• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في مبايعة القوم عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) يوم الغدير، ونكوصهم وغدرهم به، واستيلائهم على الخلافة1

في مبايعة القوم عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) يوم الغدير،

ونكوصهم وغدرهم به، واستيلائهم على الخلافة

 

حديث جبرائيل مع عمر بن الخطاب في يوم غدير خمّ:

قبل أن نتحدّث عن كيفية انقلاب أكثر الصحابة على أعقابهم بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) كما أشار القرآن الكريم حيث قال: ﴿وَمَا مُحمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ...([1]) فنشير إلى تلك المقدمة:

قال سيّدنا السيد رضا الصدر ـ طاب ثراه ـ تحت عنوان: حديث جبرئيل مع عمر بن الخطاب (في يوم غدير خمّ): قال عمر بن الخطاب: نصّب رسول الله عليّاً فقال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره، اللهمّ أنت شهيدي عليهم». وكان في جنبي شابّ حسن الوجه، طيّب الريح، فقال لي: يا عمر، لقد عقد رسول الله(صلى الله عليه وآله)عقداً لا يحلّه إلاّ منافق، فاحذر أن تحلّه! فأخبرت رسول الله(صلى الله عليه وآله) بذلك وقلت: إنّك قلت حيث قلت في عليٍّ وكان في جنبي شابّ حسن الوجه، طيّب الريح قال لي: كذا وكذا.

قال(صلى الله عليه وآله): «ليس من ولد آدم، لكنّه جبرئيل أراد أن يؤكّد عليكم ما قلته»([2]).

ثمّ قال سيدنا الصدر: وممّا يلفت النظر في مكاشفة ابن الخطاب وحديث جبرئيل معه بإخبار الرسول(صلى الله عليه وآله)قول جبرئيل له: «مَن حلّ هذا العقد فهو منافق». فبذلك يمكن معرفة كثير من المنافقين ممّن لُقِّبَ بالصحابيّ بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله).

ثمّ إنّ مخاطبة النبيّ(صلى الله عليه وآله) لعمر بضمير الجمع بقوله(صلى الله عليه وآله): «يؤكّد عليكم»، يفيد: أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) كان عارفاً بأنّ المقصود بخطابِ جبرئيل ليس رجلا واحداً، بل هناك عدّة يرون مخالفة النصَّ ويدخلون في المؤامرة([3])...

لماذا وقعت هذه المكاشفة لعمر دون غيره ممّن يشترك معه في المؤامرة؟!

ويمكن الجواب عن هذا السؤال: بأنّ ابن الخطاب هو الذي شيّد أركان الخلافة لنفسه ولمن سبقه، ولمن خلَّفه بعده، فهو الحلقة الرئيسيّة في خلافة الخلفاء الثلاثة ومَن بعدهم....

 

في ما أخبر به النبيّ(صلى الله عليه وآله) عليّاً(عليه السلام) من ضغائن القوم وظلمهم:

ممّا لا شك فيه أنّ عليّاً(عليه السلام) كان على معرفة تامة بما يجري بعد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله)من القوم حياله، وحيال ذرّيته، وهذا ما يمكن ملاحظته عبر ما ورد عن عبدالرحمن ابن أبي ليلى قال: قال أبي: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله)لأمير المؤمنين عليٍّ(عليه السلام): «اتَّقِ الضغائن التي في صدور قوم، أخبرني جِبرئيل أ نّهم يظلمونك من بعدي، وأنّ ذلك الظلم عظيم لا يزول».

وأورد هذا الحديث القندوزي الحنفي بهذا اللفظ: «اتّق الضغائن التي لكَ في صدور مَن لا يُظهرها إلاّ بعد موتي، اُولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون»، وبكى(صلى الله عليه وآله)، ثم قال: «أخبرني جِبرائيل أنّهم يظلمونك بعدي، وأنّ ذلك الظلم لا  يزول بالكلّيّة عن عترتنا حتّى إذا قام قائمهم، وعلت كلمتهم، واجتمعت الاُمّة على مودّتهم، وكان الشانئ لهم قليلاً، والكارِه لهم ذليلاً، والمادح لهم كثيراً، وذلك حين تُغيَّر البلاد، وضعف العباد حين اليأس من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم مع أصحابه فيهم يُظهر الله الحقّ، ويُخمد الباطل بأسيافهم، ويتبعهم الناس راغباً إليهم، وخائفاً منهم، أبشروا بالفرج فإنّ وعد الله حقّ لا يخلف، وقضاءَه لا يُردّ وهو الحكيم الخبير، وإنّ فتح الله قريب.

اللهمّ إنّهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، اللهمّ اكلأهم وارعَهم،وكن لهم وانصرهم وأعزّهم ولا تذلّهم، واخلُفني فيهم إنّك على ما تشاء قدير»([4]).

 

في ذكر اليوم الذي بويع فيه لأبي بكر وقول الزهراء(عليها السلام) فيهم :

من الأحداث الملفتة للنظر أنّ حبّ الرئاسة بلغ بالقوم إلى التصدّي للخلافة بأيّة وسيلة ولو لم تكن مشروعةً وعلى حساب الدين، حينما ترك القوم جنازة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وانزوَوا في مؤتمر السقيفة للتآمر، فقد ورد: عن الوليد بن جميع الزهري قال: قال عمرو بن حريث لسعيد بن زيد: أشهدت وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قال: نعم، قال: فمتى بويع أبو بكر؟ قال: يوم مات رسول الله(صلى الله عليه وآله) ... الحديث([5]).

ابن حجر الهيثمي قال: أخرج الواقدي من طرق أ نّه بويع يوم مات
رسول الله(صلى الله عليه وآله)([6]).

وعن عائشة قالت: ما علمنا بدفن رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتّى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء... الحديث([7]).

الشيخ الشبلنجي قال: وكان دفنه(صلى الله عليه وآله) ليلة الأربعاء، فيكون مكث بعد موته بقية يوم الاثنين وليلة الثلاثاء ويومها وبعض ليلة الأربعاء; لأنّه توفّي(صلى الله عليه وآله) يوم الاثنين... إلى أن قال : وسبب تأخير دفنه اشتغالهم ببيعة أبي بكر حتّى تمّت([8]).

الاُستاذ عبدالفتاح عبدالمقصود قال: لو أنصف الناس حقّ الإنصاف لأرجؤوا البيعة حتّى يتمّ لهم مواراة جثمان الرسول، كان هذا أدنى إلى التزامهم جانب التدبّر وإحسان التفكير قبل الإقدام على الاختيار، فلقد كان حَرِيّاً حين طارت نفوسهم هلعاً إذ سمعوا بوفاة محمّد أن لا يملكوا ضبط الميزان...

إلى أن قال: كان الأدنى إلى الصواب إن لم يكن هو الصواب أن يتريّث القوم من المهاجرين والأنصار ولا يتنازعوا سلطان محمّد نبيّهم، ومحمّد ما زال مسجّىً([9])على فراشه لم يُغَيِّبه عن عيونهم مثواهُ([10]).

عن عروة بن الزبير قال: لمّا بايع الناس أبا بكر خرجت فاطمة بنت محمد(عليها السلام)فوقفت على بابها، وقالت: «ما رأيت كاليوم قطّ، حضروا أسوء محضر، تركوا نبيّهم جنازةً بين أظهرنا واستبدّوا بالأمر دوننا»([11]).

 

في ذكر استيلاء أبي بكر على الخلافة وعزله وكيل فاطمة(عليها السلام) من فدك:

كان في مقدمة ما استهلّ به أبو بكر سلطته المنحرفة أن التزم بمكر عمر عندما اقترح عليه أن يمنع الخُمس عن أصحابه، كي يتنصّل عنه أصحابه وشيعته ويبتعدوا عنه.

وفي هذا الصدد ذكر السيد حيدر العبيدي الآملي قال: روى المفضّل قال: قال مولاي جعفر الصادق(عليه السلام) : «لمّا ولي أبو بكر بن أبي قحافة قال له عمر: إنّ الناس عبيد هذه الدنيا لا يرون غيرها، فامنع عن عليٍّ وأهل بيته الخمس والفيء وفدكاً فإنّ شيعته إذا علموا ذلك تركوا عليّاً وأقبلوا إليك رغبةً في الدنيا وإيثاراً ومحاماةً([12])عليها! ففعل أبو بكر ذلك وأضرب عنهم([13]) جميع ذلك، فلمّا قام أبو بكر بن أبي قحافة أمر مناديه: من كان له عند رسول الله دين أو عِدَة فليأتني حتّى أقضيه، وأنجز لجابر بن عبدالله ولجرير بن عبدالله البجلي...» الحديث([14]).

وعن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «لمّا بويع أبو بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك مَن أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) منها»([15]).

