التاريخ: 2010/04/17
حديث: (ان العبد لينال بحسن خلقه درجة الصائم القائم).
نص الحديث
قال النبّي (صلى الله عليه وآله وسلم): ان العبد لينال بحسن خلقه درجة الصائم القائم.
دلالة الحديث
الحديث المشار اليه، يظل احد الاحاديث التربوية أو العبادية التي تعني بصياغة الشخصية السوية، حيث يطمح علماء النفس والتربية والاجتماع الی تحقيق التوازن الفردي والاجتماعي من خلال مجموعة مبادئ، تجيء الاخلاق الحسنة في مقدمتها، حيث ان هذه الصفة ليست باليسيرة بقدر ما تتطلب وعياً حاداً، ولكنها في الآن ذاته تعد امراً هيناً في حالة ما اذا دربّ الانسان سلوكه علی هذه السمة. المهم، ان النبّي (صلى الله عليه وآله وسلم) يشير الی واحدة من المبادئ الاجتماعية التي تجعل الطبقات الاجتماعية متوازنة، في نفس الوقت تدرب افراده علی التوازن الفردي.
والسؤال اولاً: ما هي دلالة الحديث؟، ثانياً: ما هي معالم بلاغته؟
اما دلالة الحديث فلا تحتاج الی توضيح، لأنها تشير الی ضرورة ان تصدر الشخصية عن الاخلاق الحسنة في تعاملها مع الآخرين، ومن ذلك مثلاً التعامل بالبشر وبالبشاشة من حيث الوجه، وباللين والرقة من حيث الكلام، وبالتواضع والزيارة والتعاون من حيث السلوك العام.
ومسألة حسن الخلق عائدة علی صاحبه قبل ان تنعكس علی الآخرين، لأن الاخلاق الحسنة تزيل آية توترات في الاعماق، وذلك من خلال الانفتاح عاطفياً وفكرياً حيال الآخر، وبذلك ينسی نفسه من جانب، وتغيم الكراهية من اعماقه من جانب آخر، وهذا هو ما يوصي علماء النفس والاجتماع والتربية في التدريب علی تعلّم السلوك السوي فردياً واجتماعياً.
بلاغة الحديث
والآن الی بلاغة الحديث، فماذا نستلهم؟ الحديث يتضمن ما نطلق عليه بالتشبيه الواقعي، حيث ان الصائم القائم يتميز بسلوكين مجهدين هما: الصوم والصلاة ليلاً، وكلاهما مجهدان، لأن الصوم هو تأجيل لشهوة الطعام والشراب، وقيام الليل تأجيل للحاجة الی النوم والراحة والسبات.
اذن، عندما يشبّه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب الخلق الحسن بالصائم القائم، انما يقدّم لنا اولاً تشبيها واقعياً، وثانياً: يقارن بين نمطين من الاتعاب أو الشدائد جسمياً ونفسياً، من حيث اشتراكهما في هذا الميدان.
والطرافة هي: ان حسن الخلق لمن يصطفيه يتسم ببذل الجهد، كما يتسم الصوم والقيام بذلك ولكن مع التدريب يتحول حسن الخلق الی راحة تلقائية لا تصحبها شدائد العطش والجوع وقيام الليل.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir