فـي ما جاء عن الله تعـالى ورسـوله في عليٍّ والزهـراء
وأولادهـمـا(عليهم السلام)، وآثـار حبّ الـزهراء(عليها السلام)وحـال
مبغضي آل بيت محمد(عليهم السلام)، ووصايا النبيّ(صلى الله عليه وآله)
بأهل بيـته خيراً وعدم أذاهـم...
ما نزل في عليٍّ والزهراء (عليهما السلام) من الذكر الحكيم:
لاحظنا خلال الفصول المتقدمة، جانباً من التكريم الذي أولته السماء لعلي والزهراء(عليهما السلام) وسائر أهل البيت(عليهم السلام) ونقدّم جديداً النصوص المفسّرة والمتحدّثة مباشرة عن الجوانب المتقدمة، ومنها:
ما ورد عن المجلسي عن تفسير عليّ بن إبراهيم: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً)([1]).
قال: نزلت فيمن غصب أمير المؤمنين(عليه السلام) حقّه وأخذ حقّ فاطمة وآذاها، وقد قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): «من آذاها في حياتي كمن آذاها بعد موتي، ومن آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، وهو قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ...)» الآية([2]).
وعن عمّار بن ياسر في قوله تعالى:
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِل مِنْكُمْ مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى). قال: الذكر عليّ والاُنثى فاطمة... الحديث([3]).
وعن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى:
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ)، قال: عليّ وفاطمة.
(بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ)، قال: ودّان لا يتباغضان.
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)، قال: الحسن والحسين([4]).
ما جاء في آثار حبّ الزهراء(عليها السلام) وحال ظالميها:
نقدِّم في هذا الفصل طوائفَ متنّوعةً من الأخبار التي ترتبط بالزهراء وبأهل البيت(عليهم السلام) في مختلف الظواهر، ومنها: محبّتها(عليها السلام)، حيث ورد:
عن سلمان قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا سلمان، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي، ومن أبغضها فهو في النار.
يا سلمان، حبّ فاطمة ينفع في مائة من المواطن، أيسر تلك المواطن: الموت، والقبر، والميزان، والمحشر، والصِراط، والمحاسبة، فمن رضيت ابنتي فاطمة عنه رضيت عنه، ومن رضيتُ عنه رضي الله عنه، ومن غضبَتْ عليه ابنتي فاطمة غضبتُ عليه، ومن غضبتُ عليه غضب الله عليه([5]).
يا سلمان، ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين عليّاً، وويل لمن يظلم ذريّتها وشيعتها»([6]).
في ذكر أنّ الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها:
ونختم هذا الفصل بطائفة جديدة من النصوص المتحدثة عن قضايا متنوعة ذكرنا جانباً من ذلك، مع بعض التصريحات الجديدة لها(عليها السلام) ولعليّ(عليه السلام) ولأهل البيت(عليهم السلام) بعامة، منها:
ابن حجر قال: أخرج أبو سعيد في شرف النبوّة وابن المثنّى: أ نّه(صلى الله عليه وآله) قال: «يا فاطمة، إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاكِ».
ثمّ قال ابن حجر: فمن آذى أحداً من ولدها فقد تعرّض لهذا الخطر العظيم; لأنّه أغضبها، ومن أحبّهم فقد تعرّض لرضاها... إلى آخره([7]).
لابن حمّاد من قصيدة يقول في آخرها:
واللهِ لا يلقى شفاعة أحمد***أحدٌ لفاطمة البتولة غاضب
أنّها(عليها السلام) خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً:
ومنها: هذا النصّ، حيث ورد عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله)لعبدالرّحمن بن عوف: «يا عبدالرّحمن، أنتم أصحابي، وعليُّ بن أبي طالب منِّي وأنا من عليّ، فمن قاسه بغيره فقد جفاني، ومن جفاني آذاني، ومن آذاني فعليه لعنة ربّي.
يا عبدالرّحمن، إنّ الله أنزل عليّ كتاباً مبيناً، وأمرني أن اُبيّن للناس ما نزل إليهم ما خلا عليّ بن أبي طالب، فإنّه لم يحتج إلى بيان، لأنّ الله تعالى جعل فصاحته كفصاحتي، ودرايته كدرايتي. ولو كان الحلم رجلا لكان عليّاً، ولو كان العقل رجلا لكان حسناً، ولو كان السخاء رجلا لكان حسيناً، ولو كان الحُسن شخصاً لكان فاطمة، بل هي أعظم، إنّ فاطمة ابنتي خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً»([8]).
في أنّ اللّه تعالى أمر النبيّ(صلى الله عليه وآله) بحبّ أربعة:
ومنها: عن عبدالله بن بُريدَة، عن أبيه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أمرني ربِّي بُحبِّ أربعة، وأخبرني أ نّه يُحبّهم.
قلنا: يا رسول الله، مَن هم؟ فكلّنا نحبّ أن نكون منهم، قال: إنّك يا عليّ منهم، إنّك يا عليّ منهم.