 

في ذكر أنّ أبا بكر منع فاطمة(عليها السلام) فدكاً وسهم ذوي القربى:

وممّا أمر به أبو بكر من ظلم أيضاً أثناء استيلائه على السلطة قهراً هو منعه فدكاً عن فاطمة(عليها السلام).

حيث  جاء  عن  ابن أبي الحديد قال: إنّ أبا بكر انتزع فدكاً من فاطمة(عليها السلام)... ـ  إلى أن قال:  ـ فأتته فاطمة فقالت له: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)أعطاني فدكاً، فقال لها: هل لك على هذا بيّنة؟ فجاءت بعليٍّ(عليه السلام) فشهد لها، ثمّ جاءت اُمّ أيمن فقالت: ألستما تشهدان أنيّ من أهل الجنّة؟! قالا: بلى. قال أبو زيد: يعني أنّها قالت لأبي بكر وعمر: فأنا أشهد أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)أعطاها فدكاً، فقال أبو بكر: فرجل آخر وامرأة اُخرى لتستحقّي بها القضية([16]).

وعن أبي الأسود، عن عروة قال: أرادت فاطمة أبا بكر على فدك وسهم ذوي القربى، فأبى عليها وجعلهما في مال الله تعالى([17]).

وحكى ابن أبي الحديد عن أبي بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري: أنّ أبا بكر منع فاطمة وبني هاشم سهم ذوي القربى وجعله في سبيل الله في السلاح والكراع([18]).

أقول: وقد أوردت عدّة أحاديث كافيةً من طريق الخاصّة والعامّة أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)دفع فدكاً لابنته فاطمة(عليها السلام) في حياته عند نزول قوله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)([19])، وأنّ أبا بكر منعها منها، وأنّها(عليها السلام) وجدت عليه وغضبت وهجرته، وأوصت أن لا يصلّي عليها، كما سيجيء، ومنعها أيضاً من سهم ذوي القربى كما سنورده إن شاء الله.

قال السيوطي في تفسير قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى)([20]) الآية: أخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد (رضي الله عنه) قال: كان آل محمّد لا تحلّ لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس([21]).

والسيوطي أيضاً قال: أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: كانت الغنيمة تقسّم على خمسة أخماس، فأربعة منها بين من قاتل عليها، وخمس واحد يقسّم على أربعة أخماس، فربع لله وللرسول ولذي القربى، يعني قرابة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فما كان لله وللرسول فهو لقرابة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ... الحديث([22]).

ابن حجر الهيتمي قال: أخرج أحمد والطبراني وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس: أنّ هذه الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى...) الآية، لمّا نزلت قالوا: يا رسول الله، مَن قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودّتهم؟ قال: «عليّ وفاطمة وابناهما»([23]).

وروى أبو داود السجستاني بإسناده عن سعيد بن المسيّب في خبر قال: وكان أبو بكر يقسّم الخمس ولم يكن يُعطي قربى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما كان النبيّ(صلى الله عليه وآله)يعطيهم ... الحديث([24]).

وأخرج السيوطي في تفسيره عن أبي اُمامة الحارثي أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال: «من قطعَ حقّ امرىً مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرّم عليه الجنّة»، فقال له رجل: وإن كان يسيراً؟ قال: «وإن كان قضيباً من أراك»([25]).

للبرقي رحمه الله:

ولم يوارَ رسولُ اللهِ في جَدَث***حتى تعصَّبَ فرعونٌ لهامانِ

واستخرجا فدكاً منها وقد علما***بأنّها حقّها حقّاً بتبيانِ

فإن يقولوا أصابا فاليهودُ إذاً***بإرث داودَ أولى من سليمانِ([26])قال الشاعر الكوّاز:

فاسألاني عن الحجيم فإنّي***أنا مِن أهلها ومِن ساكنيها

لا  يمرّ العذاب إلاّ على مَن***منع الطهرَ إرثها من أبيها([27])

 

في ذكر استنصارها (عليها السلام)الأنصار:

ثمة ملاحظة تلفت النظر وهي: الصمت التام حيال فاطمة(عليها السلام) في موقفها من أحداث السقيفة وما بعدها، قد انبته عليه المؤرخون ومنهم:

العلاّمة الكراجكي حيث قال: فمن عجيب الاُمور وطريفها أن تخرج فاطمة الزهراء البتول سيدة نساء العالمين ابنة خاتم النبيين(عليها السلام)تندب أباها وتستغيث باُمّته ومَن هداهم إلى شريعته في منع أبي بكر مِن ظلمها فلا يُساعدها أحد، ولا يتكلّم معها بشر مع قرب العهد برسول الله(صلى الله عليه وآله)، ومع ما يدخل القلوب من الرقّة في مثل هذا الفعل، إذا ورد من مثلها حتّى تحمل الناس أنفسهم على الظلم فضلاً عن غيره!!

ثمّ تخرج عائشة بنت أبي بكر إلى البصرة تُحرّض الناس على قتال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) وقتال مَن معه من خيار الناس، ساعيةً في سفك دمه ودماء أولاده وأهله وشيعته، فتجيبها عشرة آلاف من الناس ويقاتلون أمامها إلى أن هلك أكثرهم بين يديها. إنّ هذا لَمِنَ الأمر العجيب!!([28]).

وروى ابن أبي الحديد بسنده عن أبي جعفر محمد بن عليٍّ(عليهما السلام) : أنّ عليّاً حمل فاطمة على حمار، وسار بها ليلاً إلى بيوت الأنصار يسألهم النصرة وتسألهم فاطمة الانتصار له، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، لو كان ابن عمّك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به.

فقال عليّ(عليه السلام) : «أكنت أترك رسول الله ميتاً في بيته لا اُجهّزه وأخرج إلى الناس اُنازعهم في سلطانه؟!».

وقالت فاطمة: «ما صنع أبو حسن إلاّ ما كان ينبغي له، وصنعوا هم ما الله حَسبُهُم عليه ...» الحديث([29]).

وروى العلاّمة المجلسي، عن الاختصاص، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في خبر طويل ... ـ  إلى  أن  قال  : ـ «خرجت  فاطمة  وحَمَلها  عليّ(عليه السلام) على  أتان عليه كساء له خمل، فدار بها أربعين صباحاً في بيوت المهاجرين والأنصار والحسن والحسين(عليهما السلام)معها، وهي تقول: «يا معشر المهاجرين والأنصار، انصروا الله وابنة نبيّكم، وقد بايعتم رسول الله(صلى الله عليه وآله)يوم بايعتموه أن تمنعوه وذرّيته ممّا تمنعون منه أنفسكم وذراريكم، فَفُوا لرسول الله(صلى الله عليه وآله)ببيعتكم»، قال: فما أعانها أحد ولا أجابها ولا  نصرها.

قال: فانتهت إلى معاذ بن جبل فقالت: «يا معاذ بن جبل، إنّي قد جئتك مستنصرة، وقد بايعتَ رسول الله(صلى الله عليه وآله)على أن تنصره وذرّيته وتمنعه ممّا تمنع منه نفسك وذرّيتك، وإنّ أبا بكر قد غصبني على فدك وأخرج وكيلي منها»، قال: فمعي غيري؟ قالت: «لا، ما أجابني أحد». قال: فأين أبلغ أنا من نصرك؟

قال: فخرجت من عنده. ودخل ابنه، فقال: ما جاء بابنة محمّد إليك؟

قال: جاءت  تطلب  نصرتي  على  أبي  بكر  فإنّه  أخذ  منها  فدكاً  ،   قال  :  فما أجبتَها  بـه؟

قال: قلت: وما يبلغ من نصرتي أنا وحدي، قال: فأبيت أن تنصرها؟ قال: نعم، قال: فأيّ شيء قالت لك؟ قال: قالت لي: والله لاُنازعنّك الفصيح من رأسي حتّى أرِدَ على رسول الله(صلى الله عليه وآله).

قال: فقال: أنا والله لاُنازعنّك الفصيح من رأسي حتّى أرِدَ على رسول الله(صلى الله عليه وآله)، إذ لم تجب ابنة محمد(صلى الله عليه وآله).

قال: وخرجت فاطمة ـ صلوات الله عليها ـ من عنده وهي تقول: «والله لا  اُكلّمُك أبداً حتّى أجتمع أنا وأنت عند رسول الله(صلى الله عليه وآله) »، ثمّ انصرفت([30]).

الحرّ العاملي(قدس سره) قال: ومن ذلك ما أورده عليّ الجزائري في رسالته تظلّم الزهراء فقال: ما أحسن قول القائل في هذا المعنى:

الناس ليسوا اُمّةً لمحمّد***مخصوصةً بل اُمّةٌ لعتيقِ

جاءت تطالب فاطمٌ بتراثها***فتقاعدوا عنها بكلّ طريقِ

وغدت تقاتل بنتُ ذا فتوثّبوا***طوعاً تقودُهُمُ بكلّ مضيقِ

فقعودُهم عن فاطم ونهوضهم***مع عائش يُغني عن التحقيقِ([31])

 

في احتجاج الزهراء(عليها السلام) على أبي بكر وعمر:

ممّا لا شك فيه أنّ الحقائق المرتبطة بما حدث بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) من انقلاب القوم، ومنها: ظاهرة (فدك) بصفتها ليس ظاهرة اقتصادية بقدر ما هي ظاهرة سياسية أو عقائدية،... هذه الحقائق لايجهلها القوم، إلاّ أنّ فاطمة(عليها السلام) أرادت أن تلقي الحجّة عليهم ليتحملوا مسؤولية ذلك و في هذا الميدان ورد عن السيد حيدر ابن علي العبيدي الآملي(قدس سره) قال: روى المفضّل قال: قال مولاي جعفر الصادق(عليه السلام)قال: «قال علي(عليه السلام) لفاطمة(عليها السلام): صِيري إلى أبي بكر بن أبي قحافة وذكّريه فدكاً، فصارت فاطمة إليه وذكرت له فدكاً مع الخمس والفيء، فقال لها: هاتي بيّنةً يا بنت رسول الله صلّى الله عليك وعلى أبيك، فقالت: أمّا فدك فإنّ الله عزّ وجلّ أنزل على نبيّه قرآنا يأمره فيه بأن يؤتيني ووُلدي حقّي، قال الله تعالى: (فآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)([32]) فكنت أنا ووُلدي أقرب الخلائق إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)فنحلني وولدي فدكاً،
فلمّا تلا عليه جبرئيل(عليه السلام): (وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ)([33]) قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ما حقّ
المسكين وابن السبيل؟ فأنزل الله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)([34])(كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَاءِ مِنكُمْ)([35])، فما كان لله فهو لرسوله، وما للرسول فهو لذي القربى([36])، ونحن ذو القربى، قال الله تعالى:(قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)([37]).

فنظر أبو بكر بن أبي قحافة إلى عمر بن الخطاب وقال: ما تقول؟

فقال عمر: مَن ذو القُربى؟ ومَن اليتامى والمساكين وابن السبيل؟

فقالت فاطمة(عليها السلام): «الذين يؤمنون بالله وبرسوله وبذي القربى، والمساكين الذين اُسكنوا معهم في الدنيا والآخرة، وابن السبيل الّذي يسلك مسلكهم».

قال عمر: فإذاً الخمس والفيء كلّه لكم ولمواليكم وأشياعكم؟

فقالت فاطمة(عليها السلام): أمّا فدك فأوجبها الله لي ولوُلدي دون موالينا وشيعتنا، وأمّا الخمس فقسّمه الله لنا ولموالينا وأشياعنا كما تقرأ في كتاب الله.

قال عمر: فما لسائر المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان؟

قالت فاطمة(عليها السلام): إن كانوا من موالينا وأشياعنا فلهم الصدقات الّتي قسّمها الله وأوجبها في كتابه، فقال الله عزّ وجلّ: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ ...)([38]) إلى آخر الآية.

قال عمر: فدك لكِ خاصة والفيء لكم ولأوليائكم؟ ما أحسب أنّ أصحاب رسول الله يرضون بهذا.

قالت فاطمة(عليها السلام): فإنّ الله عزّ وجلّ رضي بذلك ورسوله رضي له، وقسّم على الموالاة والمتابعة لا على المعاداة والمخالفة، ومن عادانا فقد عادى الله، ومن خالفنا فقد خالف الله ] ومن خالف الله[([39]) فقد استوجب من الله العذاب الأليم والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة.

فقال عمر: هاتي بيّنةً يا بنت محمّد على ما تدّعين!

فقالت فاطمة(عليها السلام): قد صدّقتم جابر بن عبد الله وجرير بن عبد الله ولم تسألوهما البيّنة، وبيّنتي في كتاب الله!!

فقال عمر: إنّ جابراً وجريراً ذكرا أمراً هيّناً، وأنت تدّعين أمراً عظيماً تقع به الردّة من المهاجرين والأنصار.

فقالت(عليها السلام): إنّ المهاجرين برسول الله وأهل بيت رسول الله هاجروا إلى دينه، والأنصار بالإيمان بالله ورسوله وبذي القربى أحسنوا، فلا هجرة إلاّ إلينا، ولا نصرة إلاّ لنا، ولا اتّباع بإحسان إلاّ بنا، ومن ارتدّ عنّا فإلى الجاهلية.

فقال عمر: دعينا من أباطيلك، وأحضرينا من يشهد لك بما تقولين!!

فبعثت(عليها السلام) إلى عليٍّ والحسن والحسين واُمّ أيمن وأسماء بنت عميس وكانت تحت أبي بكر بن أبي قحافة، فأقبلوا إلى أبي بكر وشهدوا لها بجميع ما قالت وادّعته.

فقال عمر: أمّا عليّ فزوجها، وأمّا الحسن والحسين ابناها، وأمّا اُمّ أيمن فمولاتها، وأما أسماء بنت عميس فقد كانت تحت جعفر بن أبي طالب فهي تشهد لبني هاشم، وقد كانت تخدم فاطمة، وكلّ هؤلاء يجرّون إلى أنفسهم!

فقال عليّ(عليه السلام): أمّا فاطمة فبضعة من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ومن آذاها فقد آذى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ومن كذّبها فقد كذّب رسول الله.

وأمّا الحسن والحسين فابنا رسول الله([40]) وسيدا شباب أهل الجنّة([41])، من كذّبهما فقد كذّب رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذ كانا من أهل الجنّة صادقين.

وأمّا أنا فقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أنتَ منّي وأنا منكَ، وأنت أخي في الدنيا والآخرة([42])، والرادُّ عليك هو الرادّ عليَّ، ومن أطاعكَ فقد أطاعني، ومن عصاكَ فقد عصاني.

وأمّا اُمّ أيمن فقد شهد لها رسول الله(صلى الله عليه وآله)بالجنّة، ودعا لأسماء بنت عميس وذرّيتها.

فقال عمر: أنتم كما وصفتم به أنفسكم، ولكنّ شهادة الجار إلى نفسه لا تقبل!!

فقال عليّ(عليه السلام): إذا كنّا نحن كما تعرفون ولا تنكرون، وشهادتنا لأنفسنا لا  تُقبل فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، إذ ادّعينا لأنفسنا سُئِلنا البيّنة فما من معين يعين، وقد وثبتم على سلطان الله وسلطان رسوله، فأخرجتموه من بيته إلى بيت غيره من غير بيّنة ولا حجّة، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون!!

ثمّ قال لفاطمة: انصرفي حتّى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين».

قال  المفضّل  :  قال  مولاي  جعفر  الصادق(عليه السلام):  «كلّ  ظلامة  حدثت  في الإسلام  أو  تحدث، وكلّ دم مسفوك وحرام، ومنكر مشهود، وأمر غير محمود، فوزره([43]) في أعناقهما وأعناق من شايعهما وتابعهما ورضي بولايتهما إلى يوم الساعة وساعة القيامة([44]).

في ذكر مطالبتها(عليها السلام) بالميراث والنحلة من أبي بكر ومنعه لها(عليها السلام)منهما:

لا  ريب  في أنّ الخطاب القرآني العامّ يشمل جميع أبناء البشر، ولا  يُستثنى منه الأنبياء والرسل(عليهم السلام)، فحينما يقول المولى تبارك وتعالى: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُم لِلْذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنْثَيَيْنِ)و(وَوَرِثَ سُلَيْمَـانُ دَاوُدَ...)فهنا من حقّ الولد مطالبته بإرث والده، والإرث هو مطلق ما يرثه الولد من مورِّثه، ولذا فالزهراء(عليها السلام)قد احتجّت على أبي بكر وغيره بتلك النصوص الشرعية وأفحمتهم، وإليك جملةً ممّا احتجّت به:

عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير: أنّ عائشة اُمّ المؤمنين أخبرته أنّ فاطمة(عليها السلام)ابنة رسول الله(صلى الله عليه وآله)سألت أبا بكر الصدّيق بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)أن يقسّم لها ميراثها وما ترك رسول الله(صلى الله عليه وآله)ممّا أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال: «لا  نورّث، ما تركناه صدقة»، فغضبت فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتّى توفّيت وعاشت بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)ستة أشهر.

قالت: وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها ممّا ترك رسول الله(صلى الله عليه وآله)من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة، فأبى أبو بكر عليها ذلك... ـ إلى أن قال: ـ فأمّا صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى عليّ وعباس.

وأمّا خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال: هما صدقة رسول الله(صلى الله عليه وآله) كانتا لحقوقه الّتي تعروه ونوائبه، وأمرُهما إلى من وَلِيَ الأمر، قال: فهما على ذلك إلى اليوم([45]).

