى، والّذي كلّمني في الرفيع الأعلى من وراء سبعين حجاباً، غلظ كلّ حجاب مائة عام، ثمّ قبض في كفّه شيئاً من الحصى ووضعه في راحته، فسمعنا له دويّاً كدويّ الآذان إذا سدّت بالأصابع، فلمّا سمع اليهودي ذلك قال: يا محمد، لا أثر بعد عين، أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، وأنّك يا محمد رسوله، وآمن من المنافقين أربعون رجلاً، وبقي اثنان وثلاثون([100]). انتهى.

صدر الحفّاظ الكنجي روى عن ابن عبّاس في حديث قال: دعا رسول الله(صلى الله عليه وآله)بلالاً فقال: إنّي قد زوّجت فاطمة ابنتي بابن عمّي، واُحبّ أن تكون من أخلاق اُمّتي الطعام عند النكاح، اذهب يا بلال إلى الغنم فخذ شاةً وخمسة أمداد شعيراً فاجعل لي قصعةً فلعلّي أجمع المهاجرين والأنصار، قال: ففعل ذلك، وأتاه حين فرغ ووضعها بين يديه، قال: فطعن في أعلاها وتفل فيها وبرك، ثم قال: ادعُ الناس إلى المسجد ولا تفارق رفقةً إلى غيرها، فجعلوا يردون عليه رفقةً رفقةً، كلّما وردت رفقة نهضت اُخرى حتى تتابعوا، ثم كفّت، فتفل فيها وبرك، ثم قال: يا بلال، احملها إلى اُمّهاتك ... الحديث([101]).

وروى المحبّ الطبري عن جابر قال: حضرنا عرس عليٍّ وفاطمة فما رأيت عرساً كان أطيب منه، حشونا البيت طيباً، واُوتينا بتمر وزبيب فأكلنا. وقال: خرّجه أبو بكر بن فارس([102]).

 

كيفية زفاف الزهراء(عليها السلام) وتأريخه:

يظلّ الإعجاز وتدخُّل السماء في زفاف فاطمة(عليها السلام) مصحوباً بنفس ما لحظناه من تدخّلها في تعيين عليٍّ وفاطمة(عليهم السلام) للزواج، فقد ذكَر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قائلاً: روي أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) دخل بفاطمة(عليها السلام) بستة عشر يوماً بعد رجوعه من بدر، وذلك لأيّام خلت من شوّال.

وفي رواية: أ نّه دخل بها يوم الثلاثاء لستٍّ خلون من ذي الحجّة بعد بدر([103]).

وفي رواية: أوّل يوم من ذي الحجّة([104]).

وقال السيد نعمة الله الجزائري(قدس سره): وقد وقع التزويج الأرضي في أوّل يوم من ذي الحجّة.

قال الكفعمي: وقال الشيخ الطوسي قدّس الله روحه: يوم السادس منه ... إلى آخره([105]).

روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري مسنداً عن أبي عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال: «لمّا زُفّت فاطمة إلى عليٍّ(عليهما السلام) نزل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ونزل معهم سبعون ألف ملك. قال: فقدّمت بغلة رسول الله(صلى الله عليه وآله) (دُلدُل) وعليها شملة، فأمسك جبرئيل باللجام، وأمسك إسرافيل بالركاب، وأمسك ميكائيل بالثفرة([106])، ورسول الله يسوّي عليها ثيابها، فكبّر جبرئيل، وكبّر إسرافيل، وكبّر ميكائيل، وكبّرت الملائكة، وجرت سُنّة التكبير في الزفاف»([107]).

أقول: وأورد هذا الحديث المحدّث البحراني في مدينة المعاجز([108])، وزاد بعد الزفاف: إلى يوم القيامة.

وقال ابن شهرآشوب: ابن بابويه في خبر: أمر النبيّ(صلى الله عليه وآله) بنات عبدالمطّلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضينَ في صحبة فاطمة(عليها السلام)، وأن يفرحنَ، ويرجزنَ، ويكبِّرن، ويحمدنَ، ولا يقلنَ ما لا يُرضي الله. قال جابر: فأركبها(عليه السلام)على ناقته ـ وفي رواية: على بغلته الشهباء ـ وأخذ سلمان زمامها وحولها سبعون حوراء، والنبيّ(صلى الله عليه وآله) وحمزة وعقيل وجعفر وأهل البيت(عليهم السلام) يمشون خلفها مشهرين سيوفهم، ونساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) قدّامها يرجزن. فأنشأت اُمّ سلمة:

سِرنَ بعونِ الله جاراتي***واشكرنه في كلّ حالاتِ

واذكرنَ ما أنعم ربُّ العُلى***من كشفِ مكروه وآفاتِ

فقد هدانا بعد كفر وقد***أنعشنا ربّ السماواتِ

وسِرن مَعْ خيرِ نساءِ الورَى***تُفدى بعمّات وخالاتِ

يا بنتَ مَن فضّله ذُو العُلى***بالوحيِ منه والرِسالاتِ

ثمّ قالت عائشة:

يا نسوةُ استَتِرنَ([109]) بالمَعاجِرِ([110])***واذكُرنَ ما يُحسَنُ في المحاضرِ

واذكرن ربّ الناس إذ خصّنا***بدينه مَعْ كلّ عبد شاكر

فالحمدُ لله على فضاله***والشكر لله العزيز القادر

سِرنَ بها فالله أعطى([111]) ذِكرَها***وخصّها منه بطهر طاهر

ثمّ قالت حفصة:

