• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في ذكر نبذة من مناقب الزهراء(عليها السلام) وفضائلها وأقوالها

وما روي عنها من طرق الفريقين، وما قيل في حقّها...

فيما يخصّ مناقبها وفضائلها وكراماتها(عليها السلام) فقد تقدّم ذكر هبوط الحور العين لأجلها عند ولادتها وسجودها(عليها السلام) ونطقها بالشهادتين، وفيما يأتي نورد مَسكات اُخر من مناقبها(عليها السلام):


من ذلك ما ورد مثلا:

في نموّ الزهراء(عليها السلام):

عن المفضّل بن عمر، عن الصادق(عليه السلام) في خبر: «كانت فاطمة تنمو في كلّ يوم كما ينمو الصبيّ في الشهر، وفي كلّ شهر ما ينمو الصبيّ في السنة»([1]).

وعن ابن عبّاس قال: لم تزل فاطمة تشبّ في اليوم كالجمعة، وفي الجمعة كالشهر، وفي الشهر كالسنة([2]).

ومنه ما ورد:

في ذكر الخاتم الذي طلبته(عليها السلام) من أبيها(صلى الله عليه وآله):

نقل ابن شهرآشوب عن الثعلبي في تفسيره، وابن المؤذّن في الأربعين بإسنادهما عن جابر... إلى أن قال: سألتْ(عليها السلام) رسول الله(صلى الله عليه وآله) خاتماً؟ فقال: ألا اُعلّمك ما هو خير من الخاتم؟ إذا صلّيتِ صلاة الليل فاطلبي من الله عزّ وجلّ خاتماً فإنّكِ تنالين حاجتك.

قال: فدعت ربّها تعالى، فإذا بهاتف يهتف: يا فاطمة، الّذي طلبت منّي تحت المصلّى، فرفعت المُصلّى فإذا الخاتم ياقوت لا قيمة له، فجعلته في إصبعها وفرحت، فلمّا نامت من ليلتها رأت في منامها كأنّها في الجنّة، فرأت ثلاثة قصور لم ترَ في الجنّة مثلها، قالت: لِمن هذه القصور؟ قالوا: لفاطمة بنت محمد.

قال: فكأنّها دخلت قصراً من ذلك ودارت فيه، فرأت سريراً قد مال على ثلاث قوائم، فقالت(عليها السلام): ما لهذا السرير قد مال على ثلاث؟ قالوا: لأنّ صاحبته طلبت من الله تعالى خاتماً فنزع أحد القوائم وصيغ لها خاتم وبقي السرير على ثلاث قوائم، فلمّا أصبحت دخلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله)وقصّت القصّة.

فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): معاشر آل عبد المطّلب، ليس لكم الدنيا إنّما لكم الآخرة، وميعادكم الجنّة، ما تصنعون بالدنيا فإنّها زائلة غرّارة، فأمرَها النبيّ(صلى الله عليه وآله) أن تردّ الخاتم تحت المصلّى، فردّته، ثمّ نامت على المصلّى، فرأت في المنام أنّها دخلت الجنّة، فدخلت ذلك القصر ورأت السرير على أربع قوائم، فسألت عن حاله؟

فقالوا: ردّت الخاتم ورجع السرير إلى هيئته. انتهى([3]).

ومنها ما ورد:

في تحريك مهد ولدها(عليها السلام):

قال ابن شهرآشوب: روي أنّها(عليها السلام) ربّما اشتغلت بصلاتها وعبادتها، فربّما بكى ولدها، فرُئي المهد يتحرّك، وكان ملك يحرّكه([4]).

ومنها ما ورد:

في هبوط جبرائيل(عليه السلام) بالحليّ والحلل لها(عليها السلام):

قال الراوندي: إنّ اليهود كان لهم عرس، فجاؤوا إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)وقالوا: لنا حقُّ الجوار، فنسألك أن تبعث فاطمة بنتك إلى دارنا حتّى يزدان عرسنا حُسناً بها، وألحّوا عليه.

فقال(صلى الله عليه وآله): إنّها زوجة عليّ بن أبي طالب، وهي بحكمه، وسألوهُ أن يشفع إلى عليٍّ(عليه السلام) في ذلك، وقد جمع اليهود الطَمّ والرِمّ([5]) من الحليّ والحلل، وظنّ اليهود أنّ فاطمة تدخل عليهم بمذلّتها، وأرادوا استهانةً بها، فجاء جبرئيل بثياب من الجنّة وحليٍّ وحلل لم يَر الراؤون مثلها، فلبستها فاطمة(عليها السلام) وتحلّت بها، فتعجّب الناس من زينتها ولونها وطيبها، فلمّا دخلت فاطمة(عليها السلام) دار هؤلاء اليهود سجد لها نساؤهم يقبّلن الأرض بين يديها، وأسلم ثمانون أو أكثر من اليهود([6]).

ومنها ما يتصل بالبعد المعرفي الذي تتّسم به، وفي مقدمته:

علم فاطمة(عليها السلام) بما كان وما يكون:

روى المحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبدالوهّاب، عن حارثة بن قدامة قال: حدّثني سلمان قال: حدّثني عمّار، وقال: اُخبرك عجباً؟ قلت: حدّثني يا عمّار، قال: نعم، شهدتُ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)وقد ولج على فاطمة(عليها السلام)،فلمّا أبصرتْ به نادتْ: «ادنُ لاُحدِّثك بما كان، وبما هو كائن، وبما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم الساعة».

قال عمّار: فرأيت أمير المؤمنين(عليه السلام)يرجع القهقرى([7])، فرجعت برجوعه إذ دخل على النبيّ(صلى الله عليه وآله)فقال له: «ادنُ يا أبا الحسن»، فدنا فلمّا اطمأنّ به المجلس قال له: «تحدّثني أم اُحدّثك؟ قال: الحديث منك أحسن يارسول الله».

فقال: «كأنّي بك وقد دخلت على فاطمة، وقالت لك كيت وكيت، فرجعت».

فقال عليّ(عليه السلام): «نور فاطمة من نورنا»؟

فقال:(صلى الله عليه وآله): أو لاتعلم؟ فسجد عليّ شكراً لله تعالى.

قال عمّار: فخرج أمير المؤمنين(عليه السلام) وخرجت بخروجه، فولج على فاطمة(عليها السلام)وولجت معه.

فقالت: «كأنّك رجعت إلى أبي(صلى الله عليه وآله)فأخبرته بما قلته لك»؟

قال: «كان كذلك يا فاطمة».

فقالت: «اعلمْ يا أبا الحسن، إنّ الله تعالى خلق نوري وكان يسبّح الله جلّ جلاله، ثمّ أودعه شجرةً من شجر الجنّة فأضاءت، فلمّا دخل أبي الجنّة أوحى الله تعالى إليه إلهاماً أن اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وأدرها في لهواتك، ففعل، فأودعني الله سبحانه صلب أبي(صلى الله عليه وآله)، ثمّ أودعني خديجة بنت خويلد(عليها السلام)فوضعتني، وأنا من ذلك النور، أعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن.

يا أبا الحسن، المؤمن ينظر بنور الله تعالى»([8]).

في ذكر دوران الرَحى وحدها في بيتها(عليها السلام):

وإليك ما يتصل بظاهرة تكريمية وإعجازية تتصل بشؤون التدبير المنزلي، حيث ورد عن ميمونة أنّها قالت: وجدت فاطمة(عليها السلام) نائمةً والرحى تدور، فأخبرت رسول الله(صلى الله عليه وآله) بذلك.

فقال: «إنّ الله علم ضعف أمَتِه فاطمة، فأوحى إلى الرحى أن تدور فدارت»([9]).

ابن شهرآشوب قال: أبو علي الصَولي في أخبار فاطمة، وأبو السعادات في فضائل العشرة: عن أبي ذر الغفاري قال: بعثني النبيّ(صلى الله عليه وآله) أدعو عليّاً، فأتيت بيته فناديته فلم يجبني، فأخبرت النبيّ(صلى الله عليه وآله).

فقال: «عُد إليه فإنّه في البيت»، فأتيت ودخلتُ عليه فرأيت الرَحى تطحن ولا أحد عندها!

فقلت لعليٍّ(عليه السلام): إنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) يدعوك، فخرج متوشّحاً([10]) حتّى أتى النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فأخبرت النبيّ بما رأيت.

فقال: «يا أبا ذرّ لا تعجب، فإنّ لله ملائكة سيّاحون في الأرض موكّلون بمعونة آل محمد»([11]).

أخرج الخوارزمي عن ميمونة بنت الحارث: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال لها: «إذهبي بهذا الصاع إلى فاطمة تطحنه لنا»، فبينما هي تطحن إذ غلبتها عينها فذهب بها النوم.