وعن عائشة: أنّ فاطمة والعباس(عليهما السلام) أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله(صلى الله عليه وآله)وهما حينئذ يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر، فقال لها أبو  بكر: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «لا نورّث، ما تركنا صدقة»، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال، قال أبو بكر: والله لا أدَعُ أمراً رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يصنعه فيه إلاّ صنعته، قال: فهجرته فاطمة فلم تكلّمه حتّى ماتت([46]).

وعن عائشة أيضاً: أنّ فاطمة(عليها السلام) والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما أرضه من فدك وسهمه من خيبر، فقال أبو بكر: سمعت النبيّ(صلى الله عليه وآله)يقول: «لا نورّث، ما تركناه صدقة»، إنّما يأكل آل محمّد في هذا المال، واللهِ لقرابة رسول الله(صلى الله عليه وآله)أحبّ إليَّ من أن أصل قرابتي([47]).

عن اُمّ هاني: أنّ فاطمة أتت أبا بكر، فقالت له: من يرثك؟ فقال: ولدي وأهلي، فقالت له: فما بالك ورثت رسول الله(صلى الله عليه وآله) دوننا؟ فقال: يا بنت رسول الله، ما ورثت ذهباً ولا فضّةً ولا كذا ولا كذا ولا كذا، فقالت: سهمنا بخيبر وصدقتنا بفدك! فقال: يا بنت رسول الله، سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، يقول: «إنّما هي طعمة أطعمنيها الله تعالى في حياتي، فإذا متّ فهي بين المسلمين»، وقال أبو بكر: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول: «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث، ما تركناه صدقة»([48]).

وعن عائشة: أنّ فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يطلبان ميراثهما من رسول الله(صلى الله عليه وآله)وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر، فقال لها أبو بكر: أما إنّي سمعت رسول الله يقول: «لا نورّث، ما تركناه فهو صدقة»، إنّما يأكل آل محمّد في هذا المال، وإني واللهِ لا أدَع أمراً رأيت رسول الله يصنعه إلاّ صنعته!

قال: فهجرته فاطمة فلم تكلّمه في ذلك حتّى ماتت، فدفنها عليّ ليلاً ولم يؤذِن بها أبا بكر، وكان لعليّ وجه في الناس حياة فاطمة، فلمّا توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن عليّ، فمكثت فاطمة ستّة أشهر بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)ثمّ توفيت... الحديث([49]).

ابن أبي الحديد قال: واعلم أنّ الناس يظنّون أنّ نزاع فاطمة أبا بكر كان في أمرين: في الميراث والنحلة، وقد وجدت في الحديث: أنها نازعت في أمر ثالث ومنعها أبو بكر إيّاه أيضاً، وهو سهم ذوي القربى.

قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري: أخبرني أبو زيد عمر بن شبّة، قال: حدّثني هارون بن عمر قال: حدّثنا الوليد بن مسلم قال: حدّثني صدقة أبو معاوية، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن يزيد الرقّاشي، عن أنس بن مالك: أنّ فاطمة(عليها السلام)أتت أبا بكر فقالت: لقد علمت الّذي ظلمتنا عنه أهل البيت من الصدقات وما أفاء الله علينا من الغنائم في القرآن من سهم ذوي القربى، ثمّ قرأت عليه قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا غَنِمْتُم مِن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى...) الآية.

فقال لها أبو بكر: بأبي أنت واُمّي ووالد ولدك، السمع والطاعة لكتاب الله ولحقِّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)وحقّ قرابته، وأنا أقرأ من كتاب الله الّذي تقرئين منه ولم يبلغ علمي منه أنّ هذا السهم من الخمس مسلّم إليكم كاملاً.

قالت: أفَلَكَ هو ولأقرِبائك؟ قال: لا، بل اُنفق عليكم منه وأصرف الباقي في مصالح المسلمين، قالت: ليس هذا حكم الله تعالى... الحديث([50]).

الحرّ العاملي(قدس سره) قال: روي أنّ فاطمة ادّعت ثلاثة أشياء: الميراث والنحلة وسهم ذوي القربى، وأنّ أبا بكر لم يقبل منها شيئاً، بل منعها، وأنّ فاطمة خطبت في ذلك مرّةً بعد اُخرى وأنشدت شعراً وأظهرت من التظلّم والشكاية والتأذّي والغضب على من غصبها وعلى من ساعده وعلى من خذلها ولم ينصرها شيئاً كثيراً بليغاً، تركته خوفاً من الإطالة، وجميع تلك الروايات من طرق السنّة([51]).

وعن عائشة: أنّ فاطمة(عليها السلام) أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهي حينئذ تطلب ما كان لرسول الله(صلى الله عليه وآله) بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال: «لا نورّث، ما تركناه صدقة»، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال، وإنّي واللهِ لا اُغيّر شيئاً من صدقات رسول الله(صلى الله عليه وآله)عن حالها الّتي كانت عليها في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولأعملنّ فيها بما عمل به رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً، فوجدت([52]) فاطمة على أبي بكر في ذلك وهجرته فلم تكلّمه حتّى توفّيت، وعاشت بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ستّة أشهر،
فلمّا توفّيت دفنها عليّ ليلاً ولم يؤذِن بها أبا بكر([53]).

ابن أبي الحديد روى عن أبي بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري: عن هشام ابن  محمد، عن أبيه قال: قالت فاطمة لأبي بكر: إنّ اُمّ أيمن تشهد لي أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)أعطاني فدكاً، فقال لها: يا ابنة رسول الله، والله ما خلق الله خلقاً أحبّ إليّ  من رسول الله(صلى الله عليه وآله) أبيك، ولوددت أنّ السماء وقعت على الأرض يوم مات أبوكِ،  واللهِ لئن تفتقر عائشة أحبّ إليّ من أن تفتقري، أتراني اُعطي الأحمروالأبيض  حقّه وأظلمك حقّك، وأنت بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟! إنّ هذا المال لم يكن للنبيّ(صلى الله عليه وآله)([54])، وإنّما كان مالاً من أموال المسلمين يحمل النبيّ به الرجال، وينفقه في سبيل الله، فلمّا توفّي رسول الله(صلى الله عليه وآله)وليته كما كان يليه.

قالت: واللهِ لا كلّمتك أبداً! قال: والله لا هجرتُكِ أبداً.

قالت: والله لأدعونّ اللهَ عليكَ! فلمّا حضرتها الوفاة أوصت ألاّ يصلّي عليها... . الحديث([55]).

أقول: وقد دلّ هذا الحديث على أنّ الزهراء(عليها السلام) وجدت على أبي بكر، أي غضبت عليه، ومرّ قول النبيّ(صلى الله عليه وآله)لفاطمة(عليها السلام): «يا فاطمة، إنّ الله يغضب لغضبكِ ويرضى لرضاكِ»، وقوله(صلى الله عليه وآله): «فاطمةَ بَضعة منّي فمن أغضبها أغضبني»([56])، وقوله(صلى الله عليه وآله): «إنّما فاطمةَ بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ويغضبني ما أغضبها»([57])، فثبت أنّ أبا بكر آذى فاطمة(عليها السلام) لقولها: «والله لأدعونّ اللهَ عليكَ»، وأنّ عمر بن الخطاب أيضاً آذاها لقولها ـ لمّا دعا عمر بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها عليكم ـ : «يا أبتِ يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة([58])، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً)([59]).

العلاّمة الكراجكي قال: ومن العجب أن تأتي فاطمة(عليها السلام) إلى أبي بكر تطالبه بفدك وتذكر أنّ أباها نحلها إيّاها فيكذّب قولها ويقول لها: هذه دعوى لا  بيّنة لها! هذا مع إجماع الاُمّة على طهارتها وعدالتها، فتقول له: «إن لم يثبت عندك أنّها نحلة فأنا استحقّها ميراثاً»، فيدّعي أ نّه سمع النبيّ(صلى الله عليه وآله)يقول: «نحن معاشر الأنبياء لا  نورِّث، وما تركناه صدقة»، ويلزمها تصديقه فيما ادّعاه من هذا الخبر، مع اختلاف الناس في طهارته وصدقه وعدالته وهو فيما ادّعاه خصم ; لأنّه يريد أن يمنعها حقّاً جعله الله لها!!([60]).

وقال: ثمّ إنّ العجب كلّه من أن يمنع فاطمة جميع ما جعله الله لها من النحلة والميراث ونصيبها ونصيب أولادها من الأخماس الّتي خصّ الله تعالى بها أهل بيته(عليهم السلام)([61]) دون جميع الناس، فإذا قيل للحاكم بهذه القضية: إنّها وولدها يحتاجون إلى إنفاق جعل لهم في كلّ سنة بقدر قوتهم على تقدير الكفاف، ثمّ برأيه يُجري على عائشة وحفصة في كلّ سنة اثني عشر ألف درهم([62]) واصلةً إليهما على الكمال، ولا ينتطح في هذا الحكم عنزان([63]).

