• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في تقدّم الشيعة في الإسلام في علم مكارم الأخلاق

في تقدّم الشيعة في الإسلام في علم مكارم الأخلاق

 

فاعلم أنّ أوّل من صَنّف فيه، هو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)([1])، كتب كتاباً فيه عند منصرفه من صفين وأرسله إلى ولده الحسن (عليه السلام)، أو محمد بن الحنفية(رضي الله عنه)([2])، وهو كتاب طويل جمع فيه جميع أبواب هذا العلم وطرق سلوكه ومكارم الملكات وكلّ المنجيات والمهلكات، وطرق التخلّص من تلك الهلكات([3]).

رواه علماء الفريقين([4]) وأثنوا عليه بما هو له أهل، رواه الكليني منّا في كتاب «الرسائل»([5]) من عدّة طرق([6])، ورواه الإمام أبو محمد الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري، وأخرجه بتمامه في كتاب «الزواجر والمواعظ»، قال: ولو كان من الحكمة ما يجب أن يكتب بالذهب لكانت هذه، قال: وحدّثني بها جماعة، ثمّ ذكر طرقه في رواية الكتاب([7]).

وأوّل من صنّف فيه من الشيعة، إسماعيل بن مهران بن
أبي نصر، أبو يعقوب السكوني([8]) وسمّاه كتاب «صفة
المؤمن والفاجر»([9])، وله «جمع خطب أميرالمؤمنين (عليه السلام)([10])
وأمثاله»([11]) ذكرهما أبو عمرو الكشي([12]) وأبو العباس النجاشي في فهرست أسماء المصنّفين من الشيعة([13])، وذكروا أنّه روى عن عدّة من  أصحاب أبي عبدالله الصادق(عليه السلام)، وعمّر حتّى لقي الإمام الرضا(عليه السلام)وروى عنه، وهو من علماء المائة الثانية([14]).

وقد صنّف فيه من القدماء الشيعة كأبي محمد الحسن بن عليّ بن الحسن بن شعبة الحراني(رضي الله عنه)([15]) من علماء المائة الثالثة([16])، صنّف كتاب «تحف العقول» فيما جاء في الحكم والمواعظ ومكارم الأخلاق عن آل الرسول([17]) وهو كتاب جليل لم يصنّف مثله، وقد اعتمده شيوخ علماء الشيعة كالشيخ المفيد ـ إبن المعلّم ـ
ينقل عنه([18]) وغيره، حتّى قال بعض علمائنا: هو كتاب لم يسمح الدهر
بمثله([19]).

وكعلي بن أحمد الكوفي([20]) المتوفي سنة 352([21])، صنّف كتاب «الآداب»([22])وكتاب «مكارم الأخلاق»([23]).

وكأبي عليّ إبن مسكويه المتقدّم ذكره([24]) صنّف كتاب «تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق»([25]) يشتمل على ست مقالات لم يصنّف مثله على التحقيق، وقد تقدّم ذكر إبن مسكويه، وقد ذكرت في الأصل طبقات من أئمة هذا العلم وما صنّفوا فيه([26]).

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) لا يخفى على أحد من المؤرّخين والمحدّثين من الفريقين أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) نشأ وتربّى في حجر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) منذ طفولته ولم يفارقه إلى أن توفي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد اتخذ الصفات الكريمة والفضائل الأخلاقية النبيلة والسجايا الطيبة من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكان متخلّقاً بأخلاقه الذي وصفه الله تعالى في القرآن بقوله: (إنك لعلى خلق عظيم)، وهذا أمر متسالم بين علماء المسلمين. قال ابن حجر العسقلاني في الإصابة: ولد عليّ ]7 [قبل البعثة بعشر سنين فربى في حجر النبيّ ]6[ ولم يفارقه وشهد معه المشاهد إلاّ غزوة تبوك.... الإصابة ج2: ص501.