فقال نبيّ الله(صلى الله عليه وآله): «قد أبطأ علينا طعامنا فانظري ما حبسها». فذهبت ميمونة فاطّلعت من الباب فإذا الرحى تدور، وإذا فاطمة نائمة، فرجعتْ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقالت: رأيت فاطمة نائمة والرُحى تدور.

فقال: ما أحد يديرها؟

قالت: ما أحد يديرها.

فقال: رحم الله ـ جلّ جلاله ـ أمَتَهُ حيث رأى ضعفها، فأوحى الله إلى الرَحى فدارت، فجاءَت ميمونة إلى طعامها وقد فرغ الرَحى من طحنه([12]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى فاطمة سلمان في حاجة، فأصابها نائمةً والرحى تدور، فأتى رسول الله وأخبره، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ الله رحِمَ فاطمة لعلمه بضعفها»([13]).

وعن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ(عليهم السلام) قال: «بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله)سلمان إلى منزل فاطمة(عليها السلام) بحاجة، قال سلمان: فوقفت بالباب وقفةً حتّى سلّمت، فسمعتُ فاطمة تقرأ القرآن من جوّا، والرحى تدور من برّا([14]) وما عندها من أنيس، فعدت إلى رسول الله، فقلت: يا رسول الله، رأيت أمراً عظيماً.

فقال: هيه يا سلمان، تكلّم بما رأيت وسمعت. قال: وقفتُ بباب ابنتك وسلّمتُ، فسمعتُ فاطمة تقرأ القرآن من جوّا والرحى تدور برّا وما عندها أنيس، فتبسّم(صلى الله عليه وآله)وقال: يا سلمان، إنّ ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً إلى مشاشها([15])، فتفرّغت إلى طاعة الله، فبعث ملكاً اسمهُ روفائيل.

وفي رواية اُخرى: «رحمة([16])، يدير لها الرَحى وكفاها تعالى مؤنة الدنيا مع مؤنة الآخرة»([17]).

وعن الحسن البصري وابن إسحاق، عن عمّار وميمونة أنّ كلاًّ منهما قال([18]): وجدت فاطمة نائمةً والرَحى تدور، فأخبرت رسول الله بذلك، فقال: «إنّ الله علم ضعف أمَتِه فأوحى إلى الرحى أن تدور فدارت»([19]).

وعن أبي ذرّ الغفاري(رحمه الله) قال: بعثني رسول الله(صلى الله عليه وآله) أدعو عليّاً، فأتيتُ بيته فناديته، فلم يجبني، والرحى تطحن وليس معها أحد، فناديته فخرج، وأصغى إليه رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال له شيئاً لم أفهمه، فقلت: عجبت من الرحى في بيت عليٍّ تدور ما عندها أحد.

قال: «إنّ ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً ويقيناً، وإنّ الله علم ضعفها فأعانها على دهرها وكفاها»([20]).

قال ابن الحجّاج في ردّه على مروان بن أبي حفصة:

أكان قولك في الزهراء فاطمة***قولَ امرىً لَهِج بالنصبِ مفتونِ

عيّرتها بالرَحى والحَبّ تطحنه***لا زال زادك حبّاً غير مطحونِ

إلى أن قال:

ستّ النساء غداً في الحشر يخدمها***أهل الجنان بحور الحُرّ والعينِ([21])

في خبر الملأة التي رهنها عليّ(عليه السلام) عند اليهوديّ:

سبق أن لاحظنا أنّ البعض ـ كاليهود وغيرهم ـ عندما يشاهدون الكرامات الصادرة عن فاطمة وسواها من المعصومين(عليهم السلام) يقتادهم ذلك إلى أن يسلموا من ساعتهم، وهنا يمكننا ملاحظة ذلك أيضاً:

قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي قال: روي أنّ عليّاً استقرض من يهوديٍّ شعيراً، فاسترهنه شيئاً، فدفع إليه ملأة فاطمة(عليها السلام) رهناً وكانت من الصوف، فأدخلها اليهودي إلى داره ووضعها في بيت، فلمّا كان الليل دخلت زوجته البيت الّذي فيه ملأة فاطمة(عليها السلام)...، فرأت نوراً ساطعاً في البيت أضاء منه كلّه، فانصرفت إلى زوجها فأخبرته بأنّها رأت في ذلك البيت ضوءاً عظيماً، فتعجّب زوجها اليهودي، وقد نسي أنّ في بيته ملأة فاطمة، فنهض مسرعاً ودخل البيت فإذا ضياء الملأة انتشر شعاعه كأنّه يشتعل من بدر منير يلمع من قريب، فتعجّب من ذلك فأنعم([22]) النظر في موضع الملأة، فعلم أنّ ذلك من ملأة فاطمة، فخرج اليهودي يعدو إلى أقربائه، وزوجته تعدو إلى أقربائها، فاجتمع ثمانون من اليهود فرأوا ذلك فأسلموا([23]).

في ذكر الجُفنة التي تفور دُخاناً:

وإليك طائفةً من النصوص التي تتحدّث عن كرامات اُخرى تتّصل بالطعام وحضوره الإعجازي في حالات متنوعة، منها ما ورد:

عن أبي سعيد الخدري، قال: أصبح عليّ(عليه السلام) ذات يوم ساغباً، فقال: يا فاطمة، عندكِ شيء تغذّينيه؟

قالت: لا والّذي أكرم أبي بالنبوّة وأكرمك بالوصيّة، ما أصبح اليوم عندي شيء اُغذّيكه، وما كان عندي منذ يومين إلاّ شيء كنتُ اُوثرك به على نفسي وعلى ابنيَّ هذين حسن وحسين.

فقال عليّ(عليه السلام): يا فاطمة، ألا كنتِ أعلمتني فأبغيكم شيئاً؟

فقالت: يا أبا الحسن، إنّي لأستحيي من إلهي أن تكلّف نفسك ما لا تقدر عليه، فخرج عليّ من عند فاطمة(عليها السلام)واثقاً بالله، حسن الظنّ به عزّ وجلّ، فاستقرض ديناراً فأخذه يشتري لعياله ما يصلحهم، فعرض لهُ المقداد بن الأسود في يوم شديدِ الحرّ قد لَفَحته الشمس من فوقه، وآذته من تحته، فلمّا رأى عليّ(عليه السلام)أنكر شأنه.

فقال: يا مقداد، ما أزعجك هذه الساعة من رحلك؟

فقال: يا أبا الحسن، خلّ سبيلي ولا تسألني عمّا ورائي.

قال: يا أخي، لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك.

فقال: يا أبا الحسن رغبت إلى الله عزّ وجلّ وإليك أن تخلّي سبيلي، ولا تكشفني عن حالي.

قال: يا أخي، إ نّه لا يسعك أن تكتمني حالك.

فقال: يا أبا الحسن، أمّا إذا أبيت فوالّذي أكرم محمداً بالنبوّة وأكرمك بالوصيّة ما أزعجني من رحلي إلاّ الجهد، وقد تركت عيالي جياعاً، فلمّا سمعتُ بكاءَهم لم تحملني الأرض، فخرجت مهموماً راكباً رأسي، هذه حالي وقصتي.

فانهملتْ عينا عليٍّ(عليه السلام) بالبكاء حتّى بلَّت دموعُه لحيته، فقال: أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني إلاّ الّذي أزعجك، وقد اقترضت ديناراً، فهاكَ هو فقد آثرتك على نفسي، فدفع الدينار إليه ورجع حتّى دخل المسجد، فصلّى الظهر والعصر والمغرب. فلمّا قضى رسول الله(صلى الله عليه وآله)المغرب مرّ بعليٍّ وهو في الصف الأوّل، فغمزه برجله.

فقام عليّ(عليه السلام) فلحقه في باب المسجد، فسلّم عليه، فرد رسول الله(صلى الله عليه وآله)وقال: يا أبا الحسن، هل عندك عشاء تُعشِّيناهُ فنميل معك؟ فمكث مطرقاً لا يحير جواباً حياءً من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وعرف ما كان من أمر الدينار، ومن أين أخذه؟ وأين وجّهه بوحي من الله إلى نبيّه، وأمره أن يتعشّى عند عليٍّ تلك الليلة، فلمّا نظر إلى سكوته، قال: يا أبا الحسن ما لكَ لا تقول لا، فأنصرفْ، أو تقول نعم، فأمضي معك؟

فقال: حبّاً وتكرّماً فاذهب بنا، فأخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) يده، فانطلقا حتّى دخل عليّ على فاطمة(عليها السلام)وهي في مصلاّها قد قضت صلاتها، وخلفها جفنة تفور دخاناً، فلمّا سمعت كلام رسول الله(صلى الله عليه وآله)خرجت من مصلاّها، فسلّمت عليه، وكانت أعزّ النّاس عليه، فرد السّلام ومسح بيديه على رأسها.