فاطمةٌ خيرُ نساء البشر***ومَن لها وجه كوجه القمر

فضّلكِ اللهُ على كلّ الورى***بفضل مَن خُصّ بآي الزُمَر

زوّجَكِ اللهُ فتىً فاضلاً***أعني عليّاً خيرَ من في الحضر

فسِرنَ جاراتي بها إنّها***كريمةٌ بنتُ عظيمِ الخطر

ثمّ قالت معاذة اُمّ سعد بن معاذ:

أقول قولاً فيه ما فيه***وأذكر الخير واُبديه

محمد خير بني آدم***ما فيه من كِبر ولاتَيه

بفضله عرّفنا رُشدَنا***فالله بالخير مجازيه

ونحن مَعْ بنت نبيّ الهدى***ذي شرف قد مكّنت فيه

في ذروة شامخة أصلها***فما أرى شيئاً يدانيه

وكانت النسوة يرجّعنَ أوّل بيـت من كلّ رَجز ثمّ يكبِّرن ودخلن الدار، ثمّ أنفذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى عليٍّ ودعاه إلى المسجد، ثم دعا فاطمة فأخذ يديها ووضعها في يده وقال: «بارك الله في ابنة رسول الله»([112]).

وروى أبو جعفر الطوسي عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث قال: «قالت اُمّ أيمن: يا رسول الله، لو أنّ خديجة باقية لقرَّت عينها بزفاف فاطمة(عليها السلام)، وإنّ عليّاً يريد أهله، فقرّ عين فاطمة ببعلها، واجمع شملهما، وقرّ عيوننا بذلك. فقال: فما بال عليٍّ لا يطلب منّي زوجته؟ فقد كنّا نتوقّع منه ذلك، قال عليّ(عليه السلام): فقلت: الحياء يمنعني يا رسول الله، فالتفت إلى النساء فقال: مَن هاهنا؟ فقالت اُمّ سلمة: أنا اُمّ سلمة، وهذه زينب، وهذه فلانة وفلانة. فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): هيّئوا لابنتي وابن عمّي في حُجَري بيتاً، فقالت اُمّ سلمة: في أيّ حجرة يا رسول الله؟ قال: في حجرتك. وأمر نساءه أن يزيِّن ويصلحن من شأنها.

فقالت اُمّ سلمة: فسألت فاطمة هل عندك طيب ادّخرتيه لنفسك؟ قالت: نعم، فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي، فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قطّ، فقلت: ما هذا؟ فقالت: كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله)فيقول لي: يا فاطمة، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمّك، فأطرح له الوسادة فيجلس عليها، فإذا نهض سقط من بين ثيابه شيء فيأمرني بجمعه، فسأل عليّ(عليه السلام) رسول الله(صلى الله عليه وآله)عن ذلك فقال: هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل(عليه السلام).

قال عليّ(عليه السلام): ثمّ قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله): يا عليّ، اصنع لأهلك طعاماً فاضلاً، ثمّ قال: من عندنا اللحم والخبز، وعليك التمر والسمن، فاشتريت تمراً وسمناً، فحسر([113])رسول الله(صلى الله عليه وآله)عن ذراعه وجعل يشدخ([114]) التمر في السمن حتّى اتخذه خَبِيصاً([115])، وبعث إلينا كبشاً سميناً فذبح، وخبز لنا خبزاً كثيراً، ثمّ قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله): ادعُ مَن أحببتَ، فأتيتُ المسجد وهو مشحن([116]) بالصحابة، فاستحييت أن اُشخِّص قوماً وأدع قوماً، ثمّ صعدت على ربوة([117]) هناك وناديت: أجيبوا إلى وليمة فاطمة، فأقبل الناس أرسالاً، فاستحييت من كثرة الناس وقلّة الطعام، فعلم رسول الله(صلى الله عليه وآله)ما تداخلني.

فقال(صلى الله عليه وآله): يا عليّ، إنّي سأدعو الله بالبركة، قال عليّ(عليه السلام): وأكل القوم عن آخرهم طعامي، وشربوا شرابي، ودعوا لي بالبركة، وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل، ولم ينقص من الطعام شيء، ثمّ دعا رسول الله(صلى الله عليه وآله)بالصحاف فمُلئت، ووجّه بها إلى منازل أزواجه، ثمّ أخذ صَحفةً وجعل فيها طعاماً، وقال: هذا لفاطمة وبعلها، حتّى إذا انصرفت الشمس للغروب قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): يا اُمّ سلمة، هلمِّي فاطمة، فانطلقَتْ فأتَتْ بها وهي تسحب أذيالها، وقد تصبّبت عرقاً حياءً من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فعثرتْ فقال لها رسول الله(صلى الله عليه وآله): أقالكِ الله العثرة في الدنيا والآخرة، فلمّا وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتّى رآها عليّ(عليه السلام)، ثمّ أخذ يدها فوضعها في يد عليٍّ(عليه السلام)، فقال: بارك الله لك في ابنة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، يا عليّ، نعم الزوجة فاطمة، ويا فاطمة، نعم البعل عليّ، انطلِقا إلى منزلكما ولا تُحدِثا أمراً حتّى آتيكما.