                وقد ذكر كثير من المؤرّخين والمحدّثين من علماء أهل السنة والجماعة قضية أزمة قريش وتكفيل مولانا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)عليّاً (عليه السلام)،وذكروا أنّ من نعم الله عزّوجلّ على عليّ ابن أبي طالب(عليه السلام) وما صنع الله له وأراد به من الخير، هو تكفّل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)له، فكان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)حتى بعثه الله نبياً فآمن به عليّ(عليه السلام)وصدّقه قبل الناس كلّهم... لاحظ المستدرك للحاكم بهامش الذهبي ج3: ص576، وشرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد ج13: ص198، وتاريخ الطبري ج2: ص57، والبداية والنهاية ج3: ص34 في الفصل الأوّل في من أسلم من متقدّمي الإسلام والصحابة وغيرهم، والمناقب للخوارزمي: ص51، والفصول المهمّة لابن الصباغ المالكي: ص32، ومطالب السؤول: ص51 في الفصل الأوّل وغير هؤلاء.

                وقال (عليه السلام)في خطبته القاصعة حول موضعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وتربيته في حجره:

وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني  في حجره وأنا وليد، يضمّني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويمسّني جسده ويشمّني عَرْفه، وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل، ولقد قرن الله به (صلى الله عليه وآله وسلم)من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره، ولقد كنت أتبعه اتّباع الفصيل أثر اُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحرّاء فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة، ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزول الوحي عليه، فقلت: يا رسول الله، ما هذه الرنّة؟ فقال: هذا الشيطان آيس من عبادته، إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى، إلاّ أنـّك لست بنبيّ، ولكنّك وزير، وإنّك لعلى خير... الخطبة رقم 192.

                شرح الخطبة: لقد ذكر(عليه السلام)في هذه العبارات مناقبه الجميلة ومفاخره الجليلة وشرح لتربية الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)له من أوّل عمره وإعداده بتلك التربية للكمالات النفسانية من العلوم والأخلاق الفاضلة، وعدّ أحوالهم التي هي وجوه ذلك الاستعداد وأسبابه:

                الاُولى: القرابة، وأشار إليها بقوله: «وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بالقرابة القريبة» لأن أبويهما عبدالله وأبا طالب أخوان لأب واُمّ دون غيرهما من بني عبد المطلب فهما إبنا عمّ، مضافاً إلى علاقة المصاهرة وكونه (عليه السلام)زوج ابنته فاطمة (عليها السلام).

                الثانية: منزلته الخصيصة به، وأشار إليها بقوله: «والمنزلة الخصيصة» أي الخاصّة والمخصوصة بي، وشرحها (عليه السلام)بقوله: «وضعني في حجره وربّاني وأنا ولد» أي طفل صغير «يضمّني إلى صدره ويكنفني» أي يضمّني إلى كنفه وحضنه «في فراشه ويمسّني جسده ويشمّني عرْفه» أي ريحه الطيب، «وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه» وهذا كلّه إشارة إلى شدّة اهتمامه وقيامه بأمره، ويوضّحه مارواه الطبري في تاريخه عن مجاهد قال: كان من نعمة الله عزّ وجلّ على عليّ بن أبي طالب ما صنع الله له وأراد به من الخير أنّ قريشاً أصابتهم أزمة شديدة وكان أبوطالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)للعباس عمّه وكان من أيسر بني هاشم: يا عباس، إنّ أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق بنا فلنخفّف عنه من عياله آخذ من بنيه رجلاً وتأخذ من بنيه رجلاً فنكفلهما عنه، قال العباس: نعم، فانطلقا حتى أتيا أبا طالب، فقالا: إنّا نريد أن نخفّف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبوطالب: إذا تركتما لي عقيلاً فاصنعا ما شئتما، فأخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)عليّاً فضمّه إليه وأخذ العباس جعفراً فضمّه إليه، فلم يزل عليّ بن أبي طالب مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)حتى بعثه الله نبياً فاتّبعه عليّ فآمن به وصدقه.... لاحظ تاريخ الطبري ج2: ص57 .

                وروى ابن أبي الحديد عن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين (عليه السلام)أنـّه قال: سمعت زيداً أبي يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يمضغ اللحمة والتمرة حتّى تلين ويجعلهما في فم عليّ (عليه السلام)وهو صغير في حجره. شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد ج13: ص201.

                الثالثة: لم يجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)له كذبة في قول، ولا خطلة في فعل، كما أشار إلى ذلك بقوله: «وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل» وذلك لما استمدّ من تربيته (صلى الله عليه وآله وسلم)وسائر متمّمات الرياضة وأعراضها لاستيلاء قوّته العاقلة على القوتين الشهوية والغضبية وقهر نفسه الأمّارة التي هي مبدأ خطأ الأقوال والأفعال التي حصلت له من ذلك ملكة في ترك الرذائل واجتناب المآثم والمعاصي، فصار له ذلك خلقاً وطبعاً، وقد نبّه (عليه السلام)لمنقبته (صلى الله عليه وآله وسلم)فقال: «ولقد قرن الله به من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره»

                فاقترانه (عليه السلام)به (صلى الله عليه وآله وسلم)إشارة إلى تولّيه بتربية نفسه القدسيّة بإفاضة العلوم ومكارم الأخلاق وسائر الطرق المؤدّية إلى الله سبحانه من حين صغره بحسب حسن استعداد مزاجه وقوة عقله الطفولي.

                الرابعة: أشار إلى اتّباعه له وملازمته إياه بقوله: «ولقد كنت أتبعه اتّباع الفصيل» أي ولد الناقة «أثر اُمّه» وهو إشارة إلى شدّة ملازمته له وعدم انفكاكه عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)ليله ونهاره سفراً وحضراً في خلواته وبين النّاس، فيكون تالياً له (صلى الله عليه وآله وسلم)في سلوك مسالك مكارم الخصال ومحامد الأفعال مقتبساً من أنواره مقتفياً لآثاره.

                الخامسة: أشار إلى ثمرة ذلك الاتّباع بقوله: «يرفع لي في كلّ يوم عَلَماً» راية من أخلاقه «ويأمرني بالاقتداء به» والمتابعة له واستعار لفظ العَلَم لأخلاقه باعتبار كونه هادياً إلى سبيل الله كما يهدي العَلَم.

                السادسة: أنّه كان يجاور معه (صلى الله عليه وآله وسلم)في كلّ سنة بحراء فيراه دون غيره، وأشار إليه بقوله: «أي لا يراه أحد من الناس غيري».

                قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه: إنّ حديث مجاورته (عليه السلام)بحراء مشهور وقد ورد في كتب الصحاح أنـّه (صلى الله عليه وآله وسلم)كان يجاور في حراء من كلّ سنة شهراً وكان يطعم في ذلك الشهر من جاءه من المساكين، فإذا قضى جواره من حراء كان أوّل ما يبدأ به إذا انصرف أن يأتي باب الكعبة قبل أن يدخل بيته، فيطوف بها سبعاً أو ما شاء الله من ذلك، ثم يرجع إلى بيته، حتى جاءت السنة التي أكرمه الله فيها بالرسالة، فجاور في حراء شهر رمضان ومعه أهله خديجة وعليّ بن أبي طالب وخادم لهم، فجاء جبرئيل بالرسالة.... شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد ج13: ص208.

                السابعة: ما أشار إليه بقوله: «ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وخديجة وأنا ثالثهما» وهذا الكلام صريح بسبقه جميع من سواه من الرجال بالإسلام، والروايات الواردة في أنّ أوّل من أسلم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)كثيرة جدّاً في مصادر الشيعة وأهل السنّة والجماعة، فلاحظ.

                الثامنة: كونه يرى نور الوحي بالرسالة، ويشمّ ريح النبوّة، ويسمع صوت الشيطان بقوله: «أرى نور الوحي والرسالة وأشمّ ريح النبوّة، ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزول الوحي عليه(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت: يا رسول الله، ما هذه الرنة؟ فقال: هذا شيطان آيس من عبادته» أي آيس من أن يعبد له، وهذه المنقبة له (عليه السلام)في صغره من أنـّه تمثّل أعلى مراتب الأولياء وله ما للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)إلاّ النبوّة.

                التاسعة: أنـّه حقيق أن يكون خليفة رسول الله (عليه السلام)ووصيه ووارثه، كما أشار إليه بقوله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلاّ أنّك لست بنبيّ، ولكنّك وزير وإنك لعلى خير...» الخطبة.

                قال ابن أبي الحديد: عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)قال: «كان عليّ(عليه السلام)يرى مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)قبل الرسالة الضوء ويسمع الصوت، وقال له (صلى الله عليه وآله وسلم): لولا أني خاتم الأنبياء لكنت شريكاً في النبوّة، فإن لا تكن نبيّاً فإنّك وصي نبىّ ووارثه، بل أنت سيّد الأوصياء وإمام الأتقياء». شرح ابن أبي الحديد ج13: ص210

                وقد أخذنا شرح هذه الخطبة عن شرح ابن أبي الحديد وشرح الخوئي والمحقق البحراني، فلاحظ.

                وقال العلاّمة الحلّي (رحمه الله) في كتابه «كشف اليقين في فضائل امير المؤمنين(عليه السلام)»: المبحث الثامن في حسن الخلق: لا خلاف بين العقلاء في أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)أشرف الناس خُلقاً، حتى إنـّه (عليه السلام) نُسِب إلى الدعابة لطيب أخلاقة ولطف سيرته مع أصحابه. روي أنه (عليه السلام)اجتاز على امرأة مسكينة لها أطفال صغار يبكون من الجوع وهي تشاغلهم وتلهيهم حتّى يناموا، وكانت أشعلت ناراً تحت قدر فيها ماء لا غير، وأوهمتهم أنّ فيها طعاماً تطبخه لهم، فعرف أمير المؤمنين (عليه السلام)حالها، فمشى ومعه قنبر إلى منزله فأخرج قَوْصرّةَ تمر ]وعاء من قصب يرفع فيه التمر من البواري[ وجراب دقيق وشيئاً من الشحم والأرز والخبز وحمله على كتفه الشريف، فطلب قنبر حمله فلم يفعل، فلمّا وصل إلى باب المرأة استأذن عليها، فأذنت له في الدخول، فرمى شيئاً من الأرز في القدر ومعه شيء من الشحم، فلمّا فرغ من نضجه غرف للصغار وأمرهم بأكله، فلمّا شبعوا أخذ يطوف في البيت ويبعبع لهم فأخذوا في الضحك.

                فلمّا خرج (عليه السلام)قال له قنبر: يا مولاي، رأيت الليلة شيئاً عجيباً قد علمت سبب بعضه، وهو حملك الزاد طلباً للثواب، أمّا طوافك في البيت على يديك والبعبعة فما أدري سبب ذلك! فقال (عليه السلام): يا قنبر، إنّي دخلت على هؤلاء الأطفال وهم يبكون من شدّة الجوع فأحببت أن أخرج عنهم وهم يضحكون مع الشبع فلم أجد سبباً سوى ما فصلت.

                وقال ضرار بن ضمرة: دخلت على معاوية بعد قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: صِف لي عليّاً؟ فقلت: اعفني، فقال: لابدّ أن تصفه، فقلت: أما إذ لابد من ذلك فإنّه كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل ووحشته، غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلّب كفّه ويخاطب نفسه ويناجي ربّه، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب، وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقرّبه لنا وقربه منّا لا نكاد نكلّمه هيبة له، يعظّم أهل الدين ويقرّب المساكين، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قائم في محرابه قابضاً على لحيته، يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غُرّي غيري، أبىّ تعرّضت أم إلىّ تشوّقت؟ هيهات هيهات قد تبّتك ثلاثاً لا رجعة فيها، فعُمرك قصير وخطرك كثير وعيشك حقير، آه من قلّة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق. فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك فما حزنك عليه يا ضرار؟