وقال لها: يا بنتاه كيف أمسيتِ رحمك الله؟ قالت: بخير. قال: عشّينا رحمكِ الله، وقعد فأخذت الجفنة ووضعتها بين يدي رسول الله(صلى الله عليه وآله)وعليّ(عليه السلام).

فلمّا نظر عليّ إلى الطعام وشمّ ريحَه رمى فاطمة ببصره رمياً شحيحاً([24]).

قالت له فاطمة: سبحان الله ما أشحّ نظرك وأشدّه! هل أذنبت فيما بيني وبينك ذنباً أستوجب به منك السخط؟

فقال: وأيّ ذنب أصبتيه؟ أليس عهدي بك اليوم الماضي وأنت تحلفين بالله مجتهدة ما طعمتُ طعاماً منذ يومين؟!

قال: فنظرت إلى السّماء، وقالت: إلهي يعلم ما في سمائه وأرضه إنّي لم أقل إلاّ حقّاً.

فقال لها: يا فاطمة، أنّى لك هذا الطعام الّذي لم أنظر إلى مثل لونه، ولم أشمّ مثل رائحته قط، ولم آكل أطيب منه؟

قال: فوضع رسول الله(صلى الله عليه وآله) كفَّه الطيّبة المباركة بين كتفي عليّ(عليه السلام) فغمزها، ثمّ قال: يا عليّ، هذا بدل من دينارك ] هذا جزاء دينارك من عند الله[([25]) إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب، ثمّ استعبر النبيّ(صلى الله عليه وآله)باكياً.

ثمّ قال: الحمد الله الّذي أبى لكما أن تخرجا من الدنيا حتّى يجريك يا عليّ مجرى زكريا، ويجري فاطمة مجرى مريم بنت عمران([26]).

ولشاعر أهل البيت الشيخ عبدالمنعم الفرطوسي:

وأتانا من النصوص حديث***مستفيض عن سيّد الأوصياء

قلت للبضعة الزكيّة يوماً***أطعمينا من رزق ربّ السماء

فأجابت: عَلَيَّ يومان مرّا***بعد إيثاركم بغير غذاء

فحباني الإله دينارَ تِبر***هو قرض إلى زمان الرخاء

فلقيت المقداد في الدرب يُصْلَى***في لظى الحرّ من لهيب ذكاء

قال: إنّي خلّفت في البيت أهلي***وهم يصرخون جوعاً ورائي

فحباه الدينار لله زلفىً***بعد حزن لحاله وبكاء

و أتى مسجد النبيّ يصلّي***فأتاه النبيّ بعد الأداء

قال: إنّي ضيف عليك، فأحنى***رأسه مطرقاً لفرط الحياء

فرأى المصطفى ببيت عليٍّ***حين وافى للبضعة الزهراء

جفنةً للطعام ملأى لديها***وهى تذكو بأطيب الأشذاء

والبتول الزهراء لله تدعو***عند محرابها بأزكى دعاء

قال: هذي من جنّة الخلد وافت***لكما خير تحفة وعطاء

وهو أجر الدينار لله وافى***لكما فاهنآ بحسن الجزاء

وله الشكر نعمةً وامتناناً***وهو لطفاً أهل لكلّ ثناء

قد آراني في بضعتي ما رآه***زكريا في مريم العذراء([27])

وإليك رواية جديدة تتصل بالجفنة أيضاً:

عن ربيعة السعدي، قال: حدّثني حذيفة بن اليمان قال: لمّا خرج جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) قدِم جعفر والنبيّ(عليه السلام) بأرض خيبر، فأتاه بالفرع([28]) من الغالية والقطيفة.

فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): لأدفعنّ هذه القطيفة إلى رجل يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، فمدّ أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله) أعناقهم إليها.

فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): أين عليّ ؟ فوثب عمّار بن ياسر فدعا عليّاً(عليه السلام)، فلمّا جاء قال له النبيّ(صلى الله عليه وآله): يا عليّ، هذه القطيفة إليك، فأخذها عليّ(عليه السلام) وأمهل حتّى قدم المدينة، فانطلق إلى البقيع ـ وهو سوق المدينة ـ فأمر صائغاً ففصل القطيفة سلكاً سلكاً، فباع الذهب، وكان ألف مثقال، ففرّقه عليّ(عليه السلام) في فقراء المهاجرين والأنصار، ثمّ رجع إلى منزله، ولم يترك له من الذهب قليلاً ولا كثيراً، فلقيه النبيّ(صلى الله عليه وآله) من غد في نفر من أصحابه فيهم حذيفة وعمّار.

فقال: يا عليّ، إنّك أخذت بالأمس ألف مثقال، فاجعل غدائي اليوم وأصحابي عندك، ولم يكن عليّ(عليه السلام)يرجع يومئذ إلى شيء من العروض([29]) ذهب أو فضّة، فقال حياءً منه وتكرّماً: نعم يا رسول الله، وفي الرحب والسعة، ادخل يا نبيّ الله أنت ومَن معك، قال: فدخل النبيّ(صلى الله عليه وآله)، ثمّ قال لنا: ادخلوا.

قال حذيفة: وكنّا خمسة نفر: أنا، وعمّار، وسلمان، وأبو ذرّ، والمقداد رضي الله عنهم، فدخلنا ودخل عليّ على فاطمة(عليها السلام)يبتغي عندها شيئاً من زاد، فوجد في وسط البيت جفنةً من ثريد تفور، وعليها عُراق([30]) كثير، كأنّ رائحتها المسك، فحملها عليّ(عليه السلام) حتّى وضعها بين يدي النبيّ(صلى الله عليه وآله)ومن حضر معه، فأكلنا منها حتّى تملاّنا، ولم ينقص منها قليل ولا كثير، وقام النبيّ(عليه السلام) حتّى دخل على فاطمة(عليها السلام).

وقال: أنّى لك هذا الطعام يا فاطمة؟ فردّت عليه ونحن نسمع قولهما.

فقالت: (هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب)([31]).

فخرج النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلينا مستعبراً وهو يقول: الحمد لله الذي لم يمتني حتّى رأيت لابنتي ما رأى زكريّا لمريم(عليهما السلام)، كان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً فيقول لها: يا مريم أنّى لكِ هذا؟ فتقول: (هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب)([32]).

عن أبي سعيد الخدري قال: اُهديت إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)قطيفة منسوجة بالذهب أهداها له ملك الحبشة.

فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): لاُعطينّها رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، فمدّ أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)أعناقهم إليها، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أين عليّ؟

قال عمّار بن ياسر: فلمّا سمعت ذلك وثبتُ حتّى أتيت عليّاً(عليه السلام) فأخبرته فجاء، فدفع رسول الله(صلى الله عليه وآله)القطيفة إليه، فقال: أنت لها، فخرج بها إلى سوق الليل فنقضها سلكاً سلكاً، فقسّمها في المهاجرين والأنصار ثمّ رجع(عليه السلام)إلى منزله وما معه منها دينار، فلمّا كان من غد استقبله رسول الله(صلى الله عليه وآله)فقال: يا أبا الحسن، أخذت أمس ثلاثة آلاف مثقال من ذهب، فأنا والمهاجرون والأنصار نتغدّى عندك غداً، فقال عليّ(عليه السلام): نعم يا رسول الله.

فلمّا كان الغد أقبل رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المهاجرين والأنصار حتّى قرعوا الباب، فخرج إليهم وقد عرق من الحياء، لأنّه ليس في منزله قليل ولا كثير، فدخل رسول الله(صلى الله عليه وآله)ودخل المهاجرون والأنصار حتّى جلسوا ودخل عليّ على فاطمة، فإذا هو بجفنة مملوءة ثريداً عليها عراق يفور منها ريح المسك الأَذفر، فضرب عليّ(عليه السلام)بيده عليها فلم يقدر على حملها، فعاونته فاطمة على حملها حتّى أخرجها فوضعها بين يدي رسول الله.

فدخل(صلى الله عليه وآله) على فاطمة، فقال: أي بنيّة أنّى لكِ هذا؟

قالت: يا أبتِ (هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب).

فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): الحمد لله الّذي لم يخرجني من الدنيا حتّى رأيت في ابنتي ما رأى زكريّا في مريم بنت عمران، فقالت فاطمة: يا أبة، أنا خير أم مريم؟

فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أنتِ في قومك، ومريم في قومها([33]).