قال عليّ(عليه السلام): فأخذت بيد فاطمة وانطلقت بها، حتّى جلست في جانب الصُفّة وجلستُ في جانبها، وهي مطرقة إلى الأرض حياءً منّي، وأنا مطرق إلى الأرض حياءً منها، ثمّ جاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال: مَن هاهنا؟ فقلنا: ادخل يا رسول الله، مرحباً بك زائراً وداخلاً، فدخل فأجلس فاطمة(عليها السلام) من جانبه وعليّاً(عليه السلام) من جانبه([118])، ثمّ قال: يا فاطمة، ائتيني بماء، فقامت إلى قَعب([119]) في البيت فملأته ماءً ثمّ أتته به، فأخذ منه جرعةً فمضمض بها، ثمّ مجّها([120]) في القعب، ثمّ صبّ منها على رأسها، ثمّ قال: أقبلي، فلمّا أقبلت نضح منه بين ثدييها، ثمّ قال: أدبري، فلمّا أدبرت نضح منه بين كتفيها، ثمّ قال: اللهمّ هذه ابنتي وأحبّ الخلق إليّ، اللهمّ وهذا أخي وأحبّ الخلق إليّ، اللهمّ لك وليّاً، وبك حفيّاً، وبارك له في أهله.

ثمّ قال(صلى الله عليه وآله): يا عليّ، ادخُل بأهلك بارك الله لك، ورحمة الله وبركاته عليكم، إنّه حميد مجيد([121]).

وعن ابن مسعود: لمّا أراد النبيّ(صلى الله عليه وآله) أن يوجّه فاطمة إلى عليٍّ(عليهما السلام) أخذتها رعدة استحياءً، فقال: يا فاطمة، إنّي لم اُزوِّجك ] من عليٍّ[ من تلقاء نفسي، بل أمرني الله تبارك وتعالى أن اُزوّجك منه. أخرجه القندوزي الحنفي([122]).

الشيخ حسين الدياربكري قال: ولمّا كانت ليلة البناء: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله)لعليٍّ: لا تُحدِث شيئاً حتى تلقاني، فدعا(صلى الله عليه وآله) بإناء فتوضّأ به فأفرغه على عليّ، ثمّ قال: «اللّهمّ بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما شملهما»([123]).

ابن حجر قال: دخل النبيّ على فاطمة ودعا بماء، فأتته بقدح فيه ماء، فمجّ فيه، ثمّ نضح على رأسها وبين ثدييها، وقال: اللهمّ إنّي اُعيذُها بك وذرّيتها من الشيطان الرجيم، ثمّ قال لعليّ: ائتني بماء، فعلمتُ ما يريد، فملأت القعب فأتيته به، فنضح منه على رأسي وبين كتفي، وقال: اللهمّ إنّي اُعيذه بك وذرّيته من الشيطان الرجيم، ثمّ قال: «اُدخُل بأهلك على اسم الله تعالى وبركته»([124]).

وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري مسنداً عن جابر بن عبدالله الأنصاري في حديث: لمّا كانت ليلة الزَفاف أتى النبيّ ببغلته الشهباء وثنى عليها قطيفة، وقال لفاطمة: اركبي، وأمر سلمان أن يقودها والنبيّ يسوقها، فبيناهم في الطريق إذ سمع النبيّ(صلى الله عليه وآله) بجلبة، فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفاً من الملائكة وميكائيل في سبعين ألفاً، فقال النبيّ: ما أهبطكم إلى الأرض؟ قالوا: جئنا لزفاف فاطمة إلى زوجها عليّ، فكبّر جبرئيل، وكبّرت الملائكة، وكبّر رسول الله، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة.

قال عليّ(عليه السلام): ثمّ دخل إلى منزلي، فدخلت إليه ودنوت منه، فوضع كفّ فاطمة في كفّي، وقال: اُدخلا المنزل ولا تُحِدثا أمراً حتّى آتيكما، قال: فدخلنا المنزل، فما كان إلاّ أن دخل رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبيده مصباح، فوضعه في ناحية المنزل، وقال لي: ياعليّ، خذ في ذلك القعب ماءً من تلك الشكوة([125])، ففعلت، ثمّ أتيته به فتفل فيه تفلات ثمّ ناولني القعب، فقال: اشرب منه فشربت، ثمّ رددته إلى رسول الله فناوله فاطمة، وقال: اشربي حبيبتي، فشَرِبَت منه ثلاث جرعات، ثمّ رددتهُ إليهِ، فأخذ ما بقي من الماء فنضحه على صدري وصدرها، وقال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)([126]) ثمّ رفع يديه، وقال: يا ربّ، إنّك لم تبعث نبيّاً إلاّ وقد جعلت له عترة، اللهمّ فاجعل عترتي الهادية من عليٍّ وفاطمة، ثمّ خرج.