وقال أبو يوسف: وحدّثنا مجاهد بن سعيد، عن الشعبي، عمّن شهد عمر بن الخطاب  (رضي الله عنه) قال: لمّا فتح الله عليه وفتح فارس والروم جمع اُناساً من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)فقال: ما ترون؟ فإنّي أرى أن أجعل عطاء الناس في كلّ سنة، وأجمع المال فإنّه أعظم للبركة. قالوا: اصنع ما رأيت... ـ إلى أن قال: ـ وفرض لأزواج النبيّ(صلى الله عليه وآله)عشرة آلاف عشرة آلاف، وفرض لعائشة (رضي الله عنها) اثني عشر ألفاً... الحديث([64]).

ولنعم ما قال الشيخ جابر الكاظمي في تخميس القصيدة الاُزرية:

قُلْ لقوم سَعَت بجهد فساداً***ونفت حقّ آل طه ارتدادا

يا طُغاماً ضاهت ثموداً وعاداً***كيف تُنفى ابنة النبيّ عِنادا؟

لا نفى الله مِن لَظى مَن نفاها([65])

 

في ذكر رواية زينب بنت عليٍّ(عليهما السلام) في منع فاطمة من فدك والعوالي:

روى المفيد بإسناده عن زينب بنت عليّ بن أبي طالب(عليهما السلام) قالت: لمّا اجتمع رأي أبي بكر على منع فاطمة(عليها السلام) فدك والعوالي، وأيست من إجابته لها عدلت إلى قبر أبيها رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فألقت نفسها عليه وشكت إليه ما فعله القوم بها، وبكت حتّى بلّت تربته(عليه السلام)بدموعها، وندبته ثمّ قالت في آخر ندبتها:

قد كان بعدك أنباء وهنبثة***لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنّا فقدناك فقدَ الأرضِ وابِلَها***واختلّ قومك فاشهدهم فقد نكبوا([66])

 

في ذكر إقامتها(عليها السلام) الشهود لطلب حقّها وردّ أبي بكر شهودها:

لاحظنا ردود أبي بكر وعمر حيال فاطمة(عليها السلام) ـ وهي المعصومة ـ حيث طلبوا شهوداً على ذلك، ليس ابتغاء الحقّ ولكن خبثاً، كما هو واضح، وفي هذا الميدان تحدّث جملة مؤرخين حول الموضوع، ومنهم ياقوت الحموي حيث قال: لمّا قُبض رسول الله(صلى الله عليه وآله)قالت فاطمة(عليها السلام) لأبي بكر: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) جعل لي فدكاً فأعطني إيّاها، وشهد لها علي بن أبي طالب(عليه السلام)، فسألها شاهداً آخر، فشهدت لها اُمّ أيمن مولاة النبيّ(صلى الله عليه وآله).

فقال: قد علمتُ يا بنت رسول الله أ نّه لا يجوز إلاّ شهادة رجلين أو رجل وامرأتين([67]).

قال الشيخ المفيد (قدس سره) : قد ثبتت عصمة فاطمة(عليها السلام) بإجماع الاُمّة على ذلك فتياً مطلقة، وإجماعهم على أ نّه لو شهد عليها شهود بما يوجب إقامة الحدّ من الفعل المنافي للعصمة لكان الشهود مبطِلِين في شهادتهم ، ووجب على الاُمّة تكذيبهم ، وعلى السلطان عقوبتهم ، فإنّ الله تعالى قد دلّ على ذلك بقوله : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) .

ولا خلاف بين نقلة الآثار أنّ فاطمة(عليها السلام) كانت من أهل هذه الآية، وقد بيّنافيما سلف([68]) أنّ ذهاب الرجس عن أهل البيت الّذين عُنُوا بالخِطاب يوجب عصمتهم،ولإجماع  الاُمّة أيضاً على قول النبيّ(صلى الله عليه وآله): «مَن آذاها فقد آذاني، ومَن آذاني فقد  آذى الله عزّ وجلّ»، فلولا أنّ فاطمة(عليها السلام) كانت معصومةً من الخطأ، مبرّأةً من الزلل، لجاز منها وقوع ما يجب إذهابه بالأدب والعقوبة، ولو وجب ذلك لوجب أذاها.

ولو جاز وجوب أذاها لجاز أذى رسول الله(صلى الله عليه وآله) والأذى لله عزّ وجلّ ، فلمّا بطل ذلك دلّ على أنّها(عليها السلام)كانت معصومةً حسبما ذكرناه .

وإذا ثبتت عصمة فاطمة(عليها السلام)وجب القطع بقولها واستغنت عن الشهود في دعواها ; لأنّ المدّعي إنّما افتقر للشهود له لارتفاع العصمة عنه وجواز ادّعائه الباطل ، فيستظهر بالشهود على قوله لئلاّ يطمع كثير من الناس في أموال غيرهم وجحد الحقوق الواجبة عليهم .

وإذا كانت العصمة مُغنيةً عن الشهادة وجب القطع على قول فاطمة(عليها السلام)وعلى ظلم مانعها فدكاً ومُطالِبِها بالبيّنة عليها. ويكشف عن صحّة ما ذكرناه أنّ الشاهدين إنّما يقبل قولهما على الظاهر مع جواز أن يكونا مبطلَين كاذبين فيما شهدا به .

وليس يصحّ الاستظهار على قول مَن قد أمن منه الكذب بقول من لا يؤمن عليه ذلك، كما لا يصحّ الاستظهار بقول الفاسق الفاجر...

إلى أن قال (رحمه الله) : وإذا وجب قبول قول فاطمة(عليها السلام) بدلائل صدقها واستغنت عن الشهود لها ثبت أنّ مَن منع حقّها وأوجب الشهود على صحّة قولها قد جارَ في حكمه ، وظلم في فعله ، وآذى الله تعالى ورسوله(صلى الله عليه وآله) بإيذائه لفاطمة(عليها السلام) ، وقد قال الله جلّ جلاله: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً)([69]).

قال العلاّمة المجلسي(قدس سره): قال شريك: كان يجب على أبي بكر أن يعمل مع فاطمة بموجب الشرع، وأقلّ ما يجب عليه أن يستحلفها على دعواها أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)أعطاها فدكاً في حياته، فإنّ عليّاً واُمّ أيمن شهدا لها، وبقي ربع الشهادة، فردّها بعد الشاهدين لا وجه له، فإمّا أن يصدِّقها، أو يستحلفها ويمضي الحكم لها، قال شريك: الله المستعان، مثل هذا الأمر يجهله أو يتعمّده! انتهى([70]).

العلاّمة الكراجكي قال: ومن العجيب أن يقول لها أبو بكر مع علمه بعظم خطرها في الشرف وطهارتها من كلّ دنس، وكونها في مرتبةِ مَن لا يتّهم، ومنزلة من لا يجوز عليه الكذب: ائتيني بأحمر أو أسود يشهد لك بها وخذيها يعني فدك، فأحضرت إليه أمير المؤمنين والإمامين الحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ واُمّ أيمن، فلم يقبل شهادتهم وأعلّها، وزعم أ نّه لا يقبل شهادة الزوج لزوجته ولا الولد لوالده، وقال: هذه امرأة واحدة يعني اُمّ أيمن.

هذا مع إجماع المخالف والمؤالف على أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال: «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليٍّ، اللهمَّ أدِرِ الحقّ معه حيثما دار»([71])، وقوله: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا»([72])، وقوله(صلى الله عليه وآله) في اُمِّ أيمن: «أنت على خير وإلى خير»([73])، فردّ شهادة الجميع مع تميّزهم على الناس.

ثمّ لم تمضِ الأيام حتّى أتاه مال البحرين، فلمّا تُرِك بين يديه تقدّم إليه جابر ابن عبدالله الأنصاري فقال له ـ أي لأبي بكر ـ : النبيّ(صلى الله عليه وآله)قال لي: «إذا أتى مال البحرين حبوت لك ثمّ حبوت لك (ثلاثاً)». فقال له: تقدم فخذ بعددها، فأخذ ثلاث حفنات من أموال المسلمين بمجرّد الدعوى من غير بيّنة ولا شهادة، ويكون أبو بكر عندهم مصيباً في الحالين، عادلاً في الحكمين، إنّ هذا من الأمر المستطرف البديع!