في ذكر حديث الجفنة التي يفوح قتارها وكيفيّة إسلام الأعرابي:

وإليك أيضاً رواية تتحدّث بدورها عن الجفنة في سياق يتصل بكيفية إسلام أحدهم أيضاً، حيث ورد عن ابن عباس أ نّه قال: خرج أعرابي من بني سليم يتبدّى في البريّة، فإذا هو بضبٍّ قد نفر من بين يديه، فسعى وراءه حتّى اصطاده، ثمّ جعله في كُمِّه وأقبل يزدلف([34]) نحو النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فلمّا وقفَ بإزائه ناداه: يا محمد يا محمد ـ وكان من أخلاق رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذا قيل له: يا محمد، قال: يا محمد، وإذا قيل له: يا أحمد، قال: يا أحمد، وإذا قيل له: يا أبا القاسم، قال: يا أبا القاسم، وإذا قيل له: يا رسول الله، قال: لبيك وسعديك، ويتهلّل وجهه ـ فلمّا أن ناداه الأعرابي يا محمد يا محمد، قال النبيّ: «يا محمد يا محمد».

فقال له: أنت الساحر الكذّاب الّذي ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة هو أكذب منك، أنت الّذي تزعم أنّ لك في هذه الخضراء إلهاً بعثَ بك إلى الأَسود والأَبيض؟ فواللات والعزّى، لولا أنّي أخاف أن يسمِّيني قومي «العجول» لضربتك بسيفي هذا ضربةً أقتلك بها، فأسودُ بك الأوّلين والآخرين.

فوثب إليه عمر بن الخطاب ليبطشَ به، فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): «اجلس يا أبا حفص! فقد كاد الحليم أن يكون نبيّاً». ثمّ التفت النبيّ(صلى الله عليه وآله)إلى الأعرابي، فقال له: «يا أخا بني سُليم، أهكذا تفعل العرب يتهجّمون علينا في مجالسنا ويجاهروننا بالكلام الغليظ؟

يا أعرابي، والّذي بعثني بالحقِّ نبيّاً إنّ أهل السماء السابعة لِيسمّونني «أحمد الصادق»، يا أعرابي، أسلم تسلَم من النار، ويكون لك ما لنا وعليك ما علينا وتكون أخانا في الإسلام.

قال: فغضب الأعرابي وقال: واللات والعزّى لا اُؤمن بك يا محمد أو يؤمن هذا الضبّ! ورمى بالضبّ عن كمّه، فلمّا وقع الضبّ على الأرض ولّى هارباً، فناداه النبيّ(صلى الله عليه وآله): «أيّها الضبّ أقبل إليّ».

فأقبل الضبّ ينظر إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فقال له النبيّ(صلى الله عليه وآله): «أيّها الضبّ مَنْ أنا؟».

فإذا هو ينطق بلسان فصيح ذرب غير متلكّىً ويقول: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف.

فقال له النبيّ(صلى الله عليه وآله): «مَنْ تعبد؟».

قال: أعبد الله عزّ وجلّ الّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة واتّخذ إبراهيم خليلاً واصطفاكَ يا محمد حبيباً، ثمّ أطبق على فم الضبّ فلم يحِرْ جواباً، فلمّا نظر الأعرابي إلى ذلك قال: واعجباً ضبّ اصطدته من البريّة ثمّ أتيت به في كُمّي لا يفقه، ولا ينقه، ولا يعقل، يكلّم محمداًبهذا الكلام، ويشهد له بهذه الشّهادة، لا أطلب أثراً بعد عين، مدّ يمينكَ فأنا أشهدُ أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله.

فأسلم الأعرابي وحسن إسلامه، ثمّ أنشأ شعراً في ذلك وقال:

ألا يا رسول الله إنّك صادقٌ***فبوركت مهديّاً وبوركتَ هاديا

شرعت لنا دين الحنيفة بعد ما***عبدنا كأمثال الحمير الطواغيا

فيا خير مدعوٍّ ويا خير مرسل***إلى إنسها والجنّ لبيك داعيا

أتيت ببرهان من الله واضح***فأصبحت فينا صادق القول زاكيا

فبوركت في الأحوال حيّاً وميّتاً***وبوركت مولوداً وبوركت ناشيا

ونحن اُناس من سليم وأنّنا***أتيناك نرجو أن ننال العواليا

قال: فالتفت النبيّ(صلى الله عليه وآله) إلى بعض أصحابه وقال: «علّموا الأعرابي سوراً من القرآن»، قال: فلمّا عُلّم الأعرابي شيئاً من القرآن، قال له النبيّ(صلى الله عليه وآله): «هل لك شيء من المال؟» قال: والّذي بعثك بالحقّ نبيّاً، إنّ بني سليم أربعة آلاف رجل ما فيهم أفقر منّي، ولا أقلّ مالاً.. إلى أن قال: ثمّ التفت النبيّ(صلى الله عليه وآله)إلى أصحابه فقال لهم: «مَن يتوّج الأعرابي وأنا أضمن له على الله تاج التُقى؟»، فوثب إليه أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب(عليه السلام) فقال: فداك أبي واُمّي وما تاج التُقى؟»، فذكر من صفته، فنزع عليّ(عليه السلام)عمامته فعمَّم بها الأعرابي.

ثـمّ التفت النبيّ(صلى الله عليه وآله)فقال: «مَن يزوّد الأعرابي وأنا أضمن له على الله عـزّ وجلّ زاد التقوى»، فوثب إليه سلمان وقال: فداك أبي واُمّي وما زاد التقوى؟

فقال: «يا سلمان، إذا كان آخر يوم من الدنيا لقّنك الله عزّ وجلّ قول شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله، فإن أنت قلتها لقيتني ولقيتك، وإن أنت لم تقلها لم تلقني ولم ألقك أبداً».

قال: فمضى سلمان حتّى طاف تسعة أبيات من بيوت رسول الله(صلى الله عليه وآله) فلم يجد عندهنّ شيئاً، فلمّا ولّى راجعاً نظر إلى حجرة فاطمة(عليها السلام) فقال: إن يكن خير فمن منزل فاطمة بنت محمد(صلى الله عليه وآله)، فقرع الباب فأجابته من وراء الباب: مَن بالباب؟

فقال: أنا سلمان الفارسي، فقالت: وما تريد؟ فشرح لها قصة الأعرابي والضبّ وما ضمنه النبيّ(صلى الله عليه وآله).

فقالت: يا سلمان، والّذي بعث بالحقّ محمداً نبيّاً إنّ لنا ثلاثاً ما طعمنا، وإنّ الحسن والحسين قد اضطربا عليّ من شدة الجوع، ثمّ رقدا كأنّهما فرخان منتوفان، ولكن يا سلمان، لا أردّ الخير يأتي. خذ درعي هذا ثمّ امضِ به إلى شمعون اليهودي وقل له: تقول فاطمة بنت محمد: أقرضني عليه صاعاً من تمر وصاعاً من شعير أردّه عليك إن شاء الله تعالى.

فأخذ سلمان الدرع وأتى به إلى شمعون اليهودي، فأخذ شمعون الدرع ثمّ جعل يقلّبه في كفّه وعيناه تذرفان بالدموع وهو يقول: يا سلمان، هذا هو الزهد في الدُنيا، هذا الّذي أخبرنا به موسى بن عمران في التوراة، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فأسلم وحسن إسلامه. ودفع إلى سلمان صاعاً من تمر وصاعاً من شعير، فأتى به سلمان إلى فاطمة فطحنته بيدها واختبزته خبزاً، وأتت به إلى سلمان، فقالت له: خذه وامضِ به إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله).

فقال سلمان: يا فاطمة، خذي منه قرصاً تعلّلين به الحسن والحسين.

فقالت: يا سلمان، هذا شيء أمضيناه لله عزّ وجلّ فلسنا نأخذ منه شيئاً، فأخذه سلمان فأتى به النبيّ(صلى الله عليه وآله)،فلمّا نظره(صلى الله عليه وآله) قال: «يا سلمان، من أين لك هذا؟»، قال: من منزل ابنتك فاطمة، قال: وكان النبيّ(صلى الله عليه وآله)لم يُطعَم طعاماً منذ ثلاث، فقام حتّى أتى حجرة فاطمة، فقرع الباب ـ وكان إذا قرع الباب لا يفتح له الباب إلاّ فاطمة ـ، فلمّا فتحت له الباب نظر إلى صفرة وجهها وتغيّر حدقتيها([35])، فقال: يا بنيّة، ما الّذي أراه من صفرة وجهكِ وتغيّر حدقتيكِ؟

قالت: يا أبة، إنّ لنا ثلاثاً ما طعمنا طعاماً، وإنّ الحسن والحسين قد اضطربا عليَّ من شدّة الجوع، ثمّ رقَدا كأنّهما فرخان منتوفان.