أخرجه صدر الحفّاظ الكنجي، وقال: هذا سند مشهور عند أهل النقل، وقد سألتُ بعض مشايخي عن هذا السائل مَن هو؟ فقال: عليّ بن أبي طالب، قلت: مَن الثلاثة الباقون؟ فقال: هم: الحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام).
ثمّ قال الكنجي: قلت: في هذا الخبر دلالة على عناية الله عزّ وجلّ بهم صلوات الله عليهم، وأمر الله سبحانه يقتضي الوجوب، فإذا كان الأمر للرسول فيما لا يقتضي الخصوص دلّ على وجوبه على الاُمّة واقتضاء الوجوب دلالة على محبّة الحقّ عزّ وجلّ بمتابعة الرسول بدليل قوله عزّ وجل: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ)([9]).
في ما رآه النبيّ(صلى الله عليه وآله) في ليلة المعراج:
ومنها: عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة مكتوباً: لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله، عليّ حبّ الله، والحسن والحسين صفوة الله، فاطمة خيرة الله، على باغِضهم لعنة الله»([10]).
في إخباره(صلى الله عليه وآله) بخير هذه الاُمّة بعده:
ومنها: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «خير هذه الاُمّة من بعدي: عليّ بن أبي طالب، وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)، ومن قال غير هذا فعليه لعنة الله»([11]).
في قوله(صلى الله عليه وآله): حرب لمن حاربكم...:
ومنها: عن أبي هريرة، قال: نظر رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى عليّ والحسن والحسين وفاطمة، فقال: «حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم».
رواه الحافظ عن زيد بن أرقم.
وفي رواية: «أنا حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم»([12]).
في منزلة عليٍّ وفاطمة وولديهما (عليهم السلام) يوم القيامة:
ومنها: عن أبي موسى، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبّة تحت العرش»([13]).
في ذكر الوسيلة ومعرفة سكّانها:
عن عليٍّ(عليه السلام)، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أ نّه قال: «في الجنّة درجة تُدعى الوسيلة، فإذا سألتم الله تعالى فاسألوه لي الوسيلة، قالوا: يا رسول الله من يسكن معك؟ قال: عليّ وفاطمة والحسن والحسين»([14]).
في قوله(صلى الله عليه وآله) فاطمة بهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي:
ومنها: عن جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال: «حدّثني أبي، عن أبيه، عن الحسين(عليهم السلام)قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): فاطمة بهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بصري، والأئمّة من ولدها اُمناء ربّي، وحبله الممدود بينه وبين خلقه، من اعتصم بهم نجا، ومن تخلّف عنهم هوى»([15]).
في عقاب من لقي اللّه مبغضاً لآل محمد (عليهم السلام):
ومنها: عن ابن عباس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «لو أنّ رجلا صفّ بين الركن والمقام فصلّى وصام، ثمّ لقي الله تعالى مبغضاً([16]) لأهل بيت محمد(عليهم السلام) دخل النار»([17]).
عن جرير بن عبد الله البجلي (رضي الله عنه)، رفعه عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حديث قال:
«ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله».
«ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة».
«ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً»([18]).
في مَن حفظ النبيّ(صلى الله عليه وآله) في أهل بيته (عليهم السلام):
ومنها: عن أبي سعيد: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال: «من حفظني في أهل بيتي فقد اتّخذ عند الله عهداً»([19]).
في ذكر قوله(صلى الله عليه وآله) اهتدوا بالشمس:
ومنها: عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «اهتدوا بالشمس، فإذا غابت الشمس فاهتدوا بالقمر، فإذا غاب القمر فاهتدوا بالزهرة، فإذا غابت الزهرة فاهتدوا بالفرقدين».
فقيل: يا رسول الله، ما الشمس، وما القمر، وما الزهرة، وما الفرقدان؟
قـال: «الشمس أنا، والقمر عليّ، والزهرة فاطمة، والفرقدان الحسن والحسين»([20]).
في تحريم الجنّة على من ظلم أهل البيت (عليهم السلام):
ومنها: عن عليّ (رضي الله عنه) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ الله حرّم الجنّة على من ظلم أهل بيتي، أو قاتلهم، أو أغار عليهم، أو سبّهم»([21]).
في من أراد التوسّل إليه(صلى الله عليه وآله):
ومنها: ابن حجر الهيثمي قال: أخرج الديلمي مرفوعاً عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: «من أراد التوسّل إليّ وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة، فليَصِلْ أهل بيتي ويدخل السرور عليهم»([22]).
في قوله(صلى الله عليه وآله) استوصوا بأهل بيتي خيراً:
ومنها: عن أبي سعيد قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «استوصوا بأهل بيتي خيراً، فإنّي اُخاصمكم عنهم غداً، ومن أكن خصمه أخصمه، ومن أخصمه دخل النار»([23]).