قال عليّ(عليه السلام): فبِتُّ بليلة لم يبت أحد من العرب بمثلها، فلمّا كان في آخر السحر أحسستُ برسول الله(صلى الله عليه وآله)، فذهبت لأنهض، فقال: مكانك أتيتك في فراشك رحمك الله، فأدخل رجليه معنا في الدثار، ثمّ أخذ مدرعةً كانت تحت رأس فاطمة فاستيقظت، فبكى وبكت فاطمة وبكيتُ لبكائهما، فقال لي: ما يبكيك؟ فقلت: فداك أبي واُمّي يا رسول الله بكيتَ وبكتْ فاطمة فبكيتُ لبكائكما. فقال: أتاني جبرئيل فبشّرني بفرخين يكونان لكَ. ثمّ عُزّيت بأحدهما وعلمت أ نّه يُقتل غريباً عطشاناً، فبكتْ فاطمة حتّى علا بكاؤها، ثمّ قالت: يا أبةِ لِمَ يقتلونه وأنت جدّه، وأبوه عليّ وأنا اُمّه؟ قال: «يا بُنيّة، لطلبهم المُلك، أما إنّهم سيظهر عليهم سيف لا يُغمد إلاّ على يد المهدي من ولدكِ.

يا عليّ، مَن أحبّكَ وأحبَّ ذرّيتك فقد أحبّني، ومَن أحبّني أحبّه الله، ومَن أبغضك وأبغض ذرّيتك فقد أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله وأدخله النار»([127]).

وروى النعمان بن أبي عبدالله محمد بن منصور القاضي في كتابه في ذكر الدخول بالنساء ومعاشرتهنّ من كتاب النكاح عن جعفر بن محمد(عليهما السلام) أ نّه قال: «لمّا كانت الليلة الّتي بنى فيها عليّ بفاطمة(عليهما السلام) سمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) ضرب الدفّ، فقال: ما هذا؟ قالت اُمّ سلمة: يا رسول الله، هذه أسماء بنت عميس([128]) تضرب بالدفّ أرادت بهِ فرح فاطمة، لأن لاترى أ نّه لمّا ماتت اُمّها لم تجد من يقوم لها، فرفع رسول الله يده إلى السماء ثمّ قال(صلى الله عليه وآله): اللهمّ أدخل على أسماء ابنة عميس السرور كما أفرحت ابنتي، ثمّ دعا بها، فقال: يا أسماء، ما تقولون إذا ضربتِ بالدفّ؟ فقالت: ما ندري ما نقول يا رسول الله في ذلك، وإنّما أردت فَرَحَها، قال(صلى الله عليه وآله): فلا تقولي إذا ضربتِ الدفَّ هُجراً».

ثم قال القاضي: وهذا وما هو في معناه إنّما جاءت الرخصة فيه كما ذُكِر في النكاح; لاستحباب إشهاده وإبانته عن السفاح([129]). انتهى.

وروى ابن الجوزي بإسناده عن أبي زيد قال: لمّا اُهديت فاطمة إلى عليٍّ(عليهما السلام)لم تجد عندهُ إلاّ رملا مبسوطاً ووسادةً وكوزاً وجرّة ... الحديث([130]).

القندوزي الحنفي قال: قال أحمد في المناقب: فأرسل النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى عليٍّ: لا تقارب امرأتك حتّى آتيك، فجاء النبيّ(صلى الله عليه وآله)ودعا بماء، فقال فيه ما شاء الله أن يقول، ثمّ نضح منه على وجه عليٍّ، ثمّ دعا فاطمة فقامت إليه تعثر في ثوبها من الحياء، فنضح عليها أيضاً وقال لها: إنّي زوّجتك بأحبّ أهلي إليّ.

ثم قال القندوزي: وفي رواية ذكرها جمال الدين الزرندي: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)دعا بماء فمجّ فيه وغسل وجهه وقدميه، ثمّ أخذ كفّاً من ماء فنضحه على رأس فاطمة، وكفّاً بين ثدييها، ثمّ أمرها أن ترشَّ بقيّة الماء على سائر بدنها، ثمّ دعا بماء بمخضب آخر، فصنع بعليٍّ كما صنع بفاطمة، ثمّ قال: اللهمّ إنّهما منّي وأنا منهما، اللهمّ كما أذهبت عنّي الرجس وطهّرتني فأذهب عنهما الرجس وطهِّرهما.

ثم قال: «جمع الله شملكما وبارك لكما في شبليكما، وبارك فيكما وأصلح بالكما». ثمّ قام وأغلق عليهما باب البيت بيده المباركة ويدعو لهما حتى دخل في بيته.

ثمّ قال القندوزي: قلت: إنّ شبليكما معناه: الحسن والحسين([131]).

 

في زفاف الملائكة لفاطمة إلى عليٍّ (عليهما السلام):

ما تقدّم يجسّد مظاهر متنوعة من الوليمة التي واكبت الزواج، أمّا الآن فإليك نصوصاً تتحدث عمّا واكب ولحق هذا الزواج من اُمور متنوعة، ومنها:

عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: كانت الليلة التي زُفّت فيها فاطمة إلى عليٍّ(عليهما السلام) كان النبيّ(صلى الله عليه وآله) أمامها وجبريل عن يمينها وميكائيل عن يسارها، وسبعون ألف ملك من خلفها يسبّحون الله ويقدّسونه حتى طلع الفجر. خرّجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي([132]).