قال: فأنبههما النبيّ(صلى الله عليه وآله)وأجلس واحداً على فخذه الأيمن وواحداً على فخذه الأيسر وأجلس فاطمة بين يديه واعتنقهم، فدخل عليّ بن أبي طالب، فاعتنق النبيّ (صلى الله عليه وآله) من ورائه، ثمّ رفع النبيّ(صلى الله عليه وآله)طرفه إلى السماء، وقال:

«إلهي وسيّدي ومولاي، هؤلاء أهل بيتي، اللهمّ فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً»، ثمّ وثبت فاطمة إلى مخدعها([36]) فصفّت قدميها وصلّت ركعتين، ثم رفعت باطن كفّيها إلى السماء وقالت:

«إلهي وسيّدي هذا نبيّك محمد، وهذا عليّ ابن عمّ نبيّك، وهذان الحسن والحسين سبطا نبيّكَ، إلهي فأنزل علينا مائدةً كما أنزلتها على بني إسرائيل أكلوا منها وكفروا بها، اللهمّ فأنزلها فإنّا بها مؤمنون».

قال ابن عباس: فوالله ما استتمّت الدعوة إلاّ وهي ترى الجُفنةَ من ورائها يفوح قُتارها([37])، وإذا قُتارها أذكى من المسك الأذفر([38])، فاحتضنتها وأتت بها إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)وعليٍّ والحسن والحسين، فلمّا نظرها عليّ قال: «يا فاطمة، أنّى لك هذا؟» ولم يكن يعهد عندها شيئاً.

فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): «كُل يا أبا الحسن ولا تَسَلْ، الحمدُ لله الّذي لم يمتني حتّى رزقني ولداً مثله، مثل مريم (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمَـحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب) ».

قال: فأكل النبيّ(صلى الله عليه وآله)وعليّ وفاطمة والحسن والحسين، وخرج النبيّ(صلى الله عليه وآله)وتزوّد الأعرابي واستوى على راحلته، وأتى بني سُليم وهم يومئذ أربعة آلاف رجل، فلمّا حلّ في وسطهم ناداهم بأعلى صوته:

قولوا: لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله.

فلمّا سمعوا هذه المقالة أسرعوا إلى سيوفهم فجرّدوها، وقالوا: صبوتَ([39]) إلى دين محمد الساحر الكذاب؟

فقال لهم: والله يا بني سُليم، ما هو بساحر ولا كذّاب. إنّ إله محمد خير إله، وإنّ محمداً خير نبيّ، أتيته جائعاً فأطعمني، وعارياً فكساني، وراجلاً فحملني، ثمّ شرح لهم قصّة الضبّ وما قاله، وقال لهم: يا معاشر بني سليم، أسلِموا تَسْلموا من النار، فأسلم ذلك اليوم أربعة آلاف رجل، وهم أصحاب الرايات الخضر، وهم حول رسول الله(صلى الله عليه وآله)([40]).

في حديث الجِفنة المملوءة خبزاً ولحماً:

وإليك أيضاً هذا النصّ المرتبط بظاهرة الجفنة حيث ورد عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أقام أيّاماً لم يُطعَم طعاماً حتّى شُقّ ذلك عليه، فطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهنّ شيئاً، فأتى فاطمة(عليها السلام) فقال: يا بنيّة، هل عندك شيء آكله فإنّي جائع؟ فقالت: لا والله نفسي واُمّي لك الفداء، فلمّا خرج عنها بعثت جارة لها برغيفين وقطعة لحم، فأخذته منها فوضعته في جفنة([41])وغطّت رأسها وقالت: والله لاُوثرنّ بها رسول الله(صلى الله عليه وآله)على نفسي وعلى غيري، وكانوا محتاجين إلى شبعة طعام، فبعثت حسناً وحسيناً إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)،فرجع إليها، فقالت: قد أتانا الله بشيء فخبّأته لك.

قال: هلمّي يا بنيّة، فكشفت عن الجِفنة فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً، فلمّا نظرت إليها بهتت وعرفت أنّها ] كرامة[ من عند الله، فحمدت الله وصلّت على نبيّه أبيها فقدّمته إليه، فلمّا رآه حمد الله وقال: من أين لك هذا يا بنيّة؟ قالت: (هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب).

] فقال: الحمد لله الذي جَعَلكِ شبيهةً بسيّدة نساء العالمين في نساء بني إسرائيل في وقتهم[([42]).

فبعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى عليٍّ فدعاه وأحضره وأكل رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعليّ وفاطمة وحسن وحسين(عليهم السلام)، وجميع أزواج النبيّ حتّى شبعوا.

قالت فاطمة(عليها السلام): وبقيت الجِفنة كما هي، فأوسعت بقيّتها على جميع جيراني، وجعل الله فيها بركةً وخيراً كثيراً([43]).

في زيارة الحور العين وإهدائهنّ الرطب لها(عليها السلام)، وتعليمها سلمان(رحمه الله)الحرز:

وإليك الآن رواية تتصل بظاهرة الطعام الإعجازي أيضاً، ولكن ذلك في سياق آخر بدوره، حيث يقترن الموقف بحضور سلمان الفارسى، ... يقول النصّ:

عن عبد الله بن سلمان الفارسي(رحمه الله)، عن أبيه قال: خرجتُ من منزلي يوماً بعدوفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)بعشرة أيّام، فلقيني عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) ابن عمِّ الرسول محمد(صلى الله عليه وآله) فقال لي: يا سلمان، جَفَوْتَنا بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقلت: حبيبي يا أبا الحسن، مِثلكم لا يُجفى، غير أنّ حزني على رسول الله(صلى الله عليه وآله)طال، فهو الّذي منعني من زيارتكم.

فقال(عليه السلام): يا سلمان، ائت منزل فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) فإنّها إليك مشتاقة تريد أن تُتحفك بتحفة قد اُتحفتْ بها من الجنّة.

قلت: قد اُتحفتْ فاطمة(عليها السلام)بشيء من الجنّة بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قال: نعم بالأمس.

قال سلمان: فهرولت إلى منزل فاطمة(عليها السلام)بنت محمد(صلى الله عليه وآله)، فإذا هي جالسة وعليها قطيفة عباءة، إذا خمرتْ([44]) رأسها انلجت ساقها، وإذا غطّت ساقَها انكشف رأسها، فلمّا نظرت إليّ اعتجرت([45]) ثمّ قالت: يا سلمان، جفوتني بعد وفاة أبي! قلت: حبيبتي لم أجفكم.

قالت: فمه اجلس، واعقل ما أقول لك. إنّي كنت جالسةً بالأمس في هذا المجلس وباب الدار مغلق وأنا أتفكّر في انقطاع الوحي عنّا وانصراف الملائكة عن منزلنا، فبينما أنا أتفكّر إذْ انفتح الباب من غير أن يفتحه أحد، فدخل عليّ ثلاث جَوار لم يرَ الراؤون بحسنهنّ([46]) ولا كهيئتهنّ، ولا نَضارة وجوههنّ، ولا أزكى من ريحهنّ، فلمّا رأيتهنّ قمت إليهنّ مستنكرةً لهنّ، فقلت: من أهل مكّة أم من أهل المدينة؟

فقلن: يا بنت محمد(صلى الله عليه وآله)،لسنا مِن أهل مكّة ولا من أهل المدينة ولا من أهل الأرض جميعاً، غير أنّنا جوار من حور العِين من دار السلام أرسلنا ربّ العزّة إليك يا بنت محمد(صلى الله عليه وآله) إنّا إليك مشتاقات.

فقلت للّتي أظنّها أكبر سنّاً: ما اسمك؟ قالت: اسمي مقدودة. قلت: ولِمَ سُمّيتِ مقدودة؟ قالت: خُلقتُ للمقداد بن الأَسود الكندي صاحب رسول الله(صلى الله عليه وآله).

فقلت للثانية: ما اسمك؟ قالت: ذرّة، قلت: ولم سمّيت ذرّة وأنت نبيلة في عيني؟

قالت: خُلقت لأبي ذرّ الغفاري صاحب رسول الله(صلى الله عليه وآله).

فقلت للثالثة: ما اسمك؟ قالت: سَلمى، قلت: ولم سمّيت سلمى؟ قالت: خُلقت لسلمان الفارسي مولى أبيك رسول الله(صلى الله عليه وآله).