ومن عجيب أمر المعتزلة إقرارهم بأنّ أميرالمؤمنين(عليه السلام) أعلم الناس وأزهدهم بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثمّ يعلمون أ نّه أتى مع فاطمة شاهداً لها بصحة ما ادّعته من نحلتها، فلا يستدلّون بذلك على صوابها وظلم مانعها، ولا يتأمّلون أنّ أعلم الناس لا يخفى عنه ما يصحّ من الشهادة وما يبطل، وأنّ أزهد الناس لا يشهد بباطل، وأنّ أمير المؤمنين(عليه السلام)لو كان لا يعلم أنّ شهادته بذلك مع من حضره لا يجوز قبولها ولا يؤثّر في وجوب الحكم بها وكان أبو بكر يعلم ذلك، لبطل القول بأنّه(عليه السلام)أعلم الناس بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله)، وأ نّه لو كان يعلم أنّ فاطمة(عليها السلام) تطلب باطلاً وتلتمس محالاً وأنّ شهادته لا يحلّ في تلك الحال قبولها ولا يسوغ الحكم بها، ثمّ أقدم مع ذلك عليها فشهد لها لكان قد أخطأ متعمّداً، وفَعَل ما لا يليق بالزُهّاد والأتقياء، وبطل قولهم: إنّه(عليه السلام) أزهد الناس بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله)، ولا ينتبهون بهذه الحال من رقدة الخلال([74])!!

ثمّ قال(قدس سره): ومن عجيب أمرهم اعتقادهم في ردّ أبي بكر شهادة أمير المؤمنين والحسن والحسين(عليهم السلام)بقولهم: إنّ هذا بعلها، وهذان ابناها، وكلّ منهم يجرّ إلى نفسه، ولا تصحّ شهادة من له حظّ فيما يشهد به، ثمّ يقبلون مع ذلك قول سعيد بن زيد بن نفيل فيما رواه وحده من أنّ أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعداً وسعيداً وعبدالرحمن بن عوف وأبا عبيدة من أهل الجنّة، ويصدّقونه في هذه الدعوى ويحتجّون بقوله، مع علمهم بأ نّه أحد مَن ذَكَرهم وله حظّ فيما شهد به، ولا  يردّون بذلك قوله، ولا يبطلون خبره، ويتغطّى عليهم أ نّه لا للزوج من مال زوجته، ولا  للولد من مال والده إلاّ ما نحله أباه أو ورثه عنه!!

ومن عجيب الاُمور وعظيم البِدَع في الدين: أن يشهد رجل برّ تقيّ لم يكن قطّ بالله مشركاً، ولا للدين منكراً، ولا أكل من حرام سُحتاً، ولا عاقَرَ([75]) على خمر نديماً، ولا ارتكب محرّماً، ولا جرّب أحد منه قطّ كذباً، ولا علم منه ذنباً، ولا  كان في طاعة الله ورسوله مقصِّراً، ولا عن درجات السبق إلى الفضائل متأخّراً، مع اختصاصه برسول الله نسباً وسبباً، عند رجل أقام أربعين سنةً من عمره كافراً، وبالله تعالى مشركاً، ولِما ظهر وبطن من الفواحش مرتكباً، ولمّا ظهر الإسلام لم يعلم أحد أنّ له فيه أثراً جميلاً، ولا كفى النبيّ(صلى الله عليه وآله) مَخُوفاً، بل عن كلّ فضيلة متأخراً، ولعهود الله ناكثاً، وكان في علمه ضعيفاً، وإلى غيره فيه فقيراً([76]) فيردّ شهادته ولا يقبل قوله، ويظهر أ نّه أعرف بالصواب منه، هذا والشاهد متّفق على طهارته وصدقه وإيمانه([77])، والمشهود عنده مخالف في طهارته وصدقه وإيمانه، إنّ هذا ممّا تنفر منه النفوس السليمة والعقول المستقيمة!!([78])

ومن العجب أ نّهم يدّعون على فاطمة البتول سيّدة نساء العالمين
الّتي أحضرها النبيّ(صلى الله عليه وآله)للمباهلة([79]) وشهد لها بالجنة ونزلت فيها آية
التطهير([80]) أنّها طلبت من أبي بكر باطلاً والتمست لنفسها محالاً، وقالت كذباً، ويتعذّرون في ذلك بأنّها لم تعلم بدين أبيها أ نّه لا حقَّ لها في ميراثه ولا نصيب لها من تركته، وجهلت هذا الأصل في الشرع، وعلم أبو بكر أنّ النساء لا يعلمن ما يعلم الرجال، ولا جرت العادة بأن يتفقّهنَ في الأحكام، ثمّ يدّعون مع هذا أنّ النبيّ قال: «خذوا ثلث دينكم عن عائشة، لا بل خذوا ثُلُثَي دينكم عن عائشة([81])، لا بل خذوا كلَّ دينكم عن عائشة، فتحفظ عائشة جميع الدين وتجهل فاطمة في مسألة واحدة مختصّة بها في الدين، إنّ هذا لشيءٌ عجيب!!

والّذي يَكثر التعجّب ويطول فيه الفكر: أنّ بعلها أمير المؤمنين(عليه السلام)لم يعلِّمها ولم يَصُنها عن الخروج من منزلها لطلب المحال والكلام بين الناس، بل يعرضها لالتماس الباطل، ويحضر معها فيشهد بما لا يسوغ ولا يحلّ، إنّ هذا من الأمر المهول الّذي تحار فيه العقول([82])!

قال السيّد أبو القاسم الكوفي: روى مشايخنا: أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) قال لأبي بكر حين لم يقبل شهادته: «يا أبا بكر، أصدقني عمّا أسألك»، قال: قل، قال: «أخبرني لو أنّ رجلين احتكما إليك في شيء في يد أحدهما دون الآخر أكنت تخرجه من يده دون أن يثبت عندك ظلمه؟»، قال: لا، قال: «فممّن كنت تطلب البيّنة منهما؟ أو على من كنت توجب اليمين منهما؟»، قال: أطلب البيّنة من المدّعي واُوجب اليمين على المنكر، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «البيّنة على المدّعي واليمين على المنكر».

قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «أفتحكم فينا بغير ما تحكم به في غيرنا؟»، قال: فكيف ذلك؟ قال: «إنّ الذين يزعمون أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: ما تركناه فهـو صدقة([83])، وأنت ممّن له في هذه الصدقة إذا صحّت نصيب وأنت فلا تجيز شهادة الشريك لشريكه فيما يشاركه فيه، وتركة الرسول(صلى الله عليه وآله) بحكم الإسلام في أيدينا إلى أن تقوم البيّنة العادلة بأنّها لغيرنا، فعلى من ادّعى ذلك علينا إقامة البيّنة ممّن لا  نصيب له فيما يشهد به علينا وعلينا اليمين فيما ننكره، فقد خالفت حكم الله تعالى وحكم رسوله (صلى الله عليه وآله)، إذ قبلت شهادة الشريك في الصدقة وطالبتنا بإقامة البيّنة على ما ننكره ممّا ادّعوه علينا، فهل هذا إلاّ ظلم وتحامل؟!».

ثمّ قال: «يا أبا بكر، أرأيت لو شهد عندك شهود من المسلمين المعتدلين عندك على فاطمة بفاحشة ما كنت صانعاً؟».

قال: كنتُ واللهِ اُقيم حدّ الله في ذلك!!([84]).

قال له: «إذاً كنت تخرج من دين الله ودين رسول الله(صلى الله عليه وآله)».

قال: لِمَ؟

قال: «لأنّك تُكذِّب الله وتُصدّق المخلوقين; إذ قد شهد الله لفاطمة بالطهارة من الرجس في قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)([85])، فقلت أنت: إنّك تقبل شهادة من شهد عليها بالرجس; إذ الفواحش كلّها رجس وتترك شهادة الله لها بنفي الرجس عنها!!».

فلمّا لم يجد جواباً قام من مجلسه ذلك وترك عليّاً(عليه السلام).

ثم قال السيّد([86]) قدّس الله روحه: فانظروا يا أهل الفهم، هل جرى في الإسلام بدعة أظلم وأظهر وأفظع وأعظم وأشنع من طالب ورثة الرسول(صلى الله عليه وآله) بإقامة البيّنة على تركة الرسول أنّها لهم مع شهادة الله لورثة الرسول بإزالة جميع الباطل عنهم، وذلك كلّه بحكم الإسلام في أيديهم، وقد رووا: أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) قال: «نحن أهل بيت لا تحلّ علينا الصدقة».

فيجوز لمسلم أن يتوهّم على أهل بيت الرسول(عليهم السلام) أ نّهم طلبوا شيئاً من الحرام، هذا مع ما أخبرهم الله بتطهيرهم من الرجس كلاًّ، وقد دلّ قول القوم: إنّ الرسول(صلى الله عليه وآله)قال: ما تركناه فهو صدقة، على أنّ المنازعة جرت بينهم وبين أهل البيت في التركة، فلا يخلو أهل بيت الرسول(صلى الله عليه وآله) من أن يكونوا طلبوا الحرام بالباطل فيلزم عند ذلك تكذيب الله تعالى فيما أخبر به من تطهيرهم من ذلك.

وإمّا أن يكونوا طلبوا الحقّ فقد ثبت ظلم مَن منعهم من حقّهم، ولا يُبعِد الله إلاّ مَن ظلم وتعدّى وغشم، هذا مع تكذيب الله لهم فيما ادّعوه من صدقة تركة الرسول، وأنّ الأنبياء لا يورّثون; إذ يقول الله في كتابه: (وَوَرِثَ سُلَيْمَـانُ دَاوُدَ)([87])، وقال فيما أخبر به عن زكريا أ نّه قال: (فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ  رَبِّ رَضِيّاً)([88]).