                قال: حزن من ذُبح ولدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها. لاحظ كشف اليقين: ص114 ـ 117. وهذه نبذة يسيرة من خصائص مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) فإنّ مناقبه وفضائله كثيرة لايتّسع لها كتاب ولايحويها خطاب، وإنّنا حينما أردنا أن ندخل في هذا الموضوع وجدنا أنفسنا كالواقفين على ساحل البحر نريد أن نُلِمّ على عجالة، فوجدنا أنّ ذكر فضائله ومناقبه وخصائصه(عليه السلام) غير مختصة بالشيعة ـ وإن اختصت بكثير منها ـ فقد روى العامّة والمخالفون من ذلك ما لايحصى عدده وإليه أشار الشاعر بقوله:

ومناقب شهد العدوّ بفضلها***والفضل ما شهدت به الأعداء

([2]) ذكر السيـّد رضي الدين ابن طاووس المتوفي سنة 664 هـ في كتابه كشف المحجّة: أنـّه قد روى الشيخ الكليني (رحمه الله) رسالة مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى ولده الحسن (عليه السلام)، وروى رسالة اُخرى مختصرة عن خط عليّ (عليه السلام) إلى ولده محمد بن الحنفية (رضي الله عنه)، وذكر الرسالتين في كتاب الرسائل، وجدنا في نسخة قديمة يوشك أن يكون كتابتها في حياة الكليني (رحمه الله)...... لاحظ كشف المحجّة: ص158 ـ 159.

([3]) وأوّل هذه الرسالة قوله (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم، من الوالد الفانِ، المقرّ للزمان، المدبر العمر، المستعلم للدهر، الذام للدنيا، الساكن مساكن الموتى، الظاعن عنها غداً، إلى المولود المؤمّل ما لا يدرك، السالك سبيل من قد هلك، غرض الأسقام، ورهينة الأيام، ورمية المصائب، وعبد الدنيا، وتاجر الغرور، وغرير المنايا، وأسير الموت، وحليف الهموم، وقرين الأحزان، ونصب الآفات، وصريع الشهوات وخليفة الأموات. أمّا بعد: فإنّ فيما تبيّنت من إدبار الدنيا عني وجموع الدهر علىّ وإقبال الآخرة إلى ما يمنعني عن من سواي..... لاحظ كشف المحجّة: ص159 ـ 173.

([4]) لاحظ خصائص الأئمة للشريف الرضي: ص116، وكشف المحجّة لثمرة المهجة لإبن طاووس: ص159 ـ 173، وبحار الأنوار ج74: ص198 وص 217، وتحف العقول: ص68 ونهج البلاغة بتحقيق الشيخ محمد عبده ج3: ص37 رسالة رقم 31، وشرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد ج16: ص9، ونظم درر السمطين للزرندي الحنفي: ص161، وينابيع المودة ج3: ص438.

([5]) الظاهر أنـّه لا أثر لهذا الكتاب فعلاً في الخارج غير ما نقل عنه السيـّد بن طاووس، قال العلاّمة آغا بزرك في الذريعة: كتاب رسائل الأئمة لثقة الإسلام الكليني وقد نقل عنه السيـّد ابن طاووس في كشف المحجّة رسالة أمير المؤمنين (عليه السلام)إلى ولده الحسن المعروف بالوصيّة، وكذا رسالة محمد بن الحنفية، وكذا نقل عنه في اللهوف بعض رسائل الحسين (عليه السلام). لاحظ الذريعة ج10: ص239 رقم 766.

([6]) انظر كشف المحجّة: ص157 ـ 159.

([7]) لاحظ كشف المحجّة: ص159.