قالت فاطمة: ثمّ أخرجنَ إليّ رطباً أزرق كأمثال الخشكنانج([47]) الكبار أبيض من الثلج([48]) وأزكى ريحاً من المسك الأَذفر، فقالت(عليها السلام) لي: يا سلمان، أفطر عليه عشيّتك فإذا كان غداً فجئني بنواه، أو قالت: عجمه.

قال سلمان: فأخذت الرُطب، فما مررت بجمع من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)إلاّ قالوا: يا سلمان، أمعكَ مسك؟ فأقول: نعم.

فلمّا كان وقت الإفطار أفطرت عليه فلم أجد له عجماً ولا نوى، فمضيت إلى بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) في اليوم الثاني فقلت لها: إنّي أفطرت على ما أتحفتيني به، فما وجدت له عجماً ولا نوى.

قالت: يا سلمان، ولن يكون له عجم ولا نوى، وإنّما هو نخل غرسه الله في دار السّلام بكلام علّمنيه أبي محمد(صلى الله عليه وآله) كنت أقوله غدوةً وعشيّةً.

قال سلمان: قلت: علّميني الكلام يا سيدتي.

قالت(عليها السلام): إن سرّك أن لا يمسّكَ أذى الحُمّى ما عشت في دار الدنيا فواظب عليه. ثمّ قال سلمان: علّمتني هذا الحرز:

بسم الله الرّحمن الرحيم

بسم الله النور، بسم الله نور النور، بسم الله نور على نور، بسم الله الّذي هو مدبِّر الاُمور، بسم الله الّذي خلق النور من النور.

الحمد لله الّذي خلق النور من النور، وأنزل النور على الطور، في كتاب مسطور، في رقٍّ منشور، بقدر مقدور، على نبيٍّ محبور.

الحمد لله الّذي هو بالعزّ مذكور، وبالفخر مشهور، وعلى السرّاء والضرّاء مشكور، وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين.

قال سلمان: فتعلّمتهنّ، فوالله لقد علّمتهنّ أكثر من ألف نفس من أهل المدينة ومكّة ممّن بهم الحُمّى، فكلٌّ برئ من مرضه بإذن الله تعالى([49]).

في خبر مُصحفها(عليها السلام) وحامليه الّذين هبطوا به عليها:

من الحقائق المعروفة تأريخياً: ما يطلق عليه «مصحف فاطمة» حيث يتضمّن المعرفة بشتّى مستوياتها وأزمنتها، وهو ما تتحدّث عنه النصوص، ومنها:

روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناده عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر محمد بن عليٍّ(عليه السلام) عن مصحف فاطمة؟

فقال: «اُنزِل عليها بعد موت أبيها». فقلت: ففيه شيء من القرآن؟

قال: «ما فيه شيء من القرآن»، قلت: فصِفه لي.

قال: «له دفّتان من زبرّجدتين على طول الورق وعرضه حمراوين».

قلت: جعلت فداك صف لي ورقه.

قال: «ورقه من درٍّ أبيضَ قيل له: كن فكان». قلت: جعلت فداك، فما فيه؟

قال: «فيه خبر ما كان، وخبر ما يكون إلى يوم القيامة، وفيه خبر سماء سماء، وعدد ما في السماوات من الملائكة، وغير ذلك، وعدد كلّ من خلق الله مرسلاً وغير مرسل، وأسماؤهم، وأسماء من اُرسل إليهم، وأسماء من كذّب وأجاب، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأوّلين والآخرين، وأسماء البلدان.

وصفة كلّ بلد في شرق الأرض وغربها، وعدد ما فيها من المؤمنين، وعدد ما فيها من الكافرين، وصفة كلّ من كذّب، وصفة القرون الاُولى وقصصهم، وَمن ولي من الطواغيت ومدّة ملكهم وعددهم، وأسماء الأئمة وصفتهم، وما يملك كلّ واحد واحد([50]). وصفة كبرائهم، وجميع من تردّد في الأدوار».

قلت: جُعلت فداكَ، وكم الأدوار؟

قال: «خمسون ألف عام، وهي سبعة أدوار، وفيه أسماء جميع ما خلق وآجالهم، وصفة أهل الجنّة، وعدد من يدخلها، وعدد من يدخل النار وأسماء هؤلاء، وفيه علم القرآن كما اُنزل، وعلم التوراة كما اُنزلت، وعلم الإنجيل كما اُنزل، وعلم الزبور، وعدد كلّ شجرة ومدرة في جميع البلاد».

قال أبو جعفر(عليه السلام): «ولمّا أراد الله عزّ وجلّ أن يُنزِل عليها جبرئيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوه فينزلون به عليها، وذلك في ليلة الجمعة من الثلث الثاني من الليل، فهبطوا به وهي قائمة تصلّي، فما زالوا قياماً حتّى قعدت، فلمّا فرغت مـن صلاتها سلّموا عليها، وقالوا: السلام يقرئك السلام. ووضعوا المصحف في حجرها.

فقالت: الله السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعليكم يا رسل الله السلام. ثمّ عرجوا إلى السماء.

فما زالت مِن بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرؤه حتّى أتت على آخره.

ولقد كانت(عليها السلام) مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجنّ، والإنس، والطير، والوحش، والأنبياء([51])، والملائكة».

قلت: جعلت فداك، فلمن صار ذلك المصحف بعد مضيّها؟

قال: «دفعتهُ إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)، فلمّا مضى صار إلى الحسن، ثمّ إلى الحسين، ثمّ عند أهله حتّى يدفعوه إلى صاحب هذا الأمر».

فقلت: إنّ هذا العلم كثير!

فقال: «يا أبا محمد، إنّ هذا الّذي وصفته لك لفي ورقتين من أوّله، وما وصفت لك بعدُ ما في الورقة الثانية([52])، ولا تكلّمتُ بحرف منه»([53]).

وروى الشيخ حسن الحلّي عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)فقلت: إنّي أسألك جعلت فداك عن مسألة، أهاهنا أحد يسمع كلامي؟

فرفع أبو عبدالله(عليه السلام) ستراً بيني وبين بيت آخر واطّلع فيه، ثمّ قال: «يا أبا محمد، سَلْ عمّا بدا لكَ»، قال: قلت: جُعلت فداك، إنّ الشيعة يتحدّثون أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)علّم عليّاً(عليه السلام) باباً يفتح منه ألفَ باب.

فقال أبو عبد الله(عليه السلام): «يا أبا محمد، إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) علّم عليّاً ألف باب يُفتح له منه ألف باب»، فقلت: هذا واللهِ العِلم... ـ إلى أن قال: ـ فقال(عليه السلام): «إ نّه لعلم وما هو بذاك، وسكت ساعة، ثمّ قال: «وإنّ عندنا لمصحف فاطمة صلوات الله عليها، وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟»، قلت: وما مصحف فاطمة(عليها السلام)؟

قال(عليه السلام): «مِثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات، واللهِ ما فيه من قرآنكم هذا حرف واحد!!».

قلت: والله هذا العلم. فقال: إ نّه لعلم وما هو بذاك»، ثمّ سكت ساعة.

ثم قال: «وإنّا عندنا لعلم ما كان وما هو كائن إلى أن تقوم السّاعة.

فقلت: جعلت فداك، هذا واللهِ العلم.

قال: «إ نّه لعلم وليس بذلك».

قلت: جُعلت فداك فأيّ شيء العلم؟

قال(عليه السلام): «ما يحدث بالليل والنهار، والأمر بعد الأمر، والشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة»([54]).

وقال الشيخ حسن الحلّي: روي أنّ فاطمة(عليها السلام) لمّا توفّي أبوها(صلى الله عليه وآله) قالت لأمير المؤمنين(عليه السلام): «إنّي لأسمع من يحدّثُني بأشياء ووقائع تكون في ذرّيتي».

قال: فإذا سمعتيه فامليه عليَّ فصارت تمليه وهو يكتبه.

فروي أ نّه بقدر القرآن ثلاث مرّات ليس فيه شيء من القرآن، فلمّا كمّله سمّاه مصحفَ فاطمة; لأنّها كانت محدّثة تحدّثها الملائكة([55]).

وقال المستشار عبدالحليم الجندي: ومن التراث العلمي عند الشيعة ما يسمّى «مِصحف فاطمة»، حدّثوا عن الصادق إذ سُئلَ عنهُ فقال: إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله خمسةً وسبعين يوماً، وكان قد دخلها حزن على أبيها، وكان جبرئيل يأتيها فُيحسن عزاءَها ويطيّب نفسها، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها، وكان عليّ يكتب ذلك، فهذا «مِصحف فاطمة».