 

في ذكر صبيحة عُرس الزهراء(عليها السلام) وما أصابها فيها:

عن أسماء بنت عميس([133]) قالت: كنت في زفاف فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فلمّا أصبحنا جاء النبيّ(صلى الله عليه وآله) فضرب الباب ففتحت له اُمّ أيمن الباب فقال: «يا اُمّ أيمن، ادعي لي أخي»... وسمعن النساء صوت النبيّ(صلى الله عليه وآله) فتنحين، قالت: واختبأت أنا في ناحية، فجاء عليّ(رضي الله عنه) فدعا له رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ثمّ نضح عليه من الماء، ثمّ قال: «ادعوا لي فاطمة». فجاءت خرقة([134]) من الحياء، فقال لها: «قد أنكحتك أحبّ أهل بيتي»، ودعا لها ونضح عليها من الماء، فخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله)فرأى سواداً، فقال: «مَن هذا»؟ قلت: أسماء، قال(صلى الله عليه وآله): «ابنة عميس»؟ قلت: نعم، قال: «كُنتِ في زفاف فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)تُكرمينها»؟ قلت: نعم، فدعا فيّ([135]).

وروى شرحبيل بإسناده قال: لمّا كان صبيحة عرس فاطمة جاء النبيّ(صلى الله عليه وآله)بعُسٍّ فيه لبن، فقال لفاطمة: «اشربي فداكِ أبوكِ، وقال لعليٍّ: اشرب فداكَ ابنُ عمِّكَ»([136]).

قال ابن شهرآشوب: وروي: أ نّه(صلى الله عليه وآله) قال: «مرحباً ببحرين يلتقيان، ونجمين يقترنان ...» ـ إلى أن قال : ـ وباتت عندها أسماء بنت عميس اُسبوعاً بوصيّة خديجة إليها، فدعا لها النبيّ(صلى الله عليه وآله) في دنياها وآخرتها، ثمّ أتاهما في صبيحتهما وقال: السلام عليكم، أدخُلُ رحمكم الله؟، ففتحت أسماء الباب وكانا نائمين تحت كساء. فقال(صلى الله عليه وآله): على حالكما، فأدخل رجليه بين أرجلهما، فأخبر الله عن أورادهما: (تَتجافى جُنُوبُهم عن المَضاجِعِ)([137]) الآية.

فسأل (صلى الله عليه وآله) عليّاً: كيف وجدت أهلك؟ قال: نعم العون على طاعة الله، وسأل فاطمة؟ فقالت: خير بعل، فقال: اللهمّ اجمَع شملهما، وأ لِّف بين قلوبهما، واجعلهما وذرّيّتهما من ورثة جنّة النعيم، وارزقهما ذرّيّةً طاهرةً طيبةً مباركةً، واجعل في ذرّيّتهما البركة، واجعلهم أئمةً يهدون بأمرك إلى طاعتك ويأمرون بما يرضيك. ثمّ أمر بخروج أسماء([138]) وقال: جزاكِ الله خيراً...»([139]) الحديث.

عن علقمة، عن عبد الله قال: أصاب فاطمة(عليها السلام) صبيحة العرس رعدة، فقال لها النبيّ(صلى الله عليه وآله): «زوّجتك سيّداً في الدنيا، وإنّه في الآخرة لمن الصالحين. يا فاطمة، إنِّي لمّا أردت أن اُملِّكك بعليٍّ أمر الله شجر الجنان فحملت حليّاً وحللاً، وأمرها فنثرته على الملائكة، فمن أخذ منه يومئذ شيئاً أكثر ممّا أخذ منه صاحبه أو أحسن افتخر به على صاحبه إلى يوم القيامة».

وقالت اُمّ سلمة: فلقد كانت فاطمة تفتخر على النساء لأنّ أوّل من خطب عليها جِبرئيل([140]).

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] . كشف الغمّة: 1/343، مناقب الخوارزمي: 343/364.

[2] . كشف اليقين للعلاّمة الحلّي: 195.

[3] . أخرجه الشنقيطي الشافعي في كفاية الطالب لمناقب عليّ بن أبي طالب: 84 .

[4] . أخرجه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى: 29، والشنقيطي في الكفاية: 86.

[5] . أخرجه الحافظ النسائي في الخصائص: 167/123 .

[6] . أخرجه القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: 2/62/49، وابن حجر في الصواعق المحرقة: 141، بتغيير يسير.

[7] . المناقب: 3/393 .

[8] . القَبَاطيّ بفتح القاف والباء وتشديد الياء: ثياب بيض رقيقة تجلب من مصر، واحدها قبطي بضمّ القاف نسبةً إلى القِبط ـ بكسر القاف ـ وهم أهل مصر. مجمع البحرين: 4/266 (مادة قبط).

[9] . حَصَبتُهُ حَصْباً من باب ضرب: رميتُه بالحَصباء، والحَصباء: صغار الحصى، وواحدها حَصَبة كقَصَبة. مجمع البحرين: 2/43 ـ 44 (مادة حَصَب) .

[10] . مدينة المعاجز: 144، دلائل الإمامة: 12.

[11] . المرط: كساء من صوف أو خزٍّ كان يؤتَزَر به. مجمع البحرين: 4/273 (مادة مرط).

[12] . كشف الغمّة: 1/343، مناقب الخوارزمي:342 ـ 364.

[13] . إسعاف الراغبين: 83 المطبوع بهامش نور الأبصار.

[14] . أخرجه القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: 2/60/47.