فأخبر الله بميراث أنبيائه وزعم واضع الخبر المتخرّص أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله)قال: «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث، ما تركناه فهو صدقة»، ولعمري لقد كان واضع الخبر ومتخرّصه([89]) جاهلاً كتاب الله; إذ لم يعلم ما فيه من تكذيب خبره، وذلك من امتنان الله على المؤمنين في كشف باطل المبطل، ولو كان واضع الخبرجعل ما تخرّصه في تركة الرسول(صلى الله عليه وآله)منسوباً إلى رسولنا خاصّةً دون غيره من الأنبياء، لدخلت شبهة على كثير من الناس العارفين فضلاً عن الأعجام وجمهور الأعوام ، ولكنّ الله أعمى قلبه وسمعه حتّى قال فيما اخترصه من ذلك كلّه ما يكذِّبه كتاب الله. انتهى([90]).

 

في احتجاج أمير المؤمنين(عليه السلام) على أبي بكر وعمر بالكتاب والسنّة بأمر فدك:

إنّ من يقف عند مناقشة واحتجاج الإمام عليٍّ(عليه السلام): قبالة القوم يجد أ نّه(عليه السلام)قد أقحمهم بالحجّة وأقرّوا بها، إلاّ أ نّهم جحدوا ذلك إيثاراً لمصالحهم الدنيوية، وإليك ما ورد بهذا الصدد:

عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «لمّا بويع أبو بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك مَن أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) منها، فجاءت فاطمة(عليها السلام) إلى أبي بكر ثمّ قالت: يا أبا بكر، لِمَ تمنعني ميراثي من أبي رسول الله وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله(صلى الله عليه وآله)بأمر الله تعالى؟!

فقال: هاتي على ذلك بشهود، فجاءت باُمّ أيمن، فقالت: لا أشهد يا أبا بكر حتّى أحتجّ عليك بما قال رسول الله(صلى الله عليه وآله)، اُنشدك بالله ألست تعلم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال: إنّ اُمَّ أيمن امرأة من أهل الجنّة؟ فقال: بلى، قالت: فأشهدُ أنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) (فآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) فجعل فدكاً لفاطمة بأمر الله.

فجاء عليّ فشهد بمثل ذلك، فكتب لها كتاباً ودفعه إليها.

فدخل عمر فقال: ما هذا الكتاب؟

فقال: إنّ فاطمة ادّعت في فدك وشهدت لها اُمّ أيمن وعليّ(عليه السلام) فكتبته لها.

فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزّقه، فخرجت فاطمة(عليها السلام)تبكي، فلمّا كان بعد ذلك جاء عليّ(عليه السلام)إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار.

فقال: يا أبا بكر، لِمَ منعت فاطمة ميراثها من رسول الله(صلى الله عليه وآله)وقد ملكته في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟

فقال أبو بكر: إنّ هذا فيء للمسلمين، فإن أقامت شهوداً أنّ رسول الله جعله لها، وإلاّ فلا حقّ لها فيه.

فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): يا أبا بكر، تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين.

قال: لا، قال: فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ثمّ ادّعيت أنا فيه مَن تسأل البيّنة؟ قال: إيّاك أسأل البيّنة.

قال: فما بال فاطمة سألتها البيّنة على ما في يدها وقد ملكته في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله)وبعده، ولم تسأل المسلمين البيّنة على ما ادّعوه شهوداً كما سألتني على ما ادّعيت عليهم؟

فسكت أبو بكر.

فقال عمر: يا عليّ، دعنا من كلامك، فإنّا لا نقوى على حجّتك! فإن أتيت بشهود عدول، وإلاّ فهو فيء للمسلمين لا حقّ لك ولا لفاطمة فيه!

فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): يا أبا بكر، تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم. قال: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)فينا نزلت أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم.

قال: فلو أنّ شهوداً شهدوا على فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)بفاحشة ما كنت صانعاً بها؟

قال: كنت اُقيم عليها الحدّ كما اُقيم على سائر نساء المسلمين!

قال(عليه السلام): كنت إذاً عند الله من الكافرين.

قال: ولِمَ؟

قال: لأنّك رددت شهادة الله لها بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكـم الله وحكم رسوله أن جعل لهـا فدكـاً وقَبَضَتهُ في حياته، ثمّ قبلت شهادة أعرابيٍّ بائل على عقبيه عليها، وأخذت منها فدكاً وزعمت أنّه فيء للمسلمين، وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه،فرددت قول رسول الله(صلى الله عليه وآله): البيّنة على من ادّعى واليمين على من اُدّعي عليه!

قال: فدمدم الناس، وأنكر بعضهم وقالوا: صدق والله عليّ، ورجع عليّ(عليه السلام)إلى منزله».

قال: ودخلت فاطمة المسجد، وطافت بقبر أبيها، وهي تقول:

إنّا فقدناك فقد الأرضِ وابِلَها***واختلّ قومك فاشهدهم وقد نكبوا

قد كان بعدك أنباء وهنبثة([91])***لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا***فغاب عنّا فكلّ الخير محتجب

وكنت بدراً ونوراً يستضاء به***عليك ينزل من ذي العزّة الكتب([92])

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] . آل عمران: 144.

[2] . يوم الإنسانية: عن مودّة القُربى للسيد الهمداني، المودّة الخامسة الواردة في ينابيع المودّة: 2/284/811.

[3] . راجع ص 257 الباب الخامس بشأن مبايعة عمر لعليٍّ(عليه السلام) في يوم الغدير ومقولته: «بخٍّ بخٍّ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي»، وانظر كذلك ص 258 تحت عنوان ما نزل في أبي بكر وعمر من الآيات أثر ضغنهما وتغيّر وجهيهما بعد قول الرسول(صلى الله عليه وآله): «مَن كنت مولاه فعليّ مولاه»، عن كتاب الإصابة للعسقلاني.

[4] . ينابيع  المودّة:  1/405  ـ  406/5  ،  الباب  43  في  الأحاديث  الواردة  على  ابتلاء  عليٍّ كرّم الله وجهه، المناقب للخوارزمي: 62/31، الفصل الخامس، سنن ابن ماجة: 2/1366/4082 كتاب الفتن في خروج المهدي(عليه السلام)، ذخائر العقبى: 17.

[5] . تاريخ الطبري: 3/201.

[6] . الصواعق المحرقة: 13.

[7] . مسند أحمد: 6/62، اُسد الغابة: 1/34، السنن الكبرى: 3/574/6727.

[8] . نور الأبصار: 46.

[9] . سجّيت الميت بالتثقيل: إذا غطّيته بثوب ونحوه، مجمع البحرين: 1/213 (مادة سجا).

[10] . الإمام علي بن أبي طالب لعبد الفتّاح عبدالمقصود: 1/195.

[11] . أمالي المفيد: 95/5.

[12] . في البحار ومستدرك الوسائل: محاباة.

[13] . أي: صرفه عنهم ومنعهم منه.

[14] . الكشكول فيما جرى على آل الرسول: (مخطوط).

[15] . الاحتجاج للطبرسي: 1/234.

[16] . شرح نهج  البلاغة لابن أبي الحديد: 16/351.

[17] . شرح النهج: 16/359.

[18] . شرح النهج: 16/359.

[19] . الإسراء: 26.

[20] . الأنفال: 41.

[21] . الدرّ المنثور: 3/338.

[22] . الدرّ المنثور: 3/336.

[23] . الصواعق المحرقة: 170، والآية: 23 من سورة الشورى.

[24] . سنن المصطفى: 2/21، بحار الأنوار: 29/194/40، مستدرك الوسائل: 7/290/8247.

[25] . الدرّ المنثور: 2/80 في تفسير سورة آل عمران، باختلاف يسير في اللفظ.

[26] . إثبات الهداة: 2/396.

[27] . من مجموعة الشيخ رسول الخطيب.

[28] . التعجّب من أغلاط العامة: 128.

[29] . شرح النهج: 6/180، الإمامة والسياسة: 1/12، الإمام عليّ: 1/217.

[30] . بحار الأنوار: 29/189/39، عن الاختصاص: 183 ـ 185.

[31] . إثبات الهداة: 2/398.

[32]  و 4 . الروم: 38.

 

[34] . الأنفال: 41.

[35] . الحشر: 7.

[36] . راجع الدرّ المنثور: 3/338.

[37] . الشورى: 23.

[38] . التوبة: 60.

[39] . ما بين المعقوفين أثبتناه ليستقيم السياق، والظاهر أنّها ساقطة من المصدر.

[40] . وفي ذخائر العقبى: 121: عن اُسامة بن زيد في حديث قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «هذان ابناي» يعني الحسن والحسين.