وبعد هذا يقول الاُستاذ المستشار: فليس هذا مِصحفاً بالمعنى الخاصّ بكتاب الله تعالى، وإنّما هو أحد المدوّنات([56]).

ومن فضائلها: أنّها(عليها السلام) بَضعة من الرسول(صلى الله عليه وآله):

عن المسوّر بن مخرمة: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: «فاطمة بضعة([57]) منّي فمن أغضبها أغضبني»([58]).

وعنه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّما فاطمةَ بَضعة منّي يؤذيني ما آذاها»([59]).

وعن ابن الزبير: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)قال: «إنّما فاطمة بَضعة منّي، يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها»([60]).

وعنه(صلى الله عليه وآله)مرفوعاً قال: «فاطمة بضعة منّي، يُريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها، فمن أغضبها فقد أغضبني»([61]).

وعن مجاهد قال: خرج النبيّ(صلى الله عليه وآله)وهو آخذ بيد فاطمة، فقال: «من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد، وهي بَضعة منّي، وهي قلبي، وهي روحي الّتي بين جنبَيَّ، من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله»([62]).

وعن المسوّر بن مخرمة مرفوعاً، قال: «إنّما فاطمة بضعة منّي، يؤذيني ما آذاها، ويغضبني ما أغضبها»([63]).

وابن حجر العسقلاني قال: وفي الصحيحين عن المسوّر بن مخرمة قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)على المنبر يقول: «فاطمة بَضعة منّي، يؤذيني ما آذاها، ويُريبني ما رابها»([64]).

وعن الليث بن سعد أ نّه سمع ابن أبي مليكة يقول: إ نّه سمع المسوّر بن مخرمة يقول: إ نّه سمع رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول: «إنّما فاطمة ابنتي بَضعة منّي، يريبني ما أرابها، ويؤذني ما آذاها»([65]).

وعن سعيد بن أبان القرشي، قال: دخل عبد الله بن الحسن([66]) على عمر بن
عبد العزيز وهو حديث السنّ وله وفرة، فرفع مجلسه وأقبل عليه وقضى حوائجه، ثمّ أخذ عُكْنة من عكنه([67]) فغمزها ثمّ أوجعه، وقال له: اذكرها عندك للشفاعة. فلمّا خرج لامَه أهلُه وقالوا: فعلت هذا بغلام حديث السنّ! فقال: إنّ الثقة حدّثني حتّى كأنّي أسمعه مِن فِي رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: «إنّما فاطمة ابنتي بَضعة منّي، يسرّني ما يسرّها». وأنا أعلم أنّ فاطمة لو كانت حيّةً لسرّها ما فعلتُ بابنها... الحديث([68]).

وعن الحرث بن نوفل قال: سمعت سعد بن مالك ـ يعني سعد بن أبي وقاص ـ يقول: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «فاطمة بَضعة منّي، مَن سرّها فقد سرّني، ومن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعزُّ البرية عليَّ»([69]).

وعن العبّاس بن بكّار مرفوعاً إلى جعفر بن محمد، عن أبيه(عليهما السلام): «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: فاطمة بَضعة منّي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله»([70]).

في ذكر قوله(صلى الله عليه وآله): فاطمة شجنة منّي:

عن جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ فاطمة شجنة([71]) منّي، يُسخطني ما أسخطها ويُرضيني ما أرضاها»([72]).

عليّ والزهراء (عليهما السلام) أحبّ الناس إلى الرسول(صلى الله عليه وآله):

وإليك طائفة من النصوص الاُخرى التي تتحدث عن فاطمة(عليها السلام) من النساء أو عن الإمام عليّ(عليه السلام) من الرجال، فقد ورد:

عن أبي بريدة قال: جاء رجل إلى أبي فسأله: أيّ النّاس كان أحبّ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قال: «من النساء فاطمة ومن الرجال عليّ (رضي الله عنه)»([73]).

وعن جميع بن عمير التميمي قال: دخلت مع عمّتي على عائشة، فسألت: أيّ النّاس كان أحبّ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قالت: فاطمة، فقيل: من الرجال؟ قالت: زوجها، إن كان ما علمت صوّاماً قواماً([74]).

وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كانت فاطمة أحبّ الناس إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وزوجها عليّ أحبّ الرجال إليه([75]).

وعن أبي فجيع، عن أبيه، عن رجل قال: سمعت عليّاً (رضي الله عنه) على المنبر بالكوفة يقول: «خطبت إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاطمة(عليها السلام) فزوّجني، فقلت: يا رسول الله، أنا أحبّ إليك أم هي؟ قال: هي أحبّ إليّ منك، وأنت أعزّ عليّ منها»([76]).

وعن جميع بن عمير قال: دخلت مع أبي على عائشة يسألها من وراء الحجاب عن عليّ(رضي الله عنه)؟ فقالت: تسألني عن رجل ما أعلم أحداً كان أحبّ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)منه، ولا أحبّ إليه من امرأته؟([77]).

وعنه قال: قالت عمّتي لعائشة وأنا أسمع: أنت مسيرك إلى عليٍّ(عليه السلام) ما كان؟ قالت: دعينا منك، إ نّه ما كان من الرجال أحبّ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)من عليٍّ، ولا من النساء أحبّ إليه من فاطمة([78]).

وعن عائشة (رضي الله عنها) أنّها سُئلت: أيّ الناس كان أحبّ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قالت: فاطمة، قيل: من الرجال؟ قالت: زوجها([79]).

إنّ الزهراء(عليها السلام) حوراء إنسيّة:

روى ابن بابويه بسنده عن الرضا(عليه السلام) قال: «قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): لمّا عُرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنّة، فناولني من رطبها فأكلته، فتحوّل ذلك نطفةً في صلبي، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعتُ خديجة، فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسيّة، فكلّما اشتقتُ إلى الجنّة شممت رائحة ابنتي فاطمة»([80]).

في أنّ فاطمة(عليها السلام) أفضل النساء عالماً:

عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال: «أربع نسوة سادات عالمهنّ: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد(صلى الله عليه وآله)، وأفضلهنّ عالماً فاطمة»([81]).

في تحريم ذرّيتها(عليها السلام) على النار:

الصبّان قال: أخرج تمّام، والبزّار، والطبراني، وأبو نعيم عن ابن عبّاس أ نّه (صلى الله عليه وآله)قال: «إنّ فاطمة أحصنت فرجها، فحرّمها الله وذرّيتها على النار»([82]).

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] . دلائل الإمامة: 13، أمالي الصدوق: 692/947، عنه بحار الأنوار: 43/3/1.

[2] . دلائل الإمامة: 15، عنه بحار الأنوار: 43/10 ذيل ح16.

[3] . المناقب لابن شهرآشوب: 3/387.

[4] . المصدر السابق: 3/385.

[5] . الطَمّ: أعلى الشيء وعاليه، والرِمّ: البالي. مجمع البحرين 6/107 وص: 75 (مادة طمم ورمم).

[6] . الخرائج والجرائح: 2/538/14.

[7] . القهقرى ـ بفتح القافين وإسكان الهاء ـ المشي إلى خلف. لسان العرب: 11/335
(مادة قهقر).

[8] . عيون المعجزات: 46، بحار الأنوار: 43/8/11، نزهة الأبرار: 389.

[9] . إعلام الورى بأعلام الهدى: 1/295.

[10] . توشّح بسيفه وثوبه: تقلّد. القاموس المحيط: 1/350 (مادة وشح).

[11] . المناقب: 3/385.

[12] . مقتل الحسين: 1/110/45.

[13] . الخرائج: 2/527/2.

[14] . حكي عن المجلسي أ نّه قال في بيان الحديث: إنّ المراد بالجوّا: داخل البيت، وبالبرّا: ظاهره.

[15] . المُشاش: جمع المُشاشة، وهي رؤوس العظام الليّنة. لسان العرب: 13/133 (مادة مشش).

[16] . أي اسم الملك «رحمة».

[17] . دلائل الإمامة: 9، مناقب ابن شهرآشوب: 3/385.

[18] . في المصدر: أنّ كليهما قالا.

[19] . مناقب ابن شهرآشوب: 3/385.

[20] . الخرائج: 2/531/7..

[21] . مناقب ابن شهرآشوب: 3/383.

[22] . أمعن وأنعم النظر بمعنىً واحد.

[23] . الخرائج والجرائح: 2/537/13.

[24] . الشحيح بمعنى الحريص. لسان العرب: 7/42 (مادة شحح).

[25] . عن كشف الغمّة.