[15] . هشَّ الرجل هشّاً: إذا تبسّم وارتاح، والمؤمن هشّاش بشّاش من الهشاشة، وهي طلاقة الوجه. مجمع البحرين: 4/158 (مادة هَشَشَ).

[16] . المناقب: 3/393 .

[17] . بشارة المصطفى: 328، المحتضر: 136، الوافي: 21/315/21305، كشف الغمّة: 1/446، مقتل الحسين: 107/38، ينابيع المودة: 2/67/56، عيون الأخبار: 1/203/3، مع تغيير يسير.

[18] . القصيدة من (28) بيتاً في مدح أميرالمؤمنين(عليه السلام)، وجدتها في مجموعة بخطّ المرحوم جدّي آية الله السيد مرتضى الرضوي الكشميري(قدس سره).

[19] . بشارة المصطفى: 174.

[20] . عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 2/64/226.

[21] . أخرجه الطبراني كما في الصواعق المحرقة: 124.

[22] . أخرجه القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: 2/399/38.

[23] . أمالي الشيخ الطوسي: 39/44.

[24] . مناقب آل أبي طالب(عليهم السلام): 2/209.

[25] . الوافي: 21/315/21304، باب 50 ما خصّت به فاطمة في التزويج، وأخرجه الخوارزمي في مقتل الحسين: 125/65 .

[26] . تفسير فرات الكوفي: 413 ـ 414/552، أمالي الصدوق: 653/890، روضة الواعظين: 144، بحار الأنوار: 43/101/12، مستدرك الوسائل: 14/208/16515.

[27] . أخرجه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى: 29 ـ 33، والديار بكري في تأريخ الخميس: 1/407.

[28] . أمالي الشيخ الطوسي: 39/44، بشارة المصطفى: 322، المحتضر: 136.

[29] . طبقات ابن سعد: 8/19، عنه كتاب السيدة فاطمة(عليها السلام) للبيّومي: 116.

[30] . الفرقان: 54.

[31] . الرعد: 39.

[32] . أي: إلاّ أنا.

[33] . عنهما كتاب السيّدة فاطمة الزهراء: 116 ـ 117، كشف القناع للبَهوتي: 2/32.

[34] . الحجّ: 2.

[35] . النور: 25.

[36] . آل عمران: 30.

[37] . الزلزلة: 7 ـ 8.

[38] . آل عمران: 185.

[39] . دلائل الإمامة: 18 ـ 20، باختلاف يسير في اللفظ.

[40] . ذخـائر العـقبى: 31، طـريق الـوصول للمؤلّف: (مخطوط).

[41] . ينابيع المودّة: 2/61/48.

[42] . الصواعق المحرقة: 162.

[43] . الفرقان: 54.

[44] . نور الأبصار: 96، مناقب الخوارزمي: 336/357، الفصول المهمّة للمالكي: 1/654، ذخائر العقبى: 30، تأريخ الخميس: 1/408، كشف الغمّة: 1/339.

[45] . المناقب للخوارزمي: 348/364، تأريخ الخميس: 1/408، وأوردها ابن شهرآشوب في المناقب: 3/399 بتغيير يسير.

[46] . كتاب الإيقاد: 20.

[47] . وفي بعض النسخ: «مبغضاً لَها».

[48] . كشف الغمّة: 2/146، مقتل الخوارزمي: 107/38، المحتضر: 133، بحار الأنوار: 43/141/37، ينابيع المودّة: 2/334.

[49] . المناقب: 3/400.

[50] . المصدر نفسه.

[51] . مدينة المعاجز: 147، دلائل الإمامة: 21، مع تغيير يسير.

[52] . دلائل الإمامة: 21.

[53] . اُسد الغابة: 5/520، الإصابة: 8 / 158، ذخائر العقبى: 27، مناقب الخوارزمي: 335/356، طريق الوصول للمؤلّف: (مخطوط).

[54] . ينابيع المودة: 2/62/48.

[55] . مناقب ابن شهرآشوب: 3/399.

[56] . قرب الإسناد: 112/388.

[57] . كشف الغمّة: 1/348.

[58] . عِرار: نبت طيب الرائحة. مجمع البحرين: 3/400 (مادة عرر).

[59] . المناقب: 3/399.

[60] . الإهاب: الجلد، أو ما لم يدبغ، والجمع اُهُب. القاموس المحيط: 1/49 (مادة الأهبة).

[61] . أخرجه الحافظ النسائي في الخصائص: 167/123.

[62] . مجمع البحرين: 3/24 (مادة جرد) نقلاً عن الكافي: 5/378.

[63] . وفي مدينة المعاجز: «باركوا على نكاح فاطمة بنت محمد وعليّ بن أبي طالب رضاً منّي بهما فقد باركت عليهما...» إلى آخره.

[64] . في دلائل الإمامة: «إليَّ بعد محمد».

[65] . الأحقاف: 15.

[66] . رواه فرات الكوفي في تفسيره: 156، وابن جرير الطبري في دلائل الإمامة: 17 ـ 18، وابن بابويه في العيون: 1/201/1 ، والشيخ حسن الحلّي في المحتضر: 134، والسيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز: 145، والسيد نعمة الله في الأنوار النعمانية: 22، مع اختلاف في اللفظ وضمناً، والبحار: 43/101 ـ 103/12، تمام نصّ الحديث.