([8]) لاحظ ترجمته في رجال النجاشي ج1: ص111 رقم 46، واختيار معرفة الرجال ج 2: ص854، والفهرست للطوسي: ص46 رقم 32، ورجال الطوسي: ص161 رقم 1811، وص352 رقم 5208، وخلاصة الأقوال: ص54 رقم 34، والتحرير الطاووسي: ص35 رقم 19، ورجال ابن داود: ص51 رقم 198، ومعالم العلماء: ص10 رقم 43، ونقد الرجال ج1: ص233 رقم 546، ومنتهى المقال ج2: ص95 رقم 391، وقاموس الرجال ج2: ص120 رقم 890، ومجمع الرجال ج1: ص225، وتنقيح المقال ج10: رقم 939، وأعيان الشيعة ج3: ص345، ووسائل الشيعة ج20: ص142، وثقات الرواة ج1: ص119، وطرائف المقال ج1: ص284 رقم 1936، ومعجم رجال الحديث ج4: ص105 رقم 1446، وبهجة الآمال ج2: ص340، ورجال المجلسي: ص163 رقم 214، والفائق ج1: ص187 رقم 396، ولسان الميزان ج1: ص679 رقم 1378، ومعجم المؤلفين ج2: ص297.

([9]) رجال النجاشي ج1: ص112، والذريعة ج15: ص47 رقم 304.

([10]) رجال النجاشي ج1: ص112، والفهرست للطوسي: ص47، والذريعة ج7: ص189 رقم 964.

([11]) لاحظ رجال النجاشي ج1: ص111، والذريعة ج5: ص19 رقم 88.

([12]) إختيار معرفة الرجال ج2: ص854.

([13]) رجال النجاشي ج1: ص111 رقم 46.

([14]) لاحظ رجال النجاشي ج1: ص111 ـ 112، واختيار معرفة الرجال ج2: ص854.

([15]) لاحظ ترجمته في أمل الآمل ج2: ص74 رقم 198، وروضات الجنات ج2: ص289 رقم 200، ورياض العلماء ج1: ص244، والكنى والألقاب ج1: ص329، ومعجم رجال الحديث ج6: ص42 رقم 2974، والفوائد الرضوية: ص109، ومعجم المؤلفين ج2: ص252.

([16]) الظاهر أنـّه كان من شيوخ الشيخ المفيد(رحمه الله) كما نقل عنه في كتبه، لاحظ الأمالي للشيخ المفيد: ص25 ح3.

([17]) لاحظ الذريعة ج3: ص400 رقم 143، وكشف الحجب والأستار ج4: ص353 رقم 2737.

([18]) انظر الأمالي للشيخ المفيد: ص25 ح3.

([19]) انظر الكنى والألقاب ج1: ص329، والفوائد الرضوية: ص109.

([20]) لاحظ رجال النجاشي ج2: ص96 رقم 689، والفهرست للطوسي: ص155 رقم 389، ورجال الطوسي: ص434 رقم 6211، وخلاصة الأقوال: ص364 رقم 1435، ونقد الرجال ج3: ص226 رقم 3496، ومنتهى المقال ج4: ص336 رقم 1943، وقاموس الرجال ج7: ص351 رقم 5008، وعمدة الطالب: ص230، ورياض العلماء ج3: ص340، وتنقيح المقال ج2: ص265، وجامع الرواة ج1: ص553، ومعجم رجال الحديث ج12: ص269 رقم 7890، والكنى والألقاب ج1: ص145، والفهرست لإبن النديم: ص331 في الفن الخامس من المقالة السادسة، ولسان الميزان ج4: ص735 رقم 5787، ومعجم المؤلفين ج7: ص24.

([21]) انظر رياض العلماء ج3: ص340.

([22]) رجال النجاشي ج2: ص96، والذريعة ج1: ص12 رقم 54.

([23]) رجال النجاشي ج2: ص96.

([24]) تقدّم ذكره في الصحيفة الثالثة من الفصل الرابع، فراجع.

([25]) الذريعة ج15: ص188 رقم 1257.

([26]) لاحظ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: ص404.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page