[26] . أمالي الطوسي: 615/1272، كشف الغمّة: 1/444، ذخائر العقبى: 45، حلية الأبرار لأبي نعيم: 2/269، بحار الأنوار: 43/59/51 عن تفسير فرات، باختلاف في اللفظ فيها.

[27] . صحيفة الزهراء: 250.

[28] . فرع كلّ شيء أعلاه، والمراد بالنفيس العالي منهما. مجمع البحرين: 4/374 (مادة: فرع).

[29] . العروض: جمع عرض، وهو المتاع وحطام الدنيا.

[30] . العُراق: مصدر قولك: عرقت العظم أعرقه ـ بالضمّ ـ عرقاً: إذا أكلت ما عليه من اللحم، وقد جاء في الحديث: ثريد وعراق، ومنه حديث فاطمة(عليها السلام): فأخرجت صحيفةً فيها ثريد وعراق. مجمع البحرين: 5/213 (مادة عَرقَ).

[31] . آل عمران: 37.

[32] . أمالي الطوسي: 614/1271، دلائل الإمامة: 51.

[33] . سعد السعود: 90.

[34] . قال الطريحي في مجمعه: وفي حديث الباقر(عليه السلام): «ما لَكَ من عيشك إلاّ لذّة تزدلف بك إلى حِمامك»: أي تقرّبك إلى موتك. مجمع البحرين: 5/67 (مادة زلف).

[35] . الحَدَقة: هي الناظر في العين، لا جسم العين كلّه. مجمع البحرين 5/144 (مادة حدق).

[36] . المَخدَع: هو البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير. لسان العرب: 4/38 (مادة خدع).

[37] . القُتار بالضّم: الدخان من المطبوخ، يقال: قتر اللحم ارتفع قتاره. مجمع البحرين: 3/447 (مادة قتر).

[38] . الذفر محرّكة: شدّة ذكاء الريح، ومسك أذفر، وذفر جيّد إلى الغاية. القاموس المحيط: 2/94 (مادة ذفر).

[39] . صبا يصبو صَبوةً: مال إلى الجهلُ والفُتُوّة، وقيل: هو مهموز من صَبَأَ: إذا خرج من دين إلى دين. لسان العرب: 7/283 ـ 284 (مادة صبا).

[40] . مقتل الحسين للخوارزمي: 1/114 ـ119/54.

[41] . الجِفان بالكسر: قصاع كبار، واحدها جفنة. مجمع البحرين: 6/225 (مادة جفن).

[42] . أضفناه من مقتل الخوارزمي.

[43] . مقتل الحسين للخوارزمي: 1/97/19، الخرائج والجرائح: 2/528/2، الدرّ المنثور: 2/36، سعد السعود: 131، الكشّاف: 1/303، روح البيان: 2/323.

[44] . اختمرت المرأة، أي لبست خمارها وغطّت رأسها. مجمع البحرين: 3/292 (مادة خمر).

[45] . اعتجرت المرأة، إذا لبست المعجر، والمعجر ثوب أصغر من الرداء، تلبسه المرأة على رأسها. مجمع البحرين: 3/397 (مادة عجر).

[46] . في الدلائل: لم أرَ كحسنهنّ.

[47] . الخُشكنانج: معرّب خُسْكنانة، وهو خبز يصنع من خالص دقيق الحنطة ويملأ بالسُكّر واللوز أو الفستق ويُقلى. المعجم الوسيط: 1/236.

[48] . كذا في المصادر.

[49] . نفس الرحمن: 42، دلائل الإمامة: 30، مهج الدعوات: 18.

[50] . أي: واحداً بعد واحد...

[51] . ما عدا رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام) باعتبارهما الحجّة عليها بوجودهما، ومع افتقاد الرسول(صلى الله عليه وآله) فحجّية عليٍّ(عليه السلام) تبقى ساريةً عليها.

والظاهر أنّ حجّية سيدتنا فاطمة الزهراء(عليها السلام) على جميع الخلق والمعصومين(عليهم السلام) ما عدا الرسول(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين ـ كما ورد عن الإمام .... والإمام ... بقولهم «نحن حُجج الله واُمّنا فاطمة(عليها السلام) حجّة علينا» ـ لا من جهة الإمامة رغم أنّها مفترضة الطاعة من حيث العصمة، ولكن من جهة اُخرى... وهي ما جاء في (المصحف) إضافة إلى السرّ المكنون المستودع فيها الذي لم يُعلم إلى يومنا هذا...

[52] . أي: لم أصف لك بعدُ ما يلى الورقة الثانية.

[53] . دلائل الإمامة: 29.

[54] . المحتضر: 113.

[55] . المحتضر: 132.

[56] . الإمام جعفر الصادق(عليه السلام): 200.

[57] . البَضعة: القِطعة، وبَضعة الشيء: قِطعته وجزؤه. لسان العرب: 1/424 (مادة بضع).

[58] . أخرجه البخاري في صحيحه: 3/265، باب قرابة رسول الله، وفي ص265 باب مناقب فاطمة، وأخرجه النسائي في الخصائص: 183/133، والمحبّ الطبري في ذخائره: 37، والبغوي في مصابيح السنّة: 2/278، والبهائي في الكشكول: 1/144، والحرّ العاملي في إثبات الهداة: 2/334/55.

[59] . أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: 4/1902/2449 وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ: 175.

[60] . أخرجه أحمد والترمذي والحاكم كما في الصواعق المحرقة: 190.

[61] . الفصول المهمّة: 1/664.

[62] . أخرجه الشبلنجي في نور الأبصار: 96، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة: 1/664، والإربلي في كشف الغمّة: 1/442، والشيخ حسن الحلّي في المحتضر: 133.

[63] . أخرجه ابن عساكر في تأريخه: 1/298.

[64] . الإصابة: 8/158، اُسد الغابة: 5/521، تأريخ الخميس: 1/464.

[65] . أخرجه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء: 2/40، وعبدالفتاح عبدالمقصود في كتابه الإمام عليّ: 1/89.

[66] . وفي الصواعق المحرقة: دخل عبدالله بن الحسن المثنّى بن الحسن السبط.

[67] . العُكْنةَ: الطَيّ الّذي في البطن من السمن، والجمع: عُكَن وأعكان. مختار الصحاح: 189 (مادة عكن).

[68] . الأغاني: 8/155، الصواعق المحرقة: 180، ينابيع المودة 2/57/34.

[69] . أمالي الشيخ المفيد: 137، المحتضر: 136، أمالي الشيخ الطوسي: 24/30، كشف الغمّة: 1/442.

[70] . عيون المعجزات: 50.

[71] . الأنصاري في اللمعة البيضاء قال: وفي الحديث: أنّ الرحم شجنة من الله، أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، وحاصل معنى الشجنة يرجع إلى معنى البَضعة، فيكون المراد من الأخبار المذكورة: أنّ فاطمة(عليها السلام) قطعة من رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبعض أجزائه، والشَجَنُ والشِجنة والشُجنة والشَجنة: الغُصن المشتبك، والشُعبة من الشيء. انظر لسان العرب: 7/39 (مادة شجن).

[72] . كشف الغمّة: 1/442.

[73] . خصائص النسائي: 158/113، سنن الترمذي: 5/698/3868، ذخائر العقبى: 35.

[74] . سنن الترمذي: 5/701/3874، تيسير الوصول: 3/294، اُسد الغابة: 5/522، ذخائر العقبى: 35.

[75] . أخرجه ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة: 121.

[76] . أخرجه النسائي في الخصائص: 202/146.

[77] . المصدر السابق: 157/111.

[78] . رواه الشيخ الطوسي في أماليه: 332/663.

[79] . أخرجه البغوي في مصابيح السنّة: 2/280.

[80] . مجالس الصدوق: 250/274.

[81] . الدرّ المنثور: 2/42.

[82] . إسعاف الراغبين: 107، كفاية الطالب للكنجي: 222، ذخائر العقبى: 49، مقتل الحسين للخوارزمي: 1/94/9، ينابيع المودّة: 2/320/923، الصواعق المحرقة: 147، نور الأبصار للشبلنجي: 96، عيون الأخبار: 2/68/264، كشف الغمّة: 1/443، مناقب ابن شهرآشوب: 3/373، بحار الأنوار: 43/231/3، اللمعة البيضاء: 81.

» معرض الصور : مسجد النبي / نجف الأشرف / جنة البقيع

» بطاقات السيدة فاطمة الزهرا (س) : مولد / الزواج

» المكتبة الصوتية : مولد / محاظرات

» السيره / مقالات / كتب

» أشعار / انشودة المأساة (swf)

» خاص لمولد السيدة فاطمة الزهرا (س)



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page