في قوله(صلى الله عليه وآله) أثبتكم على الصراط:
ومنها: عن عليّ(عليه السلام) مرفوعاً: «أثبتكم على الصِراط أشدّكم حبّاً لأهل بيتي»([24]).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] . الأحزاب: 57.
[2] . بحار الأنوار: 43/25/23، والآية: 57 من سورة الأحزاب.
[3] . مناقب ابن شهرآشوب: 3/366، والآية في سورة آل عمران: 195.
[4] . مقتل الحسين للخوارزمي: 1/168/75، والآيات: 19، 20، 22 من سورة الرحمن.
[5] . أقول : وقد روى العامّة : أنّ الزهراء (عليها السلام) غضبت على أبي بكر ووجدت عليه وهجرته ، ولم تكلّمه حتى توفّيت ، وأوصت بأن لا يصلّي عليها ، كما في صحيح البخاري : 2/186 في باب فرض الخمس وج2/301 ، وج3/265 باب قول النبيّ لا نورّث ، صحيح مسلم : 2/541 ، الصواعق المحرقة : 14 ، شرح النهج الحميدي : 2/18 ، 4/74 ـ 78 ، وقد اعترف الشيخان ( أبو بكر وعمر ) أنّهما أغضباها كما في 1/21 ـ 22 من الإمامة والسياسة.
وقد أخرج المحبّ الطبري عنه(صلى الله عليه وآله) مرفوعاً: «اشتدّ غضب رسوله وغضب ملائكته على من أهرق دم نبيٍّ، وآذاه في عترته» وقد ذكرنا بعض هذه الأخبار الواردة من طرق السنّة في كشف بيتها وغضبها عليهما وهجرها لهما في محالّها، فراجع...
[6] . ينابيع المودّة: 2/332/970، بحار الأنوار: 27/116/94.
[7] . الصواعق المحرقة: 175، اُسد الغابة: 5/522، كشف اليقين للعلاّمة الحلّي: 351، ذخائر العقبى: 39، تذكرة الخواص: 175، إسعاف الرّاغبين: 169، مقتل الحسين 1/90/3، ينابيع المودّة: 2/464/293، أخبار الدُول: 1/185، تاريخ ابن عساكر: 1/298، الإصابة: 8/158، الاستغاثة: 15، أمالي المفيد: 51، دلائل الإمامة: 52، بشارة المصطفى: 257، كشف الغمّة: 1/434، مناقب ابن شهرآشوب: 3/373، روضة الواعظين: 149، مرآة العقول: 4/352، معالم الزلفى: 2/292/10، اللمعة البيضاء: 55، أعيان الشيعة: 2/426، المجالس السنيّة: 5/47.
[8] . أخرجه أبو بكر الخوارزمي في مقتل الحسين: 1/100/24، والقندوزي في ينابيع المودة: 2/333/973، والبحـراني في غاية المـرام: 459، وابـن شاذان في إيضاح دفائن النواصب: 42.
[9] . كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب: 33، والآية: 31 من سورة آل عمران.
[10] . أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه: 1/274، والإربلي في كشف الغمة: 1/110، شواهد التنزيل: 1/295، تأريخ مدينة دمشق: 14/170، ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام): 185 ح168، وابن سليمان الحلّي في المختصر: 125، وابن شاذان في إيضاح دفائن النواصب: 36 وزاد في آخره: «على محبّيهم رحمة الله»، ورواه الكراجكي في كنز الفوائد: 63 عن الحسين(عليه السلام) بتغيير يسير.
[11] . كنز الفوائد: 63، إيضاح دفائن النواصب: 39.
[12] . أخرجه ابن عساكر في تأريخ دمشق: 4/208، وفي اُسد الغابة: 5/523: «أنا حرب لمن حاربتم، سلم لمن سالمتم».
[13] . السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام): 48، لسان الميزان: 2/94، كنز العمّال: 12/46/34172، شرح الأخبار: 3/3، مجمع الزوائد: 9/174.
[14] . أخرجه أبو بكر الخوارزمي في مقتل الحسين: 1/109/44.
[15] . مقتل الحسين للخوارزمي: 1/99/21.
[16] . وفي نسخة من الذخائر: «وهو مبغض».
[17] . أخرجه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى: 18.
[18] . أخرجه القندوزي في ينابيع المودّة: 2/333/972.
[19] . أخرجه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى: 18.
[20] . أخرجه أبو بكر الخوارزمي في مقتل الحسين: 1/164/71.
[21] . أخرجه المحبّ الطبري في ذخائره: 20، والقندوزي الحنفي في الينابيع: 2/199/344، عن الإمام الرضا(عليه السلام).
[22] . أخرجه ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة: 107، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة: 1/145.
[23] . أخرجه المحبّ الطبري في الذخائر: 18 والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة: 2/115/334.
[24] . أخرجه ابن عَديٍّ والديلميّ كما في ينابيع المودة: 2/70/3.