[67] . النَهَمُ، بالتحريك، والنهامة: إفراط الشهوة في الطعام، وقد نُهِمَ بكذا فهو منهوم، أي مولع به. لسان العرب: 14/311 (مادة نهم).

[68] . مناقب آل أبي طالب: 3/396.

[69] . ديوان السيّد الحميري: 102، عنه مناقب آل أبي طالب(عليهم السلام): 3/397.

[70] . عيون الأخبار: 1/203/3.

[71] . مقتل الحسين: 106/35، المناقب: 237/358.

[72] . دلائل الإمامة: 26، ورواه الشيخ الطوسي في أماليه: 257/464، والشيخ حسن الحلّي في المحتضر: 137.

[73] . عنه في ذخائر العقبى: 32.

[74] . المناقب: 3/376.

[75] . دلائل الإمامة: 16.

[76] . كفاية الطالب: 166.

[77] . كشف اليقين: 197.

[78] . وفي كشف الغمّة: (سلمان الفارسي) بدل (عمّار بن ياسر).

[79] . أمالي الطوسي: 40/45، بتفاوت يسير في اللفظ، مثير الأحزان: 2/220.

[80] . القطيفة: دثار له خمل. لسان العرب: 11/229 (مادة قطف).

[81] . ملفوف.

[82] . نبات طيّب الرائحة. لسان العرب: 5/29 (مادة ذخر).

[83] . منسوب إلى هجر بلدة بالبحرين. لسان العرب: 15/36 (مادة هجر). وفي رواية: قطريّ نسبة إلى قطر قرية بالبحرين.

[84] . المخضب بالكسر: شبه الإجانة، يُغسَلُ فيها الثياب. لسان العرب: 4/118 (مادة خضب).

[85] . الاُدم، بالضم: ما يؤكل بالخبز أي شي كان، لسان العرب: 1/96، (مادة اُدم).

[86] . الشَنّ بالفتح: السِقاء الخَلِق، وهو أشدّ تبريداً للماء من الحديد. لسان العرب: 7/218 (مادة شنن).

[87] . المِطهَرةُ: الإناء الذي يُتَوضّأُ به و يُتَطَهَّرُ به. لسان العرب: 8/211 (مادة طهر).

[88] . أمالي الطوسي: 41/45، المجالس السنية: 2/53.

[89] . مثير الأحزان: 2/220.

[90] . ذخائر العقبى: 34.

[91] . كشكول الشيخ البهائي: 1/141 و3/285، قرب الإسناد: 112/388.

[92] . الخميلة: القطيفة، وهو كلّ ثوب له خمل من أي شيء كان، والخمل: أهداب الثوب. مجمع البحرين: 5/366 (مادة خمل).

[93] . ذخائر العقبى: 34.

[94] . ذخائر العقبى: 34.

[95] . إسعاف الراغبين: 83، الكشكول فيما جرى على آل الرسول: (مخطوط عام 1106)، تأريخ الخميس: 1/407.

[96] . مختصر بصائر الدرجات: 130، الكافي: 4/417، كما في هامش مرآة العقول.

[97] . مروج الذهب: 1/406.

[98] . الصَحفة كالقَصعة الكبيرة منبسطة تُشبع الخمسة، والجمع: صِحاف، والصحيفة: قصعة تُشبع الرجل، والجمع صِحاف مثل كلبة وكلاب. مجمع البحرين: 5/77 (مادة صحف).

[99] . آل عمران: 106.

[100] . دلائل الإمامة: 23 ـ 25، مدينة المعاجز: 148.

[101] . كفاية الطالب: 168.

[102] . ذخائر العقبى: 34، تأريخ الخميس: 1/463.

[103] . بشارة المصطفى: 328، أمالي الطوسي: 43/47.

[104] . مناقب آل أبي طالب: 3/405.

[105] . الأنوار النعمانية: 23.

[106] . الثَفَرُ بالتحريك: السَيْر الذي في مؤخّر السَرج، ويجعل تحت ذَنَبها (أي ذنب الدابة). لسان العرب 2/106 (مادة ثفر).

[107] . دلائل الإمامة: 28.

[108] . مدينة المعاجز: 149.

[109] . في المصدر: (استِرنَ)، والصحيح ما أثبتناه لأجل استقامة الوزن.

[110] . المِعجَر والعِجار: ثوب تلفّه المرأة على استدارة رأسها، ثمّ تَجَلبَبُ فوقه بجلبابها، والجمع: المعَاجِر. لسان العرب: 9/56 (مادة عجر).

[111] . كذا في المصدر، والظاهر أنّ الأصحّ (أعلى).

[112] . المناقب لابن شهرآشوب: 3/403 ـ 404، بحار الأنوار: 43/115 ـ 116 عن كتاب مولد فاطمة لابن بابويه.

[113] . فحسر عن ذراعيه: أي كشفَ عنهما، والانحسار: والانكشاف. مجمع البحرين: 3/268 (مادة حسر).

[114] . الشَدخ: الكسر في الشيء الأجوف، وفي الحديث: شدخ بيضة النعام: أي كسرها. مجمع البحرين: 2/435 (مادة شدخ).

[115] . الخبيص: في الحديث ذكر الخبيص، والخبيصة هو طعام معمول من التمر والزبيب والسمن، وخبصت الشيء خبصاً من باب ضرب: خلطته. مجمع البحرين: 4/167 (مادة خبص).