[41] . وفي الصواعق المحرقة: 137 : عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة».

[42] . الصواعق المحرقة: 122، ذخائر العقبى: 66.

[43] . أي الإثم عليه، وفي الحديث: لك المهنّا وعليه الوزر، مجمع البحرين: 3/511، (وزر).

[44] . الكشكول فيما جرى على آل الرسول: (مخطوط عام 1116).

[45] . صحيح  البخاري  :  2/186  ،  باب  فرض  الخمس  ،  صحيح  مسلم: 3/1381/1759، تيسير الوصول: 4/11، صحيح سنن المصطفى لأبي داود السجستاني: 2/20، الصواعق المحرقة  :  14  .

[46] . صحيح  البخاري  :  4/164  باب  قول  النبيّ  :  «لا نورّث...»  من  كتاب  الفرائض  ،  شرح النهج: 6/204.

[47] . صحيح البخاري: 3/15 باب حديث بني النضير.

[48] . معجم البلدان: 6/344.

[49] . أخرجه الطبري في تأريخه: 3/201، شرح نهج البلاغة: 6/204.

[50] . السقيفة وفدك: 114، عنه شرح النهج: 16/358.

[51] . إثبات الهداة: 2/358/160.

[52] . وجد عليه في الغضب مَوجِدَةً ووجداً، وفي الدعاء «أسألك فلا تَجِدْ عليّ» أي لا  تغضب عليَّ من سؤالي. مجمع البحرين: 3/155 (مادة وجد).

[53] . السقيفة وفدك: 105، عنه شرح النهج: 16/349، صحيح البخاري: 3/49 وج 4/360، تاريخ الخميس: 2/193.

[54] . قد تقدم وسيأتي في ص 350 تحت عنوان موقف عمر إزاء أهل البيت(عليهم السلام) أنّ فدكاً كانت خالصةً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وراجع شرح النهج لابن أبي الحديد: 16/344 عن كتاب السقيفة وفدك لأبي بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري.

[55] . شرح النهج: 16/347.

[56] . صحيح البخاري: 2/260 ـ 265، خصائص النسائي: 185/136، ذخائر العقبى: 37.

[57] . تاريخ ابن عساكر: 1/298.

[58] . الإمامة والسياسة: 1/13، الإمام عليّ لعبدالفتاح عبدالمقصود: 1/266.

[59] . الأحزاب: 57.

[60] . التعجّب من أغلاط العامة: 128.

[61] . أخرج أبو داود السجستاني عن سعيد بن المسيب في خبر قال: «وكان أبو بكر يقسّم الخمس ولم يكن يُعطي قربى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما كان النبيّ(صلى الله عليه وآله) يعطيهم...» الحديث. سنن المصطفى: 2/21.

[62] . قال ابن عساكر: قال ابن مندة: قسّم عمر بن الخطاب في خلافته لنساء رسول الله(صلى الله عليه وآله)اثني عشر ألف درهم لكلّ امرأة منهنّ. تاريخ ابن عساكر: 1/300.

[63] . التعجّب من أغلاط العامة: 137.

[64] . كتاب الخراج لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة: 44.

[65] . ديوان الشيخ الكاظمي: 109، تخميس على قصيدة الشيخ الاُزري.

[66] . أمالي المفيد: 40/8.

[67] . معجم البلدان: 6/344.

[68] . راجع الفصول المختارة من العيون والمحاسن: 1/28 ـ 29.

[69] . الفصول المختارة من العيون والمحاسن : 1/53، والآية: 57 من سورة الأحزاب .

[70] . بحار الأنوار: 29/210.

[71] . تاريخ بغداد: 14/321، شرح النهج لابن أبي الحديد: 2/461 وج18/245.

[72] . مناقب ابن شهرآشوب: 3/445، بحار الأنوار: 43/291/54.

[73] . كذا في المصدر، والظاهر أنّ هذا الحديث قد قاله رسول الله(صلى الله عليه وآله) لزوجته اُمّ سلمة كما جاء في حديث الكساء ونزول آية التطهير، وقد تقدم في الفصل الأوّل من الباب الأوّل هنا. وأمّا بشأن اُمّ أيمن فقد بشّرها الرسول(صلى الله عليه وآله) بأنّها من أهل الجنّة، واحتجّت على أبي بكر وحزبه بهذا الحديث في شهادتها للزهراء(عليها السلام)، وقد تقدم آنفاً في هذا الفصل، فراجع.

[74] . التعجب من أغلاط العامة: 129.

[75] . الجزري قال: وفي الحديث: «لا  يدخل الجنّة مُعاقِر خمر، وهو الذي يُدمِن شربها...» إلى آخره.

[76] . أبو إسحاق المعروف بالوطواط قال: لمّا ولي أبو بكر الخلافة قال: إنّي ولّيتكم ولست بخيّركم. غرر الخصائص الواضحة: 30. وذكر ابن حجر: أنّ أبا بكر بن أبي قحافة قال في خطبته: إذا رأيتموني استقمت فابعثوني، واذا رأيتمونيِ زغت فقوّموني، واعلموا أنّ لي شيطاناً يعتريني، فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني، لا اُؤثر في إشعاركم وإبشاركم. الصواعق المحرقة: 12.

[77] . عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعليٍّ: «تخصم الناس بسبع ولا يحاجّك أحد من قريش: أنت أوّلهم إيماناً بالله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مزية. أخرجه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى: 83.

[78] . وابن حجر قال: أخرج ابن سعد عن الحسن بن زيد قال: لم يعبد الأوثاق قطّ. الصواعق المحرقة: 120.

[79] . راجع تفسير الكشاف: 2/122، تفسير أبي السعود: 2/698، أسباب النزول: (مخطوط عام 994 هـ )، تفسير الفخر الرازي: 2/699، الصواعق المحرقة: 155، تفسير المنار: 3/321، تفسير الجواهر للطنطاوي: 2/119 ـ 120، ذخائر العقبى: 25، صحيح مسلم: 2/237، تيسير الوصول: 3/396، الدرّ المنثور: 2/39، دلائل النبوة لأبي نعيم: 2/124، تأريخ ابن الأثير: 2/122، تجد أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) أحضرها للمباهلة.

[80] . عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) في قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ...) الآية، قال: نزلت في خمسة، في رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين. انظر ذخائر العقبى: 24، الصواعق المحرقة: 143، أسباب النزول: (مخطوط)، الدرّ المنثور: 5/377. وراجع الفصل الأوّل من الباب الأوّل.

[81] . الشيخ حسين الديار  بكري قال: وفي الأخبار : «خذوا ثُلُثَي دينكم من هذه الحميراء... إلى آخره». تاريخ الخميس: 1/403، وراجع الإصابة: 8/140 في ترجمة عائشة تجد ما يروونه من أنّها أعلم وأفقه الناس، ورجوع مشيخة أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله) الأكابر إليها يسألونهاعن  الفرائض، فإنْ صحّ فكيف خرجت من بيتها مع قوله تعالى: (وقَرنَ في بيوتِكُنّ ولا تَبَرّجنَ...)الآية؟! فمن هذا يظهر كذب هذه الأحاديث، ولقد أجاد الاُزري(رحمه الله)بقوله:

حفظت أربعينَ ألف حديث***ومن الذِكرِ آيةً تَنساها

[82] . التعجب من أغلاط العامّة: 132.

[83] . روى أبو العباس الحميري، عن حنّان بن سدير قال: سأل صدقة بن مسلم أبا عبدالله(عليه السلام)وأنا عنده فقال: مَن الشاهد على فاطمة بأنّها لا ترث أباها؟ قال: «شهدت عليها عائشة وحفصة ورجل من العرب يقال له: أوس بن الحدثان من بني النضير، شهدوا عند أبي بكر بأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: لا اُورِّث، فمنعوا فاطمة ميراثها من أبيها». قرب الإسناد: 99/335.

[84] . وهذا مصداق ما رواه أهل السنّة من قول النبيّ(صلى الله عليه وآله): «إذا لم تَستَحِ فاصنع ما شئتَ!». انظر سنن ابن ماجة: 3/418، كتاب الزهد (17) باب الحياء.

[85] . الأحزاب: 33.

[86] . أي السيد أبو القاسم الكوفي صاحب كتاب «الاستغاثة».

[87] . النمل: 16.

[88] . مريم: 5 ـ 6.

[89] . الخَرص: الكذب، والخرّاص: الكذّاب، مختار الصحاح: 82 (مادة خَرَص).

[90] . الاستغاثة في بدع الثلاثة لأبي القاسم الكوفي: 42 ـ 44.

[91] . الهنبثة: واحدة الهنابث، وهي الاُمور الشداد. لسان العرب: 15/144 (مادة هنبث).

[92] . الاحتجاج: 1/234، بحار الأنوار: 29/127/27.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page