[116] . شحن السفينة: ملأها، ومنه قوله تعالى: (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ). مختار الصحاح: 143 (مادة شحن).

[117] . الرَبوة: ـ مثلّثة الراء ـ الارتفاع من الأرض. مجمع البحرين: 1/174 (مادة ربا).

[118] . كذا في المصدر.

[119] . القَعب: قدح من خشب. لسان العرب: 11/235 (مادة قعب).

[120] . مجّ الماء من فمه مجّاً: لفظه ورمى به. مجمع البحرين: 2/329 (مادة مجج).

[121] . أمالي الشيخ الطوسي: 40/45.

[122] . ينابيع المودة: 2/124/357.

[123] . تأريخ الخميس: 1/462، الصواعق المحرقة: 162.

[124] . الصواعق المحرقة: 163.

[125] . قال الطريحي: الشكوة: وعاء كالرَكوة والقربة الصغيرة، والجمع شُكى. مجمع البحرين: 1/252 (مادة شكا).

[126] . الأحزاب: 33.

[127] . دلائل الإمامة: 26 ـ 27، مدينة المعاجز: 149.

[128] . قال الحافظ محمد بن يوسف الكنجي في الكفاية: 171: وما أرى نسبة أسماء بنت عميس في هذا الحديث إلاّ غلطاً وقع من بعض الرواة أو من بعض الورّاقين; لأنّ أسماء التي حضرت في عرس فاطمة(عليها السلام) إنّما هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري، وأسماء بنت عميس ] الخثعمية[ كانت مع زوجها جعفر بأرض الحبشة هاجر بها الهجرة الثانية وولدت لجعفر بن أبي طالب أولاده كلّهم بأرض الحبشة، وبقي جعفر وزوجته أسماء بأرض الحبشة حتى هاجر النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى المدينة، وكانت وقعة بدر واُحد والخندق وغيرها من المغازي إلى أن فتح الله عزّ وجلّ على رسوله(صلى الله عليه وآله)قرى خيبر في سنة سبع، وقدم المدينة وقد فتح الله عزّ وجلّ على يديه، وقدِمَ يومئذ جعفر بامرأته وأهله، فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): ما أدري بأيِّهما اُسرّ: بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟ وكان زواج فاطمة من عليٍّ(عليهما السلام) بعد وقعة بدر بأيام يسيرة، فصحَّ بهذا أنّ أسماء المذكورة في هذا الحديث إنّما هي بنت يزيد، ولها أحاديث عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) روى عنها شهر بن حوشب وغيره من الناس، حقّق ذلك محمد بن يوسف بن محمد الكنجي من كُتُب الحُفّاظ من نَقَلَة الأخبار. انتهى كلام الكنجي. وكذا نقل المجلسي عنه في البحار: 43/134، فراجعه مع هامشه.

[129] . دعائم الإسلام: 2/206/752.

[130] . المناقب لابن الجوزي: (مخطوط)، المعجم الكبير للطبراني: 24/137/365، المصنَّف لعبدالرزّاق: 5/485/9781، بسند آخر.

[131] . ينابيع المودّة: 2/64 ـ 65 /51.

[132] . كذا حكى عنه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى: 32، وأورده موفق بن أحمد الخوارزمي في مقتل الحسين: 1/108/41.

[133] . راجع هامش الصفحة اللاحقة، فيه تحقيق في صحة وجود أسماء بنت عُميس أو اُختها سلمى أو غيرهما، أو عدم وجودها ليلة زفاف سيّدتنا الزهراء لعليٍّ(عليهما السلام).

[134] . خرقة: أي خجلة مدهوشة.

[135] . أخرجه النسائي في الخصائص: 168/124.

[136] . مناقب ابن شهرآشوب: 3/405، إعلام الورى: 1/298.

[137] . السجدة: 16.

[138] . أقول: إضافةً لِما تقدّم قبل ثلاث صفحات عن كتاب كفاية الطالب للكنجي الشافعي بأنّ أسماء بنت عميس لم تكن حاضرةً في عرس فاطمة(عليها السلام) وإنّما كانت بأرض الحبشة، نذكر ما قاله عليّ بن عيسى الإربِلي في كشف الغمّة: 1/355: قد تظافرت الروايات ـ كما ترى ـ أنّ أسـماء بنت عميـس حضـرت زفاف فاطـمة وفعلت، وأسـماء كانت مهـاجرةً بأرض الحبشـة مع زوجها جعفر بن أبي طالب(عليه السلام) ولم تعد هي ولا زوجها إلاّ يوم فتح خيـبر، وذلك فـي سـنة سـتٍّ من الهجرة، ولم تشهد الزفاف; لأنّه كان في ذي الحجة من سنة اثنتين، والتي شهدت الزفاف سلمى بنت عميس اُختها وهي زوجة حمزة بن عبدالمطلب(عليه السلام).

ولعلّ الإخبار عنها بسبب أنّ أسماء كانت أشهرَ من اُختها عند الرواة، فرووا عنها، أو سها واحد فتَبِعوه. انتهى كلامه(قدس سره).

[139] . المناقب: 3/404.

[140] . كشف الغمّة: 1/356، كفاية الطالب للكنجي: 165، بحار الأنوار: 43/139/35.

 

 

أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page